الخميس، فبراير 25، 2010

إسمع يا جورج كلام جاك

-->
إسمع يا جورج كلام جاك
واخرج من جهنم التي فتحت أبوابها في العراق
 
لولا أن انساق جاك شيراك، في الفترة الأخيرة، وراء جوقة إدارة «القرن الأميركي الجديد» في استصدار قرار من مجلس الأمن بذريعة المحافظة على الديموقراطية في لبنان، وهو يعرف أن جورج بوش يكذب، لأن بكاءه ليس على الديموقراطية في لبنان وإنما الكعكة العراقية هي التي كسرت أنيابه، وحالت المقاومة العراقية دونه والتهامها، لكان جاك شيراك قد أبعد فرنسا عن تلويث يديها بحماية غير عادلة للمخطط الأميركي الخبيث.
لم تطل المرحلة التي انحاز فيها جاك شيراك، والذي لم ينس اتهامه بالفرنسي العجوز في أوائل من شهر أيار من العام 2003م، حتى اعترف أمام ضمير ثاباتيرو –رئيس الوزراء الإسباني- أنه كان من المخطئين حتى ولو بتأييد تكتيكي لجورج بوش في لبنان.
صرَّح الرئس الفرنسي، في إسبانيا، قائلاً: »إننا فتحنا أبواب جهنم في العراق، ولن نستطيع أن نغلقها«. نحن نعرف، منذ زمن بعيد، وقد نصح الرئيس العراقي الأسير كل العالم بأن العراق سيكون مقبرة للغزاة، ولم يصدق أحد ما قاله، وأخذت إدارة الشر الأميركية التهديد على محمل الهزء والسخرية. وإذا كان العالم الممانع للمخطط الأميركي يتمنى فشل المشروع الأميركي في العراق، الا أنه لم يكن مطمئناً لما أعلنه صدام حسين.
لما أثبتت المقاومة العراقية جدارتها وكفاءتها وحسن إدارتها السياسية والعسكرية لمعركة الحسم ضد الإمبراطورية الأميركية، ولما كانت منظومة الدول الرأسمالية لا تريد أن ترى الجيش الأميركي مهزوماً، لأسباب معنوية ذات علاقة بالنظام الرأسمالي العالمي، لجأت بعض الدول للموازنة بين رغبتها في فشل المشروع الأمبراطوري الأميركي والمحافظة على معنويات مرتفعة لمنظومتها الرأسمالية للعمل من أجل تخفيف وطأة الهزيمة الأميركية في العراق. ونعتقد أن لولبية مواقف جاك شيراك تصب في هذا الاتجاه.
سيان كانت أهداف تكتيكات الدول الممانعة للاحتلال الأميركي، نجد أنفسنا أمام واجب ننصح فيه كل منظومة الدول الرأسمالية، وعلى رأسها الغبي المتنبي جورج بوش، لكي نتوجَّه بالنداء التالي:
إسمع يا جورج كلام جاك وانسحب من العراق، فهو صادق صدوق في كلامه.
لقد دخلت يا جورج بلاد الرافدين لتحسم هناك معركة هرمجدون بين «الخير والشر» فيدخل قساوستك من المشعوذين، الذين اعتنقوا نبؤة العهد القديم، الى جنة عدن.
دفعوا بك إلى العراق «مسيحاً مخلصاً» لكي يتسللوا على نجاحاتك إلى نعيم الهيمنة على اقتصاد العالم، فإذا بك تدخل إلى جهنم وبئس المصير.
إسمع يا جورج نصيحة جاك. إن جاك له عيون تبحث عن حقيقة ما يجري لقواتك في العراق لأن لهم مصلحة بفشلك، ولذلك فهم ينقلون الحقيقة إلى رئيسهم. أما عيونك، كمثل دونالد وكوندوليزا وديك وبول، والمغلوب على أمره كولن، فلهم غرض في حجب حقيقة ما يجري للجنود الأميركيين في العراق، وهم يراهنون على سراب قمع المقاومة العراقية بأساليب وحشية أقذر ما فيها أن تتحول جثة الطفل العراقي، في إعلامك، من ضحية لقنابل طائراتك العمياء، إلى مقاتل من جماعة الزرقاوي.
إن لجاك عيون تشاهد مآسي ما تلحقه طائراتك التي تقصف ليل نهار أشباحاً وهي عاجزة عن رؤيتها ومعرفتها ورصد حركتها فتصيب البيوت المسكونة بالنساء والأطفال والعجزة وترديهم قتلى من دون أن ترف لهم جفن من قساة القلوب المحيطين بك. ولست أنت بأفضل منهم، فأنت رأس للمشروع ومنفِّذ له.
إسمع يا جورج كلام جاك. فأنت تراهن على تجديد رئاستك من أجل أن تأخذ فرصة جديدة لإنجاح مشروع الخبثاء من عبدة الدولار. أما جاك فلا يرى أن فرصة جديدة لك ستعوِّض الفشل السابق. لقد قال جاك إنكم عاجزون عن إقفال أبواب جهنم في العراق. فاسمع نصيحته.
إن فرصة جديدة للنجاح لن تكون بأفضل من فرصتك الذهبية الأولى. إن كل الوقائع والبراهين، التي تقدمها فوهات بنادق المقاومين العراقيين، تدل على أن هرمجدون أحبابك من الصهاينة الموتورين بوعد إلهي موهوم يتحطم –الآن- على أسوار بغداد والفلوجة والرمادي والبصرة والموصل والنجف...
إسمع يا جورج نصيحة جاك. إن الوقائع والبراهين التي يقدمها الشعب العراقي بكل أطيافه، وكل مستوياته: رجالاً ونساءً وأطفالاً، مقاتلين ومساندين ومتعاطفين ومؤيدين، تنظيمات وأفراداً، تشير إلى أن هرمجدون العراق ستحسم قريباً المعركة بين الشر الأميركي والخير العربي.
إن هرمجدون العراق مستندة إلى أفق قومي علمي واضح، أعدَّت لها قيادة ترى الواقع بعين العلمية والموضوعية والوضوح، مضاف إليه عامل الإيمان بالكرامة الوطنية والقومية وعامل التخطيط والتعبئة للدفاع عنهما بالمال والولد والحياة. أفق ليس بوهمي، ولا يستند إلى أية نظرية من نظريات الانتظار. لأن الانتظار لا يحمل أي دافع من دوافع الوطنية، بل هو نظرية تأمر بتأجيل المعركة بين الخير والشر إلى آماد وهمية.
إسمع يا جورج نصيحة جاك، وارجو أن تسمعا، معاً، نصحية الضمير العالمي. ضمير الشعوب التي تقول بأن العولمة الوحيدة التي تحقق المساواة بين شعوب العالم هي أنسنة العلاقات الدولية.
إسمعا معاً نصيحة ثاباتيرو –رئيس الوزراء الأسباني- الذي انحاز إلى موقف شعبه بعيداً عن القيود الأميركية وقيود أصحاب الشركات الرأسمالية. فإذا كانت الشركات حاكمة في أميركا: المصالح مصالحها، والديموقراطية مفصَّلة على مكاييل رأسمالية، ففي فرنسا تقارب بين ضمير السلطة وضمير الشعب الفرنسي. لذا نرى أن تعمل السلطة الفرنسية إلى تقارب بين الضميرين أكثر بما لا يدع لشبق الشركات الرأسمالية الفرنسية أن تفرض على السلطة قرارات سياسية خاطئة تضر بمصلحة الرأسمال الفرنسي وبشركاته. وأن ينحاز الموقف الفرنسي الرسمي، بدون التواءات، إلى جانب قضايا التحرر العربي. ففي هذا الانحياز استجابة لرغبة الشارع الفرنسي من جهة، واستجابة لمتطلبات أنسنة العلاقات الدولية، بين الأنظمة والشعوب من جهة ثانية.

ليست هناك تعليقات: