الخميس، فبراير 25، 2010

حالة التراكم اللا أخلاقي في مشروع إدارة جورج بوش

-->
حالة التراكم اللا أخلاقي في مشروع إدارة جورج بوش

يقابلها حالة تراكم من الرفض يختزنها الضمير العالمي

البصرة، والكادر، والوحدوي، وصوت الوطن بتاريخ 10 و11/ 4/ 2004م
من المفيد تكرار التذكير بالطبيعة المافياوية لإدارة الرئيس جورج بوش، فهي تركيبة أميركية متطرفة في يمينيتها أولاً، وتبشيرية تنسب نفسها إلى المسيحية ثانياً، وصهيونية تلمودية ثالثاً، أما الجامع بينها والمنسِّق الأساسي وصاحب المصلحة في مشاريعها فهو »تحالف القوى الدولية المالية والمصرفية«.
أما ذلك التحالف فيضم إلى عضويته أبرز رؤوساء وإدارات دول كثيرة في العالم. وأكثرها ظهوراً ودلالة كان الساقط »أزنار«، رئيس الحكومة الإسبانية السابق وقد كان أول من أسقطه ضمير الشعب الإسباني. ومن أكثر أعضائه ظهوراً الآن هو »هاوارد دين« رئيس الحكومة الأوسترالية، ورئيس الحكومة اليابانية، والإيطالية وهؤلاء كنماذج ستكون بلادهم كدول صناعية متقدمة، ليست بحاجة إلى أية مساعدات اقتصادية أميركية- رهينة للغول الاقتصادي الأميركي فيما لو نجح مشروع إدارة الرئيس بوش في العراق.
أما لماذا يصرون على الالتحاق والتبعية للمشروع الأميركي، بمواصفاته الخطيرة على دولهم، على الرغم من معرفتهم تلك الخطورة؟
لماذا يصرون على تلك التبعية وهم يدركون أن مصالح بلادهم ستكون بألف خير عندما يفشل مشروع الغيلان الأميركيين؟
إن كلمة السر قد نجدها عند مدير المايسترو الأكبر »تحالف القوى الدولية المالية والمصرفية«. فهؤلاء وأولئك يمتثلون لأوامره لأنهم هم، بأنفسهم أعضاء فيه، أو لأنهم كأفراد خاضعون لتهديداته، خاصة وأن صورة »ألدو مورو« -الرئيس الإيطالي الأسبق، المخطوف والمقتول- لا تزال ماثلة في ذاكرتهم، أو لعلَّ تحالف القوى الدولية يمسكون عليهم أسراراً يفجِّرونها في اللحظة التي تظهر منهم أول إشارة تمرد على قراراته.
إن استراتيجية تحالف المافيات الدولي تستند إلى عمليات »الإرهاب الأعمى« و»استراتيجية التوتر«. ومن غير البعيد أن يشمل إرهابهم الأعمى بنعمته رؤوس هؤلاء وأولئك، سواء بالقتل أو نشر الفضائح المستورة.
أما لماذا اختار تحالف المافيات الدولي الولايات المتحدة الأميركية بشكل عام، وإدارة الرئيس بوش بشكل خاص لتنفيذ مشروع السيطرة على العالم؟ فلهذا أسباب نعيد التذكير بها بهدف ترسيخها في الذاكرة العربية أولاً، وترسيخها في ذاكرة الضمير العالمي ثانياً:
تسيطر على أميركا ثقافة شعبية رائجة تتميز بالنرجسية والغرور بالانتصارات الأميركية الدائمة منذ أقل من قرن بقليل. وثقافة النخبة المهيمنة على مفاصلها السياسية، جمهوريين وديموقراطيين، تقوم على إيديولوجيا التوسع الرأسمالي في العالم.
أما إدارة بوش فتتميز:
-بتطرفها، بحيث أنها تجمع المتطرفين الاقتصاديين والقوميين، وتطرف المبشرين المسيحيين، فهي قد استهلك الإعداد لوصولها إلى السلطة أكثر من ثلاثة أجيال من الزمن. وإمكانياتها العسكرية والاقتصادية والسياسية غير معروضة للمنافسة من قبل دول العالم، على دولة لدولة.
لذا كانت الولايات المتحدة الأميركية جاذباً لأنظار تحالف المافيات الدولي، وازداد الحاجة للاستناد إليها بعد أن قادت إدارة »توني بلير«، رئيس الحكومة البريطانية، إلى السير في حاشية صاحب الجلالة جورج بوش.
فالمخطط الاستراتيجي كما أصبح واضحاً- يسلك كل الطرق اللا أخلاقية لتحقيق أهدافه. لكن لم يتسنَّ للرأي العام العالمي أن يشاهد مناظر من أفعاله، إلى أن تورَّط المخطط في رمال العراق. فمنذ تلك اللحظة، ولأن في العراق من أقسم قبل حصول الاحتلال- وتربى على إيديولوجيا الدفاع عن الشرف الوطني، كانت طلائع المقاومة العراقية مُعدَّة لمواجهة قوات الاحتلال في حال حصوله- بكل الوسائل النضالية، نفسية وأخلاقية ووطنية، بالإضافة إلى مكملاتها المادية من تدريب عسكري وتسليح وتذخير.
لو لم تكن تلك المقاومة قد أعدَّت نفسها للمواجهة، لكان جورج بوش محاطاً بعلامات الرضى عليه من كل أقطاب تحالف المافيات الدولية الاقتصادية- قد أجرى في بلاطه في واشنطن أكبر حفل استقبال لمناسبة انتصار مشروعه في العراق. خاصة وأن وكالات الأنباء كانت تشير إلى أن »توني بلير« قد حزم حقائبه للسفر إلى واشنطن ليكون إلى جانب صاحبة الجلالة »جورج بوش«، ليستعرض احتفالات النصر في العراق.
وهنا، أفقدت المقاومة العراقية بهجة النصر للمحتلين مرة أخرى.
بعد عام على احتلال بغداد تبدو بغداد مشتعلة. وبعد أيام من تهديد أهالي الفلوجة بتدفيعهم ثمن قتل أربعة من اللصوص الأميركيين تأكَّد أنها قد حرمت بوش من الاحتفال بالنصر الموهوم.
ولم تقف وقائع الحقائق عند حرمان الأميركيين من نصر موهوم هنا أو هناك، بل أظهرت الفلوجة هذه المرة- حقيقة أخرى كانت محجوبة عن الضمير العالمي، وهي آثار الهمجية واللا أخلاقية الأميركية.
باستثناء ضمير النظام العربي الرسمي، صدمت مناظر التدمير في الفلوجة ضمير العالم، ومنه ضمير الشرفاء من الأميركيين والبريطانيين، كما أثقلته مشاهد القتلى الذين ينتظرون الرحمة بالدفن، والجرحى الذين ينتظرون الدواء الغائب، والحصار الوحشي حولها الذي ينتظر رغيفاً أخذ يندر وجوده، وأخبار القنابل العنقودية التي تقصف أعمار العباد ولا تأتي بأي »إعمار للبلاد«، وجولات طيران العدو الحربي وصولاته فوق رؤوس الأبرياء حتى يثبتوا أنهم ليسوا »إرهابيين«، وفوق سطوح الأبنية السكنية لتدميرها لعلَّهم يوسِّعون الساحة أمام »عقود الإعمار« لشركاتهم الشرهة، ومآذن الجوامع لعلَّهم يغيِّرون بغيابها »ثقافة الجهاد«…
لم تكن مجازر الفلوجة هي الوحيدة التي ارتكبتها إدارة المافيات في واشنطن، بل سبقها الكثير منها والأشد صدماً للضمير، لكنها لم تنتقل إلى الشاشات المرئية بأوامر من أسياد »سيد البيت الأبيض«، و»سيد البنتاغون«. ولأن الصدفة هي التي حجزت »قناة الجزيرة« في الفلوجة بعيداً عن رقابة الاحتلال، فقد نقلت عدساتها من المشاهد ما يصدم الضمير الإنساني ويدفعه إلى البكاء تألماً. أوَ لم يكن خروج مراسلي الجزيرة من الفلوجة من أول شروط »كينيت: الناطق العسكري باسم قوات الاحتلال«؟
بلى، فهم يريدون حجب الحقائق عن الضمير العالمي. ولكن المخطط الذي اعتمدته قيادة المقاومة، في أنها وسَّعت مساحات عملياتها لتجبر قوات الاحتلال على التشتت والانتشار، أصاب بدوره- عصفوراً آخر عندما حرَّر وسائل الإعلام من أسر »ديموقراطية« الرقابة الأميركية. فسرحت ومرحت في أرجاء العراق ونقلت كل ما التقطته عيونها وآذانها وكاميراتها من حقائق »ديموقراطية جورج بوش«، وأهدافه الإنسانية في »إعادة إعمار العراق«، وفي بناء نظام سياسي جديد تقوم أسسه على »أوامر بإقالة أو تعيين وزير أو عضو في مجلس الحكم«….
لم تظهر لا أخلاقيات المشروع الأميركي بوضوح كما ظهرت في الذكرى الأولى لاحتلال بغداد. ولأن الأمر كذلك، فقد أخذ التململ في شارع الضمير العالمي يستعيد نشاطه إلى الواجهة من جديد. وأخذت السنة الأولى تجر أعضاء المافيات الدولية في عدد من الدول التي تشارك الاحتلال الأميركي، يتراكضون إلى العراق لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من ماء وجه رؤوساء الحكومات المشاركين في احتلال العراق.
وأخذ شارع الضمير العالمي، ومنه الشارع الأميركي، يستعيد عافيته من جديد. وأخذت التظاهرات تعم عواصم الدول التي تشارك حكوماتها في احتلال العراق. خاصة بعد أن تبيَّن أن تضليل ضمائر شعوبهم لن ينطلي بعد الكشف عن اللا أخلاقيات الأميركية بأن دوافع مشاركاتهم كانت ذات أهداف »إنسانية« و»إعمارية«.
ومرَّة أخرى تدفع نضالات المقاومة العراقية وتضحيات الشعب العراقي إلى حالة تراكمية نضالية سريعة، تؤدي بدورها إلى حالة تراكمية أخرى في الضمير العالمي، وتتراكم حالة الرفض العالمي، وهي وإن لن تعطي ثمارها في شهور- فإن صناديق الاقتراع قادمة بسرعة، ومنها سوف يتلقى كل أعضاء المافيات الدوليين صفعات كمثل الصفعة التي تلقاها أزنار- وقد تكون الصفعة الأكثر قسوة وتأثيراً الصفعتين الجاهزتين على وجهيْ كل من بوش وبلير، ومنهما يتلقى مشروع مجانين »القرن الأميركي الجديد«، ومشروع »تحالف القوى الدولية المالية والمصرفية« الصفعة الأكبر من الضمير العالمي.
لكن لا تسألوا عن الضمير العربي والإسلامي، فقد مات إلاَّ أقله،
لذلك لن نستطيع أن نقول إلى أهلنا، في الفلوجة خاصة وفي العراق عامة أي شيء ما عدا أنكم الوحيدون الذين يحق لكم أن ترفعوا رأسكم عالياً فقد نلتم شهادة الشرف والإباء والكرامة والوطنية والقومية. أما نحن فعلينا أن نطأطئ رؤوسنا خجلاً

ليست هناك تعليقات: