الخميس، فبراير 25، 2010

جرائم الاحتلال الأميركي في العراق في المرحلة الراهنة

--> --> -->
جرائم الاحتلال الأميركي في العراق في المرحلة الراهنة
ثلاثية الأبعاد والفاعلين
مزيد من الوحشية في الموصل ومراهنة على تصفية المقاومة فيها
وتآمر على تصفية الأسرى والمعتقلين
في 4/ 2/ 2008
أولاً: ثلاثية الفاعلين أميركية وصهيونية وإيرانية
منذ أن أصَّر جورج بوش على أسلوب الأكاذيب، وعلى الرغم من آخر تقرير أصدرته لجنة بيكر هاملتون، اللجنة المشتركة بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي، استمرت رهاناته على «إحراز النصر في العراق»، واستقدم عشرات الألوف من جنوده، في أوائل العام 2007، ليدعموا رفاقاً لهم عجزوا عن تحقيق نصر موهوم طوال خمس سنوات.
ومن رهان خاسر إلى آخر، مرَّت رهاناته بسلسلة من الإخفاقات لم تنته وهي لن تنته حتى خروج آخر جندي أميركي من العراق، وكل جندي منهم يصطحب معه عميلاً من عملاء الاحتلال، هذا إذا استطاعت الهليكوبترات الهاربة من استيعاب الخونة والمرتزقة.
ساعة الصفر تقترب، ويرى جورج بوش وحزبه أن الوقت يسير بسرعة، وهم بالكاد يجدون من الأكاذيب ما يستر عورات هزيمتهم. لذلك يراهن الديكتاتور الأميركي الغبي (وهو وصف يصاحبه على طول الشارع الأميركي وعرضه)، على ثلاثية من الجرائم، يستعين بها على ثلاثة من الفاعلين.
أما الفاعلون، فهم:
-إدارة الكذب والاحتلال تحت رئاسة جورج بوش التي تبتكر وسائل جديدة في الكذب.
-وإدارة الصهيونية العالمية التي يحقنها أصحابها بالكثير من مصل الأوهام باستعادة مجد صهيون، وبناء دولة «شعب الله المختار».
-وإدارة إيرانية أخذت تتوهَّم أنها باستقوائها بـ«الشيطان الأكبر» سوف تستعيد أمجاد كسرى، وشاه رضا بهلوي الذي أسقطته أيدي الفقراء الإيرانيين وزنودهم.
وإذا كان الفاعليْن: شيطان أميركا الملوث بأوهام السيطرة على العالم، وشيطان الصهيونية الملوث بوهم بناء دولة «شعب الله المختار» يعملان من أجل تنفيذ مشروعهما الاقتصادي والتوراتي، فما بال قاعدة ثالثة الأثافي، التي تمثلها إيران، التي لا تزال تزعم أنها ثورة الإسلام، وثورة الفقراء والمحرومين، الثورة التي ستعيد العدل للعالم بعد أن ملأه الطغاة جوراً وظلماً؟
وإذا كان الثنائي الأميركي والصهيوني مستمراً في ارتكاب جرائمه في العراق، والسبب ندركه جميعاً، فما هو بال «الثورة الإيرانية» لا تزال مستمرة في ارتكاب ما ارتكبته من جرائم في العراق؟
ونحن نعلم، والكل يعلمون، أن حكام إيران ينشدون تأسيس موقع قوي لهم في الوطن العربي حتى ولو كان الثمن إيغالهم في تفتيته وإضعافه، وقد يشكل منطق ميكيافيلي «الغاية تبرر الوسيلة» وسيلة تلبي لهم مصالحهم. لكن ما بال من أصابهم زوغان في الرؤية من قوى وأحزاب، من المنسوبين إلى حركة التحرر العربية؟
لقد رأوا نصف الكأس الإيراني الممتلئ المتمثل بدعم مقاومة «حزب الله» في مواجهة الصهيونية في لبنان، ولكنهم لم ينظروا ما تفعله الإيدي الإيرانية من تمزيق ونهش في جسد العراق.
وإذا كنا لا ننكر أن تقديم العون لـ«حزب الله» قد حقق انتصارات تصب في مصلحة الاستراتيجية القومية العربية، لكن لا يمكن لهذه الاستراتيجية أن تكتمل إلاَّ بإنجاز أهدافها في الوحدة والتحرر، كما لا يمكن للتحرر والوحدة أن يكتملا إلاَّ بتحرير فلسطين والعراق معاً وكل أرض عربية أخرى تتعرَّض للاحتلال. فهل ما تفعله الإدارة الإيرانية في العراق يصب في مجرى الأهداف الكبرى لأمتنا العربية؟
فما نراه ونلمسه، وما تؤكده التقارير حتى الإيرانية منها، تدل على أن إدارة جورج بوش من أجل تحقيق النصر في العراق، لا تزال تراهن على دور تلعبه الإدارة الإيرانية في تصفية مقاومة الشعب العراقي. وهذا ما قامت، وتقوم به، القيادة الإيرانية من عقد اجتماعات مع قيادة الاحتلال الأميركي في المراحل السابقة، ومن اجتماعات تزمع على عقدها لاحقاً ستتوجها زيارة أحمدي نجاد، رئيس الجمهورية الإيرانية، إلى بغداد. والغرابة في الأمر أن يزور رئيس الإدارة الإيرانية بلداً يحتله من يزعم أنه «الشيطان الأكبر». وهذا ما يثير الكثير من الأسئلة والاستفسارات، ومن أهمها:
وهل ستكون زيارته بمعزل عن توافق أميركي إيراني؟
وهل ستكون من دون توفير حماية أميركية تحرس موكب الرئاسة الإيرانية سواءٌ أكان الأمر جواً أم كان براً؟
وهل ستكون زيارته إلاَّ تلبية لدعوة الطالباني، وهو من قام بخيانة وطنه؟
لا يمكننا هنا، إلاَّ أن نطلب من أصحاب العيون التي لا ترى الأمور إلاَّ من زاوية واحدة، أن يبرروا لنا ما ارتكبته الإدارة الإيرانية من جرائم، ولا تزال ترتكبه، في العراق. ولا يلومنا أحد إذا قلنا: إن العيون التي بها «حَوَلٌ»، تنظر إلى دمعة الصياد وتمتدح معانيها الإنسانية، وتشيح بنظراتها عن السكين، بل «الساطور والدريل» التي لا تشبع قتلاً وتدميراً وتفتيتاً في جسد العراق وأهله.
إن المنطق وسلامة الرؤية في اتخاذ الموقف يجب أن يستحضرا الموضوعية والدقة بالنظر إلى الواقع ومشاهدته من كل الزوايا. وبناء عليه فكما أننا نقدر تقديراً عالياً كل من يدعم مقاوماً ضد الصهيونية في فلسطين المحتلة، لا يجوز أن يحرف هذا الدعم أنظارنا عن نقد وتقريع كل من يمنع المقاومين في العراق المحتل عن أداء واجبهم في طرد الاحتلال الأميركي.
ثانياً: الجريمة ثلاثية الأبعاد:
مزيد من الوحشية ومراهنة على تصفية المقاومة وتآمر على تصفية الأسرى والمعتقلين
لا يزال التحالف، الثلاثي الفَعَلَة، ضالعاً في ارتكاب جريمة احتلال العراق، وتفتيته وتقسيمه على أسس عرقية وطائفية، مستمراً في دوره. ولا يزال التعاقد بين أطرافه، ساري المفعول على الرغم من كل التمويه والتعتيم على توزيع الأدوار، والتعمية على ما يجري من مساومات خارج الكواليس. ولن تثنينا عن حكمنا هذا حالات التوتر فيما بين طرفيها الأميركي الصهيوني من جهة، والإيراني من جهة أخرى، لأنه يشبه مسرحية تمثيلية تجري أحداثها على مسرح مياه الخليج العربي. والسبب يعود إلى أنهم يختلفون على مقادير توزيع حصصهم من جسد الأمة العربية من جهة، ويتفقون على النهش في جسد العراق، الذين وإن اختلفوا عليه وفيه، فإنما يختلفون على حدود خرائط تقسيمه من جهة أخرى.
فإذا كان أطراف التحالف الثلاثي الآن يتوهمون بأن مرحلة السيطرة على جنوب العراق وشماله قد حُسمت، فهم يتعاونون على إنجاح مرحلة السيطرة على وسطه. ومن أجل هذا الأمر ينفذون مؤامرة ثلاثية الأبعاد تتمثل بالتالي:
1-جمع ما يمكن جمعه من عملاء جدد، يمثلهم من أُطلق عليهم اسم الصحوة، وهم من الذين دبَّ الضعف في نفوسهم، وسيطر حب الدولار على جيوبهم.
2-محاولة إخضاع مدينة الموصل بقوة النار والحديد وارتكاب المجازر، واحتواء إرادة سكانها.
3-ارتكاب مجزرة اغتيال جماعي للمعتقلين والأسرى في سجون العدو الأميركي.
1-زعماء «الصحوة» والمغرر بهم ستنهض عندهم «صحوة ضمير» الكرامة والسيادة الوطنية عما قريب:
أما العملاء الجدد فهم من يسمونهم بـ«عشائر الصحوة»، ممن قايضهم الاحتلال الأمن والرغيف في مقابل بيع الكرامة، فاختار الضالعون في الضعف والهوان «الأكل بأثدائهم»، كما استجابت لهم مجموعات من البسطاء المضللين المنكوبين بفقدان لقمة العيش فخيل لهم أن خيانة الوطن والكرامة تعادل رغيفاً من الخبز.
لن نستطيع القول إن ظاهرة «عشائر الصحوة» ستمر من دون تداعيات سلبية، إلاَّ أنها لن تشكل العامل الذي سيعيق مسيرة المقاومة، لأن هؤلاء سوف «يَصْحون» على أنهم مجرد أدوات يتم توظيفهم لقتل أبناء شعبهم، يأمرهم كل من فقد الضمير من الدخلاء، محتلون من جنسيات متعددة ومن خونة ينطقون العربية ويذبحون على طرائق الاحتلال وأساليبه. ولن يطول الأمر بهم على هذه الحال، فصحوة الضمير الوطني حتى لو نامت عند البسطاء المغرَّر بهم إلى حين، إلاَّ أن العذاب الذي سيعانونه مما سيجري أمام أعينهم سيشكل المهماز الذي سيعيدهم إلى الانقلاب على زعمائهم وعلى من قام بالتغرير بهم.
2-مدينة الموصل تستعد منذ زمن لردع قوة النار والحديد وارتكاب المجازر.
وأما استعراض القوة، من عرض جحافل جيش الاحتلال، ومرتزقة المالكي الزاحفة نحو الموصل، مضافاً إليها خطابات المالكي نفسه و«عنترياته»، أي «خطاباته البوشية»، ومن شابهت خطاباته خطابات سيده فما ظلم، وهي لن تكون أكثر تخويفاً من زحف جيش الاحتلال في بدايات احتلال العراق. وهو يعلم، والجنود الأميركيون يعلمون، وقياداتهم العسكرية تعلم أيضاً، ولا يخفى الأمر على كل من يقبع في البنتاغون والبيت الأبيض، سواءٌ منهم الذين استقالوا أم أُقيلوا بسبب فشلهم، أن مصير الزحف لـ «فرض النظام» في الموصل، لن يكون أوفر حظاً من كل أنواع الزحف الأخرى. فنحن لن ننسى أن كل الحملات العسكرية السابقة، التي فاقت تسمياتها المئة اسم، من «العقارب» و«الأفاعي» و«المطارق الحديدية» ... أنها باءت كلها بالفشل والهزيمة. وهل ننسى الفلوجة التي نبتت من بين الأطلال من جديد؟ وهل ننسى معركة «فرض النظام» في بغداد بشراستها ونتائجها الأكثر من مخيبة لآمال جورج بوش؟
إن الوضع في الموصل له خصوصياته، بثقلها المقاوم وجغرافيتها الواسعة، وخبرة مقاتليها التي عجمتها خمس سنين من التجارب، وحنكة قيادتها التي لا شك في أنها هضمت كل تجارب المقاومة العراقية طوال أكثر من خمس سنوات أيضاً. إن معركة الموصل باختصار هي معركة هروب الاحتلال وعملائه إلى الأمام، فمن يريد احتواء المقاومة في الموصل، وإرهاب أهلها، لا يمكنه ذلك من دون احتواء المقاومة في بغداد والوسط والجنوب.
فهل استطاع الاحتلال وعملاؤه أن يوفروا حماية «المنطقة الخضراء» في بغداد؟
وهل نجحت عقاربهم وأفاعيهم السابقة في ضرب المقاومة وإرهاب وسطها الشعبي؟
إسألوا كم هو عدد العمليات العسكرية التي ينفذها أبطال المقاومة العراقيون في مؤخرة القوات المحتلة التي تزحف إلى الموصل.
إن معارك آخر لحظة التي يأمر جورج بوش بخوضها كمثل معركة الموصل، هي كمثال من وصل إلى قمة اليأس وشفير الهاوية، إنها ليست أكثر من معارك تكتيكية يُراد منها كسباً سياسياً تخدم ماكينة إدارة الحزب الجمهوري الانتخابية. وأما موقعها من أجندة المقاتلين في الموصل فهي ليست إلاَّ «صبر ساعة»، وهي كمثل معركة عض الأصابع يخسر فيها من يصرخ أولاً. وسيصرخ الاحتلال فيها كما فعل في معارك «فرض النظام في بغداد» طوال العام 2007، والتي على الرغم من شراستها ووحشيتها، ظلت حصة المالكي وأسياده، باعتراف التقارير الأجنبية لم تتجاوز الـ 8% من مساحة بغداد.
وكيف لا تكون معركة الموصل معركة لن تفوق نتائجها نتائج المعركة التكتيكية إذا ما كانت المعارك دائرة في الموصل بينما القتلى الأميركيين يتجندلون فيها كما في بغداد والبصرة والفلوجة وديالى؟
3-التهديد بتسليم الأسرى والمعتقلين في سجون العدو الأميركي إلى قوى الأمر الواقع العميلة، لارتكاب مجزرة اغتيال بحقهم.
تواترت التقارير عن إمكانية ارتكاب حماقة جديدة ستمارسها قوات جورج بوش الذي تميَّز بالغباء والإجرام، مفادها تسليم الأسرى والمعتقلين في سجون العدو الأميركي إلى قوى الأمر الواقع العميلة. وهذا الاحتمال وارد بما هو معروف عن غريق جبان يسعى لتوظيف حياة الأسرى والمعتقلين كقشة من أجل إنقاذ سفينة أدارته من الغرق. غريق جبان ركل، ويركل كل يوم، القانون الدولي برجله.
هذا المأفون يبدو أنه أصيب بالنشاط عندما استقبلته دويلات الخليج، واندفع إلى الرقص على أنغام التراث الخليجي، برقصة السيف والصيد بالباز واستغلال الأطفال الذين نُظِّمت لبرائتهم مسرحيات الأناشيد لاستقباله من دون أن يدروا كم من رفاقهم أطفال العراق يُسحلون ويُشردون ويموتون جوعاً وبرداً. ولم تنس بعض الخليجيات أن تُقبلن رأس بطل الجريمة المنظمة جزاءً لانتهاكه شرف صنوهن من الماجدات العراقيات، و.. و...
هذا الطاغي، الذي لم يجد من يعترض على لون «الكحل في عينه»، ساح واستراح ورقص وعربد على أرواح العراقيين واستباح كرامتهم. من أين نجد من يردعه عن ارتكاب الجريمة الحمقاء في منع تسليم الأسرى والمعتقلين إلى أكثر العملاء إجراماً وقذارة في التاريخ؟
يبقى أمل لهؤلاء الأسرى في أن يجدوا في العالم كله، وعند العرب كلهم، من يقف إلى جانبهم لمنع الجريمة المجزرة من النفاذ, وهذا ما عوَّدتنا عليه الكثير من المنظمات الرسمية والأهلية. ونحن نراهن على إمكانية نجاحهم كما نجحوا في إنقاذ المناضل الشيخ مظهر الخربيط المحتجز في لبنان من خطة تسليمه إلى الحكومة العميلة في العراق.
وإن صوتاً جديداً تجمع عليه منظمات الضمير وحقوق الإنسان في الكشف عن جريمة التسليم المحتملة، لكونها تشكل لطخة عار في جبين الإنسانية، قانوناً وتشريعاً، قد تسهم في ردع الاحتلال من تنفيذ ما وعد به. أو أقلُّه تصل إلى مسامع الشارع الأميركي الغاضب على رئيسه وإدارته.

ليست هناك تعليقات: