الخميس، فبراير 25، 2010

المطرقة الحديدية آخر مبتكرات الإدارة الأميركية لإنقاذ ماء الوجه

-->
المطرقة الحديدية آخر مبتكرات الإدارة الأميركية لإنقاذ ماء الوجه
الكفاح العربي: تاريخ أواخر تشرين الثاني 2003
لما لمست الإدارة الأميركية أن ضربتها الوقائية ضد الإرهاب، كإعلان تريد أن تغطي فيه أهدافها الحقيقية، قد انعكست سلباً عليها في الداخل الأميركي، كما دفعت حلفاءها / ممالئيها من الدول الأخرى إلى تركها وحيدة في العراق »تقلَّع شوكها بيديها«، راحت تغير استراتيجيتها في مواجهة المقاومة العراقية على طريقة المطرقة بعد أن فشلت وسائلها السابقة كمثل »عقرب الصحراء«، و»الأفعى المتسلقة«.
وبعد أن عجزت لسعات »عقرب الصحراء« و»الأفعى المتسلقة« عن عضِّ أحذية المقاومين العراقيين البواسل، توهَّمت بنصيحة من الموساد الصهيوني- أنها تكسب الجولة إذا استخدمت (هذه المرة) »المطرقة الحديدية« لترهيب الوسط الشعبي العراقي (الذي يحمي المقاومين وييسر لهم القيام بمهامهم) لإحداث شرخ بينه وبين المقاومة.
ولما لمست الإدارة الأميركية (وعلى رأسها بوش الصغير) أن عنترياتها بالقضاء على المقاومة باتت موضع سخرية النادي السياسي الأميركي، كما أصبحت موضع سخرية شعبية، شمَّرت عن زنودها وشربت ليترين من الويسكي وحرَّكت رامبو وأفلتت له الزمام لكي يقصف هنا وهناك، ولكي يخلع أبواب البيوت برفسة (نعم رفسة) من حافره، وكل ذلك ليثبت أنه سوبرمان عصره وفصله، وأنه قادر على زرع الخوف في نفوس الأطفال والنساء، وأنه قادر على اعتقال الرجال مكبَّلين وأيديهم خلف ظهورهم.
لكن بوش / رامبو أميٌّ يجهل قراءة التحدي في عيون »الماجدات العراقيات«، كما يجهل قراءة علامات الاستفزاز التي تظهر في حدقات أطفال المدن والقرى العراقية، ويجهل قراءة المفعول السحري الذي ينتجه تحدي الاحتلال عند العرب العراقيين فيفضلون الشهادة على الخضوع لنير أجنبي غاصب، كما يفضِّلون حرق اللقمة التي يوفرونها ليقروا ضيفهم على أن يسمحوا للصوص أن يغتصبوا تلك اللقمة ليحرموا العالم منها.
فالماجدة العراقية اليوم- ومثالها (كردية تركي علي) مسؤولة عن خلية فدائية في الفلوجة وعناصرها أطفالها الستة. قامت قوات الاحتلال باعتقالها مع أطفالها في 21/ 11/ 2003م)، تنخرط بطواعية وإيمان في شن هجمات عسكرية على قوات الاحتلال، وهي تقبع اليوم في سجون الاحتلال، وتهمتها أنها تقاوم القوات الغازية وتوقع الخسائر في صفوفهم.
مع الحزن العميق الذي يعتصر قلوبنا مما يتعرَّض له الشعب العراقي من ألم ومعاناة، نقول: حسناً فعل بوش الصغير (النبي الكذَّاب) عندما احتلَّ العراق، وهو الذي احتلَّ العالم بأسره (عندما أقنع ضعاف النفوس من العرب، وعندما زرع الخوف عند الدول الكبرى).
حسناً لأن القدر ساق بوش (الذي توهَّم أنه مخلص العالم بفعل تنويم مغناطيسي مارسته عليه الصهيونية العالمية)، فراح يكتوي بنار شعب عراقي متعطش للنضال ضد مشروع العولمة الأميركي الصهيوني. ذلك الشعب الذي قاتل المشروع على الجبهات المصرية والسورية والفلسطينية واللبنانية، الشعب الذي أوصل تعداد جيش القدس إلى سبعة ملايين متطوع لتحرير القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة (على الرغم من بعض وسائل الإعلام التي امتدحت مسيرات يوم القدس في العراق، في 21/ 11/ 2003م، مدَّعية أنها تحصل لأول مرة هناك). فكيف لا يقاوم على أرضه وهو الذي كان يقطع آلاف الكيلومترات للتضحية بنفسه، في معظم الأقطار العربية التي تعرَّضت للاحتلال، من أجل أن يفشل مشاريع الاحتواء والهيمنة والاحتلال؟
على من تستخدم مطرقتك يا بوش؟ لقد غرقت في الأوحال، ومطرقتك لن تجد تحت ضرباتها إلاَّ الرمال، وهيهات أن يطحن الحديد حبة رمل واحدة.
وإذا كانت مسؤولية التقصير في ملاحقة المقاومة والقضاء عليها قد دُبَّت في رقبة جهاز المخابرات، وقد صدَّقت الحكومة الإسبانية تلفيقات قياداتك العسكرية، فراحت ترسل ضباط مخابراتها إلى العراق من أجل نيل جائزة الترضية، فاسأل المقاومة العراقية كيف تستطيع أن تصطاد ثمانية منهم دفعة واحدة- وفي جعبتهم خطط وبرامج اصطياد رجال المقاومة العراقية، فتحولوا إلى صيد ثمين في أيدي الطريدة التي يتربَّصون بها.
وإذا كانت مطرقتك قد فرضت عليك أن تسلك طريق سياسة »ديك الحبش«، فتأتي إلى العراق متسللاً كاللصوص، فانظر كم هي واهية قوة »عقارب وأفاعي ومطارق« إدارتك التي أعماها الغرور، وأغراها الجشع، فنظرت إلى العالم كبيدر يعود ريعه إلى جيوب القياصرة الجدد. فعليك أن تعيد النظر، ليس برجالك لأنهم ينفِّذون من خلالك مشاريعهم ويروِّجون لأفكارهم الحربية، بل بأوهام مشروع أصحاب »القرن الأميركي الجديد«. أفلا يكفيكم مطرقة المقاومة العربية، التي يحملها أبناء العراق النشامى، لتوقظكم من أوهامكم قبل أن تنكسر الجرة الأميركية بعد أن أصابها التصدع الشديد على أرض الرافدين؟
حتماً سوف تفشل مطرقة بوش في تطويع إرادة الشعب العراقي. أما هل يستعيد بوش الصغير ثقة الشعب الأميركي ويعيد الطمأنينة إلى نفوس جنوده المنهارة؟ وهل يعيد الطمأنينة إلى نفوس أهالي الجنود الخائفين على مصير أبنائهم؟ وهل يستطيع التقليل من النعوش التي تصل إلى أميركا؟ وهل يستطيع أن يقلل من عدد الجرحى بين جنوده؟ وهل ستستعيد العيادات النفسية وضعها الطبيعي قبل احتلال العراق؟
كل تلك الأسئلة، التي ينتظر بوش جواباً عليها من مطرقته الحديدية، سوف تبقى عالقة من دون جواب، كما أنها سوف تزداد اتساعاً كلما طال وقت الاحتلال.
أما السؤال الأكثر حرجاً ورهبة وإلحاحاً، هو السؤال/ المساءلة، السؤال / الاستجواب، الذي يرفعه أصحاب الشركات الأميركية عن مصير أموالهم ورساميلهم التي وظفوها في مشروع بوش في العراق.
هنا، تكمن الطامة الكبرى التي يحسب لها بوش ألف حساب. فعلاقته هنا ليست بين شعب مستاء يعبِّر عن استيائه بالكلمة والتظاهرة والرسالة الإلكترونية وبين حاكم أخطأ، ولن يكون الحكم عليه يتمثَّل بإسقاطه في الانتخابات. فعلاقته مع أصحاب الرساميل علاقة المافيات مع عملائها. فسقوطه في التجربة معها يعني موته الحتمي. فانتظر يا جورج الصغير، فحسابك مع أبناء شعبك، ومصيرك متعلق بقرار من المافيات التي وظَّفتك عميلاً لها في إدارة البيت الأبيض.
وإلى أن تتبيَّن إشكاليات الصراع بين صقور البيت الأبيض، وليس على صعيد المواجهة بين الاحتلال والمقاومة الوطنية العراقية لأن نتائجها أكثر من واضحة، فاقرئ من زنود المقاومة السلام إلى مطرقتك الحديدية يا جورج الصغير. واسألها أي مصير آلت إليه »عقرب الصحراء«، و»والأفعى المتسلقة«، وأخواتهما في سلسلة الإرهاب الأميركي على شعب العراق.

ليست هناك تعليقات: