-->
-->
عبد الأمير حلاوي فارس البعث
في ذكرى استشهاده الرابعة والثلاثين
تشرين الثاني 2009
لم تكن ظاهرة عبد الأمير حلاوي ظاهرة عادية في تاريخ حزب البعث، بل كانت ظاهرة أسَّست لمرحلة جديدة في تاريخ المقاومة على الساحة اللبنانية.
لقد جاءت تلك الظاهرة لتواكب جملة من المتغيرات على الصعيدين العربي واللبناني، من أهمها نمو العمل الوطني اللبناني الذي كان مترافقاً مع مرحلة قومية واعدة، مثَّل الطليعة فيها حركتان قوميتان: البعث والناصرية، بحيث كانت القومية العربية الحركة الجديدة التي جاءت لتعالج القصور الماثل بالاتجاهات القطرية، يمينية ويسارية، ولتحفر لنفسها خندقاً دفاعياً ضد الدعوات القطرية المتجهة بقطار تثبيت واقع التفتيت، أو بقطار الأمميات التي تجاوزت الحدود القومية لتحط رحالها في مشاريع أممية لا تعترف بوحدة الأمة العربية.
وكل ما لم يكن قومياً لم يكن الفعل المقاوم يعني له شيئاً بل كان يعتبره من عوامل الإعاقة التي لا يرتاح إليها.
وعندما انطلقت المقاومة الفلسطينية في أواسط الستينيات من القرن الماضي، إنما انطلقت مستندة إلى قوة التيار القومي العربي بشكل أساسي، ولكي تُعتبر رافداً مهماً من روافده، فكانا يتبادلان عوامل الاستقواء والإسناد.
لكن جاءت نكسة حزيران التي انتصر فيها التحالف الاستعماري – الصهيوني في إحباط الحركة القومية النامية، لتشكل عاملاً أساسياً استفاقت على هوله قوى وحركات وأحزاب محسوبة على اليسار الأممي الأمر الذي دفعها إلى تغيير موقفها السلبي من الشق الشعبي المقاوم الذي كانت تمثله المقاومة الفلسطينية، ولهذا استقبلت الساحة اللبنانية زخماً وقوة نتيجة هذا المتغير.
في ظل تلك الظروف، وقبل أن يتلقف القوميون متغيرات تلك القوى اليسارية لتشكل سنداً مهماً، كان عبد الأمير حلاوي قد قطع شوطاً رائداً في تلك المرحلة عندما تلقَّف قرار حزبه، حزب البعث العربي الاشتراكي، في بناء أنموذج مقاوم في قرى جنوب لبنان المحاذية للحدود الفلسطينية المحتلة، وراح يسهر على إنشائه بصبر ودأب كانت تتطلبهما ظروف التضييق والملاحقة للنظام اللبناني الذي كان حاكماً في تلك المرحلة. وكان يقع على عاتقه واجبات توفير وسائل التدريب والتسليح وإعداد المقاتلين المؤهلين في تلك القرى بكل الصمت والسرية المطلوبان لمهمة كمهمته.
كانت قريتا كفركلا والطيبة بداية مشجعة أثمرت وأنتجت النويات الأولى لتلك التجربة، الأمر الذي شجَّع حزب البعث في لبنان لتوسيع رقعتها في قرى أخرى. وكان لأبي علي حلاوي بتجربته التي أشرف ميدانياً على إعدادها الباع والتجربة، فتوسعت إلى قرية تولين، ومن بعدها انفتحت الآفاق إلى غيرها من قرى المواجهة.
لقد استشهد أبو علي في أرض المعركة التي مهَّدها ليقدم أنموذجاً في البطولة،
لقد استشهد في مواجهة العدو الصهيوني الذي أقلقته خطورة التجربة التي كانت تنمو واعدة،
وخوفاً من أن تتجذَّر كثف العدو هجماته على الطيبة فسقط ثلاثة شهداء من آل شرف الدين في 1/ 1/ 1975، وتلا العدوان هجومان على كفركلا سقط في الثاني منهما أبو علي في 26/ 11/ 1975.
ومن حزبه وعد تلقاه بمتابعة المسيرة التي استكملها رفاقه قبل عدوان الصهاينة في العام 1982 وبعده ارتفعت فيها رايات شهداء البعث على كل تلة من تلال الجنوب اللبناني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق