-->
-->
مع سميرة رجب
حتى يفيء الحاقنون بنار الفتنة عن غيِّهم
في 1/ 3/ 2005م
بعد نشرها مقالاً في موقع «المحرر» وفي مواقع أخرى، تحت عنوان «ما قبل وبعد إعلان نتائج الانتخابات في العراق» تعرَّضت سميرة رجب، الكاتبة البحرينية، إلى ردود أفعال عديدة من قبل أوساط بحرينية راحت تحقن بنار الفتنة بدلاً من الرد عليها بموضوعية على ما اعتبروه مساساً بالمرجع الشيعي «علي السيستاني». فلو مُورست الردود على ذلك المستوى بين أصحاب «الرأي»، و«الرأي الآخر»، لما كنا قد لجأنا إلى ردنا هذا. أما وأن يتعرّض أصحاب الرأي إلى هجمة على ذلك المستوى فلا نرى أنفسنا خارج تلك الهجمة، بشكل مباشر أو غير مباشر.
وفي المقارنة بين أسلوب الكاتبة –التي نحترم- وبين أسلوب الردود التي وصلت إلى درجة من الانحطاط في مواقع عديدة للأنترنت، والتي قمنا بمتابعة جزء منها، وعجزنا عن متابعة أكثرها لأنها لا تمت إلى مبادئ الرأي الواعية بصلة، اخترنا أن نقف إلى جانب سميرة رجب. وفي موقفنا هذا نحاول أن ندعو المتعقلين من الحريصين على وحدة الأمة واحترام كتَّابها ومفكريها أن يلملموا ما بدت تفوح منه رائحة العفونة التعصبية.
أما حول ما أثارته الكاتبة فنعلن موقفنا إلى جانبها، كما نتوجَّه إليها قائلين:
سميرة رجب، لا تهني ولا تحزني، فأنت الأعلى من الحاقنين بنار الفتنة لأن الحجة فاتتهم، وغلبهم عار التعاون مع «الشيطان الأكبر». فلم يعد لديهم ما يدفعون التهمة عن أنفسهم غير الهجوم على الشرفاء من أبناء هذه الأمة.
فإن يستغفلنا أحد فلن يخرج إلاَّ بسلة فارغة لأن العقل الذي وهبنا الله هو خير حصانة لنا. وإن حاول أحد أن يُبعد أحداً –مهما علت رتبته- عن مواقع النقد، إذا أخطأ، فهو يسطو على سلطة ليست له.
ولا ينسى المدافعون عن السيستاني ورمزية موقعه أنهم لم يوفروا رمزاً –يخالفهم الرأي والرؤية- إلاَّ وانتهكوا حرمته. ولم ينج صاحب رأي أو موقف أو رئاسة من دنس أقوالهم وأفعالهم. أًلم يتعاونوا مع «الشيطان الأكبر» كرهاً بمن كرهوا؟؟!! أًلم يعمهم حقدهم عن تبرير جريمة احتلال بلدهم، وهو بلد عربي ومسلم؟؟!!
سميرة رجب
لم تكتبي أكثر مما أراد الإمامان علي بن أبي طالب وابنه الحسين –شهيدا الحق- أن يقولاه للسيستاني وللذين يقلِّدونه. وإذا كان مما نردده الآن من قبيل التكرار، لكنه من التكرار المفيد، فنردد قولة الإمام علي: «إذا فعلها بن الأصفر لأفعلنَّها». وهل كان على السيستاني ومقلدوه أن يفعلوا غير ما قاله الإمام؟؟!!
هل كان «معاوية بن أبي سفيان» يا سميرة ممن يأمنه «علي بن أبي طالب» على مستقبل الإسلام؟ ولماذا قاتله؟ ولأجل ماذا كان لا يريد أن يوقف الحرب معه فحسب، بل وأن يتعاون معه أيضاً؟ أليس السبب الوحيد هو أن يقاتلا «ابن الأصفر» معاً؟
لماذا لم يترك «الإمام» «ابن الأصفر» لكي يغزو الشام فيُسقط الديكتاتور «معاوية ابن سفيان»؟ ألم يكن بمقدوره أن يترك «ابن الأصفر» يُسقط الطاغية «معاوية» ومن ثم يتوجَّه بنداء للمعتدي للخروج من الشام؟
لماذا فضَّل «الحسين بن علي» أن يواجه جيش «يزيد بن معاوية» مع الفارق الهائل بين عدد أصحابه وأهله وعدد جيش يزيد؟؟
ألم يكن باستطاعة «الحسين» أن يدرأ «المعسور اليزيدي» ب«ميسور المبادئ الحسينية»، أي «المعسور الأميركي» ب«الميسور السيستاني»؟ لم يفعلها «الحسين»، ولكن «السيستاني» فعلها.
نحتفل كل عام بذكرى عاشوراء، ذكرى انتصار «الدم على السيف»، ذكرى «هيهات منا الذلَّة». و نحتذي –حتى اليوم- بخطى «الحسين» ونفخر ببطولته ونعمم مواقفه. ونستنكر دخول جيش «يزيد» إلى الكوفة. ونسفِّه أهل «الكوفة» الذين باعوا «بيعتهم للحسين» بعشرين من الفضة. ونشتم «أهل النفاق» لأنهم تخلوا عن تلك البيعة.
أما اليوم، فقد تخلى «السيستاني»، و«السيستانيون» عن مبادئ «علي بن أبي طالب» فاستقبلوا «أبناء الأصفر» أيما استقبال تحت ذريعة «درء المعسور بالميسور». وبرروا لأهل الكوفة «شرعية» دخول جيش «يزيد العصر» إلى الكوفة والنجف وكربلاء.... وراحوا يطاردون أصحاب «ابن عقيل» من الذين يدافعون عن «الحق» والأرض، وراحوا يسلمونهم ل«جيش ابن الأصفر».
«يا ليتنا كنا معك سيدي، فنفوز فوزاً عظيماً»، تلك الدعوة المخلصة الصادقة أصبحت، مع أصحاب «ابن زياد» العصر، بدون مضمون. وراح من أيَّد الاحتلال الأميركي، يشوِّهون معانيها لكي يغطوا تخاذلهم وخوفهم من مناصرة الحق. وهؤلاء هم يقومون بالحقن والتعبئة ضد «كلمة حق» قالتها سميرة رجب في وجه «مجتهد خاطئ».
وهنا يحق لي أن أوجَّه لكل الذين حملوا «قميص أخطاء السيستاني»، عودوا إلى رشدكم فأنتم تسهمون في تضليل ضمير الأكثرية الصامتة من الشيعة. وأنتم –دفاعاً عن مواقفكم ونزواتكم وحقدكم- تغلِّفون «الحق» بقشرة من الأسباب المردودة. فاقلعوا عن إشعال نار الفتنة فأنتم لا تمثلون كل الشيعة. وإذا كنتم ممن يعجزون عن الحجة لتستعينوا بالافتراء على سميرة رجب، من خلال ادعائكم بأن «جيوبها» مملوءة بـ«بونات النفط»، فأنتم توجِّهون التهمة إلى غير مكانها الصحيح. وأنتم تمارسون على أساس «أظن بالناس، كما أظن بنفسي». فليس أمامكم إلاَّ أن تلاحقوا «بطرس غالي» وابنه، و«كوفي عنان» وابنه. وأن تلاحقوا جورج بوش «الشيطان الأكبر» مع أبيه وأصحابه في الإدارة الأميركية. واختصاراً سوف تزودكم المخابرات الأميركية –في المستقبل القريب- بكل اللوائح الحقيقية للمستفيدين، والسارقين والناهبين من صندوق «النفط مقابل الغذاء». لأنها ستكشف كل «لص» إذا لم يأتمر بأوامرها.
أما أنتم أيها الحاقنون –جميعاً- في مواقع الأنترنت، والصحف، والحسينيات، والأندية العامة، ضد سميرة رجب، فلن تقنعنا غيرتكم على المرجعية الشيعية. فنحن نشتمُّ من «جيوبكم» كل الروائح ما عدا «المال الحلال» و«الغيرة الصادقة». أما «الغيرة الصادقة» فلن يمثلها إلاَّ أولئك الجريئون على قول «كلمة حق في وجه عالم ظالم».
أما رمزية الشخص فلن تحميها إلاَّ حصانة الموقف. وإذا كان الموقف سليماً فعلى الجميع يقع واجب حمايته. وإذا كان ذو علاقة بمحاباة أو مجاملة، أو نتيجة ضغط أو إكراه، أو نتيجة حجب الرؤيا الحقيقية عن صاحب الرأي، فلن يُعتدَّ برمزيته. ومن أجل هذا السبب ارتفعت ألسنة الحق في كشف فتاوى/ مواقف «فقهاء السلاطين» إذ لم تعفهم رمزيتهم من قول «كلمة حق في وجه فقيه ظالم».
فهل يظن الحاقنون بنار الفتنة أن ظاهرة «فقهاء السلاطين» قد انتهت؟
كنا أول المباركين –منذ أكثر من سنة- لموقف «السيد السيستاني» عندما أعلن شجبه لتشكيل أية سلطة، أو أي تعديل في القوانين والشرائع، في ظل الاحتلال. واتَّخذ هذا الموقف بناءً لمقولة فقهية وقانونية تقول: «ما بُنيَ على فاسد فهو فاسد». وباركنا موقفه لأنه الموقف الحق والجريء. ومن حقنا اليوم أن لا نبارك موقفه الذي دعا فيه إلى المشاركة في الانتخابات العراقية تحت تبعة الدخول إلى النار. فكان الموقف مستهجناً وصافعاً. ولأنه لا علاقة له بالمبادئ الإسلامية ولا الإنسانية، وخارجاً بشكل واضح عن مقولة «ما بُنيَ على فاسد فهو فاسد». فالانتخابات تحت ظل احتلال «غير شرعي»، فهي «غير شرعية»، وهذا ما لا يجوز لموقع رمزي أو غير رمزي، ديني أو وضعي، أن يجرنا إليه.
فهل لا يجوز لنا أن نقول بأن السيستاني قد جامل أو راعى السلطان؟ والسلطان هو، هنا، إما «الاحتلال الأميركي»، أو «الاحتلال البريطاني»، أو «عملاء الاحتلال» من الذين دخلوا إلى العراق على دبابة أميركية، أو علم إيراني. وهل يمكن لهؤلاء وأولئك أن يفسروا لنا ما قالته كوندوليزا رايس، وزيرة خارجية إدارة جورج بوش: «لولا دعوة السيستاني للعراقيين بالصبر على الأمريكان لكان الأمر مختلفاً»؟؟
فبين الموقف المبدئي السابق، والموقف الجديد المُستهجَن، مسافة فاقعة وواضحة ومكشوفة، كان لا بدَّ لكل صادق في هذه الأمة من أن يلاحظه. ومن الخطأ أن لا يشير إليه تحت طائلة الاتهام على قاعدة «من رأى منكم منكراً فليقومه بسيفه، أو بلسانه، أو بقلبه، وهو أضعف الإيمان». ولم تفعل سميرة رجب أكثر مما يرتبه عليها واجبها الديني أو الوطني أو القومي أو الإنساني.
وختاماً نتوجه بنصيحتنا إلى «النافخين بأبواق الفتنة»، من الذين يردّون على الكاتبة البحرينية «سميرة رجب» أن يبتعدوا عن ممارسة ما لا خير فيه لمصلحة الأمة جميعاً إذ يكفيها الاحتلال الوحشي الذي يمارسه أكثر من ابن أصفر واحد، فهم يتكاثرون. أما نحن فنتمزَّق ونتفتت.
وأما إلى «سميرة رجب» فنقول: نحن معك، ولسنا ممن ينتاب جسمهم الضعف. ولن نخشى أن نعلن كلمة الحق. فمن حقك أن تكتبي، وأن تفكري، وأن توجهي، طالما أنت تنطلقين من دائرة الإخلاص لهذه الأمة. ولم نر في كل ما تكتبين إلاَّ جهداً يقتضي منا تقديم الشكر، وإعلان التشجيع. كما أننا لا نرى في كل ما تكبين إلاَّ التهذيب والاحترام لآراء الآخرين، باستثناء الذين يقعون في دائرة «العمالة للاحتلال الأميركي - الصهيوني» فهؤلاء لا يستحقون لقب أصحاب«الرأي الآخر». لأن العمالة والخيانة لا يحوزان على الحق الديموقراطي في «فعلتهم» ولا في «آرائهم». لأن الرأي الآخر هو وجهة نظر تستحق الاحترام، ولم تكن العمالة للأجنبي -في أي يوم من الأيام- «وجهة نظر».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق