الخميس، فبراير 25، 2010

بوش ومنطق »عنزة ولو طارت«.

-->
بوش ومنطق »عنزة ولو طارت«.
يصف المثل العامي كل الذين يضمرون في أنفسهم أن لا يصدقوا أية حقيقة بمنطق ال»عنزة ولو طارت«. وهذا هو حال جورج بوش رئيس الولايات المتحدة الأميركية مع العراق.
وجَّه بوش التهمة، والتهمة هي حيازة أسلحة الدمار الشامل. والمتهم هو العراق، وتهمته أنه حائز على تلك الأسلحة. ولما كان بوش قد وكَّل نفسه بوظيفة القاضي، أجاز لنفسه بتوجيه التهمة للعراق.
ومنطق العدالة، كقيمة إنسانية عليا، ينص على أن إثبات التهمة هي من مهمة القاضي. كما وتنص، أيضاً،على أن البيِّنة على من ادَّعى.
فللمدَّعي الأميركي والقاضي معاً، الذي أناب نفسه عن كل قضاة العالم، منطق معكوس ومخالف لكل القيم الإنسانية. وتتلخص قواعد لا منطقه في الأسس التالية:
-من مهمات القاضي العادل الذي ينظر في تهمة ما أن يقدِّم للمحكمة أدلة تدين المتهم، ويفسح للمتهم فسحة يعمل فيها على نفي التهمة. أما جورج بوش فقد اتَّهم من دون أن يقدِّم أية أدلة. وطلب من المتهم أن يقدم الأدلة التي تدينه. وبدلاً من أن يطلب من المتهم تقديم الأدلة التي تظهر براءته فقد أجبره على تقديم أدلة تثبت التهمة على نفسه.
-إذا أثبت المتهم التهمة على نفسه، فسوف يُعاقب على أساس الأدلة التي قدَّمها عن نفسه. وإذا لم يُثبتها فسوف يُعاقَب أيضاً لأنه لم يقدم الأدلة التي تثبت التهمة.
-ستكون النتيجة أن العقوبة هي المصير الوحيد. وهذا يعني أن التهمة ثابتة لا يقدم إثباتها أو نفيها في نوعية الحكم ولا يؤخر.
لا نستطيع هنا إلاَّ أن نشبِّه منطق جورج بوش إلاَّ بمنطق ال»عنزة ولو طارت«. فهو يدين العراق في كل الأحوال، ويريد أن يقود العدوان عليه، سواء بمبررات أومن دونها.
لن ننسى، نحن المشرقيون، قواعد الحكم القراقوشي. وحكم قراقوش يقوم على قاعدة أن أي حكم يجب أن يأخذ مصلحة الأقوى حتى ولو تجاوز قواعد المنطق والعدالة. ويفهم الغربيون، كما يفهم المشرقيون، أن الحكم لمصلحة الأقوى هو قاعدة شهيرة في التعسف ومن حق الأقوى أن يتجاوز كل القيم في العدالة والإنصاف.
أما الأغرب من منطق الأقوى فهو منطق الأضعف.
فإذا كان للأقوى مصلحة في تعميم شريعة اللاعدالة، فأين تقع مصلحة الأضعف؟
فإذا كان الأضعف لا يملك حجة إلاَّ الخضوع لمنطق الأقوى فليس أقل عليه من أن يقفل فمه. يقفل فمه أفضل من أن يُسبِّح، كطقس من طقوس مجاملة الجبان للأقوى، بحمده، وأن يشكره ويُثني على عدالة لا عدالته.
وهنا، لا بُدَّ من أن نرفض المثل القائل »اليد التي لا تستطيع أن تعضها قبِّلها وادع عليها بالكسر« . بل عليك أن لا تقبِّلها على الإطلاق. وأن تستفيد من الوقت المناسب الذي سوف يسنح لك، حتى ولو بعد حين، لكسرها. ومن بعد الكسر تكسرها مرة ثانية وثالثة حتى تصبح عاجزة عن مدها للجبناء كي يلثموها شاكرين.
فإلى مادحي جورج بوش، خاصة من الناطقين باللغة العربية، نتوجه بالنصيحة التالية:
إذا كنتم لا تتجرأون على مشاركة العراق في ردع لا عدالة جورج بوش ولا منطقه وإذا كنتم لا تتجرأون على قول كلمة حق في وجهه، كظالم،
فمن العار أن تتوجهوا إلى العراق (الضحية) بكلمة لوم إذا لم يقبِّل اليد الأميركية لأنه لا يستطيع أن يعضها، بل من الواجب عليكم أن لا تنشطوا بكيل النصائح إليه وتجميل اليد الأميركية لكي يلثمها خاشعاً أمام جبروتها الفرعوني.
إن العراق، بقيادته البعثية، وبصلابة موقفه، لن يرضى إلاَّ بالإعداد لكسر اليد الأميركية، ولو بعد حين.

ليست هناك تعليقات: