الخميس، فبراير 25، 2010

فشل الاحتلال الامريكي وراء التهاب اسعار النفط

-->
حوارية حول مقال:
فشل الاحتلال الامريكي وراء التهاب اسعار النفط
2/ 9/ 2004 حسن خليل غريب
خلافاً لكل التفسيرات التي أعلنها الاختصاصيون، السياسيون والاقتصاديون، لظاهرة الارتفاع الجنوني لأسعار النفط، سنغامر من موقع ثقافتنا العامة بوضع تفسير لما يجري على أرض الواقع النفطي. واستناداً إليه نرى أن ظاهرة ارتفاع أسعار النفط ليست ذات علاقة بمشكلة كثرة الطلب عليه لأسباب سياحية تتعلق بموسم السياحة في الصيف فالشتاء يمثل حاجة أكبر.
أو نتيجة لأحداث أمنية تحصل هنا أو هناك على أرض العراق، لأن غياب الأمن في العراق حصل منذ أكثر من عام.
أو له علاقة بمنع تصدير النفط العراقي بشكل كامل أو جزئي، لأن السعودية لوحدها كفيلة بسد ذلك العجز.
وليست ذات علاقة بتخويف أميركي من أجل إرغام الدول الكبرى لمساعدته على إنهاء بؤرة الاستنزاف التي حفرتها المقاومة العراقية في مواجهته بحيث أخذت تدميه. لأن الدول الكبرى الممانعة لاحتلال العراق تعرف أن ارتفاع أسعار النفط ووصوله إلى المستوى الذي وصل إليه لا علاقة له بالأمن الضائع في العراق. واستتباعاً تعرف أن إسهامها في مساعدة الأميركيين على احتواء المقاومة العراقية لن يحل مشكلة ارتفاع الأسعار.
أما السبب الذي نفترض أنه يقف وراء تلك الظاهرة هو حالة إفلاس من نجاح المشروع الأميركي في احتلال العراق. وتلك الحالة قد تأكَّدت منها القوى المافياوية التي تشكل العمود الرابع في المشروع الأميركي المتطرف لغزو العالم. وحول ذلك يمكننا رصد الافتراض على الشكل التالي:
هناك مؤشرات على أن إدارة بوش هي جزء من الحركة السيناركية »تحالف القوى الدولية المالية والمصرفية«. تلك القوى تسيّرها إيديولوجيا الربح حتى على قاعدة الأساليب العنيفة للفاشيين الجدد في إيطاليا وإسبانيا وأمريكا اللاتينية التي كانت تدير عمليات »الإرهاب الأعمى« و»استراتيجية التوتر« منذ أواخر الستينيات من القرن العشرين وحتى بداية الثمانينات في إيطاليا.
ستجد في مثل هذا التحالف مصرفيين وراء الفاعلين الحقيقيين الذين يديرون عمليات الإرهاب بالتعاون مع أجهزة استخبارات رسمية، تستخدم »استراتيجية التوتر«، التي أرهبت إيطاليا في السابق. إن القوى المالية والمصرفية (السيناركية) هي التي وضعت هتلر وموسوليني في سدة الحكم ثم خرجت من الحرب العالمية الثانية دون أضرار تذكر لتسيطر من جديد على مجرى السياسات الغربية. إذ كان يكفيها أنها نجحت في الحصول على أكبر ما يمكن من الأرباح التي تجنيها من اندلاع الحروب.
إن تلك المافيات تسيِّر قوى اليمين وغيرها من وراء الكواليس لخدمة أغراضها. وأحياناً تظهر في أساليب خلق حالة توتر وهلع بين شعوب أوروبا وأميركا لتسلبها، طواعيةً، حقوقها تحت ضغط تخويفها من حالات إرهاب غير منظورة.
ولأن تلك الأوساط المافياوية كانت تطمع من دعمها ومساهمتها في تنفيذ المشروع الأميركي في تحصيل أرباح استراتيجية إذا ما نجح، ولكنه إن سقط لن تأسف كثيراً عليه لأنها تكون –من خلال تكتيكاتها في النهب والسرقة- قد نالت الكثير من الأرباح. وما يُنقل من أسرار عن سرقات هائلة من خلال أشخاص يديرون دفة الاحتلال على المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية لهو دليل وبرهان على أن التحالف المذكور قد بدأ استغلاله للاحتلال منذ اللحظات الأولى.
ولأن تلك المافيات قد استشعرت رائحة هزيمة المشروع، وربما تدل تقديراتها أن الاحتلال لن يطول فقد راحت تشعل سوق النفط تحت وسائل وأساليب شتى لترفع أسعاره فتحقق من خلاله الفوائد التالية:
1-تعويض الخسائر التي تلحق بها من جراء منع المقاومة العراقية قوات الاحتلال من إنتاج كميات النفط العراقي الكافية لتمويل فاتورة الحرب. ولما خفَّ الانتاج ضاعفت المافيات سعر البرميل لتصبح عائدات النفط موازية للمستوى الذي كانت تخطط للحصول عليها في الحالات الطبيعية.
2-حتى تعلن الإدارات الأميركية فشلها في العراق، وإلى أن تعد العدة للخروج، تستغل المافيات المساحة الزمنية الفاصلة للمزيد من استغلال النفط بزيادة أسعاره. وهل الشركات المنتجة والمصدرة والناقلة والمسيطرة على البورصة إلاَّ تابعة لتلك المافيات؟
3-تصيب الإدارة الأميركية الحالية –كونها تشكل جزءًا من تلك المافيات- أكثر من عصفور بحجر رفع سعر النفط. فهي تستطيع أن تلجم الانحدار الذي تهوي إليه الميزانية الأميركية بالاستفادة من فارق أسعار الإنتاج الأميركي من النفط. وهي تضاعف عائدات النفط العراقي لتمويل فاتورة الحرب وموجبات الإنفاق المحلي في العراق. وبالتالي يستفيد أعضاؤها –كشركاء مع المافيات العالمية- من تكديس الأرباح الهائلة لمصالحهم الخاصة.
4-تقاسم الأرباح الفائضة من سياسة الارتفاع الراهن مع الدول النفطية الموالية للسياسة الأميركية، وإجبارها على الإسهام في تمويل نفقات الحرب على العراق وثمن احتلاله. وقد جنت تلك الأنظمة عشرات المليارات من سياسة افتعال رفع الأسعار في فترة قصيرة. وهذا ما يحول دون انتكاسة مالية في خزانة أميركا بما تعنيه إثارة معارضة المكلَّف الأميركي الذي يدفع فاتورة لحرب لا تدر عليه سوى دفع ضريبة الدم والمال.
بمثل هذه الفرضية نعتقد أن أسعار النفط سوف تزداد في الارتفاع لأهداف مافيوية عالمية وأهداف النخب من الأميركيين الذين جمعهم مشروع أصحاب القرن الأميركي الجديد. فهم إذا فشلوا في إنجاح مشروعهم الاستراتيجي الخبيث في احتلال العرق، ومن خلاله احتلال العالم، فهم لن يحصدوا الفشل من غزواتهم وحروبهم لأن جيوبهم تمتلئ فالتخطيط الذي يؤمن مصالحهم جاهز وجائز.
26/ 8/ 2004م
ردود على المقال:
هدى محمد: 3/ 9/ 2004
هناك شخص له عقل راجح ودراية واضحة، نصحني بالاستزادة في القراءات الاقتصادية، لان محرك السياسة هو الاقتصاد في عالمنا هذا، ومنه أنقل الوصية للأخرين، واشكره على الملأ، كي تعم الفائدة.
بالنسبة للمقال، عندي اسئلة قد تكون بديهية للبعض، لكنني لن ادعي المعرفة، ولعل مدير الدورية او كنعان أو أحد الاخوة الكرام يجيبني:
-فمنها ان المستفيد من رفع اسعار النفط العصابات الاقتصادية المافيوية، المسيطرة، وأن ادارة بوش بعضها. السؤال من الذي يدفع الخسارة؟
- هل يعني هذا الكلام ،أن مهاجمة المقاومة للأنابيب وتعطيل عملية سرقة النفط العراقي ولو قليلا، لا تضر أمريكا بل تنفعها؟!
* لو كان للعرب عزم ومبدأ (غير موجود طبعا) فكيف يستطيعون التأثير باستخدام النفط؟
حسن خليل غريب/ 4/ 9/ 2004
هدى محمد وأسعار البترول
الأخت هدى
كنت من المتطلعين الى أن يكون مضمون المقال حوارياً لأنني ألمحت الى ذلك في مطلعه حينما اعتبرت أنني أقوم بمغامرة تفسير ظاهرة التهاب أسعار النفط من خارج الاختصاص بالموضوع الاقتصادي.
قبل أن أنشر مقالي اطلعت على مقال في موقع التجديد العربي للدكتور يوسف مكي يتناول فيه الموضوع من وجهة نظر اقتصادية علمية. لذا ترددت في نشر مقالي المذكور وكتبت الى الدكتور مكي عن ترددي بعد اطلاعي على مقاله. وأرسلت له نص مقالي لتقييمه قبل إقرار نشره على شرط أن ينشره في حالة واحدة وهي إذا وجد فيه زاوية ما يمكن أن تفيد القارئ. فقام الدكتور مكي –مشكوراً- بنشر مقالي في موقع التجديد العربي.
إن تلك الخطوة شجَّعتني على نشر مقالي في مواقع أخرى لعلَّ فيه ما يفيد.
تلك البداية كانت توضيحاً لما جاء في رد الأخت هدى من أن الرأي الاقتصادي هو الذي يصوِّب اتجاهات البحث في هذا المجال. وعلى كل حال أرى أن الحوار حول جوانب الظاهرة قد يكون ممتعاً خاصة لمن ليس لديهم إلمام كافٍ حول أصول تحليل ظاهرة اقتصادية كالنفط. على أساس أنه يمكن النظر اليها من زوايا سياسية. تلك الزوايا هي بغاية من الأهمية خاصة في هذا الظرف التاريخي الذي يتكالب فيه جهد أكثر من قوة للسيطرة على النفط، أو على الأقل تأمين مصلحة في استمرارية تدفقه لكل الأسواق العالمية.
هناك عدة مسائل في رد الأخت هدى، على الرغم من أنه رداً موجزاً، أقسمها الى مستويات ثلاثة:
1-المستوى المتفق عليه.
2-المستوى الذي ألاحظ أن فيه التباساً بين نص المقال وفهم الأخت هدى.
3-المستوى الذي علينا أن نتحاور من أجل تقريب وجهات النظر فيه.
أما حول ما هو متفق عليه فأؤكد على ما يلي:
أ-إن دعوة الأخت هدى من أجل إعطاء عجين معالجة الشأن الاقتصادي الى الاقتصاديين هو مثال أؤيده تماماً. ولذلك اعتبرت أن مقالي هو مغامرة.
ب-هناك عجز عربي فعلي عن استثمار سلعة النفط كموقع يمثل ليس أكبر قوة اقتصادية تحرك العالم فحسب، بل هي أكبر قوة سياسية أيضاً. ولأننا لم نحسن استخدامها بما يوازي تأثيرها الكبير على الاقتصاد العالمي ورسم سياسته الاستراتيجية ظلَّت الأمة العربية قابعة في أضعف مواقعها.
وهنا أضيف، ولأن نظام حزب البعث في العراق حاول أن يستفيد من النفط لوضعه في موقعه الصحيح كانت مؤامرة الاحتلال الأميركي للعراق ملحة للنظام الرأسمالي العالمي بشكل عام، وللمشروع الأميركي الصهيوني بشكل خاص.
أما حول مستوى بعض الالتباسات التي حصلت بين النص الأساسي وتفسير الأخت هدى فلست أدري ما هو السبب. فهل جاء في النص ما يوحي بأن هدف المقاومة الاستراتيجي في ضرب وسائل نقل النفط العراقي لمنع الاحتلال من الاستفادة منه فيه فائدة للاحتلال؟
فإذا كان النص فيه ما يثير الالتباس للوصول الى هذه النتيجة فأنا أعتذر عن مسؤوليتي في الصياغة، وهنا أرجو من الأخت هدى أن تساعدني في الإشارة الى الجزء المقصود في النص لأقوم بالتعديل فيه مما يجعله متوافقاً مع رؤيتها بأن ليس هناك أية استفادة للاحتلال من هدف المقاومة الاستراتيجي فحسب، بل هو تعطيل للهدف الأكثر أولوية للاحتلال أيضاً. وإذا كانت إدارة بوش ترى أنها وقعت في مأزق فليس لسبب إلا لأنها فشلت في تأمين حماية تلك الأنابيب.
وهنا ذكرت أنها من أجل أن تعوِّض نقص العائدات في إنتاج النفط قامت بمضاعفة الأسعار لتحصل على مردود يوازي ما كانت حاسبة له فيما لو استطاعت أن تنتج من الآبار العراقية طاقتها القصوى.
أما حول المسائل غير المتفق عليها مع الأخت هدى، فهو الشق الحاصل حول دور المافيات العالمية وعلاقتها مع إدارة جورج بوش، فأقول:
لست من المفتعلين لوجود علاقة بين المافيات الاقتصادية العالمية وإدارة جورج بوش، وإنما الذي كشف عن خطورة تلك العلاقة هو سياسي ومفكر أميركي يُدعى (ليندون لاروش). وفي أبحاثه المتعددة يكشف اللثام عن وجود تنظيم مافياوي عالمي تأسس قبل الحرب العالمية الثانية وحقَّق استفادات كثيرة وكبيرة من تلك الحرب. كان مؤيداً لكل من هتلر وموسوليني، وعندما انقلبت نتائج الحرب ضدهما وهُزما في الحرب لم تتعرَّض مصالح ذلك التنظيم بل على العكس خرج بأرباح خيالية، واستطاع أن يستفيد من نصر الحلفاء ويستمر متغلغلاً في شتى الإدارات الرأسمالية.
ويكشف ليندون لاروش عن أن هناك علاقة وثيقة بينه وبين الإدارة الأميركية.
وأدعو القراء، كما أدعو الأخت هدى الى الاطلاع على بعض تفصيلات هذا الجانب في كتابي الجديد (المقاومة الوطنية العراقية: الإمبراطورية الأميركية بداية النهاية). وفي الكتاب يوجد موقع (ليندون لاروش) الذي نشر فيه كل ما له علاقة بهذا الجانب.
إن في الاطلاع حول تفصيلات هذا الجانب ما يفسر مواقف زعماء إيطاليا وأوستراليا بشكل خاص من العدوان على العراق ومحاباة أميركا في احتلال العراق، ومن ذلك الرعيل كان أثنار رئيس وزراء إسبانيا السابق.
لقد سألت بعض المتخصصين في الاقتصاد، قبل أن استند الى معلومات ليندون لاروش في صياغة الفصل الأول من كتابي (تصنيع الحلم الأميركي)، لكن من سألتهم كانت معلوماتهم غامضة وغير مفيدة، ولأنني كنت مقتنعاً بمنطقية ما أثاره (ليندون لاروش) أعتمدت أبحاثه كمرجع موثوق.
والجانب الآخر الذي أريد أن ألفت النظر إليه، هو أن الاقتصاد هو محرك أساسي للتاريخ، وهي إحدى المقولات الماركسية، ومع قناعتي بهذا الجانب إلا أنني أود لفت النظر الى أن الاقتصاد ليس المحرك الوحيد للتاريخ، بل هو عامل من عوامل عدة على الرغم أنه من أهمها.
أخيراً أرجو أن أكون قد أوضحت بعض جوانب الملاحظات التي أضاءت عليه مشكورة الأخت هدى.
كما أرجو من بعض الأخوة الذين يتابعون دورية العراق، ممن لديهم الاختصاص في حقل الاقتصادي أن يتدخلوا في توضيح أو تصويب ما أكتب عنه مما له علاقة بموضوع النفط.
محرر دورية العراق: 4/ 9/ 2004
اخي العزيز حسن غريب
يخيل الي انك لم تشف غليل الاخت هدى ومازالت الاسئلة التي تراودها تلح عليها . انا مثلك ليس الاقتصاد اختصاصي ولن استطع ان اكتب مقالة اقتصادية وربما كل الذي استطيع ان افعله ان اكتب رؤوس اقلام واسأل بضعة اسئلة قد تفتح مجالا للنقاش.
ما فهمته من مقالتك ان ارتفاع اسعار النفط مؤشر على فشل الاحتلال ولو كانت اسعار النفط قد انخفضت لكانت مؤشرا على نجاح المشروع الامريكي في العراق . وان المافيات التي لاشك لدينا الان بعلاقتها بالادارة الامريكية خاصة الاخيرة تتربح من النصر والهزيمة وفي كل الاوضاع والاحوال . ولن ننسى ان الصناعيين الكبار في الولايات المتحدة كانوا يتعاملون مع هتلر بعلم حكومتهم وكانوا يمدونه بالتكنولوجيا اللازمة لاسلحته وطائراته وسبل الاتصال في حين كان جيشهم يحاربه !! وكلنا نذكر ما فعلته الولايات المتحدة من دعم الطرفين العراقي والايراني ابان الحرب بينهما ، ليس فقط لانهاك الدولتين وانما ايضا لانعاش الاقتصاد الامريكي.
ونعرف ايضا ان كل مناطق حروب امريكا في العالم ومناطق القلاقل ايضا التي تشارك في تغذيتها امريكا هي مناطق الطاقة والنفط .
في مقالتك لم تذكر (الاوبك) وكيف ساهمت امريكا وعملاؤها (في دول الخليج) في القضاء على هذه المنظمة التي كان من المفروض ان تضبط الانتاج والاسعار للدول المنتجة للنفط .
لم تذكر ان النفط هو السلعة الوحيدة (واهم السلع اطلاقا ) الذي ظل خارج نظام السوق الحرة الذي تدعو اليها امريكا بالقنابل او بالحصارات او بالترغيب . فكان سعره لا يتناسب مع طلب الاسواق . وحين كانت الاسعار ترتفع كانت السعودية والكويت يسرعان في فتح صنابيرهما وتجاوز الحصص المعينة لهما من الاوبيك من اجل اغراق السوق وخفض السعر ، من اجل سواد عيون الامريكان والمحافظة على رفاهية الشعب الامريكي في حين ان خفض السعر لم يكن في صالحنا نحن المنتجين ولا في صالح شعوبنا ، خاصة اذا تذكرنا ان السعودية خرجت من حرب الخليج على وشك الافلاس.
والان للاجابة على سؤال هدى : حول اعمال المقاومة وما اذا كان تخريب الانابيب وعرقلة الانتاج يصب في مصلحة امريكا . طبعا لا . لقد عولت امريكا على ان تمول احتلالها للعراق وتمول سرقتها للعراق وعقود شركاتها من نفط العراق . وقد تقدمت مرة ومرتين وثلاث الى الكونغرس للموافقة على صرف مبالغ لم تكن في الحسبان وفي كل مرة يزداد اللغط في الولايات المتحدة ويتساءل المراقبون اين ذهبت الاموال ؟ لأن الكونغرس لا يمنح بسهولة بسبب وجود لجان ممثلة للشعب الامريكي تراقب صرف الاموال . وهكذا اضطر بوش الى مد يده الى اموال العراق المجمدة واموال صندوق العراق الذي كان تحت اشراف الامم المتحدة وصار تحت اشراف امريكا . . وهنا ايضا حدث لغط في الامم المتحدة وبين الدول حول اين ذهبت الفلوس وفي اي اوجه صرفت خاصة وان الشعب العراقي لا يجد اي تحسن في الخدمات المقدمة إليه.
يستطيع المرء ان يتخيل تأثير كل هذا على الانتخابات الرئاسية الامريكية . من ناحية اخرى ارتفاع اسعار النفط قد يفيد في ان تضع الشركات النفطية العملاقة المزيد من الملايين في كروشها ولكن ارتفاع الاسعار يؤثر على المستهلك اي المواطن العادي في امريكا واوربا وفي العالم . وبطبيعة الحال سيؤثر ذلك على اسعار بقية الصناعات مما يجعل المواطن العادي لا يستطيع ان يشتري كما كان يفعل سابقا وما يؤدي ذلك من حدوث كساد واغلاق مصانع وبطالة عمال.
ومن ناحية اخرى قد تجد امريكا ان ارتفاع الاسعار سيكون في مصلحة الدول المنتجة في ومعظمها في الخليج العربي او في اماكن غير موالية لامريكا مثل فنزويلا وما يتبعه من انتعاش احوال هذه الدول مما يجعلها خارج طوق الحصار الامريكي الذي يسعى الى خنقها اقتصاديا اذا لم يكن بشكل آخر من اشكال العنف
اذن القصد ان تعطيل استفادة امريكا من نفط العراق هو افشال لمشروعها الاستعماري.
لا ادري هل وفقت في عرض افكاري ؟
***
هدى محمد 5/ 9/ 2004
أستاذي الفاضل السيد حسن خليل غريب
(العفو ) منك ،لم اقصد في مداخلتي مغالطتك، وإن كان يحق للقراء فعل ذلك مع الكتاب، فموقعي لا يسمح بذلك ولا أرغب ذلك، فانتم الاساتذة وأنا التلميذ، وعلى أني اقرا في كل شيء،إلا ان قراءاتي في الاقتصاد ضحلة، واحتاج الاستزادة. فمداخلتي كانت حديث التلميذ يسأل اساتذته، وليس يجادلهم.
إقتباس: (أ-إن دعوة الأخت هدى من أجل إعطاء عجين معالجة الشأن الاقتصادي الى الاقتصاديين هو مثال أؤيده تماماً. ولذلك اعتبرت أن مقالي هو مغامرة).
وجاء ايضا
- إقتباس:تصيب الإدارة الأميركية الحالية –كونها تشكل جزءًا من تلك المافيات- أكثر من عصفور بحجر رفع سعر النفط. فهي تستطيع أن تلجم الانحدار الذي تهوي إليه الميزانية الأميركية بالاستفادة من فارق أسعار الإنتاج الأميركي من النفط. وهي تضاعف عائدات النفط العراقي لتمويل فاتورة الحرب وموجبات الإنفاق المحلي في العراق. وبالتالي يستفيد أعضاؤها –كشركاء مع المافيات العالمية- من تكديس الأرباح الهائلة لمصالحهم الخاصة.
انا لا اغالطك يا استاذنا، احتراما لك اولا ثم لانني لست عارفة في هذه الامور ،حتى أناقش فيها. انما اتسال تساؤل الجاهل الذي يريد ازالة جهلة في موضوع ما.
وقد فهمت فهما مغلوطا حينها، مما أثار حيرتي فسألتكم،(امريكا تستفيد من زيادة السعر، بالاستفادة من فارق اسعار الانتاج، لتسدد خسائرها. والسبب الظاهري في زيادة اسعار النفط هو ضرب الانابيب العراقية)) ومن هنا جاء تساؤلي التالي: هل يعني هذا الكلام ،أن مهاجمة المقاومة للأنابيب وتعطيل عملية سرقة النفط العراقي ولو قليلا، لا تضر أمريكا بل تنفعها؟!
والسيد مدير الدورية أجابني وقال: قطعا كلا، ثم شرح، مشكورا.
فلا لبس في كلامك يا سيد حسن غريب، انما الرؤية ، من ناحيتي لم تكن واضحة، فسألت، ولا أرى عيبا في السؤال ،إنما كل العيب في ادعاء المعرفة
إقتباس: أما حول المسائل غير المتفق عليها مع الأخت هدى، فهو الشق الحاصل حول دور المافيات العالمية وعلاقتها مع إدارة جورج بوش، فأقول:
لست من المفتعلين لوجود علاقة بين المافيات الاقتصادية العالمية وإدارة جورج بوش، وإنما الذي كشف عن خطورة تلك العلاقة هو سياسي ومفكر أميركي يُدعى (ليندون لاروش).
قسمت اسئلتي البريئة إلى 3 اقسام خطيرة يا سيدي.
انا لم أشك للحظة أن إدارة بوش لها علاقات مع المافيات الاقتصادية العالمية، ولو قيل لي ادارة بوش متحالفة مع الشيطان، لما انكرت ذلك، ثم ان لاروش شخصية فكرية احترمها جدا، لمبدئيته وصدقه ودفاعه عن قضايا لا ناقلة له فيها ولا جمل، ودفعه لضريبة ذلك.
وأحب أن أقول لك أم مقالتك أعتبرها ناجحة، فأسلوبها سهل وتعالج قضية خطيرة ، وهي مناسبة كما قلت لنا سلفا ، لايصال المعلومة لم لا خبرة لهم.واشكرك على مقالتك وكل جهودك الأخرى.
بالنسبة لمدير الدورية: هل كنت مدرسا يا سيدي?
إقتباس: لا ادري هل وفقت في عرض افكاري ؟
أجل وفقت
لكما جزيل الشكر.
***
كنعان: 5/ 9/ 2004
لو سمح لي الإخوة، فالأمر كما افهمه أنا حدث بسبب أمور إقتصادية، وأخرى سياسية وهي بإختصار التالي:
1) حالة "القلق" من كمية النفط المعروض في السوق. فقد تكون كميات النفط المعروضة أكثر من المطلوبة، ولكن وجود حالة "القلق" من قبل المستثمرين والبورصات تجاه الأمر، يدفع بالأسعار للتبدل اليومي، وهو غالبا زيادة إيجابية في السعر.
2) بخلاف السعودية، لا توجد دول كثيرة يمكنها ضخ كميات يومية قادرة على لجم الأسعار، والسعودية ونتيجة الهجمات أو "مخاطر من هجمات جديدة" على منشأتها النفطية، أصبحت تقلق المستثمرين أكثر مما تطمئنهم.
3) بترول العراق خارج الخدمة فعليا، فإنتاج العراق الحالي أقل بقليل من نصف إنتاج العراق عام 2002، وحتى لو كان ضعف الإنتاج السابق فما كان ليخفظ من الأسعار نتيجة إنعدام الطمأنينة في هذا السوق، مع وجود المقاومة العراقية وسياستها من تعطيل التصدير.
وكما قرأنا على صفحات الدورية سابقا، العراق يكلف أمريكا نفط تستورده من دول الخليج، بينما كان المفترض من الغزو هو ان يمول العراق إحتياجات أمريكا!
4) لو تناسينا كل العوامل السابقة، يبقى لدينا عامل مهم وهو أن النفط هو الحالة الخام من المواد البترولية المستخدمة، ويجب تكريره وتصفيته وتحوليه إلى وقود بنزين وديزل ليتم إستخدامه.
والتقارير الإقتصادية تؤكد على ان قدرة مصافي النفط في الدول المستهلكة هي مستنفذة بالفعل ووصلت لأعلى سقفها.
فحتى لو تم عرض المزيد من النفط في السوق، فلن يتم الإستفادة منه كمشتقات لعدم وجود ما يكفي من المنشأت التصفوية.
5) النهضة الصناعية في الصين ودول آسيا، تتطلب ضخ المزيد من النفط إلى تلك الأسواق، في حين أوقفت فيه الولايات المتحدة بيع نفط الآسكا لتلك السوق، وتحويل النفط إلى السوق الأمريكية المحلية.
6) النفط هو عبارة عن سلعة ناضبة غير متجددة، فكل يوم يمضي، يقل فيه مخزون النفط بمقدار ما تم إستخدامه.
فلا عجب إذا أن تزداد أسعار سلعة تنضب وتختفي بالتدريج من على وجه الأرض.
والآن تعقيب بسيط على مقال الأستاذ حسن خليل -لو سمح لي- بشأن إرتفاع الأسعار وتدخل المافيا النفطية. لست مقتنعا تماما بنقطة أن شركات النفط هي من تحدد السعر فرتفعه وتخفظه وقتما تريد وكيفما يحلو لها.
نحن لا نتحدث عن سلعة محتكرة من قبل مافيا، بل نتحدث عن سلعة لا تملك جهة واحدة (حكومية أو أهلية) حق السيطرة على سعرها.
وإما القول بأن تلك الجهات "الأوساط المافياوية" إستفادت من إرتفاع الاسعار، فهذا حق ولا يمكنني الجدال به، ولكن أيضا إستفادت الحكومات الغربية هي الأخرى من إرتفاع الاسعار عن طريق تحصيل الضرائب المفروضة على سلعة النفط، فمثلا معظم دول اوروبا تفرض ضرائب تصل إلى 70% من ثمن البرميل، في حين أن الضريبة الأمريكية تتجاوز 25%.
الآن إلى تساؤلات الأخت هدى:
· من الذي يدفع الخسارة؟
· - المواطن الغربي والمواطن العربي.
· فالمواطن الغربي ملزم بدفع الفروقات في اسعار النفط على شكل ضرائب وبدل إستخدام.
· أما المواطن العربي، فلا يحصل على المقابل المادي العادل (في حدود 80 دولار للبرميل) مقابل التخلي عن سلعة إستراتيجية يمنحها للمنافسين.
· هل يعني هذا الكلام، أن مهاجمة المقاومة للأنابيب وتعطيل عملية سرقة النفط العراقي ولو قليلا، لا تضر أمريكا بل تنفعها؟!
· بل العكس، الإستفادة هنا من زيادة الأسعار إستفادة مقيدة بحدود زمنية ستنتهي قريبا مع الإنخفاظ المتوقع في المخزون العالمي من النفط. ساعتها ستبدأ الشركات في تكبد خسائرها المهولة، نتيجة خروج مصادر النفط عن التحكم، وعدم ملء ما يفرغ من البراميل. الأمر اشبه بتاجر في الصحراء يبع قربة ماء (سعرها لا يتجاوز الدرهمان) بألف درهم، ولكنه وبعد أن يبيعها، لن يحصل على غيرها.
· لو كان للعرب عزم ومبدأ (غير موجود طبعا) فكيف يستطيعون التأثير باستخدام النفط؟
· أفضل طريقة، تسيس الإنتاج.
· من يساند العرب وقضاياهم، يحصل على المقابل من النفط. من لا يساند العرب وقضاياهم، يحصل على العداء.
***
جدعان أبو مغضب: 5/ 9/ 2004
سادخل بمداخلة قصيرة جدا مع المعذرة من الجميع :
اولا :انا معجب بمنطق وعقل الاخت هدى محمد ! . ورقي حوارها ، وموضوعيتها ، واهتماماتها الثقافية الهادفة ، وتتبعها للقضايا الفكرية واقتناعها بنصيحة : الفهم الاقتصادي يبلور الوعي السياسي ويكشف العهر السياسي العسكري الهمجي على مر التاريخ البشري ، وليس في اقذر ترسانة عسكرية أميركية وحسب وما ألت اليه من صناعات وتكنلوجيا عسكريتين لم ترق اليه اية تكنلوجيا وصناعة اخرى في التارخ الصناعي . ومعذرة ان استطرت : ان الشعوب في نضالها ستثبت لمنظري الإمبريالية أن الهمجية العسكرية وترسانتها وتفوقها التكنلوجي ما هو الا " نمر من ورق "
لك يا اخت كل المحبة والاحترام وان تكون هذه الميزات النموذجية مثلا وقدوة .
ثانيا :السبب حرب الشعب طويلة الأمد ! :
ارتفاع أسعار البترول هو نتيجة للتخبط الأميركي في المستنقع العراقي وعدم تقدير الإدارة السياسية العسكرية إن الحرب ليست حربا خاطفة بل هي حرب شعب طويلة الأمد وهذا لم يكن في حسبانهم . مما يضع المافيات البترولية والشبكات المصرفية الدولية والمؤسسات التجارية والصناعية العملاقة في مأزق مصيري لتمويل مثل هذه الحرب التي قد تتسع مساحاتها الجغرافية وسيطول أمدها ولا بد لهم من تغطية نفقاتها ..
كانت قد تعهدت الدول الصناعية بما فيها الأميركية والسعودية والخليج والكويت لتمويل هذه الحرب الخاطفة القذرة . ولم تنتهي الحرب كما أعلن عنها بوش في مارس 2003 م .مما يستوجب ابتزاز ضرائب غير مباشرة على المستهلك من جهة ورفع سقف مداخيل استثنائية للدول المنتجة للبترول والممولة للحرب وهذه الأخيرة تعتبرها أيضا حربها ومصيرية .
مطالب بوش لموافقة الكونغرس على مخصصات تتلوها مطالب ومطالب ما يجعل حربه في حقيقتها غير العهر الإعلامي والتصريحات السياسية الكاذبة وتبعات الحرب
المفاجآت العراقية الكبيرة في تفويت الفرص على مخططاتهم في لبننة العراق والسقف الاستراتيجي للمقاومة ذات الطابع القومي والإسلامي الجهادي في آن عدم قدرتهم على تحقيق الأمن وما تمنى به خطوط النفط من إفشال تمويل الحرب أو بعضها من عائدات النفط العراقي كما كانت تحلم من جهة وقدرة المقاومة على المبادرة والتصعيد المستمر من جهة أخرى ، مما يزيد القلق في السوق النفطية العالمية مما يستوجب التخزين الاحتياطي ( لأكثر من ستة أشهر وما يتبعه من كلفة ) خاصة بعد نجاح الرئيس الفنزويلي الذي يخافونه( مع انه سيكون المستفيد الحقيقي ) ، لأنه غير السعودية ودول الإنتاج النفطي في منطقة الاحداث الساخنة ، وتوقع مفاجآت أو إنفجارات شعبية ! ( ليست ليبيا بكافية لضمانات مستقبلية لحاجات السوق مهما رفعت من قدراتها الإنتاجية )
ماذا يترتب على هذه السياسة او حالة ارتفاع الاسعار النفطية ؟؟!! :
إن الأمر ليس خيارا ! ! . إن الحرب تفرض واقعا لا بد منه . وستفاجئنا بسياسات غير عادية في حوض البحر الأبيض المتوسط وخاصة على شواطئه الشرقية .
سترتفع الأسعار وستهبط القدرة الاستهلاكية ويتبعها ارتفاع في أجور اليد العاملة يتبعها ارتفاع أسعار وبوتيرة جدلية مضطردة مما يمكن تفسيره إن الحرب ستدخل كل بيت في القارات الخمس . أن أكثر البلدان القابلة للانفجار هي: أوربا وأميركا الشمالية نفسها.
***
حسن خليل غريب (6/ 9/ 2004)
حوارية حول أسعار النفط
سادتي من أسهموا في حوارية »ارتفاع أسعار النفط« شكراً لكم فقد جعلتم مني فرداً من أسرة تعيش علاقات حميمة غير معقَّدة وتعمل من أجل أن يكون هناك تصالح بين طرفيْ النقد على الطريقة التقليدية.
إسمحوا لي أن أتناول، من موقعي الجديد بينكم، بعض نتائج الحوار الحميم –على الرغم من قصره- وكما توصَّلت إليه من خلال وجهة نظري. وهنا أحب أن أوزَّعه إلى قسمين: الأول حول نتائج ما له علاقة بالموضوع مباشرة. أما الثاني فهو ما له علاقة بأهمية الحوارية الأسرية أي بين من يحسبون أنفسهم من أسرة واحدة، وأصحاب قضية واحدة.
أما حول القسم الأول، فأودُّ أن أعترف أنني أتحمل مسؤولية بعض الغموض في التعبير عن فكرتي:
جاء في عنوان المقال –وفي متن المقال أيضاً- مصطلح »ارتفاع« وكان الصوابللتعبير عن فكرتي الرئيسية- أن أستخدم مصطلح »رفع«. والفرق بين المصطلحين هو أن الأول يعبِّر عن آلية اقتصادية علمية تخضع لشروط محددة في انخفاض سعر السلعة أو ارتفاعها. تلك الشروط –كما يراها الاقتصادي- ذات علاقة بالعرض والطلب. العرض له علاقة بالمنتج. والمنتج لسلعة النفط ليس واحداً سيداً مستقلاً. وإذا كان النفط سلعة تنتجها أكثرية عربية إلاَّ أنها غير خاضعة لسيادة منتجها، والأصح أن نقول مالكها، لأن الإنتاج غير خاضع لسيادة عربية. فالسيادة على الإنتاج هو كل شيء إلاَّ أن يكون عربياً. فهو باختصار تحالف الشركات الأجنبية، ويأتي على رأسها الشركات الأميركية. ومن أهم أهداف الشركات الأميركية أن تسيطر على السوق النفطي العالمي من أجل السيطرة على قرار العالم السياسي والاقتصادي. وهنا تحوَّلت سلعة النفط، باليد الأميركية، إلى سلعة سياسية، والأسباب أن من يتحكَّم بالنفط يتحكَّم بقرار الحرب والسياسة.
واستناداً إليه لم تعد مسألة تسعير النفط تخضع للشروط الاقتصادية بل تخضع أيضاً للشروط السياسية. ولأن الأمر كذلك لم يعد مصطلح »ارتفاع« يلبي الحاجة لتوضيح فكرتي بل يعطي عكس النتيجة المرجوَّة. فالشركات الأميركية، صاحبة القرار السياسي في الإدارة الأميركية معطوفة على موقعها كشريك في منظومة المافيات العالمية، هي التي قامت برفع أسعار النفط في الأسواق العالمية لأغراض ذات علاقة بنتائج الحرب الدائرة اليوم على أرض العراق بين المقاومة والاحتلال. لذا أصبح من الضروري، بما له علاقة بفكرتي الأساسية من وراء المقال، أن أستخدم مصطلح »رفع« بدل مصطلح »ارتفاع«.
ولأن الإدارة الأميركية معطوفة على المافيات الاقتصادية الدولية استشعرت أن مشروعها الاستراتيجي في العراق أصبح على قاب قوسين أو أدنى من الفشل، وكي لا تحول مفاجأة الانسحاب المحتملة من العراق دون خروجهم من »المولد بدون حمص« استعجلت قرارها للاستفادة القصوى من فرصة الاحتلال لكي تسرق بكل طاقاتها من جيب المكلَّف العالمي، فقامت برفع الأسعار متذرَّعة بأكثر من سبب له علاقة بشروط العرض والطلب كقاعدة اقتصادية ثابتة، وبالأسباب الأمنية في العراق التي تعطِّل فيها المقاومة العراقية إنتاج النفط بمعدلاته العادية لكي توحي بأن النقص في الإنتاج هو أحد أسباب ارتفاع الأسعار.
ولا تمنع تلك الخطة أن تستفيد بعض الدول المناهضة للأميركيين من بعض عائدات »رفع الأسعار«، لأن المستفيد الأكبر هو الشركات الأميركية وحلفائها من المافيات العالمية، كسماسرة وأصحاب شركات البورصة
على جميع الحالات، لم يكن مقالي مستنداً إلى معلومات بأكثر منه محاولة للتفسير والاحتمالات والفرضيات، وما هو قائم على التفسير والاستنتاج معرَّض لأن يخطئ أو أن يصيب. لذا تقع مسؤولية توليد هذا الالتباس على عاتقي، وأتحملها لوحدي مقدماً اعتذاري من القارئ. ومقدماً شكري للأخت هدى أولاً ولكل من مدير دورية العراق ومن الأخوين كنعان وجدعان أبو مغضب.
أما حول ما له علاقة بأهمية الحوارية الأسرية أي بين من يحسبون أنفسهم من أسرة واحدة، وأصحاب قضية واحدة. فأود أن أقول ما يلي:
من خلال تلك الحوارية شعرت كأنني أجلس إلى طاولة واحدة بين من يجمعهم هم واحد، الذي هو هم أمتنا العربية، كما هو هم العالم بأسره، لكي نتعاون على تشخيص ظاهرة ذات علاقة بهمنا المشترك. ويعود الفضل في ذلك للأخت هدى محمد.
وهنا فليسمح لي كل من شارك في الحوارية الأسرية أن أشكرهم على مداخلاتهم القيمة وعلى مستواهم الناضج في الحوار وليأذنوا لي –كلما سمحت ظروفي- أن أشاركهم في حواريات أخرى حول مواضيع أخرى.
أما من الأخت هدى فأطلب العذر إذا كان ردي قد أوحى لها بأنني أضعها في كفة غير كفة التقدير والاحترام لموقعها القومي. وخلاف وضعها في دائرة الإخلاص والصدق ووعي مهمتها القومية وإدراك دورها الكبير، وإدراكنا لهذا الدور، يأتي خارج كل الاستنتاجات باستثناء الاعتراف لها بالمحبة والتقدير.
أما حول موقعها الحميم في ورشة لا ترى إلاَّ مصلحة المعرفة الواعية فأريد أن أعيد التأكيد حول ما أشارت إليه في كل ما كتبت، عبر رؤيتها الناضجة لأسس المعرفة، وأود أن أتوجَّه إليها بتوضيح رؤيتي حول ذلك:
إن اكتساب المعرفة، من المهد إلى اللحد، عملية مستمرة لا تتوقف عند حدود. بمثل هذا المعنى كلنا تلاميذ. ومن أرقى أسس اكتساب المعرفة هو السؤال، فمن ليس لديه سؤال حول مسألة ما لا يحق له أن يدَّعي معرفته بها. أما الوحيد الذي لا يجد سؤالاً حول مسألة فهو إما جاهل بها أو أنه مدَّع بالإحاطة بكل جوانبها. ومن لا يطرح سؤالاً –أقله- على نفسه فلا يستطيع الإجابة ولا يملكها. وهنا لا ننسى أن سقراط كان يعمل على توليد المعرفة عند تلاميذه بالسؤال وليس بالجواب. ومن هنا أخذ السؤال الفلسفي يحتل أهميته، فالسؤال الفلسفي سبق كل النظريات التي تولَّدت عنه.
استناداً إليه يا سيدتي بالقدر الذي أحترم فيه تواضعك، أشعر أنني مكبَّل بالكثير من الانزعاج بتقليدية العلاقة بين الأستاذ والتلميذ. هناك علاقة تقليدية بين مفهوميْ »الأستذة« و»التلمذة« بحيث يكون فيه الإنسان صفحة بيضاء أولاً، وبحاجة إلى التعرف على ما لا يعرف ثانياً، تولد العلاقة بين منتج المعرفة ومستهلكها، بين »الأستاذ« و»التلميذ«. لكن ما إن تتكوَّن مدارك المرء وينتقل من موقع »مستهلك للمعرفة« إلى مساهم في »إنتاجها« تتغيَّر معادلة العلاقة، فتتحول من متلق ومستهلك إلى مشارك في الإنتاج. وهنا أودُّ أن أسأل:
إذا كانت هدى محمد قد انتقلت من مقاعد الدراسة إلى حقل الإنتاج الشعري، هل تبقى علاقتها مع بعض المشاركين الآخرين في إنتاج الثقافة، أو الفكر، علاقة تقليدية؟
هدى محمد تنتج الشعر. وحسن غريب، أو غيره ممن ليسوا شعراء، لا يجيدون الإنتاج في ذلك الحقل. هنا تصبح هدى متميزة بإنتاجها. فمن يكون –هنا- الأستاذ ومن يكون التلميذ؟
حتى لا يحصل حتى الالتباس اللفظي من حيث التراتبية في المعرفة بين من هو التلميذ ومن هو الأستاذ.
أرى –من جانبي- أنه عندما ينتقل إثنان إلى موقع المشارك في الإنتاج –كل في حقله- يصبحا متكافئين ولا يجوز إطلاق أوصاف طبقية –حتى ولو معرفية- للتمييز بينهما. فالعلاقة التي أراها مناسبة أكثر هو أن المشاركين في الإنتاج المعرفي يصح إطلاق صفة التكامل بينهم.
أنت يا سيدتي مشاركة في الإنتاج في حقل ليس بميسور للآلالف من المثقفين أو منتجي الثقافة، فأنت لست تلميذة لأحد بل مشاركة ومتكاملة مع الآخرين ممن يجيدون الإنتاج في حقولهم. فاسمحي لي أن أستبدل موقعك من تلميذة إلى زميلة أو أخت أو شريكة في أسرة دورية العراق. فأنت وكل من تتبادلون الحوار على صفحات الدورية –برعاية من وعي وصبر مديرها- أسرة متكافئة متضامنة واعية لأكثر واجباتها الإعلامية تجاه الأبطال الذين يخوضون أشرف معارك التاريخ العالمي على أرض العراق.
نحن بحاجة إليك يا هدى، بحاجة إلى الخنساء العربية التي تعبرين عنها في عصرنا الحديث. بحاجة إلى من تصور لنا بالكلمة الجميلة، التي تستشعر مستقبلنا، نضالات أبطالنا وبطلاتنا. ونحن بحاجة إلى أن لا ندع شعراءنا، وتحتضن دورية العراق عدداً منهم، إلاَّ الضمير الواعي الذي يصرخ ويؤذن لدعوة النائمين والخاضعين والراكعين وضعفاء النفوس إلى الكفاح والجهاد والمقاومة وقتال العدو أينما كان وبأية وسيلة تلحق الضرر به بغض النظر عن حجمه أو مساحته.
وأخيراً كل الشكر لأعضاء الأسرة، وبالأخص منهم مدير الموقع لتقديمه صفحات موقعه لنا، التي أسهمت في ورشة حوارية ودودة حول مقالي المذكور.

ليست هناك تعليقات: