الخميس، فبراير 25، 2010

هدية أبطال المقاومة العراقية في ذكرى الاحتلال الثانية:

-->
هدية أبطال المقاومة العراقية في ذكرى الاحتلال الثانية:
لقد أرديتم برلسكوني صريعاً في المصحة النفسية
آذار 2005
 
جورج بوش وإدارته، وعملاؤهما الدوليين، هما الطرف الوحيد الذي لم تكن لديه قناعة بأنهم يمتلكون أقبح وجه عرفه التاريخ البشري. وراحوا يدركون –متأخرين-بأنهم يمتلكونه فعلاً، لذا عيَّن الرئيس الأمريكي (كارن هيوز) مستشارته المقرَّبة، إلى جانب كوندوليزا رايس في وزارة الخارجية، موكلاً إليها مهمة حساسة تقضي بتحسين صورة الولايات المتحدة في الخارج. وهي، قبل أن تبدأ مهمتها، يظهر الفشل الذريع الذي يحصده جورج بوش في «تجميل صورة أميركا» أمام عملائه، فهل ينجح في تجميلها عند الذين يكرهونه بعد أن فشل في تجميلها عند من يحبونه؟
ليس من غريب الصدف أن يتهاوى «تحالف الشر» الذي بنته «إدارة بوش» الشريرة لغزو العراق واحتلاله، فكل إناء ينضح بما فيه. فقد تقلَّصت رقعة الداعمين للعدوان الأميركي على العراق من 38 دولة إلى 24. وإناء تلك الإدارة جمع من حوله شتى أنواع عملاء المافيات العالمية، المنخرطة في صفوفها أو تلك التي تقدم لها الخدمات المأجورة. إذ تجمَّع في إناء الإدارة كل رؤوساء الدول أو الحكومات الخارجة على الشرعيات القانونية والدينية والأخلاقية ممن أصمّوا آذانهم عن نداءات شعوبهم، وأسهموا في العدوان على العراق واحتلاله خلافاً لتلك الإرادات الشعبية. وإن دلَّ هذا على شيء فإنما يدل على هشاشة دعوات «إدارة بوش» لنشر الديموقراطية في العالم وخداعها وكذبها على «ذقون الأغبياء والسُذَّج» من المخدوعين بقشور تصريحات جورج بوش ودعواته. إذ كيف للحكومات التي تضرب بإرادة شعوبها «عرض الحائط» أن تكون صادقة في دعم «إعادة إعمار الديموقراطية في العراق» بشكل خاص، وفي بقية الدول العربية بشكل عام؟؟؟
ليست الدول التي شاركت في «تحالف الشر» ضد العراق جاهلة لصورتيْ «الكاوبوي» و«رامبو» الأميركيين القبيحتين. بل هي تعلم جيداً قباحة تلك الصورة، وإنما السبب الذي جعلها تتعامى كان عائداً لأسباب عديدة، من أهمها: شراهة البعض لغرف ما يستطيعون من الدولار على حساب المبادئ الإنسانية وقيمها، وانخراط بعضها في «تحالف المافيات العالمي»، وانجرار بعضها الآخر ممن تحتفظ مخابرات ذلك التحالف من فضائح لهم في أدراج وثائقها. وقد جمعتهم وعود رامسفيلد –وزير دفاع مشروع «القرن الأميركي الجديد»- وديك تشيني –أمين صندوق أصحاب المشروع- بـ«النصر العسكري السريع». وكأن ذلك النصر الموعود سيضع العالم أمام حقائق الوضع الميداني وتُطوي صفحات كل المتورطين في ذلك العدوان والاحتلال اللاشرعي واللاقانوني واللاأخلاقي. وبه –أيضاً- كانوا يتوهمون بأن أصوات المعارضات في داخل الدول المتواطئة ستتلاشى، عندما يعود الإمبراطور جورج بوش إلى واشنطن منتصراً، وتذوي. فيهنأ رؤساء المافيات بغنائمهم، كما يهنأ المتواطئون بحصصهم من تلك الغنائم. أما وقد أصبحت الوعود سراباً عند «الواعد»، فكيف يكون الأمر عند «الموعود»؟
فبوركت اليد التي جعلت من «الواعد» كذَّاباً، ومن «الموعود» مأزوماً لا يدري كيف يخفي الحقيقة عن شعبه الذي داس ب«حذائه» «شرف الديموقراطية». وهذه هي الصورة الحقيقية التي أدركها المأجورون من عملاء المافيات. ولنبدأ باستعراض مظاهر الصراع الدائر –الآن-بين أطراف «تحالف الشر» العدواني.
برلسكوني، رئيس الحكومة الإيطالية، المخدوع، أو المتواطئ، يكاد ينفجر من المأزق الكبير الذي وقع فيه، أو الذي أوقعه فيه جورج بوش وطوني بلير -رئيسا «تحالف الشر»- ويبدو واضحاً أن «صبره قد نفذ». فيا للمسكين كم أصبح وضعه النفسي صعباً. ومن أكثر المراحل حراجة التي يمر بها المسكين، والتي هي أقسى عليه من خسارته البشرية في العراق، هي الأزمة التي بدأ يعاني منها منذ يوم الثلاثاء، بتاريخ 15/ 3/ 2005م. ومن أهم مظاهرها هي أن كذبه أصبح معلناً، وممارسة عبوديته لجورج بوش وطوني بلير أصبحت بأكثر مما تحتمله أكتاف برلسكوني المسكين.
صرح برلوسكوني لمحطة التلفزيون الرسمية الأولى (راي) الثلاثاء، بتاريخ 15/ 3/ 2005م، أن روما ستبدأ اعتباراً من أيلول/سبتمبر المقبل سحب قواتها تدريجيا من العراق. فأثارت تصريحاته مخاوف طوني بلير، رئيس الوزراء البريطاني، من احتمال استدعاء القوات البريطانية لتحل محلها، مما سيؤثر سلبا على الانتخابات البريطانية التي ستجري بعد شهرين. خاصة أن تصريحات برلسكوني دفعت المعارضة البريطانية لمطالبة بلير بسحب قواته من العراق بخطوة شبيهة بخطوة برلسكوني. وقد تكون تلك الظاهرة قد أجبرت بلير على الضغط على بوش الذي مارس ضغطاً على برلسكوني. وهكذا نرى أن البعض، من تحالف الشر العدواني، يضغط على البعض الآخر، فنعيش الآن مرحلة ضغط مرتفع ستتساقط، بفعله رؤوس العملاء الدوليين للإدارة الأميركية أولاً، أما رأسها هي، فالحبل على الجرار.
من كثرة الأرق، وشدة الصداع الذي انتاب طوني بلير، لم ينتظر برلسكوني لكي يصحح بنفسه ويبلع تصريحه المقلق، بل راح يصحح عنه، من دون توكيل أو تفويض، لأن برلسكوني لا يزال قاصراً أمام رؤوسائه وآمريه.
فيوم الأربعاء، بتاريخ 16/ 3/ 2005م، قال متحدث باسم بلير إن التصريحات التي نسبت إلى برلسكوني حول انسحاب القوات الإيطالية من العراق «أسيء تفسيرها»، وقال المتحدث: «الواضح هو أن ملاحظات رئيس الوزراء برلوسكوني فسرت بشكل خاطئ». وفيما يتعلق بالموعد الذي تحدث عنه برلسكوني حين قال: «إن سحب القوات الإيطالية سيبدأ في أيلول/سبتمبر»، قال بلير إن ذلك الموعد «هو مجرد مرجع لحقيقة أنه بحلول أيلول/سبتمبر، نأمل في أن تكون قوات الأمن العراقية في وضع أفضل بكثير، ولكن ذلك لا يعني جدولا زمنياً اعتباطياً للانسحاب». ولا يفوتنا أن نخاطب طوني بلير بما قاله الشاعر العربي:
قالوا إن «العميل» سيقتل مربعاً فابشر بطول سلامة يا مربع
وجاء جورج بوش، الجالس على الخازوق الأكبر، لينقذ طوني بلير، أكبر عملائه، لكي يجبر برلسكوني على التراجع فيصحح تصريحاته، قائلاً: إن سياسة إيطاليا في العراق لم تتغيَّر لأن إيطاليا لن تنسحب إلاَّ بالتشاور مع باقي الحلفاء. وأعلن الرئيس الأميركي عن لهفة حلفائه في الخروج من العراق. ونقول له إنك صدقت –هذه المرة- يا جورج. كيف لا وأن ما تسمونه قوات التحالف قد تناقصت أعداد أطرافه من 38 دولة في بداية الغزو إلى 24 دولة فقط.
وعلى خطى أسياده، وامتثالاً لأوامرهم، وبعد التصريحات البريطانية، وفي روما أعلن رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني أنه ابلغ الرئيس الأميركي جورج بوش في مكالمة هاتفية أنه يرغب في بدء سحب القوات الإيطالية وقوامها 3300 جندياً من العراق في أيلول/سبتمبر، «إذا كان ذلك ممكناً»، كما صحَّح مكتب برلسكوني.
طريفة والله ديموقراطية المافيات. والأطرف منها امتثال العملاء لأسيادهم، فهم قد وقَّعوا على عقد يعلنون فيه عن إذعانهم المطلق للأوامر التي تردهم من قادتهم تحت طائلة المسؤولية بنشر غسيلهم «النظيف» في كل وسائل الإعلام، ليتلقوا عقوبة محاسبتهم من شعوبهم. فيا حسرتي عليهم، فهم في تلك الساعة لن يهنأوا بصرف المال «الحرام» الذي جمعوه على حساب دماء الشعوب، نساء وأطفالاً وجوعى وعطشى. وليس آخرهم شعب العراق الذي اصطفته نعمة جورج بوش واختارته ليكون قرباناً أمام مذبح تحالف المافيات العالمي مع «اليمين الأميركي المتطرف».
لقد حانت ساعة الحساب أيها المساعد على الولوغ بدم الشعب العراقي، يا سيلفيو المسكين. فاسمع صوت رومانو برودي، زعيم المعارضة الإيطالية، يدعوك، إلى توضيح التضارب في تصريحاتك حول انسحاب القوات الإيطالية من العراق. إسمعه داعياً لعدم التلاعب بكرامة إيطاليا. ومطالباً رسمياً أن توضح حكومتك موقفها أمام البرلمان في ظل الجدل الكبير الذي أثارته تصريحاتك الأخيرة حول سحب الجنود الإيطاليين من العراق.
إسمع أيها المسكين، العالق بين نيران رؤسائك ونيران صوت ضمير إيطاليا. إسمع صحيفة (لا خورنادا) المكسيكية في مقالها الافتتاحي كاشفة فيه أوجه هزيمة المشروع الأميركي، مشيرة إلى أنها هزيمة للسياسي اليميني الكبير برلوسكوني أمام الرأي العام لدولته. وهي تدعوه ليسمع صوت ضمير شعبه الذي يعارض بشكل كبير الاشتراك الإيطالي في المغامرة الاستعمارية في العراق، فضلا عن الهزيمة في الجبهة العراقية. كما تعد كذلك هزيمة لحكومة الرئيس الأمريكي (جورج دبليو بوش) الذي خسر قطبين رئيسيين للتحالف الذي صنعه لتدمير العراق والسيطرة عليه، واللذان يتمثلان في رئيس الحكومة الإسباني السابق (خوسي ماريا أثنار)، وهو على أبواب خسارة برلوسكوني، ليبقى وحيدا في حملته دون صحبة ذات أهمية تُذكر سوى رئيس الوزراء البريطاني (توني بلير) ، الذي يبدو أن قدرته على تخطي الأزمات الشديدة والمخزية ليس لها حدود.
وأردفت الصحيفة أن برلوسكوني قد وجد نفسه مضطرا لإخطار رؤسائه باضطراره لاتخاذ خطوة الانسحاب إزاء هذا الوضع وإزاء عدم تمكن القوات الإيطالية من التصدي للمقاومة الوطنية التي تزداد قوة يوما تلو الآخر، والتي لم يجد حيالها المحتلون خياراً سوى البقاء خلف أسوار معسكراتهم معظم الأوقات.
ومن جانبنا نبارك للأيادي الحديدية، وللزنود السمر التي دخلت إلى مهاجع رؤساء الشر في العالم، وهي تقضي على أحلامهم وتحولها إلى كوابيس.
نبارك لها أنها ستُدخل برلسكوني إلى مصحة المجانين في القريب العاجل. وهو يستعد الآن لوضع القيود بين يديه صاغراً، فبشِّر القاتل، ومن يساعده أو يأويه أو يسكت عنه، بالقتل –وأقله بالجنون- ولو بعد حين.
نبارك لقيادة المقاومة وحزب البعث، ولكل المقاتلين في العراق –فصائلاً ومجموعات- أنهم قدَّموا لنا –بمناسبة الذكرى الثانية للعدوان على العراق- رأساً من أهم الرؤوس التي تساند «مشروع الشر الأميركي»، فمن بعده يأتي دور طوني بلير، «التابع الأمين». أما جورج بوش، فله الحساب العسير أمام شعبه، بما تفرِّط يداه بأرواح أبنائه، وتوظيف لقمة عيشه في مشروع احتلال العراق الذي لم يجن منه إلاَّ الشوك والحسرة.

ليست هناك تعليقات: