الخميس، فبراير 25، 2010

طوني بلير يغطي بركان الجرائم الأميركية بسعف النخيل

طوني بلير يغطي بركان الجرائم الأميركية بسعف النخيل
16/ 7/ 2005
طلع بلير علينا، ماثلاً امام مجلس العموم البريطاني بتاريخ 13/ 7/ 2005، بخطاب موجَّه إلى الشعب البريطاني ليبرهن أمامه بأنه أمسك برقاب الذين أثخنوا لندن جراحاً بتفجيرات المترو التي حصلت قبل أيام من خطابه، ونغَّصت على الثماني الكبار خلوتهم. أما حقيقة ما أراد أن يوحي به فهو تبرير قراره بالمشاركة في العدوان على العراق، ويوحي بأن تلك المشاركة كانت لمنع «الإرهاب من الوصول إلى بريطانيا».
تحوَّل بلير في خطابه إلى عالم اجتماع ماهر عندما ألقى بالتبعة على «إيديولوجيا التطرف»، محملاً الأصولية الإسلامية تبعات التفجيرات. وهذا ما يوجِّه الأنظار إلى ما تروِّجه وسائل إعلام جورج بوش، «حبيبه ورفيق دربه»، على أن «الإرهابيين الإسلاميين» هم من يقود المقاومة في العراق.
قلب بلير على الشعب البريطاني وعيونه على ما يجري في البلد المحتل. فبدا وكأنه أراد أن يستثمر تأثيرات الجريمة في لندن ليبرر جرائمه في العراق.
وعلى الرغم من مرارة الحدث عليه راح يستقوي به للتخفيف من مأزقه الداخلي. وسوف يحمله كـ«قميص عثمان» للتعتيم على حرب واحتلال ليسا عادلين. فمن خلال قراءة خطابه يريد تجميع أصوات المسلمين «المسالمين» البريطانيين من حوله بتبرئتهم من حادث التفجير. إلاَّ أنه يؤسس لحوادث تفجير أخرى في فتح معركة قد يخوضها في وجه المناوئين لاحتلال العراق، مسلمين وغيرهم، تحت قناع ملاحقة «الإسلاميين المتطرفين».
بداية نحرص على القول إن كل عمل يطول المدنيين في كل زمان ومكان لهو مستغرَب ومُدان. والسبب أن استهدافهم لا يفرِّق بين مؤيد أو معارض لهذه القضية أو تلك. ولكن على أن يشمل الحرص هذا المدنيين في فلسطين والعراق، ولندن وواشنطن، وكل مكان آخر في الدنيا.
لكن هذا لا يعني أن مسؤولية تفجيرات أنفاق المترو تبتعد عن الدور الصهيوني، أو دور المافيات العالمية، أو حتى من تدبير المخابرات الأميركية. فعلى قاعدة التفتيش عن صاحب المصلحة تكثر لائحة المتهمين. ولكل من تلك الجهات مصلحة في جانب أو آخر من إذكاء عمليات كمثل ما حصل في لندن. وبها تصبح الأدلة الجنائية وحدها قاصرة عن الوصول إلى المتهم الحقيقي. فمن خلال التطور الكبير في تقنيات المخابرات وأساليبها واختيار عملائها وتدريبهم ما يسمح لها باستغلال هذا أو ذاك من هذا التيار «المؤدلج» أو ذاك لتنفيذ ما تريد من أعمال أمنية لمصلحة ما في توجيه الأنظار إلى هذه القضية أو تلك.
يتبادر للذهن، كلما حصل تفجير هنا أو هناك في مواقع ليس من المألوف استهدافها من قبل التيارات الإسلامية المتطرفة، أن المتهم جاهز. تستدل عليه المخابرات المعادية لقضايا الأمة العربية أو العالم الإسلامي فوراً وتعلن تحميله المسؤولية. وعادة ما تستند تلك الأجهزة إلى أدلة ليس من الصعوبة زرعها للتضليل.
لكن ما باليد حيلة، فالمروجون للمخابرات كُثُر سواءٌ أكانوا من الإعلاميين أم من الرأي العام الواسع الذي يحفظ أول دعاية تُنشر من دون تحليل أو نقد.
وعود إلى بدء، أراد طوني بلير استغفال شعبه واستغفالنا واستغفال عواطف الأبرياء من المسلمين أو أولئك المتواطئين معه والساكتين على تواطئه في أفغانستان وفلسطين والعراق. وارتاح البعض من هؤلاء المسلمين أن بلير قد قام بإعطائهم صك البراءة، وكفاهم مؤونة الدفاع عن أنفسهم. وبتلك البراءة، السابقة واللاحقة وكلما دعت المصلحة السياسية إعلانها، استكانت بعض الأوساط الرسمية الإسلامية، إلاَّ القلة منهم، واستسلمت إلى السكوت عما تقترفه أيدي طوني بلير من جرائم، مباشرة أو بالسكوت عنها أو تأييدها والمشاركة فيها، في فلسطين والعراق.
ولكي نميز موقفنا فيما له علاقة بإيديولوجيا التطرف القائم على التعصب والانغلاق، نعلن رفضنا لكل فتوى يدَّعي أصحابها أنها بمثابة تكليف إلهي. ونحن مع كل فتوى تدعو إلى مقاومة الظلم والعدوان اللاحق بأي شعب من الشعوب من دون النظر إلى دينه أو مذهبه أو طائفته الدينية. على أن يشارك في مقاومة الظلم والعدوان كل التلاوين التي تجمعها قضية إنسانية واحدة، كما أن تكون موجهة ضد كل ظالم مهما كان انتماؤه الديني. فتوحيد الشعب المجتمعي الواحد، وتوحيد الشعوب المختلفة، لن يكون منطقياً وفاعلاً إلى على قاعدة وحدة القضايا الإنسانية.
طلع طوني بلير علينا باكتشافه «إيديولوجيا المتطرفين الإسلاميين»، وهنا لا يفوتنا أن نذكره بأن تلك الشريحة ليست ابتكاراً إسلامياً صافياً، بل له ولجورج بوش ومن سبقهما في إدارة بلديهما ضلع أساسي في تكوينها. كما أن «إيديولوجيا التطرف الديني الإسلامي» ليست سمة بارزة لمذهب دون آخر. وعلينا ألاَّ ننسى أن لـ«الأيديولوجيا الدينية» امتدادات في اليهودية والمسيحية. كما أن إيديولوجيا التطرف التي يروق القتل لها، مدني أو عسكري، ويروق التدمير لها، الحجر والشجر، ويروق لها تعميق بحور الدم، من البر والبحر والسماء، ويروق لها استخدام كل وسائل الأسلحة، المشروعة منها والمحرَّمة... لكنها ليست بتأثير من دين ولا يقين، بل تحمل بصمات الذين يحملون على أجسادهم رؤوساً شبيهة برؤوس البشر ولا يمتلكون قلب الإنسان أو ضميره، تظنهم بشر وهم ليسوا ببشر، وتحسبهم حضاريين والحضارة لا تعرف لها أية علاقة بهم. فلا هم يركبون الجمال ولا يعيشون في الصحارى القاحلة، بل هم يركبون الطائرات والسيارات الفخمة، ويسيرون في مواكب لا أحلى ولا أجمل، ولكنهم أكثر وحشية من وحوش الغابات. لا ديموقراطيون هم ولا يحزنون، سمعوا بالديموقراطية وهم أبعد ما يكونون عنها. أولئك لهم إيديولوجيتهم بالقتل دون معرفة أنه قتل، يأمرون الآخرين بالركوع والخضوع وخدمة السيد وحماية قذاراته، والتعتيم على سرقاته واختلاساته، والنظر إلى عهره بعين الفضل والفضيلة، ومدح قوته وغناه، والضرب بيد من حديد كل من يأكل من خبز السلطان ولا يضرب بسيفه.
نحن نستنكر كل ضرر يلحق بالمدنيين الأبرياء، وندعو إلى قطعها. وندعو إلى الكشف عن اليد التي نالت من لحم الأبرياء في لندن ودمهم، وسلبتهم الحياة، أو أنزلت بالجرحى كسوراً وندوباً. وندعو طوني بلير إلى ملاحقتهم وإنزال العقوبة بهم وتنفيذ ما يستحقونه من قصاص. لكن على شرط ألاَّ يأتينا بمتهم جاهز قد تكون مصانع المخابرات قد حاكته على ذوقها، ورسمت ملامحه مسبقاً بما يؤثر على سمعة مقاومي الاستعمار والصهيونية. نحن معه في كل ذلك على شرط ألاَّ نكون وحدنا الذين يدفعون دماء مدنييهم وحياتهم في ظل الصمت والسكوت. فإما أن يستنكر أولو الأمر، من المسلمين، ومشايخهم ومرجعياتهم الرسمية كل المجازر بحق المدنيين أو يسكتوا عن الكل مشكورين. وأما أن يستنكر طوني بلير سقوط المدنيين بهويات محددة، ويسكت عن سقوط مدنيين من هويات أخرى، فالأفضل أن يسكت عن إدانة الإثنين مشكوراً.
لقد سقط من الأبرياء في مترو الأنفاق في لندن ما يعادل ما سقطوا في حفلة عرس واحدة في العراق، أو ما يعادل ما سقطوا في اجتياح واحد للجيش الصهيوني لقرية فلسطينية واحدة. ففي العراق تقوم أجهزة المخابرات الأميركية باجتياح المساجد واعتقال كل خطيب يدعو لاستنكار ما ترتكبه، يومياً، قوات الاحتلال الأميركي من مجازر يفوق عدد ضحاياها عدد ضحايا مترو الأنفاق في لندن
ونبدأ من مربط الفرس، أيها العزيز طوني، نحن ندين قتل الأبرياء وجرحهم في مترو الأنفاق في لندن. ونطالب بمحاكمتهم حتى قبل أن نعرفهم. ولكن ندعوك إلى إدانة قتل الأبرياء في فلسطين والعراق ونطالب بمحاكمتهم وهم معروفون، وأنت على رأسهم، وعلى رأسك جورج بوش. لقد بًحَّ صوت المخلصين الصادقين، أصحاب الضمائر في لندن وواشنطن مطالبين بمحاكمتك، ومحاكمة رئيس أكبر مشروع إيديولوجي متخصص بالتطرف وشعاره: «أقتل أولاً ثم اسأل ثانياً». فعقيدته القتل أولاً ومن بعده يمكنك أن تميز هوية المقتول، أكان عسكرياً محارباً ام مدنياً بريئاً. فدع قميص عثمان جانباً وتعال لنكشف معاً عن هوية المشروع الإيديولوجي القائم على قتل كل شيء. وتعال نتعاون على تحضير ملف الاتهام بجرائمه، بمعرفة وإقرار وشهادة يقدمها أصحاب الضمائر في بريطانيا وأميركا. تعال نتداول من بعدها بدرجة الحكم عليهم. ومن بعدها عليك أن تواجه مجلس العموم، وتواجه الشعب البريطاني وتطل عليهم بالوجه الذي تريد.
نقول: أنت تتحمِّل «إيديولوجيا الإسلاميين المتطرفين» مسؤولية الفوضى و«الإرهاب» في العالم. حسناً، فهل أنت لا تدري أن لشريكك، جورج بوش، إيديولوجيا إلهية متطرفة؟ فإذا كنت تدري فهي مصيبة، وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم. ولن نحيد عن الموضوعية إذا قلنا بأنك خدعت حكومتك وشعبك، وكذبت عليهم جهاراً نهاراً. وما المأزق الداخلي الذي تعاني منه، وتتعمق تداعياته كل يوم إلاَّ نتيجة الكذب والخداع الذي تنكشف تباعاً صفحاته ووثائقه في وسائل الإعلام البريطانية. واليقينية فيها أنه لم يكن الكشف عنها نتيجة جهد لمتطرف من هنا، أو متطرف من هناك. بل يقوم بكشفها أصحاب الضمائر ممن يعرفون الحقيقة كاملة، ومنهم كثيرون من أركان إدارتك وإدارتك حليفك.
أولاً: المشروع الأميركي تحت إدارة جورج دبليو «إيديولوجي متطرف» بامتياز
سواءٌ أكنت عالماً بطبيعة التكوين الإيديولوجي لـ«النظام الأميركي المتطرف» الذي يقوده جورج بوش، أم كنت جاهلاً، فإليك بعضاً من وجوهه:
تضم لائحة المؤسسات التي تخدم اليمين الأميركي المتطرف، مؤسسة (ليند أند هاري برادلي فاوندايشن Lynde and harry Bradley Foundation ) التي تعتبر أهم سلاح اتصالات بين أيدي اليمين الأميركي المتطرف، وهي تروِّج لإيديولوجية مسيحية متطرفة([1]). وتضافرت جهود تكتل الشركات الأميركية الكبرى مع عدد من قساوسة اليمين المسيحي المتطرف، لكي تصنِّع رئيساً للولايات المتحدة يقود مشروعها وينفذه. واستمرت عملية التصنيع منذ الثمانينيات وأوصلته إلى الرئاسة في العام 2000م، بطريقة مسرحية، وحسم الجدل حولها، لصالح بوش الإبن، عدد من القضاة المحافظين في المحكمة العليا، الذين يدين بعضهم لآل بوش، والبعض الآخر يرتبط بمنظمات مسيحية محافظة متطرفة.
أما لماذا انحاز القضاة المرتبطون بمنظمات مسيحية متطرفة إلى جانب بوش الإبن؟ فهو الذي تجيب عنه علاقته التاريخية مع تلك المنظمات، التي اختبرته، ورأت في صورته، بعد سنين مديدة من التطرفية، الوسيلة المنتظرة لتسلم زمام السلطة العليا لفرض آرائها الرجعية المتعصبة. فمنذ العام 1985م، بعد أن كان بوش الإبن مع أحد أقرب أصدقائه إليه (بوب إيفانز) يعانيان من أزمة شخصية ومهنية، التحقا بـ»مجموعة دراسة الكتاب المقدسCommunity Bible Study «، وغاصا فيها لمدة سنتين، فمثَّل ذلك البرنامج نقطة تحول في حياة بوش. فألقى تحية الوداع لسلوكه السابق وتحية »الترحيب بيسوع المسيح«. وبدأ الدين يطبع أفكاره وأعماله، ويوسم نظرته إلى العالم بسمة خاصة. وهذا ما يُطلَق عليه بتجربة »الولادة الجديدة «Born again. ومنذ ذلك الحين بدأت مسيرته للتوفيق بين قناعاته الدينية وطموحاته السياسية. ففي العام 1987م، كُلِّف بالتحضير لمعركة والده الانتخابية من خلال تكليفه بإدارة العلاقات مع اليمين الديني المتطرف. وكان يُدخل في خطابات والده الكثير من الاقتباسات الكتابية (أي نصوص الكتاب المقدس). واتَّخذ من (كارل روف) مرشداً روحياً.
وتعلَّم الإبن من تجربة سقوط والده في الدورة الثانية الذي لم يعرف كيف يكسب أصوات المحافظين الدينيين، وهم ممن لا يمكن التحايل عليهم، فهم »يريدون أن تكون مثلهم«، كما أنهم لا يريدون أن يمارس أحد الضغط على »إسرائيل«. ولما كان الأب معتدلاً بلهجته، ولما ضغط على إسحق شامير بدخول مفاوضات مدريد، في العام 1992م، سقط في الانتخابات. وهنا لا بُدَّ من وضع العلاقة بين الناشطين المسيحيين مع اليمين »الإسرائيلي« في عين الاعتبار.
تلقى الإبن درساً من نتائج انتخابات والده، ونشط ليكون مثل أولئك المتطرفين المسيحيين، فكانت نصوص الإنجيل ملك يديه بعد أن خضع إلى دراسات مكثَّفة فيه، فراح يستخدم عبارات كان يرددها دائماً، كمثل: »وحدهم المؤمنون بيسوع المسيح هم الذين سيدخلون الجنة«. وبعد نجاحه في انتخابات حاكمية ولاية تكساس، في العام 1993م، أعلن على الفور: »ما كنت لأصبح حاكماً لو لم أكن أؤمن بخطة إلهية تحل محل الخطط الإنسانية كلها«.
ليس الرئيس بوش الإبن هو الوحيد الذي يتميَّز بموقعه الروحي، والذي يحوز على رضى اليمين المسيحي المتطرف. فلو نظرنا إلى عدد من أعضاء إدارته لوجدنا أن زوجة الأمين العام للسلطة التنفيذية في البيت الأبيض هي وزيرة العبادة الميتودية، ووالد كوندوليزا رايس واعظ في ألاباما، ومايكل جيرسون المسؤول عن لجنة كتابة الخطابات الرئاسية ملقب ب»هارفرد الإنجيلي«. وعليه يشبه البيت الأبيض اليوم خلية الذين ينتظرون معركة »هرمجدون« الفاصلة بين الخير والشر عند عودة المسيح الدجال وظهور يسوع المسيح(]). وهذا ما تفسِّره مصطلحات بوش الخطابية بعد الحادي عشر من أيلول، إذ أخذ يكثر اقتباس كلمة الشر (من كتاب المزامير) ويطلقها حيناً على بن لادن، وطوراً على صدام حسين، وإطلاق اسم محور دول الشر على كل من العراق وإيران وكوريا الشمالية.
ولعلَّ الأخطر من كل ذلك أن إيمان بوش صار يتضمَّن عنصراً »حتمياً« قائماً على ما يصفه الكاتب الأميركي (تشب برتلت) »قريباً من الاعتقاد المسيحي والرؤيوي الذي يمتاز به الناشطون المسيحيون الإنجيليون، ويبدو منسجماً مع رؤيتهم للعالم التي بموجبها تتصارع قوى الخير والشر في معارك ضارية ستبلغ أوجها في مواجهة أخيرة. وغالباً ما يجازف من يلتزم بهذا النوع من الإيمان بمخاطر جنونية لأنهم يرون أن كل ذلك منوط بإرادة الرب«([2]). وهذا ما قاله جورج بوش بنفسه: »إنها حرب باسم الله و قد اختار الله الشعب الأمريكي للقيام بها«([3]). وهذا ما يؤكده أحد أركان البنتاغون، مستشار وزير الدفاع، وأحد أصدقائه الأكثر حميمية([4]).
هناك مؤشرات على أن إدارة بوش تشكِّل جزءًا من الحركة السيناركية »تحالف القوى الدولية المالية والمصرفية«. لذا تخشى بعض الأوساط الأميركية، من أن الإدارة تقوم باستخدام أساليب العنف التي يستخدمها الفاشيون الجدد في إيطاليا وإسبانيا وأمريكا اللاتينية التي تدير عمليات »الإرهاب الأعمى« و»استراتيجية التوتر« منذ أواخر الستينيات وحتى بداية الثمانينيات في إيطاليا. والإرهاب يتم استخدامه الآن بغرض ابتزاز الشعوب وإجبارها على القبول بإجراءات «دولة البوليس الأميركي».
نقرأ من خطاب طوني بلير أنه يريد تبرير استمرار احتلال العراق من أجل «اجتثاث الإيديولوجيين الإسلاميين»، لمنعهم من تكرار فعلتهم في شوارع لندن وغيرها. وبذلك راح يستجدي الشعب البريطاني لإعطائه فرصة أخرى يستكمل فيها، مع جورج بوش، مهمة استئصال «الإرهاب في العراق». وبها يتناسى استراتيجية مؤدلجي «القرن الأميركي الجديد» في «الحروب الاستباقية» من جهة، ولكي يطمس معالم الجرائم التي يرتكبها الاحتلال في العراق من جهة أخرى. ولأن إدارة جورج بوش تضرب كل القوانين والشرائع الدولية عرض الحائط، فمن غير المنطقي أن نلقي اللوم على الإيديولوجيات الأخرى. فيقتضي الواجب أن نعمل على استئصال كل الإيديولوجيات المتطرفة على أن نبدأ باستئصال مشروع جورج بوش الإيديولوجي المتطرف. ونحن لا نتهمه جزافاً بل من خلال متابعاتنا لتفاصيله نسوق بعض الإثباتات والدلائل، وليس كلها، فهي كثيرة وأكثر تشعباً مما نحسب:
1-الجريمة الأميركية نهج إيديولوجي وتراكم معرفي له تاريخيته، يخدم طبقة الرأسمالية ومصالحها:
تذكر بعض التقارير أن «أبوات الرأسمالية الأميركية» قد جنوا ثرواتهم على جماجم الشعوب، وعلى أنهار من الدماء([5]). وأن ارتكاب الرأسماليين الأميركيين أعتى الجرائم، وأشدها دموية في تاريخ البشرية ،لا يعنى أبداً الاعتراف بها كجرائم. وإنما يعنى القدرة على ارتكابها والعمل من أجل إخفاء آثارها. ومن أجل ذلك فهي لا تعمل من أجل طمسها فحسب، بل تتوفر للمؤسسة الرأسمالية أيضاً آلة إعلامية كاذبة ومخادعة لتصويرها على أنها «أعمال إنسانية متحضرة» ضد بدائيين، أو ضد أناس يقفون ضد المبادئ الإنسانية، من «إرهابيين» و«ديكتاتوريين» أو حتى «معادين لحقوق المرأة والطفل». فالمؤسسة الرأسمالية تُغلِّف جرائمها بعُدَّة عمل إعلامية تظهرها كأنها شرعية وأخلاقية، بل تصورها كأنها واجب إنساني، وإلهي أحياناً. وهناك مبادئ إعلامية عشر يطبقها الإعلام الأميركي، وهي:1- نحن لا نريد الحرب. 2-المعسكر المعادى هو المسئول عن الحرب.3- ورئيسه بمثابة الشيطان-4- ما ندافع عنه شيء نبيل.-5- العدو يقوم بالأعمال الوحشية وإذا اضطررنا إلى ارتكاب بعض التجاوزات فإنما سيكون عن غير قصد .-6-العدو يستخدم أسلحة محظورة -7- خسائرنا قليلة مقارنة مع خسائر العدو. 8-جميع المثقفين والفنانين يؤيدون الحرب. 9-كل الذين يشككون في حملتنا خونة .10-قضيتنا تحمل طابعا مقدساً([6]).
لم تقتصر الإيديولوجيا الأميركية على تُراث تاريخي طويل، وإنما عقد أصحابها تحالفات مع ما يسميه (فرانك براوننغ) في كتابه (الجريمة على الطريقة الأمريكية) بـ«السلطة السادسة». وهي ليست إلاَّ تلك التي يمارسها محترفو إجرام يعملون في خدمة الصناعيين والسياسيين من غير الشرفاء. وإن الأفراد الذين ينتهكون القانون، يعرفون أن باستطاعتهم الاعتماد على حماية (المنظمة). إن (السلطة السادسة) تستعلي على تحالفات الطبقات وعلى الصداقات السياسية التقليدية... وهي تلك الجريمة المتمأسسة. ووظيفتها ليست إفساد القوى الاجتماعية الأخرى وحسب، بل إنها تؤلف سلطة مستقلة تقاوم السلطات الأخرى أيضاً.
ولكل هذه الأسباب لا يمكن لتاريخ الجريمة في الولايات المتحدة إلاّ أن يكون تاريخ الولايات المتحدة الذي تنتشر فيه مغامرات الخارج على القانون، وقاطع الطريق والمتمرد والمبتز. وقد وظّف الساسة الأميركيون كل النظريات التي يطلقها الموتورون في العالم، بعد أن أسبغوا عليها مسحة أمريكية ووضعوها في قوالب مقننة أنتجت سيلاً من الجرائم. وليست تلك السلطة إلاَّ سلطة عصابات المافيا في نيويورك([7]).
2-حماية الآلة التنفيذية لنهج التطرف الإيديولوجي لـ«مشروع جورج بوش» من غوائل القانون الدولي دليل اعتراف واضح على أن الجريمة لا بدَّ من أن تكون وسيلة أساسية من وسائل تنفيذه:
وقَّع الرئيس الأميركي بيل كلينتون على معاهدة «المحكمة الجنائية الدولية»، بتاريخ 31 / 12/ 2000، لكنه لم يقدمها لمجلس الشيوخ للتصديق عليها. إلاَّ أنه كان لتوقيعه أهداف لا تمت بصلة إلى فرض العدالة الدولية، بل هي أهداف لم يخفها، وعبَّر عنها، في 31/ 12/ 2000، قائلاً: «إن التوقيع الأميركي يسمح البقاء في (اللعبة) للتأثير على طريقة عمل المحكمة المقبلة، وإن هذا لا يعني التخلي عن تحفظات واشنطن». فأهداف الولايات المتحدة الأميركية هي المحافظة على القيادة المعنوية للعالم([8]).
واستكملت الولايات المتحدة الأميركية محاولاتها للتخفيف من أضرار «المحكمة الجنائية الدولية» على رعاياها، وعندما وجدت أن التعديلات لن تمنع محاكمة قادتها، أعلنت انسحابها من معاهدة تشكيلها، وأبلغت الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان بأن واشنطن لن تعتبر نفسها ملزمة بها، ثم استصدرت، من المنظمة الدولية، قرارًا باستثناء ملاحقة جنودها بواسطة هذه المحكمة لمدة عام، وجدد في العام من تموز/ يوليو 2003 إلى تموز/ يوليو 2004([9]).
لما تسلَّم بوش الإبن الرئاسة ألغى التوقيع على المعاهدة. وأعلن المبعوث الأمريكي الخاص بجرائم الحرب، بيير ريتشارد بروسبر: «إن الولايات المتحدة لا تعتزم أن تصبح عضواً في معاهدة المحكمة الجنائية الدولية، وعلى هذا فلا يوجد أي التزامات قانونية لها ناتجة عن توقيعها في 31 كانون الأول/ ديسمبر في العام 2000». وحدد أن سبب الإلغاء يعود إلى أن إدارة بوش تعتبر المعاهدة «وثيقة معيبة. وهذا إخطار رسمي بأننا لا نريد أن تكون لنا أية صلة بها». كما يمكن أن تثير الفوضى للولايات المتحدة وتعرض الجنود والمسئولين الأمريكيين لمحاكمات ناتجة عن دعاوى تستند إلى أهواء ونوايا شريرة. بحيث فسَّر كولن باول، وزير الخارجية الأميركية، في الولاية الأولى لجورج بوش، في برنامج (ذيس ويك) على شبكة (إيه.بى.سى. إن)، قائلاً: « إن الولايات المتحدة وجدت أن المعاهدة ليست مناسبة لرجالنا ونسائنا في القوات المسلحة أو دبلوماسيينا أو قادتنا السياسيين»([10]).
3-الأوامر بارتكاب الجريمة تأخذ شكلاً تسلسلياً تبدأ بقمة الهرم السياسي وتنتهي بالحلقات القاعدية، وهي تبرهن، بشكلها ومضمونها، أن الجميع شركاء فيها ويتحملون نتائج ممارستها:
أ-دور رأس الهرم في الولايات المتحدة ووظيفته:
تشير أصابع الاتهام طبقا للوثائق، التي حصل عليها اتحاد الحريات المدنية في أميركا، إلى الرئيس بوش كونه أصدر أمراً تنفيذياً أجاز فيه اللجوء إلى أساليب معينة غير إنسانية في استجواب المعتقلين العراقيين. ويقول أنثوني روميرو المدير التنفيذي لاتحاد الحريات المدنية إن الوثائق الجديدة تعني أن مسؤولين كباراً لن يكون بإمكانهم بعد الآن أن يتواروا من المسؤولية ومن تساؤلات الرأي العام بإلقاء اللائمة على جنود من ذوي الرتب الصغيرة([11]).
وتصف منظمة (هيومن رايتس وتش) انعكاسات خرق الولايات المتحدة الأميركية لحقوق الإنسان على إمكانية تشجيع دول العالم الأخرى على خرقها، قائلة: «إنه عندما تنتهك دولة كالولايات المتحدة حقوق الإنسان علناً، فهي تدعو غيرها لذلك، وإن اعتداءاتها أضعفت قدرة العالم على حماية هذه الحقوق... فأمريكا لا يمكنها الدفاع عن مبادئ تخرقها بنفسها»([12]).
ب-من أعلى الهرم في وزارة العدل إلى قاعدته، يؤدلجون الجريمة ويموهونها لتظهر شرعية وقانونية:
لعلَّ ما ورد على لسان رئيس المحكمة الأميركية المكلَّفة بالنظر في قضية معتقلي (غوانتامو) يعطي دليلاً واضحاً على الرفض الأميركي للقوانين الدولية. وهو إن دلَّ على شيء، وهي الدلالة الأخطر، فهو يدل على أن القضاء الأميركي، كمؤسسة للعدالة، يتجاوز القوانين الدولية، ويضرب بها عرض الحائط. وعن ذلك أجاب رئيس المحكمة المذكورة، عندما طالب أحد المعتقلين بحقه في الكلام والدفاع عن نفسه: «أنا لا أهتم بالقانون الدولي، ولا أريد أن أسمع عبارة القانون الدولي ثانية، نحن هنا لا نكترث به»([13]).
كما تؤيد وثائق نشرها البيت الأبيض في 22/ 6/ 2004م، ما ذهب إليه رئيس المحكمة. وفيها جاء قول جورج بوش: «أقبل استنتاج وزير العدل والوزارة بأنني أملك وفقاً للدستور الحق في عدم الالتزام باتفاقيات جنيف في أفغانستان». فكان كلامه مستنداً إلى ما جاء في مذكرة صدرت عن وزارة العدل الأميركية في العام 2002م: «إن أوامر الرئيس الأمريكي وفقاً للدستور تتقدم على القوانين والمعاهدات الدولية المناهضة للتعذيب»([14]).
وتشارك وزارة العدل الأميركية في تسويغ الجرائم من «مكتب التشريعات القانونية في وزارة العدل الأمريكية»، التي تنص على أن جميع الأساليب التي لا تسبب عجزاً دائماً أو تؤدي لاقتلاع أحد الأعضاء الجسدية مسموح بها([15]).
ج-وزارة الدفاع الأميركية تأمر بارتكاب الجريمة تحت الغطاء الرأسي بتنظيمها وتبريرها:
إن وزير الدفاع الأميركي، يشكل المرجعية المخوَّلة بتحديد وسائل التحقيق، ومن ضمنها أنواع وسائل التعذيب المسموح للمحققين بأن يستخدموها([16]). وعن ذلك اعترف أحد ضباط المخابرات المركزية الأميركية بأن الإدارة، بما فيها رئيسها جورج بوش، يتحملون المسؤولية عن جرائم التعذيب التي يمارسها المحققون في المعتقلات([17]). لذا أقام عدد من المحامين الأميركيين دعوى ضد دونالد رامسفيلد، وجورج تينيت مدير الاستخبارات الأمريكية السابق والجنرال ريكاردو سانشيز(*) القائد السابق للقوات الأمريكية في العراق. ولأن محاكمة مجرمي الحرب ممنوعة في أميركا للأسباب التي أشرنا إليها أعلاه، رفع المحامون دعوتهم في ألمانيا قائلين إنهم اختاروا ذلك البلد لأن به تشريع يسمح بمحاكمة مرتكبي جرائم الحرب ومنتهكي حقوق الإنسان من خارجها([19]).
واتَّهم «الاتحاد الأميركي للحريات المدنية» الجنرال شانشيز، قائد القوات الأميركية السابق، بناء على تقريره، بتاريخ 14 أيلول/ سبتمبر 2003، كان قد وقَّعه الأخير سمح باستخدام 29 تقنية استجواب «منها 12 تتجاوز بشكل كبير الحدود الواردة في دليل الجيش للعمل الميداني»، وتنتهك بوضوح اتفاقيات جنيف التي توفر الحماية لأسرى الحرب. ويسمح خصوصاً باستخدام كلاب عسكرية لبث الذعر لدى المعتقلين عبر «استغلال خوف العربي من الكلاب» والعزل وتسليط الضوء الساطع والموسيقى الصاخبة وجعل المعتقلين يتخذون وضعيات مؤلمة. كما تقدم الاتحاد المذكور بشكوى ضد الجنرال سانشيز مؤكداً أنه يتحمل مسؤولية مباشرة في عمليات التعذيب وسوء المعاملة التي ارتكبها عسكريون أميركيون ضد معتقلين عراقيين في سجن أبو غريب([20]).
وقال أمريت سينج المحامي باتحاد الحريات المدنية في تصريح للاتحاد: «خُوِّل الجنرال سانشيز بأساليب للاستجواب تنتهك بشكل واضح معاهدات جنيف ومعايير الجيش نفسه». وأضاف: «يتعين أن يتحمل هو وغيره من المسؤولين الكبار المسؤولية عن الانتهاكات الواسعة للمحتجزين»([21]).
د-في كل زوايا الجرائم للمخابرات الأميركية أكثر من دور وحصة:
صرَّحت النائبة الجمهورية (هيثر ويسلون) في جلسة الاستماع، التي جرت في مجلسي الشيوخ والنواب، أنها تعتقد أن وضع الشرطة العسكرية تحت سيطرة المخابرات العسكرية يتعارض مع نظم الجيش([22]). وتأتي شهادة المكلفين مباشرة بالتحقيق والتعذيب لتحمِّل الإدارات العليا مسؤولية ارتكاب الجرائم التي حصلت في سجن أبو غريب. وتحديداً وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي.اي.ايه) التي أشرفت أحيانا على الانتهاكات.
وقال الكابتن دونالد ريس، قائد في الشرطة العسكرية في سجن أبو غريب، لدى شهادته في محاكمة السارجنت ايفان فريدريك الذي وجهت إليه خمسة اتهامات بإساءة معاملة السجناء إن وكالة المخابرات المركزية متورطة في إساءة معاملة المحتجزين. وأضاف إن مسؤولين أمريكيين يتبعون ما يطلق عليه «جهاز الحكومة الآخر»، الذي يشير إلى وكالة المخابرات المركزية، استجوبوا السجناء العراقيين ليلاً حين يقل الإشراف في السجن.
كما ذكر ريس قائد السرية الرقم 372 من الشرطة العسكرية أن هناك أنواعاً كثيرة من المحققين في السجن حتى أصبح من الصعب استيعابهم. وبعضهم من وكالة المخابرات المركزية ومكتب التحقيقات الاتحادي والمخابرات العسكرية والشرطة العسكرية. وكان الوضع مربكاً للغاية...في بعض الأحيان كانوا يرتدون ملابس مدنية وأحياناً أزياء عسكرية، وفي بعض الأحيان كان أفراد المخابرات العسكرية لا يضعون الشارات التي تحمل أسماءهم([23]).
هـ-ما لا تستطيع كل طبقات الهرم الإداري الأميركي تنفيذه يتم تلزيمه إلى شركات «المرتزقة»:
إن العراق هو مثال واحد بين خمسين دولة تعمل فيها هذه الجيوش الخاصة التي تنظمها وتديرها مئات من الشركات العاملة في مجال الخدمات العسكرية. وتعتبر الولايات المتحدة من أكبر الدول اعتماداً عليها، بعد أن قلصت إنفاقها العسكري إلى 30% مما كان أثناء فترة الحرب الباردة. وأنه من بين 87 مليار دولار المخصصة في العام 2005 لتمويل الحملة العسكرية، التي تشمل العراق وأفغانستان وآسيا الوسطى، يُصرف ثلثها (حوالي 30 مليار دولار) تقريباً على عقود مع الشركات الخدمات العسكرية الخاصة. يؤكد (بيتر سنجر) محلل الشئون الأمنية في معهد بروكنجز بواشنطن أن: «خصخصة الحرب، آخذ في النمو، وقد بلغ في حرب العراق أعلى نقطة له». وفي بريطانيا أصبح الجدل حول الخصخصة العسكرية أمراً شائعاً وحساساً، منذ أحرجت شركات الخدمات العسكرية الخاصة الحكومة البريطانية في أواخر التسعينيات نتيجة أنشطتها غير المشروعة([24]).
ولكي تتهرَّب الإدارة من محاكمة ضباطها وجنودها بتهم ارتكاب جرائم حرب تقوم بالتعاقد مع شركات خاصة لارتكابها. وعن دور تلك الشركات أشارت تقارير إلى تورط بعض الموظفين الأمنيين المتعاقدين من شركة سي أي سي آي انترنشونال انك من ارلينغتون في فيرجينيا في هذه الممارسات وسوء إدارة التحقيقات. وتتولى الشركات الخاصة معظم الوظائف الأمنية للجيش الأمريكي في العراق، ومن ضمنها العديد من العمليات الأمنية والاستخباراتية([25]).
كما أن استقدام محققين متعددي الجنسية، لم يكن قراراً أو تصرفاً فردياًً. بل يتحمل مسؤوليتها أعلى رأس سياسي في الإدارة الأميركية. وفي هذا الصدد يقول روبرت فيسك: «إنه كان معروفًا أن هناك محققين غامضين لا يستطيع أحد الوصول إلى حقيقتهم ومنهم من يحمل أكثر من جواز سفر»([26]).
و-حتى محام الدفاع الأميركي شريك في ارتكاب الجريمة وتشريعها:
إذا كان من واجبات الدفاع عن المتهم أن يُظهر كل الأسباب التي تثبت براءته، وهي واجبات مشروعة، فهل من العدالة أن يشرِّع محامي الدفاع التهم التي تتنافى مع الذوق والأخلاق والكرامة الإنسانية وشرائع حقوق الإنسان يبررها ويدافع عنها، على الرغم من أن المتهم اعترف بها، وهي مثبتة بحقه بالدليل غير المرتد، ويعتبرها إنسانية ومشروعة؟
تلك الإشكالية فرضتها وقائع محاكمة: تشارلز جرينر،المتهم بالإساءة للمعتقلين العراقيين، والمجندة ليندي إنجلاند، التي أنجبت طفلاً منه. والمستغرَب فيها أنه بينما الادعاء الأميركي اعتبر أن أفعالهما مشينة وتخضع لقانون العقوبات الأميركي، يبادر محامي الدفاع ليس إلى نفي أن تشكِّل تلك الأفعال جريمة فحسب، ولكن إلى اعتبارها «أداة مشروعة» أيضاً. فيصبح «الهرم البشري لمعتقلين عراة»، وجر معتقل آخر بـ«حبل مربوط حول عنقه»، أعمالاً مشروعة لمجرد أن الجنود التقطوا صوراً لبعضهم البعض، ولمجرد «أن أحداً منهم لم يفعل شيئاً يعتقد أنه خطأ». أو لمجرد أنه «تلقي المديح عن تنفيذه لها». وفي إشارة إلى الصور التي تظهر جرانر وهو يقف بجوار مجموعة من السجناء العراقيين العراة، وقد ألقوا فوق بعضهم البعض على شكل كومة، قال محاميه إن الأهرامات يمكن استخدامها بشكل مشروع «كأساليب للسيطرة». وقال إن القيود حول العنق «أداة مشروعة» في التعامل، ليس فقط مع السجناء، بل مع الأطفال أيضاً. وأضاف: «ربما أمكنكم رؤية أطفال مربوطين بالقيود في المطارات أو المجمعات التجارية»([27]).
ز-ويشارك الأطباء في ارتكاب الجريمة، بتغطيتها أو السكوت عنها:
كتب البروفسور ستيفن مايلز، من جامعة مينسوتا، في دورية لانست الطبية، يقول إن بعض الأخصائيين الطبيين تواطئوا مع حراس السجن في ارتكاب انتهاكات. ودعا إلى فتح تحقيق في الدور الذي قامت به الطواقم الطبية في الانتهاكات. وقال مايلز إنه بالرغم من أن الخدمات الطبية بالقوات المسلحة الأمريكية تتشكل في الأساس من موظفين يتميزون بالإنسانية والمهارة، فإن هذه المخالفات لا تنتهك فقط المعايير الطبية، لكن بعضها يمثل أيضاً انتهاكاً خطيراً للقوانين الدولية والأمريكية([28]).
هناك دلائل على أن الأطباء والممرضين، والعاملين في المهن الصحية مع القوات الأميركية، كانوا متواطئين في جريمة تعذيب السجناء، وغيرها من الأعمال غير الشرعية، في العراق وأفغانستان وغوانتنامو. وأنّ الموظفين الطبيين أخفقوا في إبلاغ السلطات الأعلى بالجروح التي حدثت بشكل واضح بسبب التعذيب، وبأنّهم أهملوا اتخاذ الخطوات لإيقاف التعذيب. بالإضافة إلى أنهم سلّموا سجلات السجناء الطبية إلى المستجوبين الذين استخدموها لاستغلال نقاط ضعف السجناء. ومع أن التدخّل الطبي، في تأخير وتزييف شهادات وفاة السجناء الذين قضوا أثناء التعذيب، أصبح واضحاً إلاَّ أنه لم يُعرف حجمه الحقيقي. ففي 22 أيار نشرت النيويورك تايمز «أن معظم أدلة الانتهاكات في سجن أبو غريب جاءت من الوثائق الطبية». وأن تلك السجلات والبيانات «تبين أن الأطباء قدموا تقارير في منطقة السجن حيث حدث التعذيب بشأن خياطة الجروح، ومعالجة السجناء المنهارين أو زيارة المرضى الذين رضت أعضاؤهم التناسلية أو جرحت».
وبلا ريب كان الأطباء الأمريكان في أبو غريب وفي أماكن أخرى على وعي بمسئوليتهم الطبية لتوثيق الإصابات، وإثارة الأسئلة حول سبب الإصابات. لكن الأطباء والموظفين الطبيين كانوا جزءًا من تركيب القيادة الذي شجّع، ونظّم التعذيب أحياناً إلى درجة أن يكون التعذيب تقليداً عادياً في بيئة السجن .وبهذا يكون الأطباء قد وفروا مكوّناً طبياً نفسياً يضاف إلى «حالة الفظاعة في السجن». فحتى بدون مشاركة مباشرة في التعذيب اعتاد الأطباء بيئة التعذيب بل قد يكونون ساعدوا بخبراتهم الطبية على تحمّله([29]).
4-وسائل الإدارة الأميركية في إبعاد التهم عن الكبار في الهرم الإداري:
أ-الإدارة تستخدم وسائل «دفاع الأكبر عن الأصغر»، وترهيب الشهود وترغيبهم، وتزوير نتائج تقارير لجان التحقيق، ومنع منظمات حقوق الإنسان من القيام بدورها:
تدليلاً على تحميل المسؤولية للنهج الذي اختطته الإدارة الأميركية في التشجيع على جرائم الحرب وحماية مرتكبيها، قدَّم وزير الدفاع الأميركي استقالته، ولكن رئيسه، جورج بوش، رفضها حماية له([30]). وادَّعى بأن ما حصل في سجن أبو غريب كانت «تصرفات فردية»([31]).
وفي هذا الإطار يحمي أعضاء إدارة جورج بوش بعضهم البعض الآخر. يترأسهم جورج بوش رئيس الإدارة ذاتها. وظهر ذلك جلياً عندما طالبت بعض الأصوات بمحاكمة دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع الأميركي، بسبب مسؤوليته عن جرائم سجن أبو غريب. وفيها سارع الرئيس الأمريكي ليدافع عن وزير دفاعه، وقال: «أنا فخور بالخدمات التي قدمها رامسفيلد لهذا البلد، فهو عضو مهم في فريق الأمن القومي الأمريكي، وأنا فخور بوجوده معي»([32]). وقد جاء دفاع بوش عنه على الرغم من أن وزيره في مقابلة أجرتها معه محطة سي ان ان إنه كان مستعداً لتحمل المسؤولية بسبب الفضائح التي أثارتها صور الانتهاكات في السجون العراقية، ولكن الرئيس بوش كان يثنيه عن عزمه في كل مرة([33]).
هذا السبب دفع بإحدى منظمات حقوق الإنسان في أميركا إلى تكذيبه ودحض ادَّعاءاته. وقد جاء في تقرير لمنظمة (هيومان رايتس وتش) أن «التعذيب والإساءة اللذين تعرض لهما أسرى عراقيون بسجن أبو غريب على أيدي جنود أمريكيين مورسا بناء على قرار بالتحايل على القانون الدولي... وكانت إفرازاً لسياسة ترمي إلى الضرب باتفاقيات جنيف عرض الحائط»([34]).
وتؤكد بعض المعلومات على أن ما جري في أبو غريب لم يكن من فعل حفنة من الجنود غير المنضبطين، ولكن كان سياسة واسعة، ولعل الإطاحة بريكاردو سانشيز، أكبر جنرال أمريكي في العراق محاولة لطي الملف([35]). وبالفعل صدر تقرير عن البنتاغون، بتاريخ 24/ 4/ 2005م، تمت فيه تبرئة جميع القيادات العسكرية وكبار الضباط من القيام بأخطاء أو المسؤولية عن قضايا التعذيب للمعتقلين في العراق وأماكن أخرى. ولم يحمل تقرير البنتاجون الجنرال ريكاردو سانشيز و4 قيادات غيره أي مسؤولية([36]).
وتنتقد تقارير صادرة عن أجهزة مخابرات أوروبية الإدارة الأميركية لأنها تستخدم وسائل شتى لإثبات المسؤولية الفردية عن استخدام وسائل التعذيب، ومن وسائل حماية نفسها، تستخدم الضغوط ضد بعض الضباط والشهود لمنعهم من تسريب أنباء التعذيب. كما تعرَّض المفتش الأميركي الذي كُلِّف بالتحقيق في فضائح سجن أبو غريب في العراق إلى ضغوط كبيرة لتمييع التحقيق، وإغفال النتائج والتوصيات التي يتم التوصل إليها([37]).
كما تستخدم الإدارة الأميركية نفوذها من أجل منع منظمات حقوق الإنسان من الحصول على معلومات عن المعتقلين في سجونها، وعن أساليبها في الاعتقال والتحقيق، حتى لو أدى إلى طرد أو إقالة من لا يستجيبون لضغوطها. وفي هذا الإطار طُرِدَ من منصبه مُحقّقٌ دوليٌ يدعى شريف بسيوني، كانت قد أنيطت به مهمة التحري عن أوضاع حقوق الإنسان في أفغانستان، بسبب انتقاده احتجاز القوات الأمريكية للمشتبه بهم الأفغان في سجون سرية دون محاكمة، ومنعه من زيارتهم. وجاء طرده، بعد أيام قليلة فقط من تقديمه تقريراً من 24 صفحة لاجتماعات الدورة الـ61 لهيئة حقوق الإنسان في جنيف([38]).
ب-المحاكم الأميركية تزور الأحكام الحقيقية:
على الرغم من أن (جاك سافيل)، الضابط الأمريكي المتهم بالاعتداء على معتقليْن عراقيْين، وتسبب في غرق أحدهما بنهر دجلة بمدينة سامراء(*) كان يستحق عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة لوجود الأدلة الدامغة ضده، فقد خففت محكمة عسكرية أمريكية الحكم بحيث يواجه عقوبة السجن لمدة تصل إلى عامين. إلاَّ أن قاضي المحكمة العسكرية الكولونيل (تيودور ديسكن) حكم عليه بالسجن 45 يومًا فقط، على أن يتم استقطاع 2000 دولار شهريًا من راتبه لمدة ستة أشهر. وتجدر الإشارة إلى أن العقوبات التي تقرها المحاكم الأمريكية ضد أفراد الجيش الأمريكي المتورطين في ارتكاب انتهاكات في العراق لا ترقى إلى مستوى الاعتداءات، بل تبدو أحكامًا مخففة لا تتناسب مع فداحة الذنب([39]).
5-مؤسسات الضمير الغربية تصدر الإدانة ضد «النهج الإيديولوجي» للجريمة الأميركية:
أشار المحامي بيتر استون، الذى يقوم بتأسيس لجنة الادعاء ضد بوش، إلى أن الأدلة على ارتكابه جرائم حرب كبيرة وعديدة، وأن محاولات كل من لندن وواشنطن وضع حصانة لجنودهما من المحاكمة لن يؤثر على تحرك هيئة الادعاء التي سيشترك فيها محامون من كل دول العالم الغربي بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية نفسها([40]).
يقول الكاتب البريطاني نيكولاس وود: إن الوسائل التي استخدمها الجنود الأمريكيون: القسوة، والانتهاكات الجنسية، والتصرفات السادية، والإذلال، والتلذذ بتدمير بيوت العراقيين، وإهانة أطفالهم، هي عملية غير شرعية مشتركة بين اللاعبين الرئيسين: أمريكا وبريطانيا. وفي حالة انتهاء الاحتلال بسحب القوات أو نهاية العمليات، فإن جرائم الحرب التي ارتكبت فيها يجب أن تكون مسؤولية أي منهما أو مسئوليتهما معاً. إن تدمير العراق، من خلال تدمير المؤسسات المدنية، وعمليات الاضطهاد السياسي، التي تبعت الغزو، تمثل عدداً من الحالات القانونية التي يمكن استخدامها في تحضير ملف إدانة بلير وبوش. كما أن أمريكا وبريطانيا، من خلال السيطرة على موارد العراق وأرصدته، قد انتهكتا قوانين محكمة جرائم الحرب الدولية([41]).
وأكدت منظمة حقوقية تدعى (بيسرايتس) أنه لا يوجد أي سبب كي لا يلاحق رئيس الوزراء البريطاني توني بلير ووزيري الخارجية جاك سترو والدفاع جيف هون أمام المحكمة الجنائية الدولية([42]).
خلال مؤتمر نظمه نشطاء قانونيون عراقيون، عُقد في بغداد بتاريخ 22/ 3/ 2005، تحت شعار (جرائم الحرب في الفلوجة)، طالب المشاركون بتقديم الرئيس الأمريكي جورج بوش وتوني بلير رئيس وزراء بريطانيا للمحكمة الجنائية الدولية لمحاكمتهما على ما اقترفوه من جرائم بحق الشعب العراقي. وأشار إلى أن «مثل تلك الأعمال الوحشية التي ارتكبت في العراق تعتبر جرائم لا تسقط بالتقادم ويتحمل مسئوليتها القتلة الأمريكان ومن عاونهم، وفي مقدمتهم بوش وبلير اللذان يجب تقديمها للمحكمة الجنائية الدولية»([43]).
أكَّدت منظمة «هيومان رايتس وتش» أن الإساءة التي تعرض لها المعتقلون في سجن أبو غريب هي إفراز لسياسة أمريكية تتحايل على القوانين الدولية. وأوضحت أن «مظاهر الرعب» التي صورت في السجن كانت ترمي إلى الضرب باتفاقيات جنيف عرض الحائط. وقال ريد برودي أحد محاميها: «كان الفكر السائد هو أن أي شيء يمكن عمله». كما أن هذا القرار دفع الولايات المتحدة لتشييد سجون خارج البلاد تخرج عن حدود المعقول بما فيها معتقل جوانتانامو وإرسال المعتقلين إلى دول أخرى حيث تنتزع منهم المعلومات بالقوة. وإن الإدارة قررت تجاهل القوانين الأمريكية ذاتها وقوانين حقوق الإنسان وذلك من خلال ممارسة التعذيب والإذلال على المعتقلين للحصول منهم على معلومات().
إنه بحسب القوانين الدولية، كما قال فادي القاضي المسؤول في منظمة «هيومن رايتس ووتش»: إن المسؤول يُحاسب عن أي جرائم يرتكبها آخرون تحت إمرته، ولا تجوز هنا حجة أو مبرر أنه كان لا يعلم، لذا فالمسؤولية عن التعذيب مسؤولية قيادية تتحملها القيادات، وبالتحديد وزير الحرب دونالد رامسفيلد ورئيس الاستخبارات الأسبق جورج تينيت والجنرال ريكاردو سانشيز والجنرال جيفري ميللر().
كما أشارت منظمة «هيومان رايتس» إلى أنه من الواضح أن القرارات والسياسة التي انتهجها رامسفيلد وغيره من المسؤولين الكبار شجعت عمليات التعذيب بحق المعتقلين في انتهاك فاضح لاتفاقية جنيف، وذكرت عدداً من العناصر التي تظهر أن هؤلاء المسئولين الكبار كانوا يعرفون أو كان يجدر بهم أن يعرفوا أن تلك الانتهاكات كانت تحصل ولم يتخذوا أي إجراء لمنعها([44]).
في مقابلة صحفية نشرتها صحيفة (لفت هووك الأمريكية)، يقول نعوم شومسكي: «طبقاً لمبادئ محكمة نورمبرغ، التي أطلقتها الولايات المتحدة، لم يُحاكموا الجنود، ولم يحاكموا قادة الفصائل والسرايا العسكرية، أنهم حاكموا وأعدموا من كانوا في أعلى هرم القيادة. مثل وزير الخارجية الألماني الذي تم إعدامه. بسبب المشاركة في الجريمة الدولية الكبرى التي تشمل كافة الفظاعات التي تعقب الغزو»().
ثانياً: كيف تمارس الإدارة الأميركية تطبيق إيديولوجيا الإرهاب في العراق؟
1-وسائل المداهمات والاعتقال:
عادة ما تتم المداهمات والاعتقالات في الليل، وفيه ما يُعرِّض السكان المدنيين لمخاطر غير محسوبة. ففي الليل تنتشر المدرعات والدوريات الراجلة وتتم الاعتقالات والمداهمات وعمليات التفتيش، وفيها ما يجب على الجميع توخي الحذر. فإما أن يكون القناص الأمريكي فوق سطح جاره أو على سطحه دون أن يدري(). وتبدأ مداهمة البيوت في أوقات متأخرة من الليل. فيتفاجأ المواطنون بأصوات تحطيم الأبواب بالمتفجرات، أو إطلاق النار، وصراخ الجنود الأمريكان. وتستفيق العوائل من النوم مذعورة ليجدوا الجنود يوجهون بنادقهم إليهم ويصرخون في وجوههم بكلام لا يفهمونه. ويقومون بتقييد الرجال، ومدهم على الأرض، وتعمد إهانتهم والاعتداء عليهم بالضرب أمام زوجاتهم وأولادهم. يستقبل الجنود الأمريكيون المعتقلين بالإهانات. وينظرون إليهم على أنهم أعداء ومجرمون وإرهابيون. وحتى الجنود الذين ليس لهم علاقة بالتحقيق يعمدون إلى إهانة المعتقلين لمجرد الانتقام لمقتل زميل لهم. وتُعتبر هذه المسائل طرقاً فعالة لتحطيم معنويات المعتقل قبل البدء في التحقيق معه لانتزاع المعلومات عن المقاومة ونشاطاتها وأهدافها().
ومن أقذر أنواع الأساليب التي تستخدمها قوات الاحتلال الأميركي تلك الفرق الخاصة التي تداهم وتعتقل وتحقق وتعذب، كما تنوب عن المحاكم والقضاة، فتصدر أحكامها على العراقيين بأكثر أساليب الهمجية «الحيوانية» وحشية وقذارة. فرقة خاصة من رجال البحرية الأمريكية, يحيط بها الكثير من الغموض, ويطلق عليها السكان المحليون لقب «مجموعة السبعة والعشرين», والتي تمثل فرقة موت حقيقية يتميز اعضاؤها بوضع وشم خاص على صدورهم().
نقلت الغارديان عن أحد العراقيين قوله إنه شاهد معتقلين مقيدين منبطحين على أرض قذرة. تركهم الجنود على الأرض الحارة والقذرة لمدة ساعتين. ونقلوا والأكياس على رؤوسهم في عربة عسكرية، ووضعوا فوق بعضهم البعض وأقدام الجنود عليهم، ويصرخون على المعتقلين، ويركلوهم ويضربوهم على الوجه والرأس وكامل الجسد، وشاهدت أحد المعتقلين وفكه متورم بشكل لم أستطع التعرف عليه().
وعادة ما يأخذ الجنود رهينة مقابل أن يسلَّم المطلوب نفسه. وتتم كتابة عبارة وتعليقها على باب المنزل تقول: «إذا كنتم مسلمون، كما تقولون، وتغارون على شرفكم، سلّموا أنفسكم لقاء الإفراج عن أمكم أو أختكم»().
ويشمل الاعتقال النساء والأطفال, والملفت في الأمر أنه يتم تعذيب الأطفال العراقيين لكي يقروا باشتراك ذويهم في أعمال المقاومة(). ومعظم هؤلاء يُحتجزون بين الثلاثة والستة أشهر. ويخرجون ناقمين على قوات الاحتلال، لأنها اعتقلتهم بدون أي تهم أو مبرر().
وفي النتيجة يعتقل آلاف السجناء ويسجنون من دون محاكمة بانتظار النظر في قضاياهم ويتركون ليمضوا الساعات وراء القضبان في المنشأة المخيفة ذات الحراسة المكثفة وأبراج المراقبة المجهزة بالمدافع الرشاشة. ومع وصوله إلى السجن، يستقبل الجنود الأمريكيون والموظفون الأمنيون المتعاقدون المعتقل بسلسة من الإهانات. ويطلب منه نزع ملابسه كلها، والقيام بسلسة من التفتيشات المزعجة، والإهانات والتعليقات التي تجعلها عملية غير محتملة. بعد خلع الملابس بالكامل يبدأ الجنود بقرص مؤخرات المعتقلين، وإدخال أصابعهم فيها، ويلمسون أعضاء المعتقل التناسلية ويدلون بالمزيد من التعليقات([45]).
أ-مداهمة أماكن العبادة:
تقوم قوات الاحتلال الأميركية بتفتيش المساجد وبعثرة المصاحف والكتب الدينية من دون أي مراعاة لحرمة المكان أو لحرمة المصاحف الشريفة. وتقوم بالعبث بجهاز الصوت وبالمواد الموجودة في داخل المسجد. وأن حملة اعتقالات واسعة تستهدف أئمة الجوامع. ويتم التعامل معها وكأنها أصبحت ملجأ للمسلحين، أو أماكن لصنع العبوات الناسفة. فمعظم حالات الاعتقال التي حدثت داخل الجوامع كان مصير أصحابها الترحيل إلى معتقل أبو غريب أو بوكا في البصرة.
ولم تكن المساجد هدفاً للمداهمات فحسب، بل شملت الكنائس أيضاَ: فقد تعرضت مثلاً كنيسة الآباء الدومينيكان في الموصل لعملية دهم على خلفية انفجار عبوة ناسفة على الشارع العام قرب الكنيسة. حطَّم الجنود بوابتها الخارجية باستخدام عجلة همر، ما دفع بالقس بالخروج إلى الدورية لتوضيح طبيعة المكان. لكن الدورية طلبت منه أن ينطرح على الأرض لتفتيشه، فيما طلبت من العوائل والتلاميذ داخل الكنيسة الخروج لأغراض التفتيش أيضاً.
ب-مداهمة المستشفيات:
يومياً، تداهم القوات الأمريكية المستشفيات الرئيسية، وتعتقل كل مصاب فيها. وتقوم بعملية الاعتقال بغض النظر عن الحالة الصحية للشخص المصاب، وعما إذا كانت الإصابة بنيران القوات الأمريكية أم بنيران قوات الحرس الوطني، أو بإطلاقات طائشة. وأحياناً يعتقل الشخص المقيم مع المريض. وينقل المعتقلون المرضى إلى مكان لا يسمح لأحد بزيارته. وأحياناً يرحل بعضهم إلي مستشفى أبو غريب ليمكث فيها فترة طويلة.
2-وسائل التحقيق والاستجواب:
يرفض المحققون التصور أن الذين يحققون معهم قد اعتقلوا ظلماً. ولذلك يتعاملون معهم على أنهم «أهداف صعبة» يجب كسر شوكتها. كما أن الانتهاكات حدثت نتيجة الاعتماد الكبير على الشركات الخاصة، التي تستأجر محققين غير مؤهلين للعمل المخابراتي، وتكون متلهفة على إثبات جدارتها بالمهمة. وهذا ما تؤكده مؤسسة راند الأمريكية، التي اعتبرت أن غياب الكفاءات في التحقيق وإدارة المعتقلات، يعني احتجاز الأبرياء في السجون([46]).
وعن ذلك قامت الإدارة الأميركية بخصخصة قطاع التحقيق مع المعتقلين في العراق، لمصلحة الشركات الخاصة. وقد أشارت تقارير إلى تورط بعض الموظفين الأمنيين المتعاقدين من شركة (سي أي سي آي انترنشونال إنك) من ارلينغتون في فيرجينيا في هذه الممارسات وسوء إدارة التحقيقات. وتتولى الشركات الخاصة معظم الوظائف الأمنية للجيش الأمريكي في العراق، ومن ضمنها العديد من العمليات الأمنية والاستخباراتية(.
وخوَّلت مذكرة، حصل عليها «الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية»، أعلى رتبة في جيش الاحتلال الأميركي للعراق باستخدام وسائل الاستجواب التالية: أساليب من بينها الإبقاء على السجناء في أوضاع متعبة، واستخدام موسيقى صاخبة والتحكم في الإضاءة، وتغيير أنماط النوم. واستخدام كلاب الجيش المكممة بهدف «استغلال خوف العرب من الكلاب مع الحفاظ على الأمن خلال الاستجواب».
3-وسائل التعذيب
قال الاكاديمي ستيفن مايلز، من جامعة مينسوتا، في دورية لانست الطبية الشهيرة، إن التقارير المؤكدة أو الموثقة بشأن الانتهاكات في العراق وأفغانستان تشمل الضرب والحرق والصدمات والتعليق من الاطراف، والحرمان من الأوكسجين والتهديدات ضد المعتقلين وذويهم والإذلال الجنسي والسجن الانفرادي وتغطية الرأس واستخدام الأصفاد لفترات طويلة والتعريض للحرارة والبرودة والضوضاء المرتفعة. وقال إنه في أحد الأمثلة قام جندي بربط معتقل بعد تعرضه للضرب، في أعلى باب الزنزانة وقام بسد فمه([47]).
- إن ضباط مخابرات عسكرية أو رجال أمن مدنيين ممن كانوا يقومون بعمليات الاستجواب كانوا يسلمون المعتقلين لوحدة الشرطة العسكرية. وصرَّحت إحدى المجندات أنها كانت مكلفة بجعل المعتقلين ينهارون استعداداً للاستجواب. وكانت مهمة الشرطة العسكرية جعلهم متيقظين وتحويل الأمر إلى جحيم حتى يتكلموا.
وحسب الفقرات التي نشرتها صحيفة لوس انجليس تايمز الأمريكية من تقرير الجنرال تاغوبا، تتضمن وسائل التعذيب الذي تقوم به الشرطة العسكرية ما يلي:
1ـ اللكم، الصفع والركل والدوس على الأقدام العارية.
2ـ تصوير السجناء والسجينات عراة. (بالكاميرا وبالفيديو أيضاً).
3ـ صف المعتقلين في أوضاع جنسية مختلفة وتصويرهم.
4ـ إجبار المعتقلين على خلع ملابسهم وتركهم عراة لأيام.
5ـ إجبار المعتقلين الذكور علي ارتداء ملابس النساء الداخلية. (وتركهم داخل زنازينهم وهم عرايا كما ذكرت (صحيفة تايمز).
6ـاجبار الذكور للعب بأعضائهم التناسلية وتصويرهم في تلك الحالة.
7ـ ترتيب المعتقلين على شكل كومة وهم عراة ومن ثم القفز عليهم.
8ـ وضع المعتقل وهو عار على صندوق يوزع فيه الجيش وجبات طعام جاهزة للأكل، ومن ثم ربط عضوه التناسلي وأصابعه بأسلاك كهربائية جاهزة للصعق.
9ـ كتابة عبارة «أنا سفاح» أو «أنا مغتصب» على قدم المعتقل.
10ـ ربط سلسلة عنق للكلاب في عنق معتقل وتصويره مع مجندة.
11ـ أحد أعضاء الشرطة العسكرية، قام بقتل معتقل.
12ـاستخدام كلاب الحراسة التابعة للشرطة العسكرية لترويع وإخافة المعتقلين.
13ـ تصوير جثث عراقيين ماتوا في المعتقل.
وأشار التقرير إلى وسائل أخرى، مثل سكب مادة فوسفورية على المعتقلين وأحياناً الماء البارد على أجسادهم العارية، تهديدهم بالمسدسات، تهديدهم بالاغتصاب، ممارسة اللواط مع معتقل باستخدام عصاة مكنسة أو ضوء كيماوي. ويختم تاغوبا تقريره قائلاَ: قام عدد من جنود الجيش بارتكاب أفعال شنيعة تعتبر انتهاكاً صريحاً للقانون الدولي.
4-واقع السجناء والمعتقلين والأسرى في المعتقلات:
جاء في تقرير للجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة: «يجب ضمان وضع المعتقلين في أماكن معروفة رسمياً على أنها أماكن اعتقال، وان يتم تسجيل أسمائهم وأماكنهم والمسئولين عن اعتقالهم، وأن تكون معلومات السجل جاهزة وسهلة الوصول إليها من قبل المعنيين بها بمن فيهم أقارب وأصدقاء المعتقلين، كما يجب حظر الحبس الانفرادي».
تُعلِّق إدارة السجون في زنازين الاعتقال عبارة «لا تتحرك، سوف تتعرض للقتل». ويتعرَّض السجناء إلى معاملة سيئة تزيد من معاناتهم، حول كل ما له علاقة بحياة المعتقل: طعام وشرب ونوم ونظافة.... كما يتم إرغامهم على النوم في مكان مساحته متر واحد. وتطلق عليهم أعيرة غير مميتة حسبما ذكرت (واشنطن بوست).
تصوِّر بعض التقارير السرية، المقدَّمة إلى الكونجرس الأميركي، الحالة المزرية للسجون في العراق، كما أنها في حالة فوضى تامة, وأن السجناء تم إطعامهم الحشرات وأُجبروا على العيش في ظروف مزرية. ويُقدِّم بعض ما تسرَّب من تقرير (توكابا) صوراً واقعية لما هو عليه حال السجون والمعتقلات في العراق:
-عاملوا السجناء بكل قسوة حتى يصلوا إلى حد من اليأس، بحيث يصبح السجين مستعداً لبيع أمه من أجل الحصول على بطانية أو الحصول على طعام بدون حشرات أو الحصول على قليل من النوم.
- عن تقرير لنقابة الحريات المدنية الأمريكية أن أحد العاملين الطبيين في سجن أبو غريب تحدث عن فحص ما بين 800 و 900 معتقل يومياً().
- كانوا يُعاملون المعتقلين كالكلاب الضالة. يرمون إليهم الطعام بكل احتقار.
- أفاد بعض المعتقلين، في فترات اعتقالهم، أنهم تعرضوا للضرب بوحشية والاعتداء الجنسي، وعلقوا بالمقلوب، وحرموا من الماء والنوم، ولم يسمح لهم باستعمال المراحيض، وتعرضوا للترهيب بواسطة الكلاب. ويفيد أحد المعتقلين أنه أجبر مع غيره من المعتقلين على الاصطفاف أمام فرقة إعدام وهمية راح الجنود الأمريكيون يضحكون حيال طريقة انهيار أعصابهم قبل إعدامهم الوهمي.
وفي إحدى الوثائق المؤرخة في 24/ 6/ 2004، تحت عنوان «تقرير عاجل» موجه إلى روبرت مولر مدير مكتب المباحث. يتضمن مشاهدات عن إساءة معاملة جسدية خطيرة لمعتقلين مدنيين عراقيين، تتضمن وقائع محاولات خنق وضرب ووضع أعقاب السجائر في فتحات آذان المعتقلين. واستخدام وسائل استجواب غير مصرح بها. وتشير الوثيقة إلى وجود محاولات للتغطية على أساليب التعذيب. وفي سجن غوانتنامو قال محققو مكتب المباحث إنهم شاهدوا معتقلين معلقين بالسلاسل في أوضاع غير إنسانية لأكثر من 24 ساعة، تركوا يتبولون ويتبرزون على أنفسهم. وأشار أحد المحققين إلى أن معتقلاً شوهد وقد نتف أكثر من نصف شعر رأسه بشكل جنوني. وكشفت الوثائق أن أحد المعتقلين شوهد جالساً على أرض غرفة الاستجواب وقد لف حوله العلم الإسرائيلي. كما فتحت أصوات الموسيقى بشكل مرتفع لدرجة لا تطاق، إضافة إلى مضايقته بالأضواء القوية. وأفاد معتقل في غوانتاناموا أن المحققين لفوا السجناء بعلم «إسرائيلي» وأظهروا لهم صوراً عارية، في الوقت الذي كان فيه البعض الآخر يمارس الجنس.
5-سادية جنود الاحتلال الأميركي:
تعود مظاهر السادية، في سلوك الجنود الأميركيين إلى عاملين: أيديولوجي ومسلكي تربوي. أما الإيديولوجي، فله علاقة بالقائمين على تعذيب العراقيين فهم من جنود الاحتلال الذين ينتمون إلى المجموعة المسيحية الصهيونية التي تحكم في أمريكا.
وأما التربوي فيكشف عنه أحد الجنود العائدين العرق قائلاً: إنها حرب لقتل المدنيين الأبرياء. لقد أُخضعنا لدورات تدريب لمواجهة «العنف والعدوانية»، ُتسمى «مخيم الجزمة»، وفيه يتعرض كل جندي إلى طرق نزع الإنسانية وعدم التأثر بالعنف. ولكنهم لم يخبروا بأن ذلك يعني قتل مواطنين مدنيين أبرياء. وفي الجبهة يُتخمون الجنود بمضادات الاكتئاب، وبعد ذلك يعيدوهم إلى المعارك مرة أخرى. وهذا هو علاج الطوارئ لما يسمى بـ«إجهاد الصدمة النفسية»، عندما تتغلب فكرة رفض القتل على حياة الجندي).
قال الجنرال جيمس ماتيس(*): «في الحقيقية، القتال شيء مليء بالمتعة. عندما تذهب لأفغانستان تجد رجالاً كانوا يصفعون النساء بلا مبالاة لأنهم لا يرتدون الحجاب. إن رجالاً مثل هؤلاء ليس لديهم أية رجولة متبقية. لذا قتلهم هو شيء مليء بالمتعة».
وقد شاهد جندي آخر أثناء أداء مهامه في العراق عراقيين جرحى يُرمى بهم على جانب الطريق دون إسعاف. ويوضح قائلاً : إن العراقيين شاهدونا ونحن نهين أمواتهم طوال الوقت. كنا نتحلق حول جثثهم المتفحمة نمثل بها، ونركلها خارج السيارات ونضع سجائر في أفواههم . كما رأيت مركبات تدوسهم. وكان عملنا تفتيش جيوب العراقيين القتلى لنجمع معلومات. ولكني كنت أشاهد المارينز وهم يسرقون السلاسل الذهبية والساعات والمحافظ المليئة بالنقود.
تظهر الصور جنوداً يمارسون الجنس مع بعضهم البعض، وفي أخرى جنود قرب بقرة مذبوحة بعد سلخ جلدها، حيث يظهر رأس البقرة المليء بالرضوض والدماء، وفي مرات أخرى التقطت صور لجنود بجانب قطة مشوهة الرأس، ومن هذه الصورة مئات المناظر.
وتظهر صور أخرى رجالاً جرحى وجثثاً، وفي واحدة من الصور ظهرت صورة رجل مطروح على أرضية شاحنة، ووجهه وقميصه وذراعه مغطاة بالدماء، ويبدو أنه فقد يده، فيما تشير صورة إلى جثة رمادية متعفنة، وبجانب الصورة جندي يبتسم رافعاً إبهامه. وفي صورة أخرى، امرأة تستعرض نهديها، ولا يعرف إن كانت سجينة أم لا. وتظهر صورة أخرى ثلاثة أو أربعة معتقلين عراة أوثقوا مع بعضهم البعض وهم ملقون على الأرض، بينما يتبختر جنود أمريكيون من حولهم. ومعظم المعتقلين الذين ظهروا في الصور يلبسون أساور بيضاء تحمل هويتهم. وتوجد صور لرجال عراة سجناء كوموا فوق بعضهم بينما وقف جنود حولهم. وصورة لسجين عراقي مات تحت التعذيب، ووضعت جثته بالثلج مدة أربع وعشرين ساعة، قبل أن يرمى به خارج السجن.
يقول مايكل راتنر، أحد خبراء مركز حقوق الإنسان في نيويورك: إن كل الجنود الأمريكيين عصبيون، ويسيرون على قاعدة «أولا.. أطلق الرصاص، وبعد ذلك اسأل». وظهرت صورة جندي أمريكي يركل بقدمه رأس أحد القتلى، فيعلق عليه مايكل رايتنر، من مركز حقوق الإنسان في نيويورك، بالقول: عندما يأتي جندي ويلعب الكرة برأس خصم ميت، هذا أمر سيئ بما فيه الكفاية، والمشكلة الكبرى أن هؤلاء الناس يصورون كل ذلك بالفيديو، ما يظهر أنهم يعتبرونه أمراً عادياً، وأنهم ليس لديهم خوف من أن يرى هذه الأدلة المادية أي قائد لهم.. من أصغر ضابط وحتى دونالد رامسفيلد. وتختم القناة برنامجها قائلة: إن صور ما يحدث من انتهاكات أمريكية بصورة يومية تثبت مدى السادية التي يتمتع بها الجنود الأمريكيون.
ويصورون عراقياً تم قتله وهو يقود سيارته، والجنود يتلاعبون بيده تارة وبرأسه تارة أخرى، بينما أحدهم يشد جسده ويهزه بقوة، في الوقت الذي يرد عليه آخر قائلاً: «اجعله يحني رأسه ويقول.. هالو». وهو ما علق عليه فرانك روديجر، أحد الضباط بقوله إن هذا يظهر انحطاط الأخلاق وإهانة الكرامة الإنسانية وانتهاكها. مضيفاً أن المرء لابد له أن يؤكد أن هذا يعد نتيجة طبيعية للثقافة الأمريكية التي تقوم علي التفوق علي الثقافات الأخرى، وبأن الأمريكيين يستطيعون أن يفعلوا أي شيء يريدونه بالآخرين.
صوَّر جنود أمريكيون مشاهد القتل والجثث المتفحمة في العراق وحولوها إلى فيلم بعد إضافة موسيقي تصويرية. وتقول صحيفة لوس انجليس تايمز إن الجنود الأمريكيين يُنتجون أشرطة فيديو على شاكلة أفلام محطة ام تي في الموسيقية. والنتيجة أن الجنود لديهم مخزن هائل من الصور عن مشاهد القتل والجثث المتفحمة التي يتبادلونها. وتنقل الصحيفة عن مسؤول في منظمة هيومان رايتس ووتش قوله إن قيام الجنود بتصوير القتلى العراقيين أمر مثير للقلق. فالعنف في الفيلم، كما يقول جندي، ليس أكثر عنفاً من أفلام هوليوود التي تمجد العنف.
ينقل الكاتب البريطاني، نيكولاس وود، العديد من شهادات جنود المارينز الذي دخلوا مدينة الفلوجة بنية الانتقام لهزيمتهم في نيسان/ أبريل 2004، حيث قال أحدهم: «العدو له وجه، اسمه الشيطان، ويعيش في الفلوجة، وسنقوم بتحطيمه». ويقول آخر: «فتحنا باب جهنم وأخرجنا منها الكلاب، وأطلقناها عليهم، لا يعرفون ما ينتظرهم، جهنم قادمة، وإذا تواجد مدنيون هناك فهم في المكان الخطأ». وحسب عبارات تومي فرانكس، قائد القيادة المركزية الذي منحه بوش وسام الحرية: «نحن لا نعد الجثث يعني جثث القتلى العراقيين مدنيين ومقاتلين». سجلت الكاميرات الكثير من الحالات التي لم يحترموا فيها حرمة الموتى العراقيين، حيث كانوا يدوسون على رؤوس الجثث ويلتقطون الصور أمامها. كما استخدم البريطانيون والأمريكيون علامات حبر لتعليم المعتقلين علي صدورهم أو رؤوسهم، أي مثل تعليم الحيوانات. هذا ناهيك عن حالات القتل العشوائي([49]).
وأفاد مراسل شبكة (إن بي سي) بشهادة قال فيها، إنه رأى أحد الجنود، في أثناء اقتحام القوات الأميركية لمدينة الفلوجة، وهو يطلق النار على أحد الجرحى العراقيين في رأسه بينما كان الجريح ملقى على الأرض. وبعد ذلك غادر الجندي المكان وهو يقول: «لقد انتهى أمره»([50]).
6-نماذج من الجرائم المنظمة التي ترتكبها قوات الاحتلال في السجون:
يقول كاتب عراقي: ليتها لم تصلني من صديق, عبر البريد الإليكتروني, هذه الصور والمشاهد المُرعبة, المُذلة عن مجموعة من الجنود الأمريكيين المجرمين يقومون, في وضح لنهار العربي, العراقي, باغتصاب جماعي لفتاة عراقية.. كانوا يفترسونها, في مشاهد سادية بشعة..كانوا يفترسون الناصع والمشرق من تاريخنا.. والسلاح الذي كان موجهاً إلى رأسها, كان موجهاً إلى رأس هذه الأمة العربية. تخيلوا لو أن مجموعة من الجنود العراقيين والعرب قاموا باغتصاب فتاة أمريكية في شوارع نيويورك؟ ماذا كان سيحدث, وكيف ستكون ردة الفعل الغربية والأمريكية؟([51]).
أ-جرائم الشرف أو الاغتصاب الجنسي:
إطلع الرئيس الأمريكي جورج بوش على صورة بشأن عملية اغتصاب جنسي جماعي قام بها ثلاثة جنود أمريكيين ضد معتقلة عراقية، بعد أن دفعوا بها إلى مكان منعزل. ونقلت شبكة سي إن إن الإخبارية الأمريكية عن مصادر مطلعة بالإدارة الأمريكية القول: إن بوش اطلع بنفسه على عشرات الصور الملونة التي تصور سلوكاً جنسياً فاضحاً للجنود الأمريكيين ضد المعتقلين العراقيين، موضحة أنه شعر بالاشمئزاز بعد الاطلاع عليها .وأوضحت المصادر أنه توجد حوالي ألف صورة، من بينها 200 إلى 300 صورة عن انتهاكات الجنود الأمريكيين ضد المعتقلين العراقيين، مسجلة على عدة أقراص ليزر، والباقي صور لمواقع مختلفة بالعراق.
يروي الكاتب لورن ساندر العديد من قصص النساء العراقيات اللواتي تعرضن للاغتصاب، وأفردت جريدة (روبنز بنورث) الأمريكية قصة اغتصاب 5 جنود أمريكيين لفتاة عراقية، وروى الكاتب الأمريكي، ديفيد كول، عملية اغتصاب بشعة قام بها أربعة من الجنود الأمريكيين ضد أسرة عراقية، وروى الأمريكي وليام بود، في صحيفة (ويست بومفريت) الأمريكية، تفاصيل جرائم بشعة ارتكبها جنود الاحتلال تحت عنوان: «الاغتصاب الديمقراطي»، جاء فيها: إن بوش ترك لجنوده أن يفعلوا ما يحلو لهم مع ضحايا سجنه الكبير في العراق. ترك المجندين كول وديفيد يغتصبان نساء عراقيات بلغ عددهن 26 ضحية. يتميزان بالعدوانية الشديدة ضد العرب وبالهمجية وعدم الرحمة. قبل أن يقدما على جريمتهما يختطفان ضحيتهما ويجردانها من ملابسها، ثم يقومان بتصويرها وإرسال صورها إلى أصدقائهم في أمريكا للاستمتاع بها.
رسالة تتضمن صورة لجندي أمريكي وهو يشير بعلامة النصر ويقف بجوار طفلين عراقيين يحمل أحدهما وهو مبتسم، لوحة مكتوبة بخط اليد تقول باللغة الإنجليزية (لقد قتل الجندي الواقف بجواري والدي واغتصب أختي). والأسوأ من ذلك أن أحد المواقع مجهولة الهوية على الإنترنت نشرت لعدة أيام عدة صور لثلاث جنود يتناوبون اغتصاب امرأة عراقية بدوية في منطقة صحراوية نائية، قبل أن يتعرض هذا الموقع للتدمير من جهات مجهولة. كما سجلت «57 حالة اغتصاب لنساء عراقيات على يد القوات الأمريكية والبريطانية، و27 حالة اغتصاب لأطفال، منها 11 حالة على يد القوات البريطانية، و3 حالات على يد القوات الدانمركية».
أكد الفريق الميداني الخاص بـ«مركز بغداد لحقوق الإنسان» أن قوات الاحتلال انتهكت أعراض 149 امرأة عراقية داخل مساجد الفلوجة.
ب-جرائم اغتصاب السجينات:
اشتكت منظمة العفو من تعرض النساء للإهانات تحت الاحتلال الأمريكي وخصوصًا في المعتقلات والسجون، وقالت: «الكثير من النساء اللاتي اعتقلن ثم تم الإفراج عنهن فيما بعد كشفن عن تعرضهن للضرب والتهديد بالاغتصاب والإذلال الجسدي والاعتداءات الجنسية على أيدي القوات الأمريكية». تشكو إيمان خماس، مديرة المنظمة غير الحكومية «المركز الدولي لرصد الاحتلال»، من صعوبة توثيق الشهادات بسبب رفض السجينات الحديث مع وسائل الإعلام حتى بأسماء مستعارة، وتقول تجسد المرأة مفهوم الشرف في مجتمعنا العشائري، وهي تفضل الموت غسلاً للعار على أن تلوث سمعة الأسرة والعائلة والعشيرة.
فمن عدد يفوق ألفاً وثلاثمائة سجينة عراقية توجد مئات النسوة اللائي لا ذنب لهن غير أن أزواجهن أو إخوانهن أو آباءهن يبحث عنهم الاحتلال بأي تهمة.
- السجانون يستخدمون النساء كموضع للتعذيب وكأداة لتعذيب الرجال.
- تصوير السجينات عرايا من الملابس تماماً.
- يؤكد سجين سابق أن السجينات كن يعبرن أمام خيمة الرجال وكن يتوسلن السجناء من الرجال أن يجدوا طريقة لقتلهن لإنقاذهن من العار.
- قالت ساهرة الجنابي، التي كانت بين عدد من المحامين الذين سمح لهم بزيارة سجن أبو غريب، في مارس 2004: كانت السجينات منهارات وانخرطن في البكاء وخجلات للغاية وقلن لنا : لا نستطيع أخباركم بما حدث لنا فنحن لدينا عائلات.
-قالت إحدى السجينات، تخاطب العراقيين: الجنود الأمريكيون وهم يشربون الخمر أمامنا وينتهكون أعراضكم كالحيوانات ويسرحون ويمرحون مع اللاتي هانت عليهن أعراضهن. أعراضنا هتكت، وملابسنا تمزقت، وبطوننا جاعت، دموعنا جارية، ولكن من ينصرنا أقول لكم اتقوا الله في أرحامكم فقد امتلأت البطون من أولاد الزنا.
- وتقول أخرى في رسالة لها: والله لم تمضِ ليلة علينا ونحن في السجن إلا وانقض علينا أحد الخنازير بشهوة جامحة مزقت أجسادنا، ونحن الذين لم تفض بكارتنا خشية من الله، فاتقوا الله، اقتلونا معهم. لقد اغتصبوني في يوم واحد أكثر من 9 مرات. معي الآن 13 فتاة كلهن غير متزوجات يتم اغتصابهن تحت مسمع ومرأى الجميع. انتحرت إحداهن بعد اغتصابها بوحشية، حيث ضربها جندي بعد أن اغتصبها على صدرها وفخذها، وعذبها تعذيبًا لا يصدق، فأخذت تضرب رأسها بالجدار إلى أن ماتت. وهذه المرأة هي أخت لأحد رجال المقاومة في منطقة أبو غريب والذي فشلت قوات الاحتلال في اعتقاله.
ج-جرائم اغتصاب الأطفال
يُعدُّ نص العميد جانيس كاربينسكي، القائد العسكري السابق لسجن أبو غريب، خلال الفترة من يوليو إلى نوفمبر عام 2003، أول دليل مكتوب على اعتقال قوات الاحتلال الأمريكية لطفل دون الحادية عشرة من العمر في السجن. وكان الجيش الأمريكي قد بدأ في احتجاز الأطفال والنساء في أبو غريب في صيف العام 2003. فالجنود المتهمون بارتكاب تجاوزات مهينة بحق السجناء، التقطت الكاميرات جانباً منها ، اتهم بعضهم باغتصاب سجين في الرابعة عشر من العمر.
-المترجم الذي يعرف بأبي حميد يرتدي الملابس العسكرية يغتصب صبياً قاصراً، والطفل يصرخ من الألم وكانت هناك مجندة تلتقط الصور.
أماطت وزارة حقوق الإنسان العراقية اللثام عن تقارير تفيد بقيام عدد من جنود الاحتلال الأمريكي باغتصاب صبيان تتراوح أعمارهم ما بين الـ 15 عامًا و17 عامًا في مدينة الطارمية شمالي العاصمة بغداد في شهر شباط/ فبراير من العام 2005م.
في مؤتمر عقده أحد أكبر اتحادات الحقوق المدينة الأمريكية ويدعى «إيه. سي. إل يو» في واشنطن بتاريخ 17حزيران/ يونيو، قال الصحفي الأمريكي المعروف سيمور هيرش(*) إن لديه وثائق تثبت أن حراس سجن أبو غريب اعتدوا جنسياً على أطفال عراقيين كانوا معتقلين في ذلك السجن.
د-جرائم اغتصاب الرجال
كثير من المعتقلين المفرج عنهم يرفضون الاعتراف بما لاقوه على أيدي الأمريكيين، وذلك حفاظاً على كرامتهم وكرامة أسرهم. لهذا تندر الشهادات التي تدعِّم هذه التهمة.
-إجبار المعتقلين بعد تعريضهم للتعذيب على ممارسة الجنس فيما بينهم، كما يقومون بتعرية المعتقلين من شيوخ العشائر ورجال الدين وكبار السن من ملابسهم ويجبروهم على ارتداء ملابس نسائية ويسخرون منهم أمام بقية المعتقلين.
هـ-جرائم التجارة بالجنس
برزت هذه القضية من مقدمات التعاقد بين الإدارة الأميركية وشركة «دينكورب الأمريكية»، التي نالت عقوداً تشمل إدارة السجون وتدريب الكوادر الأمنية العراقية وحتى إدارة القضاء.إن هذه الشركة سبق تورطها في تجارة الرقيق وبيعهن لقوات حفظ السلام في البوسنة وتجارة المخدرات في كولومبيا.
إن القوات الأمريكية مسؤولة عن الحالة الأمنية. وسمحت أن تصبح جرائم من هذا النوع شيئاً عادياً. متناسية معاهدة جنيف التي تلزمها بحماية النساء خاصة ضد الاغتصاب والإجبار على الدعارة. وأكد تقرير وزارة الخارجية الأمريكية وقوع الجريمة.
6-نماذج من الجرائم المنظمة التي ترتكبها قوات الاحتلال في تدمير العراق والعراقيين: إستخدام الأسلحة المحرمة دوليا ذات أضرار استراتيجية طويلة الأمد:
أشار الخبراء الذين يعملون في منظمة حقوقية تدعى (بيسرايتس) إلى أن الطائرات البريطانية أسقطت 70 قنبلة عنقودية، وأطلقت قوات المدفعية البريطانية ألفي قذيفة منها. وأعلنت منظمة هيومان رايتس ووتش أن اكثر من 1000 مدني قتلوا أو أصيبوا بجروح من جراء انفجار نحو 13 ألف قنبلة عنقودية أمريكية وبريطانية في حرب العراق. وشددت على وجوب إجراء تحقيق كامل ومعمق، وإعطاء انتباه خاص إلى أولئك الذين يتحملون المسؤولية الأخيرة.
كما عقد قسم حقوق الإنسان التابع لهيئة العلماء المسلمين مؤتمرًا في بغداد يوم 19/ 3/ 2005 عرضت خلاله شهادات موثقة بالصوت والصورة لانتهاكات ارتكبتها قوات الاحتلال ضد مدنيين عزل في الفلوجة وفي مناطق أخرى في العراق، كما عرض المؤتمر صورًا أظهرت آثار حروق وتفحم على بعض الجثث، مما يشير إلى استخدام قوات الاحتلال أسلحة محرمة أثناء هجومها. واستعرض شهادات لعراقيين أكدوا تعرضهم لغازات سامة. وشهادات أخرى لجرائم ارتكبتها قوات الاحتلال في مناطق أخرى من العراق.
وأعلن الدكتور خالد الشيخلي ممثل «وزارة الصحة العراقية»، أن المسوحات والأبحاث التي رفعها الفريق الطبي إلى الوزارة تؤكد استخدام مواد محرمة دوليًا مثل غاز الخردل والأعصاب والمواد الحارقة الأخرى، حيث إنها ستسبب للمواطنين أمراضًا خطيرة على المدى البعيد. ولم يستبعد استخدام المواد النووية والكيماوية, بدليل أن جميع أشكال الطبيعة انتهت فيها, كما أن الكلاب السائبة والقطط والطيور قد نفقت من تلك الغازات. ونقلت صحيفة الغد الأردنية عن مدير قسم الحروق في مستشفى الفلوجة القول إن (700) جثة محترقة، بفعل الأسلحة المحرمة دولياً، عثرت عليها الفرق الصحية في المدينة.
أعلن الدكتور محمود العامري مدير قسم أمراض السرطان في مستشفى اليرموك في بغداد أن الحرب على العراق نتج عنها أمراض فتاكة. وقال: إن الولايات المتحدة استخدمت في حربها 61 صاروخًا جربته لأول مرة في العراق, كما استخدمت اليورانيوم والنووي المحدود بكمية كبيرة جدًا خاصة في الفلوجة والرمادي وسامراء والموصل وتل عفر وبعقوبة والنجف. ونقل عن إحصائية رسمية للوزارة أن 40 حالة سرطان شهريًا تفتك بالعراقيين, فيما سجلت 7500 حالة سرطان للجلد في نهاية العام الماضي. أما عن مجمل الإصابات التي سجلت في صفوف العراقيين من بداية الاحتلال وحتى الآن فهي 140 ألف حالة سرطان في الجلد والدم. وقسم كبير منها لأطفال تتراوح أعمارهم ما بين تسعة أشهر إلى تسعة أعوام, مبينًا أن قوات الاحتلال تحاول التكتم على الموضوع لأنه سيسبب لها فضيحة تاريخية.
أكد الفريق الميداني الخاص بـ«مركز بغداد لحقوق الإنسان» أن قوات الاحتلال هدمت حوالي 17 ألف منزل سكني تمت تسويتها بالأرض, بالإضافة إلي هدم 45 مسجدًا بشكل تام و56 مدرسة و459 محلاً تجاريًا, وكذلك استشهاد ما يزيد على 300 مدني عراقي أغلبهم من النساء والأطفال.
الأسلحة الأمريكية التي استخدمها جيش الاحتلال الأميركي، تحتوي على الكثير من اليورانيوم، فهم استعملوا ما مقداره أربعة ملايين رطل من اليورانيوم في العراق.وحيث لا يمكن إزالة اليورانيوم من الجسم فإنه ليس له أي علاج. وسيبقى عملياً في الجسم إلى الأبد. فكم قنبلة نووية بحجم القنبلة النووية التي ألقيت على ناجازاكي يمكن أن تنشر أربعة ملايين رطل من اليورانيوم ؟ الجواب هو 250,000 قنبلة نووية.
قال آرثر بيرنكلو، المدير التنفيذي لمنظمة «محاربين قدماء من أجل الدستور»، في مقالة كتبها: إن سبب استقالة انطوني برنسيبي سكرتير شؤون المحاربين القدماء هو فضيحة استخدام قذائف اليورانيوم في حرب العراق .وأن تلك القذائف سبَّبت «المرض الذي أصيب به الآلاف من جنودنا وماتوا به، وقد كشفت الآن الحقيقة الشنيعة». وإنه، «من بين 580400 جندي شاركوا في حرب الخليج الأولى مات حتى الآن منهم 11 ألفاً». وفي سنة 2000 كان هناك 325 ألف إعاقة طبية مستديمة. إن العدد المذهل للجنود المعاقين يعني أنه بعد عقد من السنين أصبح لـ 56% من الجنود الذين خدموا في هذه الحرب مشاكل طبية مستديمة. وكانت نسبة الإعاقة في حروب القرن الماضي 5% وحرب فيتنام 10%، أما الآن فأصبحت 56%. ويقول بيرنكلو: «وقد كشفت الآثار طويلة المدى أن اليورانيوم المنضب هو بمثابة حكم بالإعدام».
أثبت بحث آخر أجرته الجمعية العلمية الملكية في بريطانيا أن مادة اليورانيوم المستنفد التي استخدمها الجيش الأميركي في العراق يمكن أن يؤدي إلى: تلويث مصادر مياه الشرب. ويزيد من احتمالات الإصابة بسرطان الرئة. ويعتبر مادة سامة ذات تأثيرات مختلفة على الجسم البشري وخاصة على الكليتين، حيث يعتقد العلماء أن التعرض لجرعات كبيرة منه يؤدي إلى عجز الكليتين خلال أيام معدودة.
رصاصة قاتلة خارقة للدروع من تصيبه لا بدَّ من أن يموت. الرصاصة يجب أن تجرب على «فئران تجارب حية». توماس مقاول أمريكي(*) عمل في العراق، جرب الرصاصة على عراقي. وبعث بتقريره إلى الشركة المنتجة. وتوصف الرصاصة بأنها قاتلة في أي مكان تصيب من الجسم.
طمأن وزير الدفاع البريطاني، آدم إنجرام، أعضاء البرلمان المنتمين لحزب العمل في كانون الثاني من العام 2005، بأن القوات الأمريكية لم تستعمل جيلاً جديداً من الأسلحة الحارقة، لكنه اعترف في رسالة، نشرتها جريدة الإنديبندنت، موجهة إلى عضو البرلمان وحزب العمل هاري كوهين بأنه ضلل البرلمان بشكل غير متعمد بسب المعلومات الخاطئة التي زودته إياها الولايات المتحدة، وقال أيضاً :«لقد أكدت الولايات المتحدة للمسؤولين في وزارتي بأنها لم تستعمل قنابل إم كي 77 في العراق وهذا هو أساس إجابتي لك». «أتأسف للقول بأنني قد اكتشفت أن هذه ليست الحقيقة ويجب علي الآن تصحيح المواقف».
إن الحرب الأميركية التي شنت على العراق, أُسقطت خلالها آلاف الأطنان من القنابل والمتفجرات لتدمير البنى التحتية للعراق وكل المرافق العسكرية وشبه العسكرية والمنشآت المدنية للدولة والمجتمع ولم تبق منشأة أو مرفق, مهما كان نوعه أو حجمه لم تطله تلك المتفجرات والقنابل التي كانت تُقذف بهدف أن تلحق بها أكبر قدر ممكن من التدمير, من أجل تعطيلها بالكامل و إخراجها نهائياً من الخدمة.
إن الجنود الذين يستخدمون تلك الأنواع من الأسلحة يُصابون بتأثيراتها الخطيرة، ويقول الأطباء الأمريكيون: إن الانفجارات التي يتعرض لها الجنود الأمريكيون في العراق تسبب ارتجاجًا للدماغ داخل الجمجمة، وتتفاوت أعراض هذه الإصابات ما بين الصداع، والحساسية للأضواء أو الأشعة إضافة إلى تغييرات سلوكية وضعف في الذاكرة، وفي الحالات الحادة فإن المصابين قد يحتاجون لإعادة تعليمهم كيفية المشي والكلام، حيث يكون المصاب مثل طفل صغير. فإذا كان الذي يتعرَّض إلى أصوات السلاح يُصاب بكل تلك الآثار الخطيرة، فكيف يكون الأمر بالنسبة للعراقي الذي لا يتعرَّض إلى صوتها فحسب، بل يتعرَّض إلى الإصابة بشظاياها أيضاً؟
7-الجرائم الاقتصادية
أ-جريمة نهب البنى التحتية العراقية وتدميرها
تقدَّر خسائر العراق المباشرة، جراء الحرب العدوانية والاحتلال، بأكثر من أربعمائة وخمسين مليار دولار، شاملة نفقات بناء الجيش العراقي لأغراض التسليح والإعداد والتدريب وتلبية احتياجاته ومتطلباته من الناحية البشرية والأسلحة والعتاد والمعدات وكذلك المنشآت والمرافق العسكرية كمعاهد التدريب والمعسكرات والمطارات والمقرات والمصانع الحربية ومراكز الصيانة وكل المستلزمات والأجهزة الأخرى. كما يشمل المصانع الحربية التي تمَّ تقطيع أجزاء منها، وبيعها على شكل خردة إلى الدول المجاورة بأثمان بخسة ذهبت عوائده إلى الاحتلال مباشرة، أو عبر متعاونين معه من تجار الحروب, ويشمل المعدات والآليات العسكرية والأسلحة الخفيفة والثقيلة، ومعدات المطارات والمصانع العسكرية، وكل ما كان يشتريه العراق من العتاد. ويقدر الخبراء العراقيون بأن تلك المعدات والأسلحة إذا ما بيعت كان يمكن أن تسترجع ما يزيد على مائة مليار.
وقال جون هامر، رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الواقع في واشنطن: «هناك عملية نهب هائلة تهدف إلى تجريد أي شيء يُعتقد أن له قيمة داخل العراق لنقله إلى الخارج. إنه سلب نظامي للبلد. وظلت الوكالة الدولية للطاقة الذرية المتمركزة في فيينا تراقب بإحكام صور الأقمار الصناعية الملتقطة لمئات من المواقع العسكرية والصناعية في العراق. وكانت نتائج تحليلها مريعة حسبما قال جاك باوت، مدير مكتب التحقق النووي في العراق التابع للوكالة الدولية، إن «أكثر من عشرة مبان ومجمعات قد اختفت بالكامل من الصور الملتقطة». وقال: «نحن نرى مواقع قد تمت إزالتها تماماً».
ب-وسرقة أموال العراق المنقولة وجه واضح من وجوه الجريمة الأميركية الكبرى:
-في رسالة بعث بها السيد ديل ستوفل، وهو أحد المسؤولين في مكتب التعاقدات الأميركي الخاص بإعمار العراق، إلى الجنرال ديفيد بتراوس بتاريخ 30 تشرين الثاني من عام 2004 قال بالنص «لو أننا استمرينا في السير في الطريق ذاته الذي نسير عليه الآن فإني مقتنع تماماً بأننا سوف ندخل في دوامة اتهامات قضائية تقودنا جميعًا إلى السجن».
-كشفت هيئة الاستشارات والرقابة الدولية التي تم تشكيلها طبقاً لقرار مجلس الأمن 1483 الصادر في 22/5/2003 عن وقائع مهمة عن هدر أموال «صندوق التنمية العراقي» المودعة فيه إبان عهد بول بريمر. كانت تقدر بـ«20 ملياراً و200 مليون دولار»، منها 11 ملياراً من عائدات النفط العراقي، وسبع من الأموال التي نقلت من حساب برنامج النفط مقابل الغذاء.
وتبيَّن بشهادة مدققي حسابات انتدبتهم الأمم المتحدة، أن العراق هو البلد الوحيد المنتج للنفط في العالم الذي لم تستخدم فيه سلطات الاحتلال عدادات لقياس كميات النفط المستخرجة والمصدرة وتسجيلها. ولفت التحقيق إلى أن غياب العدادات كان الطريقة التي اختفى بها الجزء الأكبر من الأموال العراقية. يضاف إلى هذا أن عوائد النفط العراقي لا توضع في صندوق تنمية العراق، ما يشكل خرقاً لقرارات الأمم المتحدة.
تكثر السرقات وتتكاثر لجان التحقيق، وكشف تقرير أعده ستيوارت بوين المفتش العام لسلطة الاحتلال السابقة، ونشرته صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية أن السلطات الأمريكية تجري ‏تحقيقات بشأن عمليات فساد واحتيال وسوء استخدام أموال إعادة الإعمار في العراق‏.‏
واتهم عضو مجلس الشيوخ السناتور ريد الرئيس الأميركي بعدم القدرة على إدارة الأمور بشكل صحيح في العراق، والسماح لعملية إعادة الإعمار بالغوص في حالة من الفوضى، بعد عامين من احتلاله.
وجَّه تقرير لهيئة مكلفة من الأمم المتحدة اتهامات مباشرة بالفساد أو الرشوة أو سوء الاستخدام لعائدات النفط، ولاحظ أن الوزارات العراقية والوكالات الأميركية منحت عقوداً لشركات من دون مناقصة بلغت حوالي 100 مليون دولار(*)، واستنتج التقرير أن كل حسابات الحكومة المؤقتة كانت غير كاملة وأن وزارات الحكومة كانت تنفق عائدات النفط بطريقة غير ملائمة، وأحياناً تمنح عقوداً من عائدات النفط بطريقة غير معهودة وأنها تفشل في متابعة المشاريع التي مولتها لضمان استكمالها.
كشف تحقيق أجرته «هيئة الإذاعة البريطانية»، حقائق عن نهب ما يزيد على 20 مليار دولار من ثروة العراق وثلاثة مليارات من أموال الضرائب الأمريكية بددت سرقة ونهباً ورشوة. وقد شارك وتواطأ بالسرقة كل من قوات الاحتلال الأمريكي وعدد من الشركات الأمريكية، خصوصاً في الفترة التي سبقت حل مجلس الحكم العراقي.
8-جريمة تفكيك لحمة النسيج الاجتماعي في العراق:
حذر تقرير بعثة تقصي الحقائق إلى العراق التي أوفدتها هيئة الأمم المتحدة، برئاسة الأخضر الإبراهيمي، من أنه «إذا لم تتمكن العناصر الفاعلة، سواء العراقية أو غير العراقية، من التصدي العاجل للمسائل الأشد إلحاحاً، بما في ذلك الوضع الأمني، فإن التوترات الكامنة يمكن أن تغذي الإمكانات القائمة لإثارة النزاع المدني والعنف»، داعياً الجميع إلى «العمل بدأب لمنع تصعيد العنف بين الطوائف المختلفة والإسهام في العملية البطيئة الشاقة لبناء الثقة وخلق القوة الدافعة لتعاون متواصل».
أ-جريمة تجويع الشعب العراقي: الحقد الأميركي ذو تأثيرات سلبية على السكان المدنيين:
في تقرير رفعه جان زيغلر(*)، مقرر الأمم المتحدة للحق بالغذاء، أمام الدورة السنوية لمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، حذَّر من أن «وضع الحق بالغذاء في العراق مقلق جداً». وأشار إلى وجود صعوبات يعاني منها المواطنون العراقيون في التزود بالمياه الصالحة للشرب والى وجود «مزاعم أفادت بان قوات التحالف قامت بقطع المياه عمداً». أن «سوء التغذية لدى الأطفال العراقيين ما دون الخمس سنوات قد تضاعف منتقلاً من 4 % إلى 7،7% منذ سقوط نظام صدام حسين». مؤكداً أن «ربع الأطفال العراقيين يعانون من نقص حاد في الغذاء ونسبة الوفيات لدى الأطفال تزداد كل شهر».
يعلِّق أحد الكتاب البريطانيين قائلاً: هذه النَتائِجِ الخطيرة تَخْذلُ البعض منا في قسمِ «إجعل حياة أطفال الشرق الأوسط أفضل بالقوة العسكرية». وقد أثبتت المحاولاتِ السابقةِ مِن قِبل بريطانيا وأمريكا لتَحسين وضع الأطفالِ العراقيينِ فشلها. على سبيل المثال، سياسة تَطبيق العقوباتِ الأكثر تشدّداً قد أخفقتْ في تَحسين ظروف المعيشة كلياً، عندما فُرِضوا الحصار في 1990، فان عدد وفيات الأطفالِ تحت الخامسة قد تضاعف إلى ستّة أمثال. وبحدود العام 1995 قضى مليون ونِصْفِ مليون طفل عراقي نحبهم كنتيجة جُهودِنا المزعومة لمُسَاعَدَتهم. لكن جورج بوش أصر على قصفهم، وأْسرهم، وتعذيب آبائهم، وإذلال أمهاتهم، وقتلهم عند حواجزِ الطرق. ويتابع الكاتب قائلاً: في المملكة المتحدةِ هناك الآن 3.6 مليون طفلَ يَعِيشونَ تحت حدِّ الفَقرِ، و12.9 مليون في الولايات المتّحدةِ، والحكومتان عاجزتان عن إيجاد أموال لمعالجة ذلك، ولكن جورج بوش وتوني بلير، يُمْكِنهما أَنْ يوفرا أية كمية من المالِ للقنابلِ والقذائفِ والرصاصِ لتَحسين حياةِ الأطفالِ العراقيينِ.
يصف أحد الذين دخلوا مدينة الفلوجة بعد تدميرها الوضع فيها قائلاً: أصعب ما واجهني في بداية دخولي إلى المدينة رائحة الموت التي سوف لن أنساها ما حييت, مئات الجثث المتعفنة, داخل البيوت, والحدائق, والشوارع. جثث لرجال ونساء وأطفال, نهشتها الكلاب الضالة, خلفتها موجة الحقد التي اكتسحت ثلثي المدينة, فدمرت البيوت والمدارس والعيادات الطبية. تلكم هي حقيقة الاجتياح الأمريكي الرهيب والمرعب لمدينة الفلوجة. قالها مسؤول إحدى قوافل المساعدات الإنسانية في مدينة الفلوجة. ولا يعرف أحد من الذين قتلوا. فقوات الاحتلال تدفن الجثث بالبلدوزرات لكي تغطي على جريمتها.
ثالثاً: تحالف أممي يسهم في تنفيذ الجريمة المنظَّمة في العراق
1-طوني بلير منفِّذ بارع في تطبيق إيديولوجيا الإرهاب
قال رئيس الوزراء البريطاني توني بلير إن صور الانتهاكات التي يقال إن جنوداً بريطانيين ارتكبوها في العراق «مروعة وفظيعة». ومن ناحيته قال زعيم المحافظين مايكل هاوارد إن الصور «وصمت البلاد بالعار». ومن ناحيته قال الادعاء إن الأمر يتناقض مع معاهدة جنيف. إلا انه أضاف أن سلوك الجنود الثلاثة تعدى حدود الأمر بكثير. وقد اتفق السياسيون البريطانيون من كل الأحزاب على أن سمعة بريطانيا في الخارج قد تعاني من هذه القضية. وقال وزير الخارجية جاك سترو إن الصور «مثيرة للاشمئزاز ومهينة»، وستضر بصورة بريطانيا في الخارج. وكان قائد الجيش البريطاني الجنرال مايكل جاكسون قد أدان الانتهاكات إلا انه لم يعلق على الصور ذاتها.
يواجه الجيش البريطاني سلسلة من التحقيقات والدعاوي القضائية في انتهاكات قام بها جنوده في جنوب العراق. وأعلنت محكمة عسكرية بريطانية في ألمانيا، عن إدانة ثلاثة جنود بريطانيين، قال القاضي مايكل هنتر إنهم قاموا بانتهاكات وحشية وقاسية ومثيرة للتقزز. وخاطب أحد المتهمين قائلاً: أي شخص لديه حس أنساني سيصدم مما تحويه هذه الصور. ونقلت التايمز عن محامي الجيش أنهم يحضرون ملفات اتهام ضد 11 جندياً آخر، إضافة لسبعة من وحدة المظليين، متهمين بضرب عراقي وإحداث أضرار جسدية قاتلة عليه في أيار (مايو) 2003. ومن بين المتهمين الثمانية عشر، جندي تسبب في مقتل معتقل عراقي. وكان قد تم اعتقال الجنود البريطانيين بعد الكشف عن صور في متجر لطباعة الصور في بريطانيا كان الجندي غاري بارتام قد التقطها في العراق، تظهر مدنيين عراقيين عراة وفي أوضاع مخزية، ويتعرضون للتعذيب والإذلال الجنسي على يد الجنود البريطانيين.
ويعتقد مسؤولون عسكريون أن الانتهاكات التي قام بها الجنود للسجناء العراقيين هي أن يحملوا معهم قصصاً عن بطولاتهم في العراق عندما يعودون لبريطانيا. وأشاروا في هذا السياق إلى بارتلام الذي قام بالتقاط الصور. وفي كرسي الشهادة أشار بارتلام إلى جندي آخر لم يحاكم أجبر السجناء العراقيين على خلع ملابسهم والتظاهر بممارسة الجنس مع بعضهم البعض. واعتبر الجنود المدانون أن ما حدث في المعسكر كان عدوي لم تصبهم فقط بل وصلت إلى قمة التسلسل القيادي العسكري.
جيش الاحتلال البريطاني يواجه سلسلة من الاتهامات حول سوء معاملة أسرى في العراق. ونقلت صحيفة الأوبزرفر البريطانية، عن مصدر في وزارة الدفاع البريطاني، قوله «إن مدعين عامين عسكريين أنهوا تحقيقاتهم حول تسعة حوادث جديدة شارك فيها جنود بريطانيون وهم يعتقدون أن لديهم ما يكفي من الأدلة لتوجيه التهمة إليهم. ثلاثة منها تتعلق بحوادث مع عراقيين محتجزين لدى القوات البريطانية، وأربعة تتعلق بعراقيين قتلوا خلال عمليات عسكرية، والحالتان الأخيرتان تتعلقان بعراقيين جرحى»، موضحاً «أن المدعين يدرسون أيضاً 48 حالة أخرى في حين أنهوا درس 77 حالة».
أكد جندي بريطاني، شاهد عمليات التعذيب والانتهاكات التي ارتكبها رفاقه ضد الأسرى العراقيين في سجون البصرة عام 2003، أنها تمثل «جرائم حرب».
إن القوات البريطانية اتبعت أساليب جديدة في التعذيب من بينها تغطيس المعتقلين في مياه باردة وتوجيه لكمات وأمرهم بالرقص كمايكل جاكسون. قال أحد المعتقلين، إنه تعرض للضرب على العنق، والصدر وأعضائه التناسلية. وأضاف أنه تمت تغطية رؤوس جميع السجناء بغطاءين، وكان يقدم لهم الماء من خلال صبه على الغطاء، ليتمكنوا من لعق نقاطه التي تتسرب من نسيج الغطاء. وقال لقد اتبع الجنود نهجاً جديداً في إساءة معاملتنا، مضيفاً أنه خلال الليل، كان عدد الجنود يزداد، ليصل إلى ثمانية في الوقت ذاته، في بعض الأحيان. وأضاف: كان الجنود يلعبون لعبة مرعبة تتضمن الركل واللكم، حيث كانوا يحيطون بالسجناء ويتنافسون فيما بينهم لضرب أي منا إلى أبعد حد. لقد كانت الفكرة إن يحاولوا يجعلونا نرتطم بالحائط.
قالت صحيفة الأوبزرفر إن وزارة الدفاع البريطانية أكدت أن ثلاثة عسكريين بريطانيين كانوا في السجن ما بين يناير وأبريل من العام 2004، وهي الفترة التي ظهرت فيها تقارير التعذيب وإساءة المعاملة للمسؤولين الأمريكيين، وسيؤدي هذا الكشف إلى جر الحكومة البريطانية إلى الفضيحة الدولية حول تجاوزات قوات التحالف في سجن أبو غريب بعد كشف صحيفة الـجارديان أن الإهانات التي اتبعت في سجن أبو غريب تتماشى مع طرق عرفت بـ «آر 21» دُرِّست للقوات الخاصة الأمريكية والبريطانية.
بعد شهر من إنشاء المحكمة الجنائية الدولية تقدم «اتحاد المحامين اليونانيين» بدعوى ضد المسؤولين البريطانيين الذين شاركوا في اتخاذ قرار الحرب على العراق. وأن المحامين اليونانيين عملوا لتجميع المواد التي تدعم دعواهم، وتقدموا في 27 يوليو/ تموز 2003، بملف يتضمن 15 شريط فيديو، كل منها مدته 4 ساعات، تظهر المناظر الرهيبة لانتهاكات حقوق الإنسان خلال الحرب على العراق ، إضافة لمواد أخرى من الصحافة العالمية. وأضافت المتحدثة باسم الاتحاد: «لدينا أدلة قوية جداً حول التورط البريطاني في الحرب، والقوانين الدولية واضحة بهذا الشأن».
في ختام ثلاثة أيام من جلسات الاستماع في مدينة اسطنبول التركية، دانت «المحكمة العالمية حول العراق» الحرب التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا ضد العراق، ومن ثم احتلاله. وأوصت بإجراء «تحقيق شامل» حول «المسؤولين عن جرائم العدوان والجرائم ضد البشرية في العراق، بدءاً بالرئيس الأمريكي جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير وكل المسؤولين الحكوميين من التحالف العسكري». وطالب «الحكم» الذي تلته ناطقة باسم المحكمة «بانسحاب فوري وغير مشروط لكل قوات التحالف المنتشرة في العراق».
على الرغم من ذلك، لم ترتجف في لسان طوني بلير عضلة تفصح عن أنه المجرم الأول المسؤول عن كل ما يحصل في العراق. وهل لا يتحمل الذي يفلت العفاريت من قماقمها مسؤولية عما جنت يداه؟ وهل كان جنود الاحتلال يقومون في العراق بما قاموا به لو لم يوافق طوني بلير على قرار العدوان على العراق واحتلاله؟
2-والدانمارك لم تخرج من مولد جرائم التعذيب من دون حمص
اتهمت ضابطة استخبارات دانماركية إلى جانب أربعة أفراد من الشرطة العسكرية بإساءة معاملة السجناء في جنوب العراق. واتهم الخمسة بشتم السجناء وحرمانهم من الماء والطعام وإجبارهم على اتخاذ وضعيات قاسية ومهينة أثناء الاستنطاق.
3-والموساد لم يتغيبوا عن المشاركة في كعكة التعذيب
أكَّد أحد المعتقلين العراقيين خضوعه إلى تحقيق من قبل 3 من عناصر الموساد أثناء نقله إلى معتقل قصر الفاروق في تكريت. وأنه مثل أمام محققين من الموساد هم جوزيف، سليمان، وشالوم، وذكر أنهم من ضباط الموساد ومازالوا موجودين في المعتقل .
4-الأمين العام للأمم المتحدة متواطئ مع الولايات المتحدة الأميركية
إن إهمال عنان وغالي وتواطؤهما إنما يشكلان جريمة إبادة جماعية. فالضرورة تقتضي أن يحالا إلى محكمة الجرائم الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد أطفال العراق بقطعهم الغذاء والدواء عنهم. وهو ما نصت عليه الفقرة 25 من المادة الثامنة من نظام روما لمحكمة الجنايات الدولية: «تعني جرائم الحرب: تعمد تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب بحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لحياتهم بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الغذائية والدوائية على النحو المنصوص في اتفاقية جنيف». كما أن الولايات المتحدة الأمريكية متواطئة مع كل من بطرس غالي وكوفي عنان، فهي تعلم علم اليقين بهذه الجريمة ولكنها تكتمت عليهما مقابل تمرير القرارات غير القانونية وضمان سكوتهما لخدمة أهداف الولايات المتحدة.
5-وليس من المُستَغرَب أن تُسهم الحكومة العميلة بارتكاب الجرائم
وإن أعضاء «مجلس الحكم» يقتلون الناس واحداً بعد آخر. بهذه الكلمات استهل ستيفن غري في الأسبوعية البريطانية (نيو ستيتمان) مقالته عن مليشيات «مجلس الحكم» الأمريكي في العراق.
أدى الوضع الأمني المتردي في العراق إلى انتشار الجريمة بشكل لم يسبق له مثيل من سرقة وخطف للفتيات واغتصابهن وغيرها من الجرائم. فانتشرت الرذيلة والدعارة والمخدرات والخمر وكلها جرائم لم تكن موجودة قبل الغزو الأمريكي. ذكر الكاتب الأمريكي لورن ساندر في صحيفة (الواشنطن بوست) الأمريكية أنه التقي بسيدة عراقية تحمل ابنتها الصغيرة فقالت له: في ظل نظام صدام حسين كنا نقود السيارات ونمشي في الشوارع حتى الثانية صباحاً من دون خوف. ولكن الأمريكان جعلونا نخشى أن نسير في وضح النهار.
ونقلت العديد من الهيئات والمنظمات والأحزاب والصحف المحلية الكثير من القضايا والحالات التي حصلت فيها انتهاكات لحقوق الإنسان والمعتقلين على يد عناصر الشرطة والحرس الوطني من خلال إلقاء القبض العشوائي وسوء المعاملة بل والموت تحت التعذيب دون وجود مسوغ قانوني أو تهمة محددة بل مجرد شكوك أو وشايات كيدية لا تستند إلى وقائع وأدلة قانونية. ومن بعض معالم الجريمة العناوين التالية:
-صيدلية الرصيف: لم يعد العراقي بحاج إلى وصفة طبية لأنه يجد مختلف أنواع الأدوية معروضة على الرصيف. واستيراد الأدوية الفاسدة: توفي عشرات الأشخاص أثناء عملية التخدير وبفحص المادة المخدرة اتضح أنها تحتوى على مواد قاتلة. وبيع الدم على أرصفة الشوارع. وبيع الأعضاء البشرية. وخطف الأطفال مقابل فدية. وتجارة المخدرات.
رابعاً: كلمة أخيرة إلى طوني بلير
قمنا بتخصيص طوني بلير بكلمتنا لأن مقالنا جاء رداً على حصر اتهامه ما يسميه «إرهاباً» بالمشروع «الإيديولوجي للمتطرفين الإسلاميين»، متناسياً أنه يشارك في تنفيذ مشروع إيديولوجي «للمتطرفين الأميركيين». فجئنا لنكشف أمام الرأي العام أن دموع بلير التي ذرفها على المدنيين البريطانيين أشبه بدموع التماسيح. فلو كان خطابه يحمل مسحة إنسانية لكان عليه، قبل أن يهاجم جرائم الآخرين أن يمتنع أولاً عن المشاركة في جرائم تطول المدنيين العراقيين والفلسطينيين، وثانياً أن يكشف عن جريمة الجرائم التي يرتكبها عن سابق تصور وتصميم في العراق. جريمة الجرائم التي تفوق ملايين المرات جريمة تفجيرات أنفاق المترو في لندن. جريمة الجرائم التي لم تستثن البشر والحجر في العراق.
ما قمنا باستعراضه أعلاه ليس إلاَّ غيض من فيض، قمنا باختياره وتلخيصه من مشروع كتاب نقوم بإعداده عن «الجريمة الأميركية المنظمة في العراق»، نستند فيه إلى مئات التقارير والوثائق والأخبار والآراء القانونية والمقالات والشهادات الحية. ونحن نرجو أن يكون مقالنا هذا قد قدَّم صورة موجزة عن واقع الحال في العراق في هذه المرحلة، لا لكي تضيء الدرب أمامك، فملفات المخابرات البريطانية فيها الأكثر والأوفر، ولست أنت بعيداً عن الإلمام بها. ولكن غايتنا من الإضاءة عليها بالشكل المستعجل لحاجة ملحة أردنا منها أن نبطل دعاويك وأضاليلك أمام من قد ينبهرون بحسن بيانك، ووضوح خطابك، فأنت ضليع في التأثير على بعض شعبك، فلعلهم يطلعون على بعض الجريمة البشعة التي تشارك في ارتكابها مع جورج بوش. كما نريد أن يعرف بعض شعبك الذي لا يعرف أن الوجه الأخطر في «الإيديولوجيا الأصولية الدينية» لا يأتي من «الإيديولوجيين الأصوليين الإسلاميين» لوحدهم، بل هناك تيار «إيديولوجي أصولي يميني» أكثر التيارات تطرفاً في العالم، هو التيار الذي يقوده جورج بوش، حبيب قلبك، ويرأسه.
نقول هذا إذا كان من نفَّذ تفجيرات مترو الأنفاق في لندن فصيل من فصائل «الإيديولوجيين الإسلاميين»، ونحن نحسب أنه قد يكون أحد الفصائل التي تديرها المخابرات المركزية الأميركية بالتنسيق مع أجهزة الموساد الصهيوني.
تعال بنا طوني بلير إلى كلمة سواء، كلمة الحق والضمير، كلمة العدالة والمساواة، لنعمل من أجل قبر كل مشروع إيديولوجي يتبنى الإرهاب ويمارسه، على ألاَّ نستثني مشروع حبيب قلبك.
مع أننا لا يمكن إلاَّ أن نواسي الشعب البريطاني، وخاصة أصحاب الضمائر الحية من الذين تصدوا لك منذ البداية ونصحوك بالابتعاد عن «المشروع الإيديولوجي الأصولي» لجورج بوش، لكنك ضربت بنصائحهم عرض الحائط، وكدت تستخدم أسلوب جورج بوش الذي ركل كل أصحاب القانون على «قفاهم». نواسي الشعب البريطاني من أجل كل الضحايا الذين سقطوا، ولكن لن تفوتنا فرصة تذكيرهم بما قالته السيدة الأميركية سيندي شيهان، والدة جندي أمريكي قتل في العراق، مخاطبة رئيسها جورج بوش ونائبه ديك تشيني، فقالت لهما: « العزيزان جورج بوش ودك تشيني أنتما تثيران اشمئزازي إلى حد لا يصدق، أرسلا أولادكما للحرب في العراق أو أعيدوا لنا ما تبقى من أولادنا...حسناً أنا أتحداكما. إذا كنتما مؤمنيْن بالحرية إلى هذه الدرجة، فلماذا لا ترسلا أبناءكما إلى الحرب في العراق ليقاتلوا. وإذا كنتما لا تنويان إرسال أولادكما إلى الموت في هذا المستنقع، فأعيدوا الآن ما تبقى من أولادنا إلى الوطن».
فإذا كنت يا طوني بلير مؤمنا أن مواجهة «الإرهاب» لن تمر إلاَّ من العراق، أي أن الحرية والعدالة تمثلان في إنجازها، نرجوك أن تشارك أنت وأولادك فيها لكي لا يفوتكما شرف الدفاع عن الحرية والعدالة، لا أن تدع أبناء البريطانيين وحدهم ينالون الشرف لوحدهم. وإذا كنت مؤمناً بمشروع قائدك جورج بوش، نرجوك أن تعفينا من الإيمان به، واحتفظ به لنفسك وغيَّبه عن ظهر قلب إذا شئت، كما تستطيع أن تغليه على نار حامية وتشرب عصارته حتى الثمالة. كما نرجوك أن تقنع شعبك بصلاحيته قبل أن تقنعنا نحن، فنحن نرفضه. وهؤلاء أبطال الفداء فينا «يبولون» عليه كل يوم في كل شبر من أرض العراق، ويدوسون عليه بأحذيتهم ويلقون به في أقذر المستنقعات وفي «مراحيضهم» أيضاً.


([1]) لوران، أريك: عالم بوش السري: م. س: صص 27 - 40.
] راجع الفصل الخامس من كتاب أريك لوران: عالم بوش السري: م. س.
([2]) لوران، أريك: عالم بوش السري: م. س: صص 5 20.
([3]) مجدى أحمد حسين: »بشائر هزيمة أمريكا في العراق تلوح في الأفق«: magdyhussien@gawab.com.
([4]) شبكة البصرة: سيمور هيرش: »خطة البنتاغون السرية لتفكيك وتصفية المقاومة العراقية: الاستراتيجية والتكتيك«: في تشرين أول/ أكتوبر من العام 2003م، نشرت صحيفة لوس انجليس تايمز أن بويكن (هو الفريق وليام (جيري) بويكن Boykin المقرَّب جداً من رامسفيلد) أثناء حديث الأحد الصباحي أمام رواد إحدى الكنائس قرن الإسلام اكثر من مرة بالشيطان. ففي حزيران/ يونيو 2003م، وطبقاً للصحيفة قال بويكن أمام جمع كنسي في ولاية أوريغون: »الشيطان يريد أن يدمر هذه الأمة . يريد أن يدمرنا كأمة ، ويريد أن يدمرنا كجيش مسيحي«. وقد أثنى على الرئيس بوش باعتباره (الرجل الذي يصلي في المكتب البيضاوي) وأعلن أن بوش لم يكن رئيساً (منتخباً) وإنما (مفوضاً من قبل الرب).
([5]) وكالة الأنباء الإسلامية: «التاريخ الدموي للأمبراطورية الأمريكية: تاريخ العلاقة بين الإدارات الأمريكية وعصابات المافيا». نقلاً عن محمد حسنين هيكل في مقالته «مهمة تفتيش في الضمير الأمريكي» جاء فيها أن جون روكفللر حصل على غنى أسطوري من إبادة قبائل بأكملها في فنزويلا كي يسيطر على حقول بترول تأكد له وجودها، واستحق أن يوصف بأنه أسال دماء على سطح فنزويلا بأكثر مما استخرج من عمق آبارها نفطاً.
([6]) وكالة الأخبار الإسلامية: طلعت رميح: «جرائم أمريكا بين نظريات الإبادة الحضارية»: م. س.
([7]) وكالة الأنباء الإسلامية: «التاريخ الدموي للإمبراطورية الأمريكية: تاريخ العلاقة بين الإدارات الأمريكية وعصابات المافيا».
([8]) نقابة المحامين في بيروت: قضايا: معهد حقوق الانسان: عدد 4 – نيسـان 2001.
([9]) 3/ 7/ 2003م: محمد جمال عرفة: «المعونات تعفي الأمريكيين من المحاكمات!».

([10]) موقع أنترنت( صحيفة الشعب اليومية على الخط): « الولايات المتحدة تنسحب رسميا من معاهدة المحكمة الجنائية الدولية».

([11]) متابعة - و.خ.ع : 23/ 12/ 2004 : «أصابع الاتهام تشير لبوش: وثائق التعذيب بالعراق وغوانتنامو: لف المعتقلين بالعلم الإسرائيلي أثناء الاستجواب».
([12]) www.bbcarabic.com: «الولايات المتحدة تضر بحقوق الإنسان في العالم بأسره».
([13]) مفكرة الإسلام: 10/ 4/ 2005م. « قاضٍ أمريكي في إحدى محاكمات جوانتانامو: لا أهمية للقانون الدولي».
([14]) شبكة البصرة: 23/ 6/ 2004م: « كتب بوش في مذكراته: من حقي تجاهل اتفاقيات جنيف!».
([15]) 2/ 3/ 2005: باميلا هيس: «اتحاد الحريات المدنية الأمريكي يقاضي رامسفيلد بتهمة تعذيب المعتقلين».
([16]) م. ن.
([17]) مفكرة الإسلام: 13/ 4/ 2005م: «محقق بـCIA: الإدارة الأمريكية أقرت استخدام الوحشية مع الأسرى الأفغان».
* ترك ريكاردو سانشيز مهامه كقائد للقوات الأميركية في العراق في تموز/ يوليو 2004 بعد أن لطخت سمعته فضيحة عمليات التعذيب والإذلال في سجن أبو غريب.
([19]) www.bbcarabic.com: «دعوى ضد رامسفيلد بسبب انتهاكات أبو غريب».
([20]) واشنطن - اف ب: «الجنرال سانشيز سمح باستجواب معتقلين عراقيين مع استخدام الكلاب».
([21]) www.bbcarabic.com: « مذكرة أمريكية تسرد أساليب استجواب في سجون العراق».
([22]) 08‏/05‏/2004 مفكرة الإسلام: «مجندة أمريكية: مهمتي كانت تحويل السجن لجحيم».
([23])22/ 10/ 2004: بغداد ـ من تيري فريل: «وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أشرفت على تعذيب المعتقلين في أبو غريب».
([24]) اللواء ركن (م) حسام الدين محمد سويلم: مجلة الحرس الوطني السعودية: «خصخصة الحروب: شركات الأمن الخاصة ودور المرتزقة في حرب العراق».
([25]) 05‏/05‏/2004 القدس العربي: «معتقل عراقي سابق يروي فظائع معاملة الأمريكيين للأسرى».
([26]) 08‏/05‏/2004 مفكرة الإسلام: «حقائق خطيرة يفجره'فيسك عن فضحية تعذيب الأسرى العراقيين».
([27]) www.bbcarabic.com: « محامي الدفاع: صور أبو غريب لا تثبت الإساءة».
([28]) (www.bbcarabic.com): «اتهام أطباء بالجيش الأمريكي بارتكاب انتهاكات».
([29]) الطبيب الدكتور روبرت جي مفتون: « تقرير خطير : اشتراك الأطباء الأمريكان في التعذيب».
([30]) www.bbcarabic.com: «رمسفلد عرض تقديم استقالته مرتين».
([31]) www.bbcarabic.com: «التعذيب سياسة أمريكية تستهين بالقوانين الدولية». راجع ملاحق الفصل.
([32]) الخليج الإماراتية: 28/ 8/ 2004: «جزء سري من تقرير أبو غريب يدين سانشيز ».
([33]) (أرشيف البي بي سي): « رمسفلد عرض تقديم استقالته مرتين».
([34]) www.bbcarabic.com: «التعذيب سياسة أمريكية تستهين بالقوانين الدولية». راجع ملاحق الفصل.
([35]) 27‏/05‏/2004 لندن ـ القدس العربي: « تقرير بريطاني: تقنيات التعذيب في سجن أبو غريب تحمل العلامة الإسرائيلية».
([36]) مفكرة الإسلام: 24 أبريل 2005م: «هيومان ريتس تؤكد تورط قادة أمريكيين في فضيحة أبوغريب».
([37]) الوطن السعودية: 5/ 5/ 2004م: «تقرير أوروبي: اغتصاب النساء وهتك عرض الرجال».
([38]) (www.almokhtsar.com): «طرد محقق دولي في حقوق الإنسان لفضحه انتهاكات أمريكية لحقوق السجناء في أفغانستان».
* في كانون الثاني/ يناير من العام 2004، كما أنه أدين كذلك في حادث آخر وقع بمدينة بلد في كانون الأول/ ديسمبر 2003.
([39]) مفكرة الإسلام: 16/ 3/ 2005: « السجن 45 يومًا لضابط أمريكي متورط في إغراق أحد العراقيين!!».
([40]) 25‏/05‏/2004 مفكرة الإسلام: «محامون بريطانيون يبدءون حملة لمقاضاة الرئيس الأمريكي كمجرم حرب».
([41]) نيكولاس وود: «جريمة حرب أم حرب عادلة : دعوى قانونية ضد بلير»: عرض وتقديم: ابراهيم درويش: القدس العربي 3/5/2005.
([42])21‏/01‏/2004 نيوز أرشيف: « دعوى أمام محكمة لاهاي تتهم بلير وهون بارتكاب جرائم حرب في العراق».
([43]) شبكة البصرة / رويترز - إسلام أون لاين 22/ 3/ 2005: «مطالبة عراقية بمحاكمة بوش وبلير».
([44]) وكالة الأخبار الإسلامية:27 / 4/ 2005: « انتهاكات الأمريكان في أبو غريب نقطة في بحر».
([45]) 05‏/05‏/2004 القدس العربي: «معتقل عراقي سابق يروي فظائع معاملة الأمريكيين للأسرى».
([46]) 4/ 3/ 2005: القدس العربي: «الجيش الأمريكي يحتجز 8900 عراقي ...».
([47]) (www.bbcarabic.com): «اتهام أطباء بالجيش الأمريكي بارتكاب انتهاكات».
* الجنرال جيمس ماتيس يترأس إحدى فرق مشاة البحرية الأمريكية في العراق. وردت أقواله في محاضرة شارك فيها بمدينة سان دياجو بولاية كاليفورنيا عن استراتيجية الحرب ضد الإرهاب.
([49]) نيكولاس وود: «جريمة حرب أم حرب عادلة : دعوى قانونية ضد بلير»: عرض وتقديم: ابراهيم درويش: القدس العربي 3/5/2005.
([50]) « ضرورة التحرك العاجل لمنع جرائم الحرب في العراق»: مطبوعات مشروع العدالة الدولية: وثيقة عامة رقم: MDE 14/057/2004 : وثيقة عامة رقم: 14/057/2004 .
([51]) سليمان نزال (كاتب فلسطيني): الدانمارك: دنيا الوطن: «اغتصاب... اغتصاب... اغتصاب».
* كان هيرش هو أول من فجر فضيحة التعذيب في سجن أبو غريب عبر مسلسل من المقالات نشره في مجلة «نيو يوركر» الأمريكية. وتناقلت أجهزة الإعلام الأمريكية والعالمية المعلومات التي أوردها هيرش في تلك المقالات لتتحول تلك المعلومات بعد ذلك إلى ما يعرف الآن بفضيحة أبو غريب.
* توماس يعمل مستشار أمن بشركة خاصة تعاقدت معها الحكومة وقد سجل بهذا أول قتل للعدو برصاصة جديدة ومثيرة للجدل.
* وذكر التقرير أن وكالة أميركية اشترت سيارات عسكرية واقية تبلغ قيمتها 980 ألف دولار من عائدات النفط. وسجل التقرير انتهاكاً لحكومة علاوي لقرار مجلس الأمن، وذكر على سبيل المثال أن الحكومة حولت مبلغاً من عائدات النفط المصدر إلى سورية إلى حسابها الخاص.
* عينت الأمم المتحدة جان زيلغر في أيلول/ سبتمبر 2000 مبعوثاً لشؤون الحق في الغذاء. وانتخبته مفوضية حقوق الإنسان لولاية ثانية من ثلاث سنوات عام 2003 بالرغم من معارضة «إسرائيل» والولايات المتحدة.

ليست هناك تعليقات: