الخميس، فبراير 25، 2010

فضائية للمقاومة العراقية

-->
فضائية للمقاومة العراقية
في 21/ 1/ 2005م
عندما قرَّر الإمبراطور الأميركي أن يغزو العراق ويحتله أتَّخذ جملة من الأجراءات والأوامر والتعليمات والفرمانات يأمر فيها كل من لاذ بحماية مشروعه الاستعماري والإمبراطوري أن يحفظوا في جعبهم وأدراجهم ومخططات عملهم أولويات يطيعونها وينفذوها. وتلك التعليمات ذات علاقة بالخطة الإعلامية الاستراتيجية المرفقة بالإعداد للعدوان على العراق واحتلاله.
انبرت تلك الأوساط، وهي كثيرة جداً، إلى تنفيذ تعليمات الامبراطور. وقلما كان المتابع للعدوان على العراق يجد وسيلة إعلامية صغيرة أو كبيرة- تخرج عن تعليمات الإمبراطور.
أما تلك التي كانت تريد –ظاهرياً- أن تقف إلى جانب حق العراق فكانت تنصح قيادته بالاستسلام. وتبيَّن أن مهمتها كانت مرسومة ومخططة ومأمور بها. أما الغاية فهي توفير الخسائر على جيوش الإمبراطور.
كانت كتلة المؤسسات والأفراد، من إمبراطوريات إعلامية عربية وإسلامية، مقرؤة أو مسموعة، تنتشر على طول مساحة الإعلام العربي والإسلامي. بعضها رسمي وبعضها ذات هوى إيديولوجي والآخر منها ملك خاص لأباطرة إعلاميين عرب يصفون أنفسهم بالديموقراطيين.
إلى جانب هذه أو تلك من المؤسسات، اتَّخذ الامبراطور الأميركي خطة رديفة يعمل فيها على أساس تجفيف كل الموارد الممكن أن تساعد العراق على تأسيس أية منظومة إعلامية تروِّج لوجهة نظر الحركات الوطنية أو القومية، ومن أهمها حزب البعث العربي الاشتراكي، أو تدافع عن الحقوق الوطنية أو القومية للعراق.
ومع كل تلك الإجراءات من الحصار الإعلامي التي أحكمت إغلاق نوافذها خطة الإمبراطور الأميركي فبدا للعيان وكأن مخطط العدوان على العراق واحتلاله قد نال علامة النجاح بامتياز، خرجت عن كل الحسابات المألوفة خطة المقاومة العراقية، فأسست لأكبر فضائية إعلامية غطَّت الكرة الأرضية بأكملها فدخلت كل البيوت وأسمعت صوتها لكل الآذان، فأقنعت العالم الحر –من أقصاه إلى أقصاه- بأن فضائية المقاومة العراقية هي فضائية العالم الحر بامتياز.
وهنا كيف تجاوزت المقاومة العراقية كل تلك الحواجز التي نصبتها خطة إمبراطورية الشر الأميركية لمنع صوت العراق الحر من النفاذ إلى آذان الكون بأسره، وفشل في التعتيم على كل ما يجري في العراق؟
كثيرة هي المؤسسات الإعلامية التي ساندت كل ثورات العالم. وكثيرة هي القوى التي شاركت كل ثورات العالم وتحملت معها شتى أنواع الأعباء العسكرية والسياسية والإعلامية. لكن قليلة وأقل من قليلة تلك التي وقفت إلى جانب العراق وثورته. وخيِّل للإمبراطور الأميركي أنه ناجح لا محالة في معركة الإعلام، وهو سيكسب المعركة العسكرية من خلال كسبه للمعركة الإعلامية والعسكرية، إلى أن فاجأته فضائية للمقاومة العراقية راحت ليس لتكشف الزيف والتضليل والكذب والخداع عن ادِّعاءاته فحسب وإنما لتفرض نفسها على كل المؤسسات التي جنَّدها الإمبراطور الأميركي لتغطية أضاليله أيضاً.
أما فضائية المقاومة العراقية فقد كانت ذات رأسمال كبير وضخم لن تقدر كل وسائل العدو الأميركي وقواه على تجفيف مواردها لأنها ليست مظاهر لقوى مادية، بل لأنها ذات أصول روحية لن تستطيع قوى الرأسمال المادي أن تكشف مصادرها ومنابعها.
مورد واحد للمقاومة توظفه لتأسيس فضائيتها. فهي لم تعتمد –منذ رفضت قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق تهديد الإمبراطور الأميركي ووعيده- على إمكانيات تكنولوجية متقدمة بل راهنت على المخزون الرئيسي والأساسي الذي يمتلكه المؤمنون بحقهم في العيش بكرامة في وطن.
فالمورد الوحيد هو الشعور بالكرامة الوطنية والإنسانية أولاً، والإرادة في الدفاع عنها. وهذا مورد لم يخضع لأية مادة أولية مما يستخدمه عبيد الرأسمال في صناعاتهم المادية. وإنما مادته الأولية تجري في عروق الإنسان الذي يدافع عن وجوده وكرامته وحريته. ولأن تلك المادة الأولية تجري في أوردة العراقيين وشرايينهم فقد تحولت إلى إرادة في الشهادة، فكانت إرادة الشهداء في الموت من أجل قضيتهم تشكل المورد الأساس في تمويل فضائية المقاومة العراقية.
وهكذا فلن تستطيع إرادة الشر الأميركية، بمساندة ومؤزارة كل مؤسسات الإعلام الذي ينتسب إلى الهوية العربية، أن يخمدوا جذوة الثورة في نفوس العراقيين –على شتى انتماءاتهم وأطيافهم ومن يشاركهم من العرب- وستبقى دماء من استشهد، أو من ينتظر، مورداً لن ينضب لتمويل (فضائية المقاومة العراقية). وستبقى الحقائق التي تستند إليها تلك الفضائية مصدراً أساسياً يفرض نفسه بقوة على كل إدارة الشر الأميركية والبريطانية ومن لفَّ لفُّهما من حلفاء دوليين أو مسلمين أو عرب. وستبقى الكف الأقوى الذي يصفع وجوه المـتأمركين من مؤسسات إعلامية على شتى صنوفها وألوانها ومشاربها. فتحية من أعماقنا إلى (فضائية المقاومة العراقية).

ليست هناك تعليقات: