الخميس، فبراير 25، 2010

الخطة الأميركية الجديدة عاجزة

-->
--> -->
الخطة الأميركية الجديدة
عاجزة عن إنقاذ مشروعها في العراق
ولن يحل القضية العراقية إلاَّ مشروع المقاومة الوطنية
في 22/ 4/ 2007، دعت منظمة حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي في البقاع إلى ندوة شعبية في بلدة جب جنين، البقاع الغربي، في قاعة المحاضرات التابعة للبلدية، تحت عنوان «متابعة التطورات في العراق»، ألقاها الرفيق حسن خليل غريب.
وأهم ما جاء في كلمة الرفيق حسن خليل غريب:
لا تضيع أرض وراءها مقاتل، ولا تضيع كرامة وراءها مقاوم
كانت المقاومة الشعبية سلاح الشعوب التي توفِّر عامل التوازن بين الدول الضعيفة التسليح في مواجهة عدوان الدول التي تمتلك أكبر ترسانات الأسلحة المتطورة، وتلك هي الاستراتيجية التي رسم حزب البعث معالمها منذ تأسيسه وقد أثبتت فعاليتها.
وقام الحزب أيضاً، بالتحضير لمقاومة العدوان الأميركي بسنوات، وبعد أن انطلقت في توقيتها المرسوم، تحوَّلت إلى المقاومة الأكثر تأثيراً في إحداث متغيرات استراتيجية على مستوى العالم، ولكنها للأسف ظلَّت الأكثر تجهيلاً في تاريخ المقاومات، وكانت الأقل دعماً والأكثر أعداء.
إن المقاومة العراقية هي الأكثر تأثيراً على الصعيدين العربي والدولي والشعبي العربي التحرري لأنها:
-ستعيد صياغة التاريخ العربي الذي انحدر فيه النظام العربي إلى الاستسلام التام أمام الأمركة والصهينة.
-وستعيد صياغة التاريخ العالمي الذي كان ينحدر باتجاه التسليم لقطبية واحدة تحكم العالم.
-وأعادت الحيوية إلى جماهير الأمة العربية وأعادت الثقة إليها،
باختصار لا يمكن الانتصار على الصهيونية والاستعمار إلاَّ بقطع رأس الأفعى في العراق وعلى أيدي المقاومة العراقية. فمن يريد اجتثاث الصهيونية ولا يدعم المقاومة العراقية، حتى لو قاوم الصهيونية، فإنه يؤخر التغلغل الصهيوني ولا يجتثه.
قبل الدخول إلى صلب البرهان على ما جاء أعلاه، علينا أن نعلن أن كل مقاومة تُلحق الأذى بالتحالف بين الأمركة الآن والصهيونية العالمية، في لبنان وفلسطين، هي مقاومة تصب في النهاية في الفائدة الاستراتيجية للأمة العربية.
لماذا تمتلك المقاومة العراقية كل تلك الأوراق؟ وكيف انطلقت؟ ما هي أهدافها؟
وما هي المخططات التي تتبعها إدارة جورج بوش من أجل إنهائها؟ أي ما هو مضمون خطتها الجديدة التي يجري تطبيقها الآن في العراق؟
تلك هي العوامل التي ستحدد نتائج الصراع الدائر في العراق بين المقاومة الوطنية العراقية من جهة، والمشروع الأميركي، وعملائه، وداعميه، ومشاركيه، والمتواطئين معه، من جهة أخرى. وهذا ما سنلقي عليه الأضواء في ندوتنا هذه.
في أهداف المشروع الأميركي الاستراتيجي ما يخيف أصدقاؤه
إن المخاوف من مشروع اليمنيين المتطرفين الأميركيين لا تقتصر على حركة التحرر العربي وحدها، بل أثارت مخاوف حلفاء أميركا في المنظومة الرأسمالية العالية، أما السبب فيعود إلى أن تلك المنظومة تتحالف مع مشروع الرأسمالية الأميركية التقليدي على قاعدة «أسرق العالم ودعني أسرق معك»، أما المشروع الذي تتبناه إدارة بوش فهو «دعني أسرق العالم من دون شريك».
ولهذا تخشى دول النظام الرأسمالي العالمي إذا استأثرت إدارة بوش بحكم أوحدي للعالم. وإذا كان الأمر هكذا بالنسبة للأصدقاء فكيف يكون الأمر بالنسبة للمنافسين أو الممانعين من غير دول المنظومة الرأسمالية؟
تلك الحقيقة تكشف لنا سر المعادلة التي تعمل على أساسها الدول الصديقة لأميركا، أي أن تلك الدول لن تكون منزعجة من فشل أميركا في العراق، إلاَّ أنها لن تكون مسرورة في خروج جيش الاحتلال الأميركي مهزوماً، ومن أجل ذلك تساعد إدارة جورج بوش على «خروج مشرِّف»! من العراق.
دول العالم وأنظمته تعمل على تركيب نظام سياسي مقبل على مقاسات مصالحها
ولأن معادلة الصراع وصلت إلى وضوح تام، وتدل على أن الهزيمة لاحقة بالجيش الأميركي، راحت كل دول العالم، ومنها بعض الأنظمة العربية الرسمية، ودول الجوار الجغرافي، تعمل على رسم مستقبل لعراق بعد الاحتلال، بما يتناسب مع مصالحها، وبخاصة محاولة توفير أفضل الشروط لدعم نظام سياسي جديد سيحكم العراق بعد التحرير.
أما الأسباب فهي أن أهداف مشروع المقاومة العراقية بشكلها الراهن إذا انتصرت، وهي ستنتصر، لن تكون بأقل من إعادة توحيد العراق الوطني كأنموذج لتوحيد الأمة العربية، وهذه الأهداف ستصطدم مع مشاريع الآخرين التي لا تصب في مصلحة العراق الموحد، ومصلحة الأمة العربية.
إذن، ففي المقدار الذي يراهن فيه العالم على انتصار المقاومة العراقية، فهو يعمل على قطف نتائجها ليستغلها من أجل مصالحه.
إن المقاومة العراقية على قاب قوسين أو أدنى من الانتصار، والمشروع الأميركي هو على قاب قوسين أو أدنى من الهزيمة، وهذا ما دفع بكل الأطراف إلى العمل من أجل أن يكون لكل طرف حصة في عراق ما بعد الاحتلال الأميركي.
قراءة في المشهد العراقي الراهن
ومن هذه الزاوية سنقوم بقراءة للمشهد الراهن في العراق والعالم:
-على مستوى الصراع في الداخل الأميركي بين الحزبين الديموقراطي والجمهوري:
-تأكد الحزب الديموقراطي من فشل مشروع اليمينيين المتطرفين الجدد بقيادة إدارة جورج بوش، المشروع الذي أخاف العالم كله، والذي قام على خطة الاستيلاء على العالم بالقوة العسكرية، وراحوا يضغطون باتجاه إعادة عقارب الساعة لإحياء الاستراتيجية الأميركية التقليدية، والتي تعتمد على استراتيجية «احتواء العالم» بقوة رأس المال والمخابرات. هذا السبب دعا كل القوى المتضررة من مشروع اليمينيين الأميركيين إلى إسناد حركة الحزب الديموقراطي في أميركا.
-إدارة جورج بوش تعمل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه من مصالح أميركا التي تضررت بشكل كبير من جراء احتلال العراق.
وهكذا انقسم المجتمع الأميركي بين داع للنصر، وبين معلن للفشل، مع أرجحية لدعوات الانسحاب الأميركي من العراق، تشهد الساحة العالمية والعربية اصطفافات جديدة تعمل على صياغة تحالفات جديدة. وكل منها ينشد الاستفادة من المرحلة الانتقالية في محاولة للحصول على حصة في عراق ما بعد الاحتلال:
التآمر على شق المقاومة العراقية من أخطر معالم المرحلة الانتقالية
إن الحصول على تلك الحصة دفعت بتلك الأطراف إلى العمل للتسلل إلى صفوف المقاومة العراقية، كون أي نظام سياسي سيقود العراق ستكون فصائل المقاومة في القلب منه. ومن يعمل على اقتطاع حصته عليه أن يتغلغل إلى القلب. وتدور السيناريوهات الآن على بناء علاقات وعوامل تأثير في ساحة المقاومة.
قبل أي شيء آخر، لقد اعترف الجميع، بمن فيهم إدارة جورج بوش، أن المحور الرئيسي والعقدة الأكبر في جسم المقاومة العراقية يستند إلى دور حزب البعث العربي الاشتراكي، لهذا نرى أن التركيز في هذه المرحلة يتمحور حول هذا الدور. أما لماذا يتم التركيز الآن على إضعاف دور حزب البعث في قيادة المقاومة؟
إن فكر حزب البعث العربي الاشتراكي، في العراق والأمة العربية، يستند إلى ثوابت لم يتراجع عنها على الرغم من أن قيادته اختارت الشهادة من أجل المحافظة عليها وحمايتها، بمواقف بطولية ورجولة تفوق التصور الإنساني، وتلك الثوابت هي:
-محاربة الاستعمار حتى رحيله بكل أشكاله وألوانه عن سرقة ثروات الأمة العربية.
-مقاومة الصهيونية العالمية حتى خروجها من أرض فلسطين، وإعادة فلسطين حرة عربية من النهر إلى البحر.
-مواجهة الرجعية العربية المتحالفة مع الاستعمار والصهيونية.
-مواجهة الرجعية الدينية ونبذ الطائفية السياسية.
-وفي مقابل كل ذلك توحيد الأمة العربية، كهدف لا عودة عنه، على قواعد العدل والمساواة بين كل تعدديات الأمة العربية الدينية والعرقية.
من تلك الثوابت نستطيع الاستنتاج كم جمع الحزب من العداوات، ونستطيع أن نتصور حجم وأعداد الذين يعملون على اجتثاث فكر البعث. ولقد اجتمعوا كلهم الآن في خندق إضعاف تأثيره في أي نظام سياسي سيحكم العراق بعد التحرير.
استدراج للبعثيين وإضعاف لقيادة البعث للمقاومة
نحن نلمح حتى الآن مظهرين يتم العمل عليهما بسرعة وإصرار، وهما:
-الأول ما ورد في البيان الختامي للقمة العربية في الرياض: إعادة النظر بقانون اجتثاث البعث.
-الثاني توليد فصائل تزعم أنها تقود مقاومة الاحتلال الأميركي تحت عباءات إسلامية، وقد تحوَّل كل همها إلى التشهير بحزب البعث العربي الاشتراكي في العراق والزعم بأنه لا تأثير له في المقاومة العراقية.
مظهران يستأثران بالاهتمام، كونهما وليدين جديدين، سبقا مؤتمر القمة العربية بقليل، ويتناميان بعدها بسرعة تكاد تكون يومية. وقد تزامنا مع تكليف لجنة بيكر هاملتون وازدادا سرعة بعدها. إنها باختصار محاولة لسحب البساط من تحت أرجل مقاومة البعث التي كان مؤسسها ومعدها قبل الاحتلال، ومطلقها بعد الاحتلال مباشرة.
تراهن الأطراف الضالعة بهذه المؤامرة على استدراج البعثيين، الذين تمردوا على قرارات الحزب، أو الذين التحقوا بصفوف عملاء الاحتلال، أو الذين وهنوا، أو الذين انطلت عليهم وسائل الحرب النفسية، إلى الانخراط في ما تُسمى «العملية السياسية» من أجل تثبيت أسس لنظام سياسي في العراق سيستفيد منه كل الذين سيلتقون في مؤتمر شرم الشيخ في مصر.
كما أن بعض الأنظمة العربية تقوم بمحاولة لتطييف المقاومة العراقية كرد فعل على التدخل الإيراني المذهبي في العراق، وهي بمثل تلك الطريقة تضيف مشكلة جديدة، وهي إنما تداوي المرض الإيراني بمرض آخر.
كما تحاول تلك الأنظمة، بتوجيه من مخابرات جورج بوش، تصوير الصراع في العراق وكأنه صراعاً طائفياً طرفاه: شيعي تقوده إيران والآخر سني يقوده نظام عربي سني.
وكما أن المقاومة الوطنية العراقية، بقيادة حزب البعث، واجهت الهدف الأول بوعي وحكمة، مستندة إلى ثقتها بالتزام البعثيين في العراق في الاستمرار بالقتال حتى النصر، والمحافظة على الثوابت الجبهوية مع كل فصائل المقاومة، فهي كما نحسب لن تضيَّع بوصلة تحديد جدولة التناقضات الرئيسية، وسوف يبقى هدف القتال ضد الاحتلال الأميركي في مركز الدائرة، وهي تتعاطى سلباً وإيجاباً مع الدور الإيراني على مقاييس اقترابه أو ابتعاده عن الدور الأميركي، ومدى اقترابه أو ابتعاده عن مصلحة العراق الواحد الموحد، الوطني العربي. ولأنه حتى هذه اللحظة لا يزال الدور الإيراني مستمراً بعدائه للشعب العراقي، تضعه المقاومة العراقية تحت مرمى أهدافها، ولكن ستفتح له كل أبواب الخروج عن غيه، ليتحول إلى جار تحكم علاقات إيران مع العراق، وعبره مع الأمة العربية، عوامل «حسن الجوار» بكل ما تعنيه وما يترتب عليها من حقوق وواجبات.
على جميع القوى أن تضبط ساعتها على قرار المقاومة الوطنية العراقية
إن العراق والأمة العربية والعالم يقفون الآن على أبواب مرحلة الحسم لأن المرحلة القادمة تحمل بشائر النصر الأكيد، لكنها في المقابل تحمل إنذارات خطيرة يحاول فيه كل المتآمرين أن يقطفوا ثماراً منعتهم المقاومة من قطفها منذ موجة الاحتلال الأولى. وهي باختصار:
-تعمل بعض دول الجوار الجغرافي على تطييف العراق لاقتطاع حصة منه، وتعمل على تقوية حكومة المالكي كضمان لتلك الحصة.
-وتعمل دول الجوار العربي على تطييف فعل المقاومة لموازنة القوى الطائفية الأخرى.
-ويغرق العراق في متاهات التمذهب والطائفية، وهي تلك المتاهات التي يعمل الاحتلال على تغذيتها والاستفادة منها لعلَّه ينجح من خلالها فيما فشل فيه بالاحتلال العسكري.
باستثناء بعض الشلل التي تزعم أنها تقاتل في العراق، وتتلقى تمويلاً خارجياً لأهداف لها صلة ببعض القوى العربية والدولية، وبها تستغل حاجة المقاومين المادية، فالمقاومة العراقية تعي تماماً أهداف تلك التكتيكات وتعمل على إحباطها.
ونؤكد أخيراً أنه لن تنجح أية مشاريع سياسية في إعادة توحيد العراق، بعد الانسحاب الأميركي منه، واستعادة العروبة إليه، إلاَّ ما يحمل منها فكراً وطنياً وقومياً يلبي حاجة التعدديات فيه.

ليست هناك تعليقات: