الخميس، فبراير 25، 2010

الاحتلال الأميركي وعملاؤه يجمعون على أن الانسحاب من العراق بات وشيكاً

--> --> -->
الاحتلال الأميركي وعملاؤه
يجمعون على أن الانسحاب من العراق بات وشيكاً
(جولة فرسان) المالكي في البصرة، و(زئيره) في الموصل،
ديكور يساعد المخرج الأميركي على إعلان الهزيمة
 
لا بدَّ من أن نعود بالذاكرة إلى أن أكثر من مسؤول أميركي صرَّح مهدداً حكومة العمالة في العراق بأن أميركا لن تبقى فيه إلى الأبد، فعليها أن تتدبَّر أمرها لاستلام الأمن فيه. وكانت مضامين هذه التصريحات تمثل أحد المخارج للانسحاب الأميركي المشرِّف من العراق!!!
وبالعودة إلى الذاكرة أيضاً إلى تصريح للرئيس الأميركي، منذ شهر تقريباً، أجاب فيه على منتقديه بإعلان النصر قائلاً: وكيف يمكن لرئيس أن يخاطب جنوداً يموتون كل يوم؟
إن القرار الأميركي بالخروج من العراق قد أخذ طريقه الفعلي، بعد مرور أشهر قليلة على احتلاله، حيث راحت الإدارة الأميركية تفتش عن طريقة مشرِّفة للخروج. فكانت المرحلة الفاصلة، منذ ذلك التاريخ حتى الآن، تمثل ما وصفه الشارع الأميركي بالغباء الذي يدفع رئيسهم إلى مقامرة مجنونة بأرواح أبنائهم وموارد بلدهم.
ففي مرحلة الغباء والجنون كانت الإدارة تراهن على أنه يمكنها أن تجرِّب كل وسائل الضغط والإرهاب لعلَّها تنقذ حلمها المتهاوي من السقوط. فكان قرارها بالخروج واقعياً، أما تجاربها فكانت تتميز بدرجة من الجنون الذي يُصاب فيه اليائس الذي ينتظر الموت في أية لحظة.
وإذا كانت مقدمات قرار الخروج المشرِّف!! وأسبابه أصبحت أكثر من واضحة، وضوح قرار المقاومة العراقية بالقتال حتى خروج آخر جندي، أو عميل، او متواطئ، أو مساند، أو محتال، فإن القرار بتجربة آخر السهام، أصبح فاشلاً أيضاً. أما مقدماته وأسبابه فهي أصبحت على غاية من الوضوح أيضاً، ويأتي في مقدمتها قرار استمرار المقاومة وتضحياتها من جهة، وقرار الشعب العراقي الذي لم يبق لديه ما يخسره إلاَّ الكرامة من جهة أخرى.
الإدارة الأميركية تتجرَّع كأس الهزيمة قطرة قطرة
تتابعت فصول قرار الخروج النهائي للاحتلال، وكانت أكثرها وضوحاً ما جاء في جلسات الاستماع التي قام بها الكونغرس الأميركي لوزير حربه، روبرت غيتس، والجنرال ديفيد بترايوس قائد القوات الامريكية في العراق، وكانت شهادتهما قاطعة في وضوحها.
وإن كان قرار الانسحاب المشرف قد بانت معالمه من تصريحاتهما، إلاَّ أنه من المنطقي أن نتوقَّع وجود خديعة ما تمارسها إدارة جورج بوش وأزلامها، وهي التي عوَّدت الشعب الأميركي على أفضل وسائل الخداع والكذب. والخديعة قد تكون فخاً للمقاومة ومناضليها الأشاوس بالاسترخاء والتطمين الذي قد يدفعها إلى التخفيف من عملياتها. إلاَّ أن هذا الأمر قد احتاطت المقاومة له عندما أعلنت منذ بداية انطلاقتها أنها لن تدع بندقيتها تصمت، حتى ولو كانت على طاولة المفاوضات مع المحتل، بل ستلاحق جنوده وقواعده العسكرية طالما ظلت تحتل شبراً واحداً من أرض العراق.
أولاً: تجارب الاحتلال المجنونة لإحباط جهد المقاومة وتيئيس الشعب العراقي:
كما كانت فاتحة العام 2007، باستقدام عشرات الآلاف من الجنود الأميركيين إلى العراق، لعلَّ الإدارة تستطيع اختراق الدائرة الجهنمية التي تعيش فيها مئات الآلاف من الجنود الموجودين في العراق، قد تآكلت وفشلت، وأعيدت إلى بلادهم، سيكون مصير خطة (صولة الفرسان) التي بدأتها في البصرة، ومرَّت بمدينة الشعب في بغداد تحت ذريعة ملاحقة جيش المهدي، وصولاً إلى عملية (زئير الأسد) في الموصل.
ثانياً: توظيف التجارب المجنونة لخدمة إخراج القرار الأميركي في البدء بعملية الانسحاب:
أما الدليل على فشل آخر التجارب المجنونة في العام 2008، فهو لم يتأخر إعلانه من على منابر مجلس النواب الأميركي بلسان غيتس وباتريوس، ووجد أصداءه عند من يُسمى رئيس جمهورية العراق، جلال الطالباني.
نتذكر أن الشعب الأميركي، وأوساط الإدارة الأميركية كانت قد أعلنت أن مخرج إنهاء الاحتلال للعراق، يجب أن يمر عبر تحميل حكومة العمالة مسؤولية الإسراع في تأهيل قواتها العسكرية والأمنية لاستلام الأمن مكان قوات الاحتلال.
ولعلَّ ما حصل في البصرة بداية يوضح أن خطة إظهار مقدرة حكومة المالكي على استلام الأمن بدأت فصولها ضد المنافسين من الميليشيات على السرقة والتهريب، وصوَّر الإعلام وكأن الأمن استتبَّ فيها، الأمر الذي بررت حكومة العمالة انتقالها إلى بغداد، ومن بعد إعلان الاتفاق مع جيش المهدي في مدينة الشعب، أراد المالكي أن يُسمع زئيره لأهل الموصل.
نحن نتوقَّع أن تخفض تلك الحكومة من صوت زئيرها في الموصل، لأنها لن تستطيع حسم المعركة فيها، خاصة وأن ما روَّجت له الحكومة من اقتحامها كان من أجل توظيفه لخدمة قرار الإدارة الأميركية بإعلان بدء الخروج المشرِّف من خلال جلسات الاستماع لأكبر موظفين عسكريين يقودان عملية الاحتلال العسكري.
ثالثاً: الإعلان عن البدء بالانسحاب التدريجي المشرف:
بعد أن أسمع رئيس حكومته (زئيره) للكونغرس الأميركي، افتتح جلال الطالباني المسرحية، يوم الثلاثاء، في 20/ 5/ 2008، معتبراً أن القوات العراقية خطت خطوات كبيرة نحو الأمام، وتمكنت من تقوية قدراتها القتالية، وأنها بانتهاء العام الحالي ستسيطر على الأمن بشكل كامل في كل العراق.
وأطل الجنرال ديفيد بترايوس، قائد قوات الاحتلال الامريكي في العراق، يوم الخميس في 22/ 5/ 2008، فأعلن أنه يتوقع ان يوصي بمزيد من خفض القوات هذا العام بعد فترة توقف في سحبها لمدة 45 يوما تبدأ في منتصف يوليو تموز.
موحياً بأنه استند إلى شهادتيْ الطالباني، وبتريوس، أعلن وزير الحرب الأمريكي روبرت جيتس أن (المرحلة النهائية) لقوات الاحتلال الأمريكية في العراق أصبحت الآن على مرمى البصر. واعترف بشكل واضح وصريح أن التقدم الذي أعلنه نوري المالكي، ليس أكثر من تقدم ضعيف، وهو ما يُولِّد حالة من الإحباط عند الإدارة الأميركية. وهذا دفعه إلى تحذير إدارته من اتخاذ قرارات متعجلة غير مدروسة. وهذا ما يرتِّب عليها مسؤولية انسحاب تدريجي طويل.
رابعاً: تأهيل القوات العميلة واتفاق مع إيران بتقسيم المصالح في العراق.
في التصور الجديد لإدارة بوش، لا يعني أي تخفيض لحجم قوات الاحتلال الأمريكية في العراق تقليص مهام القوات الخاصة الكوماندوز التي يصل قوامها الآن إلى 55 ألف جندي في العراق ينتشر 80 بالمائة منهم في منطقة القيادة المركزية للعمليات. إلاَّ أن بقاء تلك القوات مرهون بتوفير عاملين:
1-تسليم تدريجي للمهام الأمنية لـ(لقوات العراقية) العميلة، ولكن على شرط أن تكون لديها الاستعدادات الكافية للقيام بهذه المهام، وقال إن هذا الأمر حدث في السابق وكانت عواقبه وخيمة.
2-المراهنة على دور إيراني يريح قوات الاحتلال، وتستند إلى نداءات جديدة وجهها بعض أعضاء مجلس الشيوخ للإدارة الأمريكية بإجراء محادثات دبلوماسية مع طهران. وهذا السبب دفع إدارة بوش لتأجيل إصدار تقرير يفصل التدخل الإيراني في العراق بسبب حساسية المرحلة الحالية على مستوى العلاقات بين طهران وواشنطن. وقرر نقل الملف إلى الحكومة العراقية لكي تمارس الضغط على طهران. معترفة أن هناك العديد من الأسباب وراء تأجيل إعلانه. وقد كشف زلماي خليل زاده عن أهم تلك العوامل مؤكداً أنه يمكن التفاهم مع إيران إذا حصلت على مصالح معقولة بالعراق، وقد بنى ثقته بذلك على أن إيران قد ساعدت الولايات المتحدة في غزو أفغانستان والعراق، وكان هناك تنسيق بين البلدين، ولم يحدث خلاف بينهما إلا على خلفية المشروع النووي الإيراني المثير للجدل.
واقترح أيضاً "باراك أوباما" أن معالجه الأزمة العراقية تتضمن إجراء محادثات مع إيران واللجوء إلى انسحاب مدروس، كما اتفق السفير الأمريكي:كروكر" مع اقتراح أوباما بأنه يجب أن يُسمح لإيران ببعض النفوذ في العراق.
خامساً: وهل يحيي الأموات مشروع ميت؟
أصبح من نافل القول إن تحالف الاحتلال الأميركي مع إيران مع عملائهما معاً عجزوا عن تحقيق ما يرمون إلى تحقيقه الآن. ولا شك بأنهم أصبحوا على قناعة بما آلت إليها مآزقهم، فهم يتسابقون الآن على سرقة ما يستطيعون سرقته من ثروات العراق تحت دخان صراعات داخلية يدفع العراقيون الأبرياء ثمناً لها من أرواحهم ودمائهم وأرزاقهم وأمنهم.
وهم يدركون تماماً أن كل ما بنوا آمالهم عليه قد تبخَّر، وأما السبب فهو أنهم عجزوا عن احتواء المقاومة مستخدمين شتى الوسائل في سبيل ذلك. الأمر الذي أثبت أن القرار أصبح بيد المقاومة من دون أي منازع، وليس بيد أحد آخر. فالمقاومة عندما انطلقت لم تستأذن أحداً بانطلاقتها، وهي الآن لن تستأذن أحداً كيف ومتى توقف عملياتها.
لم تطلب المقاومة مساعدة من أحد، وهي إن طلبت فلم يلب أحد نداءها أو يسمعه. وما حصَّلته من قوة وبأس كان إصرار مناضليها وصمودهم على تحرير أرضهم والثأر لكرامتهم. ويكفي رسالتها هذه لتشكل صرخة في وجه كل من يزعم أنه يمتلك حصة فيها أو تأثيراً في قرارها. وهي ماضية في طريقها ولن تسمع نداء أحد، أو تلتفت إلى تهديد أحد، وتطلب من جميع من لا يستجيب إلى دعمها فليكفها مؤونة آذاها.
كما تعتبر أن كل مشاريع التآمر والاحتواء ساقطة من برنامجها السياسي، وهي عندما قبرت مشاريع المتآمرين في أرض الرافدين، أصبحوا لديها أمواتاً وجثثاً لا يمكن إعادة الحياة إليها، وما عليهم إلاَّ أن يوفروا على أنفسهم عناء المقامرة والمراهنة على مشاريع أخرى ستكون كمثيلاتها التي ابتدأت بزخم قوي في العشرين من آذار من العام 2003، وهي تتلاشى وتتحول إلى أضغاث أحلام. فهل يستفيق الجميع ويصحون؟

ليست هناك تعليقات: