-->
-->
رد حول ردود وتعليقات على مقال غالب الفريجات
8/ 12/ 2004
بداية لا بدَّ من التذكير بالفرمان السلطاني الأميركي الذي تمَّ توزيعه على كل عملاء ال(سي آي إيه) في شتى أنحاء العالم، والذين عليهم أن يلتزموا به في إسهاماتهم الإعلامية. ووقائعه أن أصحاب مشروع »القرن الأميركي الجديد«، ومن أهمهم: (تشيني، رامسفيلد، ريتشارد بيرل، بول ولفووتيز، وليم كريستول…)، أولوا الإعلام اهتماماً كبيراً في العدوان على العراق، وقد جاء في إحدى توصيات أصحاب المشروع –كما أوردته جريدة القدس العربي (أواسط تموز / يوليو 2003م)- ما يلي: من الضروري أن تركز أجهزة الإعلام، وخاصة الفضائيات وكُتّاب المقالات والتعليقات، على الموبقات والجرائم التي ارتكبها نظام صدام حسين، بشكل يومي، وتكرار التعليق على المقابر الجماعية وضحايا الأسلحة الكيماوية، وعلى أحداث القتل والاعدامات والتحكم الفردي بمقدرات العراق، دون نسيان الحديث عن القصور الفخمة والبذخ والاسراف، وذلك من أجل صرف النظر عن الاحتلال الأميركي.
ونحن نراجع هذا الفرمان، في الوقت الذي نقرأ فيه ردوداً على مقال الدكتور غالب الفريجات، من أمثال بعض الخفافيش الذي يكتبون ردوداً ببغائية على مواقع الأنترنت كلما قام أحد الكتَّاب بالدفاع عن نظام حزب البعث في العراق. وهم يستنكرون –بخلفيات ديكتاتورية مخابراتية- أية إيجابية لنظام حزب البعث.
كان من هؤلاء المدعو (الصحفي الفلسطيني مهند صلاحات) الذي نشر رداً مسهباً على مقال الدكتور غالب الفريجات.
سواء إلى المستورين أم الذين يعلنون آراءهم بأسمائهم الصريحة نتوجَّه بالرد، على الرغم من أنهم لا يعترفون بحقتا في ممارسة الديموقراطية لأن أجهزة الإعلام الأميركية، والمتواطئة معها، هي وحدها التي تفصِّل القمصان والبيجامات والثياب الداخلية للديموقراطية. ولأن أمثال الذين ردوا على الدكتور الفريجات لن يدعونا نمارس هذا الحق بحجة الانتماء الى فكر البعث، فنحن لم يرهبنا بول بريمر جزار (اجتثاث فلسفة حزب البعث من المجتمع العربي)، لذا لن يرهبنا هؤلاء أو أولئك من ببغاوات السياسة والثقافة.
هم ببغاوات –بدون أدنى شك- والسبب أنه لو أدخلنا كلمة المصطلح المدروس مخابراتياً بعناية، وهو ( جرائم صدام حسين وديكتاتوريته) في محرك البحث في الأنترنت لأُصبنا بالذهول من التفاهم المطلق حوله من أوساط كثيرة يجمعها عنصر الحقد للحقد والكره للكره ليس لصدام حسين وحزب البعث فحسب، بل لكل من يتفوَّه أو يستخدم مصطلح (القومية العربية) أيضاً. ومن غرائب الأمور أن تلتزم الأوساط الصهيونية وأصحاب مشروع الأمركة القذر، بكل من يحيط به في الأوساط الدولية، وبكل من يساعده في العالمين العربي والإسلامي، بفرمان السلطان الأميركي المشار إليه أعلاه.
تساوى شارون –بالنظر الى صدام حسين ونظام حزب البعث في العراق بشكل خاص، وأي نظام قومي بشكل عام- مع الحركات السياسية الإسلامية من سنة وشيعة، مع أصحاب الفكر الليبرالي العربي السائر على خطى مشروع أمركة العالم، مع أنظمة المافيات الدولية في العالم أجمع. وراح بعض الخفافيش المستورين والمعلنين يرددون –ببغاوية مطلقة- ما أشار إليه فرمان السلطان الأميركي.
لقد حيَّرنا هؤلاء وأولئك.
فإذا قلنا لهم إن صدام حسين طلَّق كل بهارج السلطة، وقال: لا لأميركا، رافضاً كل ترغيبها وترهيبها. قالوا: هو عميل أميركي؟
وإذا قلنا إنه أطلق تسعة وثلاثين صاروخاً على الأرض التي احتلتها الصهيونية. قالوا هو عميل أميركي.
وإذا قلنا إن صدام حسين له مصطلح دائم في قاموس خطابه (لتعش فلسطين حرة عربية من البحر إلى النهر). قالوا إنه عميل.
وإذا قلنا إنه دعم نضالات الفلسطينين، وكان يقدِّم من لحم العراق الحي مساعدات لكل فلسطيني يهدم العدو الصهيوني بيته، ولمن يقع شهيداً، ولمن ينفذ عملية استشهادية، قالوا: إنه عميل.
وإذا قلنا: إنه خطط للمقاومة العراقية لمواجهة العدوان الأميركي، كبديل للحرب النظامية، وأعدَّ مستلزمات انطلاقها، قالوا: إنه عميل.
وإذا قلنا: إن التخرصات التي ساعدت من سمَّت نفسها (معارضة عراقية) ليست أكثر من ادعاءات كاذبة رسمتها أجهزة البنتاغون والكابيتول والبيت (الأسود). قالوا: إنه عميل. أما (المعارضة التي قدمت على ظهور الدبابات الأميركية) إنما أتت لتخليص العراق من الديكتاتورية؟؟!!
وإذا قلنا: انظروا الى بشاعة الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بمساعدة وغطاء من عملائه من (المعارضة العراقية سابقاً). قالوا إن صدام حسين ديكتاتور.
عجباً. ليست الببغاوية على هذا الشكل. نحن نعرف أن الببغاوية تنقل الكلام حرفاً حرفاً. أما هؤلاء ف(ببغاوات) لديهم بعض الحرية إذ أجادوا في تزويق الكلام لخداع الناس أكثر. ولكن كيف يستطيع هؤلاء أن يزوِّجوا (الخيانة) مع الوطنية. وأن يزوِّجوا (الثائر في وجه أميركا) لمفهوم (العمالة لأميركا). وأن يزوجوا (الذي يدعم المقاومة الفلسطينية) مع (المتآمر مع العدو الصهيوني). هل بلغت درجة الغباوة والاستغباء هذا المستوى من الدجل والخداع؟
عجباً لأمثال هؤلاء. نقول إن مشاكلنا الداخلية يمكننا أن نحلها على القاعدة الشرعية حسب مصطلح (الاختيار الذاتي وحق الشعوب في تقرير مصيرها)، يقولون: إننا لن نتحرر سوى تحت حذاء الوحش الأميركي حتى لو التهمنا. وليس هناك من سبب إلا التخلص من (توتاليتارية) الأنظمة التي تحكمنا.
وعلى قاعدة المماحكة، كمثل ما يمارسه السيد مهند صلاحات، يبرر بشكل غريب ومقزِّز كل الأخطاء التي يقع فيها عملاء الاحتلال، بدءًا من إعدادهم لغزو العراق مؤتمرين بأوامر المشروع الأميركي، انتهاءً بعمالة هذا أو ذاك للاحتلال بشتى الوسائل والسبل. فاحتلال العراق وتخريبه وتدمير كل منشآته الحيوية واغتيال العلماء وسرقة الآثار فيه، وتهديم منشآته العلمية والعسكرية، وفرض حكومة عميلة وافتعال مسرحية الانتخابات وتفتيت النسيج الوطني العراقي إلى تكتلات وتروستات مذهبية ودينية وعرقية... لم يظهر سبب أمام (مهند) إلا أنها كانت بفعل ديكتاتورية صدام حسين وحزب البعث؟؟!!
عمالة (قوات بدر) و(الحزب الإسلامي في العراق) كانت نتيجة لديكتاتورية صدام حسين وحزب البعث؟؟!!
ليس هذا إلا منطقاً تخريبياً.
وليس هذا الا تبريراً مشبوهاً.
ما رأيك يا مهند لو أن حزب البعث قد استعان بك من أجل مراقبة أجهزته السياسية والأمنية والقضائية، وكلَّفك بمحاكمة من تعامل مع عدو خارجي، إيرانياً كان أم أميركياً؟ ونسألك ما هي الأحكام التي تصدرها بحق هؤلاء؟
كما نسألك: هل لديك مصدر إثبات على ما تقول وتتهم غير مصادر (المعارضة التي ثبتت عمالتها للمخابرات الأميركية والصهيونية)، وغير ما أشاعته مخابرات البرازاني والطالباني (وليست خافية عليك علاقاتهم المشبوهة بشتى أنواع المخابرات منذ وقت طويل)؟؟
لا تكن كالشاهد المخدوع. كما عليك أن لا تكون ببغاء تردد ما سمعت من دون تحليل أو تمحيص.
وهل الذين (فبركوا) الاتهامات إلا من الذين يستقدمون –حتى الآن- جنوداً صهاينة، وخبراء صهاينة، وعصابات صهيونية، تسرح وتمرح في أرجاء العراق، وليس لهم مهمة غير تدمير كل البنى الحضارية النهضوية التي بناها صدام حسين وحزب البعث في العراق؟
هل أتى الصهاينة إلى العراق من أجل إسقاط عميل أميركي؟
هل أتى الصهاينة إلى العراق من أجل إسناد الوطنيين والقوميين؟
هل أتى الصهاينة إلى العراق من أجل زيادة المساعدات للشعب الفلسطيني؟
هل أتى الصهاينة إلى العراق من أجل الاحتجاج على مواقف صدام حسين وحزب البعث على تقصيرهم في دعم المقاومة الفلسطينية؟
هل أتى الأميركيون والصهاينة إلى العراق من أجل تنصيبك مراقباً على حسن تطبيق الديموقراطية في داخل الأحزاب العراقية، ومن أجل مراقبة حسن تطبيق الديموقراطية الأميركية في العراق؟
كن مطمئناً أيها السيد (مهند) إن من يدافع عن العراق، رئيساً وشعباً وحزباً، ليس مستنداً إلى فراغ. بل نريد أن نختم هذا الغيض من فيض الأسباب التي تجعلنا في موقع الدفاع عن العراق، بكل ما ذكرنا، هو ما قاله أحد الباحثين الفلسطينين : (ليس من سبب دفع الأميركيين للعراق أكثر من سبب أنه بنى أحدث وأكبر مشروع نهضوي قومي عربي). هذا مع العلم أن المذكور، الذي نحجم عن ذكر إسمه، لأننا لم نستشره في هذا الأمر. وهو يعد –من خلال مركز للأبحاث- الصورة الواقعية لذلك المشروع الذي بلغ مجلدين كبيرين حتى الآن.
وكي يبقى للود مكان مع السيد مهند صلاحات ندعوه الى طاولة حوار موضوعية بعيداً عن الاتهامات المعلبة ومنطق اللامنطق.
وأخيراً نقدم اعتذارنا للدكتور غالب الفريجات على ردنا على الذين قاموا بالرد أو التعليق على مقاله لأننا نعتبر أن ما نشره وما نشروه أصبح ملكاً للقارئ وليس ملكاً لهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق