الخميس، فبراير 25، 2010

بوش - بريمر: لن ينفع دواء لكم إلاَّ أن تذوقوا المرارة

-->
بوش - بريمر:
لن ينفع دواء لكم إلاَّ أن تذوقوا المرارة
دورية العراق: 3/ 4/ 2004م. والبصرة: 3/ 4/ 2004م.
وصف جورج دبليو مقتل الأميركيين في الفلوجة بأنه عمل مروِّع، وأردف صنيعته بول بريمر مهدداً بأن الفاعلين سينالون العقاب.
غازٍ وحارس للغزو يشكوان من قسوة المدافعين عن أرضهم وعرضهم.
دعوهم يشكون، دعوهم يشعرون بالألم، دعوهم يضربون رأسهم بالحائط.
شكراً لله على نعمته بأنه وهبنا قبضات لها ضربات موجعة. لقد مللنا من الشكوى، فنحن لن نشتكي بعد الآن. فلندع العدو يشكو ويتألَّم.
جورج دبليو يا عرب تعوَّد أن يضرب ليرهب. وجاء تابعه بريمر كخبير في الإرهاب- ليمكَّن الإرهاب من رقابنا، وليعلَّمنا كيف يكون الخضوع. جاء هذه المرة بقبضة حديدية، ومطرقة حديدية، وعقارب وأفاعي من حديد، وهي كلها من ابتكاراته. أوَ ليس هو الخبير في الإرهاب؟!
لقد قال »آخ«، وكان عليه، وعلى رئيسه أن يقول الآخ من زمان. لكنهما لم يقولاها لأننا لم نكن نمتلك قبضات لنستخدمها، بل كنا نتلقى اللكمات ونتألم، أو أن البعض منا لم يكن لديهم جهاز عصبي ليحسوا بالألم، فقد تخدروا. أما الآن فقبضتنا أصبحت »فلوجية« الطعم والمذاق. أصبحت قبضتنا عراقية الموطن عربية الهوى. والحمد لله.
صرخ جورج دبليو، لكن صرخته، ولأول مرة في تاريخه، لم تكن مملؤة بالكذب والخداع، بل كانت صرخة حقيقية. ولكنها ليست بحرارة من يتألم لفقدان عزيز على قلبه، كما تتألم الأم الأميركية التي فقدت فلذة من كبدها في العراق. بل كانت صرخة جورج دبليو، مملوءة بألم من أفلتت طريدة »نفط العراق« من يده، فهو استفاق من حلم بدت له فيه ثروة العراق مطواعة مستسلمة تنتظره في مطار صدام الدولي، لا لكي يقدِّم »ديك الحبش« من البلاستيك لجنوده، بل ليمشي على السجاد الأحمر فيدخل بغداد إمبراطوراً للعالم كله. لقد استفاق فإذا بأحلامه مملوءة بالدم المسبوق بالكذب والاحتيال.
لقد استفاق جورج بوش على صورة عدد من السارقين الأميركيين لثروة العراق وهم يحترقون على مرأى ومسمع من العالم كله على أرض الفلوجة.
»لا شماتة«، نقولها لمن شاهد اللصوص يحترقون في الفلوجة بالأمس القريب، واعتصر قلبهم ألماً من تلك المشاهد. ولكننا نعيد استذكار ما لم تنشره وكالات الأنباء من صور، ولم تردد وسائل الإعلام ما يجري من مجازر يندى لها جبين البشرية خجلاً، جرائم يرتكبها »لصوص القرن الأميركي الجديد« على أرض العراق.
مجازر يرتكبها جنود وضباط وقادة أولئك اللصوص والمافيات على أرض العراق بحق نسائه وأطفاله وشيوخه. مجازر هدمت البشر والحجر. هدَّد بوش الأب، قبل العدوان الثلاثيني في العام 1991م، بأنه سيعيد العراق إلى ما قبل العصر الصناعي، وما بدأه الأب بطريقة الحصار، أنهاه الإبن بالصورايخ والطائرات والأفاعي والعقارب والقبضات في العام 2003م.
أما في العام 2004م، فقد انقلبت الموازين رأساً على عقب، ففيه أصبح بوش عاجزاً عن إخفاء الحقيقة، بأن عقاربه أعادت عقارب الوقت إلى الوراء. وهذا هو اليوم يواجهها بمرارة المغلوب على أمره. فقد انتهت مشاريعه وأصبحت في مهب الريح.
نحن، والله العظيم، ينفطر قلبنا حزناً إذا رأينا نملة تُسحق، فكيف لو شاهدنا بشراً يحترق؟ ولكن إذا أردنا أن نظهر حالة الخير فينا، علينا أن نسمع بأذنين اثنين، وأن نرى بعينين اثنين، وأن نستفتي قلبنا ببطينيه الاثنتين، وأن يكون حكمنا واحد ليس بلسانين، بل بلسان واحد.
لمن له إذن تسمع، وله عين ترى، وله قلب يزن الألم بعدل، وله لسان لم يتعود إلاَّ على قول الحق والصدق، نفتح له شاشة التلفزيون، وصفحة الجريدة، ومذياع الراديو، ونقول له: تعال معنا وشاهد واقرأ واسمع واحكم:
قالت، منذ أيام قليلة ماجدة عراقية، كانت معتقلة في أحد معتقلات الاحتلال الأميركي، (معتقل ديموقراطي فلا تتعجبوا لأن للديموقراطية معتقلات رحيمة). خرجت من تحت رحمة الاحتلال لتصرخ، ويحق لها أن تصرخ، لأن الحسناء ما كانت ترفع صوتها لو كان في تلك الجموع رجالا!!
قالت الماجدة العراقية مخاطبة العرب والمسلمين والضمير العالمي: »أعراضنا هتكت، وملابسنا تمزقت، وبطوننا جاعت. دموعنا جارية، ولكن من ينصرنا؟ أقول لكم: اتقوا الله في أرحامكم فقد امتلأت البطون من أولاد الزنا«. وناشدت ضمير العراقيين قائلة: »إذا كنتم تملكون من الأسلحة فاقتلونا معهم داخل السجون«.
بلى لقد سمع أبطال الفلوجة النداء يا أختاه. قتلوا اللصوص ومن يحمي اللصوص. ولكننا نعتذر منك أن الرجال فينا قد هزَّتهم مناظر اللصوص وهم يحترقون، لكن نداءك يا أختاه ذهب رجع الصدى ولم يخدش آذانهم.
تعالوا نتساءل: لو غزا العرب أميركا وبريطانيا، وفعلوا ما يفعله بوش وبلير وبريمر. أو غزوا فرنسا أو أستراليا أو إيطاليا، وسكت العالم على فعلة العرب، وخُدعوا بمعزوفة إعمار أميركا.
ولو كانت أم جورج دبليو أو أخته أو زوجته، أولو كانت أم بلير أو أخته أو زوجته، أولو كانت أم بريمر أو أخته أو زوجته، ممن اعتقلهن العرب في سجن في واشنطن، أو في لندن، مع كثيرات من حرائر أميركا أو بريطانيا، وصرخن كما صرخت تلك الماجدة العراقية- ماذا كان كل منهم سيفعل؟! بلى كان يمكنه أن يجر جثة الغازي بذيل فرسه ليجعل منه أمثولة لكل العالم. لكنه لم يهتز، ولن يهتز، أمام صرخة أطلقتها ماجدة رأت المخازي في معتقلات »ديموقراطية جورج بوش«.
لقد اهتزَّ بوش رأفة بأمثاله، رأفة بموفدي شركاته وشركات أبيه ونائبه ووزير دفاعه ونائب وزير دفاعه، وأولياء نعمة بول بريمر ربيب المافيات التي يخطط لها، ويمهد الطريق من أمامها ككاسحة للإرهاب.
يهدد بريمر الفاعلين بالعقاب! نعم يحق له، فالذين احترقوا، والذين قُتِلوا، كانوا قد ورثوا قطعة أرض في الفلوجة، وقد سلبها العراقيون منهم، ولما حرَّر جورج دبليو العراق؟! رجعوا إلى الفلوجة ليستعيدوها! فقتلهم أهل الفلوجة الغاصبين لأرض رجال الأعمال الأميركيين، وأحرقوهم، أوَ هل هناك من وحشية أكبر من وحشية أهل الفلوجة؟!
لم أك لأهتزَّ أمام كل عوامل الإثارة، ولكنني يا أختاه طعنتني صرختك في الصميم، وشعرت بالذل الحقيقي في أن أكون هادئاً بينما يدنس أبناء الأفاقين، وأبناء الحرام، الأرض والعرض تحت يافطة الديموقراطية التي ينعم بها عملاء الاحتلال وحدهم، وهم محقون أنهم لم يسمعوا صرخات الماجدات العراقيات كاشفات حاسرات فهم قد فقدوا كل معاني الشرف عندما ركبوا دبابات الاحتلال.
لا تلومينهم يا أختاه، فهم فقدوا معاني الشرف والكرامة منذ أن لوَّحوا لجندي مرتزق، ولقائده الأكثر ارتزاقاً منه، بحيث لم يتورَّع بعضهم من احتضانهم وتقبيلهم من الفم للفم.
أما المتفرِّجون من العرب والمسلمين وكل أرباب المافيات المالية العالمية فهم على استعداد لأن يبيعوا الضمير بقليل من الفضة.
أما المعتصم، يا أختاه، فقد غاب عن المويوئين ونأى بنفسه عنهم. واختار خندق المقاومة لأنه وجده السبيل الوحيد لإنقاذ الأرض والعرض من الذل والهوان.
ولو أردنا أن نسمع صوت المعتصم في الضمير العالمي لرأينا أن الأميركي أجرأ على جورج بوش من كل حكمائنا الخائفين والمرتعدين أمام جبروته. والماثلين بين يديه.
وهذا واحد من أصحاب الضمير يقول: إن تأثير القتل، الذي تمارسه الإدارة الأميركية، غير المميز بأسلحة الدمار الأميركية، سيكون غبار اليورانيوم في أجساد العراقيين وأجساد قواتنا التي ستعود إلينا حيث سيكون كل منهم قنبلة موقوتة تدق ببطء وآخذة معها حياة السذج، والجهلة، القادمين مع مصادر إشعاعهم الداخلي كحطب للحروب، الحروب النووية الأمريكية في القرن الحادي والعشرين. ونبقى نتساءل: لماذا يكرهوننا ويزدروننا هكذا!!! ([1]).
ويقولون بالتالي: لماذا تطحن أسناننا عظام مستوطن مرتزق على جثتنا وثروتنا وأعراضنا وكرامتنا؟
رأفة بدموع بول بريمر، أبو الإرهاب. ورأفة بقلب رئيسه الرقيق، نقول للمقاومين الأبطال: لا شُلَّت أيمانكم أيها الأبطال، أذيقوهم المر، لأنهم بغير المر لن يفكروا بالخروج. ولأنهم بغير طعم المر لن يدعوا ماجداتنا حرائرا، بل هن سيمتن خجلاً من أن ليس لديهن رجال، فيصبح الموت أكثر رأفة من وجود رجال ليسوا رجالاً.


([1])‏‏‏‏27/ 3/ 2003م: شبكة البصرة: بوب نيكولز: »الإشعاع في العراق يعادل ربع مليون قنبلة من النوع التي ألقيت على ناجازاكي اليابانية«. (ترجمة أ. د. محمد العبيدي).

ليست هناك تعليقات: