الخميس، فبراير 25، 2010

ندوات ومحاضرات/ موضوع ندوة في البرازيل عن احتلال العراق

-->
موضوع ندوة في البرازيل عن احتلال العراق
-->

دعت الجامعات والهيئات الأهلية في مدينة (ريو بريتو دي سان جوزيه) التابعة لمنطقة ساو باولو في البرازيل إلى ندوة الغاية منها أن تتعرف تلك الهيئات على القضية العراقية، ودعت الرفيق حسين ابراهيم لكي يقدم الندوة المذكورة. ولما طلب منا أن نزوده بما يجب أن يقدِّمه، قمنا بتزويده بالنص التالي:
صدام حسين من مواليد تكريت التي تقع في وسط العراق. وهو من عائلة فقيرة. انتسب إلى حزب البعث العربي الاشتراكي منذ أكثر من خمسين عاماً.
من أهداف الحزب تحقيق الوحدة العربية، وهي تشمل الدول العربية من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي. وسبب الدعوة إلى الوحدة العربية هو أن التحالف البريطاني الفرنسي كان قد قسَّم تلك المنطقة حسب اتفاقية سايكس بيكو التي عُقدت بين وزيريْ خارجية بريطانيا وزير خارجية فرنسا في أعقاب الحرب العالمية الأولى في العام 1917م.
أما الهدف الآخر للحزب فهو تحقيق المبدأ الاشتراكي، ذلك المبدأ المستند إلى العدالة في توزيع الدخل القومي بين شتى المواطنين.
والهدف الثالث للحزب هو الحرية على أساس بناء مجتمع يؤمن بالديموقراطية ويمارسها في علاقاته على شتى المستويات.
أما الهدفان: الوحدة العربية، والاشتراكية،فيتناقضان مع أهداف الرأسمالية العالمية، التي تمثلها اليوم الولايات المتحدة الأميركية. وقد وقفت تلك الأمبريالية ضد كل من يعمل لأجلهما منذ خمسين عاماً تقريباً. وكانت تتهم كل من يعتنقهما ويعمل على تحقيقهما بأنه ضد الديموقراطية. وقد قامت بالفعل بالعمل ضد كل نظام عربي كان يرفع تلك الشعارات.
إستلم حزب البعث العربي الاشتراكي السلطة السياسية في العراق في العام 1968م. وراح يبني نظاماً سياسياً لتحقيق أهدافه في الوحدة العربية وبناء النظام الديموقراطي الاشتراكي. وكان مما حققه الحزب هو تحرير ثروة العراق النفطية، في العام 1972م، من سيطرة الشركات الفرنسية والبريطانية. كانت هيمنة تلك الشركات تسيطر على القسم الأكبر من عائدات النفط. وبعد أن حرَّر نظام الحزب تلك الثروة أخذ يستفيد من عائدات النفط في سبيل التنمية الوطنية في شتى المجالات العلمية والاقتصادية والاجتماعية.
منذ تلك المرحلة دخل نظام الحزب في العراق في دائرة العداء الأميركية، واعتبر إجراءه معادياً للمصالح الأميركية، فوُضعت مخططات ضربه منذ تلك الفترة.
ولما وقف نظام الحزب في العراق ضد التسوية السياسية في الشرق الأوسط، والتي تعترف بشرعية الاغتصاب الصهيوني للأرض الفلسطينية، أضاف سبباً آخر من أسباب العداء الأميركي والإسرائيلي ضد العراق. ولما استلم الرئيس صدام حسين السلطة في العراق، في العام 1978م، كانت المخططات الأميركية الإسرائيلية قد وُضعت قيد التنفيذ.
فالمخطط العدواني ضد العراق يعود، إذاً، إلى ما قبل ثلاثين عاماً من جهة وقبل أن يتولى الرئيس صدام حسين السلطة من جهة أخرى.
وكان وضع المخطط ضد العراق موضع التنفيذ يتطلب إعداداً طويلاً. ولهذا السبب سبق التنفيذ كثير من الخطوات، ومنها العمل من أجل زرع أسباب التفرقة بين العراقيين على قاعدة تحريض الطوائف الدينية الإسلامية بين السنة والشيعة تارة، وتحريض القوميات بين عرب وأكراد وتركمان وأشوريين تارة أخرى.
ولهذا جرت محاولات تقسيم العراق إلى سنة وشيعة منذ الحرب التي شنتها إيران ضد العراق، في العام 1980م، وفيها كان من أهداف الإيرانيين، الذين أسسوا نظاماً دينياً شيعياً في إيران، أن يستولوا على العراق الذي فيه مقامات لرموز الشيعة الدينيين. وكان الأميركيون يراهنون على أن يتحول النظامين الإيراني والعراقي إلى نظامين ضعيفين من خلال الحرب التي دارت بينهما. لكن خرج العراق من تلك الحرب أكثر قوَّة. فراح الأميركيون يعدون مخططات لضرب النظام السياسي في العراق.
فكيف خرج العراق قوياً من حربه مع إيران؟
في الوقت الذي كان العراق يخوض حرباً ضد إيران، في العام 1980م، لم يهمل التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بل أعطى أهمية شديدة للتنمية، فقام بتعزيز الحركة العلمية وتأهيل آلاف الاختصاصيين من العلماء لبناء قاعدة صناعية متقدمة. وبالفعل أنشأ صناعة إنتاجية وصلت إلى حدود العمل من أجل امتلاك صناعة حربية متقدمة كحق له مثله مثل الدول الأخرى وعلى رأسها أميركا وبريطانيا، هذا إضافة إلى الانتاج الصناعي التكنولوجي الذي له علاقة بالاستهلاك اليومي للمواطنين.
إن العراق الذي كان من أهدافه العمل من أجل وحدة العرب وتطبيق النظام الاشتراكي وضع مشروعه الاشتراكي موضع التطبيق بعد أن حرَّر ثروته النفطية من أيدي الشركات الرأسمالية وأخذ يضعها في خدمة مصالح العراقيين. واستندت التنمية فيه الى المؤسسات الإنتاجية، فهو بذلك يكون قد أثار عداء الرأسمالية لأنه تحول إلى منافس لها على صعيد الإنتاج الصناعي، وهو قد يُغلق في وجهها بعض الأسواق العربية.
إذا عدتم إلى بعض الوثائق التي نشرتها الوسائل الإعلامية الغربية، منذ أكثر من عشرين عاماً لتأكدتم أن مخطط ضرب العراق كان جاهزاً منذ تلك المرحلة حتى قبل أن يتولى الرئيس صدام حسين السلطة السياسية، وهذا يبرهن على أن المسألة الديموقراطية، التي يتهمونه بعدم ممارستها، ليست السبب الحقيقي التي يغطي فيه الأميركيون عدوانهم على العراق في هذه المرحلة..
في العام 1990م، كانت أجهزة المخابرات الأميركية تعمل من أجل تجميع كل الذين تضرروا من إجراءات النظام العراقي سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي، والعمل على دعمهم ووصفهم بأنهم معارضون للنظام السياسي في العراق وأنتم سمعتم الشيء الكثير عنهم من وسائل الإعلام الأميركية.
وقامت الإدارة الأميركية بتأسيس حلف آخر من الأنظمة العربية التي تجد في تجربة النظام السياسي في العراق إحراجاً لها وتناقضاً مع مصالحها. كما وعملت على تأسيس تحالف دولي من المتضررين والذين يخافون من أن يتحول نظام من أنظمة دول العالم الثالث إلى نظام منتج.
قادت أميركا تحالفاً يتكون من الأطراف التالية:
الطرف الأول: المعارضون العراقيون من الطائفيين من المتضررين من قيام نظام علماني، أو ممن تتناقض مصالحهم الطبقية مع قيام نظام اشتراكي.
الطرف الثاني: من الأنظمة العربية التي تمثل إما أنظمة طائفية، أو تمثل شرائح سياسية واقتصادية تتضرر من قيام نظام اشتراكي لا يعجب الرأسمالية العالمية. مع العلم أن كل تلك الأنظمة لا تمارس الديموقراطية، بل هي من أنظمة قمع الحريات السياسية.
الطرف الثالث: من الأنظمة الرأسمالية العالمية التي تربطها بالولايات المتحدة الأميركية علاقات مصالح، ومن الذين يريدون أن ينالوا حصصهم من هيمنة الولايات المتحدة على خيرات العالم الاقتصادية.
الطرف الرابع: من مؤيدي الحركة الصهيونية لأن النظام السياسي في العراق يرفض الاعتراف بإسرائيل التي اغتصبت الأرض الفلسطينية، لأنه لو اعترف بها لكان يتناقض مع المبادئ الإنسانية التي يؤمن بها والتي ترفض اغتصاب أرض وتشريد شعبها وتهجيره.
تلك هي الأسباب الحقيقية التي دفعت بالإدارة الأميركية إلى تشكيل تحالف متضرر من المشروع الذي تعمل القيادة العراقية على بنائه. ولهذا اتَّخذ الأميركيون القرار بمحاربة العراق. ولكي ينفذوا عدوانهم وضعوا السيناريوهات الكثيرة، وأخذوا يعملون على تنفيذها واحداً تلو الآخر. فكانت استراتيجيتهم تقوم على استخدام أسلوب العصا والجزرة.
كان آخر تلك السيناريوهات تنفيذ العدوان على العراق في العام 1991م عندما شكلوا تحالفاً واسعاً من دول العالم شارك فيه عدد من الأنظمة السياسية العربية المتضررة من التجربة في العراق. وأحدثوا في العراق تدميراً واسعاً من دون الاحتلال المباشر لأراضيه. وكانوا يراهنون على أنهم استخدموا العصا وظنوا أن العراق سيخضع لشروطهم بعد أن أحدثوا فيه تدميراً وتخريباً، واستكملوا ضغطهم من خلال حصار العراق ومصادرة ثروته ولم يسمحوا له باستخدامها إلاَّ بواسطة رقابة أجهزة الأمم المتحدة على قاعدة الإشراف الأميركي اللامباشر على القرارات التي تتخذ حول ذلك الجانب.
بقي العراق صامداً ولم يتنازل عن سيادته وحقه في بناء النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي يتناسب مع مصالح المواطنين العراقيين، من هنا تشكلَّت قناعة لدى الأميركيين أن أسلوب الجزرة لم ينفع، فلم يبق أمامهم الا أسلوب العصا، فعملوا –بعد وصول الرئيس بوش الى السلطة- على الإعداد لعدوان عسكري على العراق وتنفيذه.
وما يدل على أن العدوان الأميركي كان مقرراً سواء نجحت الوسائل الديبلوماسية أم لم تنجح، فقد صرَّحوا لمئات المرات بما يلي:
-سواء تأكدت فرق التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل في العراق أم لم تتأكد فهناك إصرار أميركي بريطاني على القيام بحرب ضده.
-وسواء استقال الرئيس صدام حسين أم لم يستقل فإن الحرب ضد العراق لن تمنعها أية قوة.
من خلال هذا الإصرار نستدل على أن التحالف الإنجلوساكسوني مصر على احتلال العراق لسيطرة مباشرة على ثرواته الطبيعية من جهة، و من جهة أخرى أن يفرضوا قيام نظام سياسي من المعارضين العراقيين الذين تعاونوا معه ومن خلالهم يطمئن على المصالح الاقتصادية لذلك الحلف.
إن أهداف العدوان على العراق هو السيطرة المباشرة على ثروة العراق النفطية، وبسيطرتهم عليها تكتمل هيمنتهم على مخزون الشرق الأوسط النفطي، وبذلك تهيمن أميركا على الاقتصادي العالمي بما يؤمن لها فرض إرادتها على شتى الأسواق العالمية.
إن وقوف الشارع الغربي الى جانب العراق هو خوفها من أن تسيطر جهة واحدة على السياسة الاقتصادية لكل الدول.
فهي في المستقبل، بعد أن تتحقق الهيمنة الأميركية على نفط العرب، فسوف تحدد الأسعار بما يتناسب مع إجبار هذا النظام أو ذاك على الخضوع لهيمنتها.
فأما الاتهامات التي تروَّج عن ديكتاتورية صدام حسين، فقد نقضها الواقع الحالي من خلال قيام مئات الآلاف من العراقيين بحمل السلاح لدفاع عن أرضهم جنباً الى جنب الجيش العراق وتنظيمات حزب البعث وهم ينتمون الى شتى الطوائف من شيعة وسنة. وهذا يتناقض مع ما تقوم أجهزة الإعلام الأميركية والبريطانية من أن الشيعة يتعرضون للاضطهاد على أيدي الرئيس صدام حسين.
من هنا يتبيَّن الهدف من خلال تركيز ذلك الإعلام على أن النظام العراقي هو نظام ديكتاتوري لأنه لا يستجيب لمصالح القوى الرأسمالية العالمية. فهناك أنظمة عربية تمارس الكثير من الديكتاتورية على شعوبها، ولأنها تتحالف مع الأميركين فهي لا تجد وسيلة إعلامية من وسائل الإعلام الموالية للإدارة الأميركية من يلفت النظر الى ممارسات حلفاء الأميركين الديكتاتورية. فمقياس الديكاتورية والديموقراطية عند الأميركيين هو مقياس التجاوب مع مصالح الرأسمالية الأميركية.
وهنا لا بد من أن نتساءل: هل الحرب التي تقودها أميركا وبريطانيا ضد العراق هي حرب ديموقراطية؟ وهل امتناعهم عن الاستجابة الى أكثرية دول العالم بمنع الحرب لها صلة بالديموقراطية؟ وهل قتل الأطفال في العراق لها علاقة بالديموقراطية؟ وهل حصار المدنيين العراقيين ومنع وسائل العلاج والأدوية عنهم له علاقة بالديموقراطية؟ وهناك الكثير من الأمثلة التي تدل على أن هدف الأميركين بإعادة الديموقراطية الى العراق هو هدف يُراد منه التعتيم على الأهداف الحقيقية.
ففي المستقبل، وإذا استطاع التحالف الإنجلوساكسوني أن يحتل العراق، فهو سوف يتهم أي نظام سياسي في البرازيل بالديكتاتورية إذا لم يلب طلباتهم بالسيطرة على الموارد الاقتصادية في البرازيل ومنها ثرواته الطبيعية. أو ليست الأطماع الأميركية في ثروات الأمازون هي من الاحتمالات التي قد تدفع الأميركيين الى الصراع مع البرازيليين؟
يمارس الأميركيون اليوم حرباً ظالمة وقذرة وغير أخلاقية على العراق، وليس هناك من دليل أوضح من حركة العصيان التي تقودها أوساط واسعة من الشارع الأميركي ضد تلك الحرب.
وليس من دليل أوضح من حركة الشارع العالمي على لا عدالة الحرب ولا أخلاقيتها. وهي دليل خوف من العالم على خطورة الهيمنة الأميركية على العالم. فالعدوان على العراق هو عدوان على كل القيم الأخلاقية وعدوان على القوانين الدولية، وهو خطوة ضرورية للعدوان على كل نظام يرفض منطق الوصاية الأميركية على كل دول العالم وشعوبه.
وهنا لا بد من أن أنقل إليكم مقارنات حول الكذب الذي تمارسه الإدارة الأميركية والبريطانية حول العدوان الذي يجري على العراق، ومن أهمها:
-وعدوا بأنهم سوف ينهون حربهم في خلال أيام أو أسابيع، لكنهم اليوم يروِّجون –بعد أن واجهوا مقاومة عنيفة من العراقيين- الى أن الحرب ستطول الى أشهر.
-يتهمون العراق بأنه يخالف القانون الدولي لأنه يعلن صور الأسرى على شاشات التلفزيون، بينما سبقهم الأميركيون بإظهار طوابير الأسرى العراقيين رافعين أيديهم فوق رؤوسهم أو يظهرونهم وأيديهم مكبلة ورؤوسهم منحنية.
-يتهمون العراق بأنه يستخدم الأطفال كدروع بشرية لتبرير عمل جنودهم بقتل الأطفال.
-لا يعترفوا بأن العراقيين أنزلوا الخسائر بين جنودهم وهو يدَّعون بأن قتلاهم وجرحاهم سقطوا من خلال أخطاء بين جنودهم أو مع قوات صديقة.
-يدَّعون بأن طائراتهم أو آلياتهم قد أُصيبت عن طريق الخطأ لكي لا يعترفوا بقوة المقاومة العراقية.
وهناك عشرات الأمثلة التي تبرهن على الأكاذيب التي يقومون بترويجها لتضليل الرأي العام الداخلي في أميركا وبريطانيا من جهة والرأي العام العلمي من جهة أخرى.
باختصار يقوم العدوان الإنجلوساكسوني على قاعدة الغاية تبرر الواسطة. والغاية هي سيطرة أميركا على ثروات العراق النفطية أما الواسطة فتشمل قتل الشعب العراقي وتجويعه وإذلاله واحتلال أرضه واستغلال ثرواته.

ليست هناك تعليقات: