الخميس، فبراير 25، 2010

ديموقراطية القتل تجتاح الفلوجة

-->

ما أشبه جرائم نوري المالكي بالفلوجة، في العام 2014، بجرائم جورج بوش، في العام 2004

وللمقارنة نعيد نشر المقال المكتوب في العام 2004، وهذا نصه:

ديموقراطية القتل تجتاح الفلوجة
-->

لما فتح الأميركيون الطريق لرئاسة ثانية أمام جورج بوش، لم يتأخر المذكور عن إعادة إعلانه عن استكمال مشروعه في ترسيخ الأسس «الديموقراطية» ؟؟!! في أفغانستان والعراق. ولم يتأخر التنفيذ عن الإعلان، فبدأ جورج بوش بتصدير «ديموقراطيته» إلى الفلوجة.
من شدة عشقه للشعار، جنَّد جورج بوش عشرات الآلاف من مرتزقته، وأمرهم بحمل الديموقراطية إلى الفلوجة، وكان حاملوها من الذين أتوا من كل حدب وصوب:
-من الجنود الأميركيين الذي لا يجمعهم مع مشروعه أية علاقة إيديولوجية وطنية أو طبقية. وما يجمعهم معه هو أن الشركات التي يعمل لمصلحتها كانت سخية في دفع الرواتب والجزاءات والعطاءات المالية لهم.
-المرتزقة الفعليون من الذين أتوا إلى العراق للدفاع عن ضخامة رواتبهم التي بلغت بضع العشرات من الآلاف من الدولارات. وهي إغراءات فعلية لأمثالهم.
-المرتزقة من فيالق «البدريين»، و«الطالبانيين»، و«البرازانيين»... وهم من أشد الجميع قذارة، لأنهم يعلمون أنهم ينهشون بلحم أبناء وطنهم.
-«لصوص بغداد وعموم العراق» ممن ساهموا في حمل الديموقراطية إلى أهل الفلوجة طمعاً بنهب أموالها وسبي ماجداتها، كهبة لهم من «علاوي» و«داوود»...
ومن أجل سمعة «صاحبة الجلالة» «ديموقراطية أصحاب القرن الأميركي الجديد»، التي يغزو جورج بوش العالم من أجلها، أمَّن لرسله إلى الفلوجة، كل وسائل التكنلوجيا الحديثة. ومن أهمها: دبابات إبرامز، وطائرات الشينوك والأباتشي، والأف 16 و18، والدي سي...
أما من أنواع الذخيرة، فلا عين رأت، ولا أذن سمعت، عن مقدرتها في التدمير والخراب والقتل.
قبل أن يأمر جورج رسله بإدخال «موكب الديموقراطية» إلى الفلوجة، كلَّف واليه «علاوي» وكيله الحصري في تصدير سلعة الديموقراطية الأميركية إلى العراق، بأن ينصح أهالي الفلوجة بقبول السلعة الأميركية. ولكن رفض أهل الفلوجة تلك السلعة لأنهم يعرفون «سُمَّها» وتأثيراتها القاتلة، جعل صبر علاوي ينفذ، فأمر (وهنا تستوقفني حلاوة أمر علاوي المأمور)، بتصدير السلعة رغماً عن أنف أهل الفلوجة إلى الفلوجة، لأنهم –للأسف- لا يعرفون مصلحتهم أكثر من جورج وأياد. ولن ننسى «قاسم داوود» أيضاً...
من صدمات الترويع والرعب،
إلى تدمير مستشفى الفلوجة كي لا يسهم في معالجة «أعداء الديموقراطية»، لأنهم رفضوا تناول «دواء ديموقراطية جورج»، فهم لا يستأهلون وجود أي مستشفى.
إلى تعطيل شبكات الكهرباء كي لا تنير الدرب أمام من لا يريدون أن يروا «أنوار ديموقراطية جورج»،
إلى قطع المياه عن الذين «بُحَّ صوت جورج» وهو ينصحهم بشرب الماء من «حنفياته الديموقراطية» فرفضوا. فعليهم أن يشعروا بألم العطش لعلَّهم يقتنعون بماء ديموقراطيته الزلال.
إلى قطع لقمة العيش عن أفواه أهل الفلوجة، لعلَّهم –من معاناة التجويع القسري- يرتدعون عن ممارسة ديكتاتوريتهم بالرفض. ولعلَّهم يعرفون –في المستقبل- أنَّ عليهم ألاَّ يفكروا إلاَّ بملء معدتهم. أما التفكير باستقلالية القرار السياسي والشعور الوطني والدفاع عن الكرامة فسوف تأتيهم «معلَّبة» من مصانع نبي الديموقراطية القابع على قمة هرم شركة «هاليبورتون» وإخوتها وأخواتها.
لم يسلم هواء الفلوجة من التغيير. هواء الفلوجة يفوح بعطر الكرامة والتحدي ورفض المحتل والقتال ضده حتى الرمق الأخير. فعبَّأه جورج بكل المكونات السامة، من إشعاعات نووية أوغيرها، في محاولة للقضاء على ميكروبات «الإخلاص للقوم والوطن» التي يعشقها أهل الفلوجة. فلعلَّ «إشعاعات الديموقراطية الأميركية النووية» تقضي على «رئتين» لم تتعوَّدا على استنشاق هواء «ديموقراطية جورج».
دمَّر «رُسُل جورج» كل بناء وكل بيت، ربما يكون البناء القديم له تأثير السحر على أهل الفلوجة، وقد يكون هو السبب في إبداء رفضهم لسلعة جورج الديموقراطية. فالعلاج هو في تهديم الحجر لعلَّ شركة «هاليبرتون» تحظى –وهي سوف تحظى- بعقود «إعادة إعمارها»، وبإعادة الإعمار قد تبنيها الشركة بحجارة من الديموقراطية الأميركية، فتمتنع –بها- عن ممارسة الرفض، وتتعلَّم سماع «اللاءات»، وتستأنس بـ«الإذعان» و«الطاعة» لرسول الديموقراطية في العالم ونبيها.
وما أن ابتدأ «رُسُل جورج» في الدخول إلى الفلوجة، حتى أخذوا يتساقطون بالمئات.
عجيب أمر أبناء الفلوجة، بمقاتليهم، وماجداتهم، وأطفالهم. يمتنعون على حوار «رُسُل الإمبراطور». عجيب أمرهم فهم يرفضون «ديموقراطيته».
وكلَّما قاوم هؤلاء، كلَّما شدَّد الإمبراطور جورج على استخدام كل وسائل «القتل الديموقراطي»، فامتلأت شوارع الفلوجة بالجثث. ولم يستفرد «وحوشه» بممارسة القتل، فشاركته الكلاب الضالة في نهش تلك الجثث في ظلام الليل. وهل هناك فرق كبير بين «حيوانات جورج» والحيوانات الحقيقية؟؟!!
لا فرق أبداً، ف«حيوانات جورج» يقتلون البشر ولا يأكلون جثثهم. أما أولئك فلا يقتلون البشر ولكنهم ينهشون جثثهم.
يا أحبتي في الفلوجة
يا كل المتمردين على جورج بوش، وأذنابه الدوليين.
يا كل المتمردين على جورج بوش، ومساعديه من خونة الداخل.
يا كل المدافعين عن حياض الفلوجة، على الرغم من القتل والتدمير والتجويع والتعطيش والتمويت وتسميم الهواء. نعتذر منكم. فانتم تقدمون كل شيء بينما نحن عاجزون عن تقديم أي شيء.
إننا نشعر أننا نتنفس الهواء النقي من نضالاتكم، من تضحياتكم، نقتات الحرية من جوعكم وعطشكم والظلام الذي تعيشون فيه. ولكن...
إعلموا أن المناضلين من أجل الحرية هم قلة ولكنهم أقوياء. ولقلتهم، وكثرة المتخاذلين والمتقاعسين واللا مبالين، فهم طلائع هذه الأمة من دون منازع.
فالله معكم، وقلوبنا عليكم وعلى أطفالكم المعذَّبين، كما على ماجداتكم اللواتي امتحنهم الصبر حتى ملَّ من صبرهن. وتحية لكم من الأعماق، فأنتم الطلائع بيننا. وسوف تستمر المسيرة حتى القضاء على آخر أمل لـ«المحافظين الأميركيين الجدد»، والأميركيين الذين جددوا لجورج بوش وبايعوه على الاستمرار في تصدير «ديموقراطية القتل».

ليست هناك تعليقات: