-->
-->
قبل أن نمسخ الخونة ونحولهم إلى «معارضين»
علقوا المشانق لجواسيس العدو الصهيوني
أيار 2009
حينما علَّق صدام حسين المشنقة لإعدام بازوفت (الجاسوس البريطاني في العراق) في العام 1990، قامت دنيا الغرب ولم تقعد، واتهموا رئيس العراق بـ «الديكتاتورية».
وعندما هرب الجواسيس العراقيون من العراق لحفظ رقابهم من القطع قامت دنيا بعض الحركات السياسية العربية أيضاً ولم تقعد، ووصفوا الهاربين بأنهم من المعارضين لقمع «ديكتاتورية حزب البعث». وما برح «المعارضون» المزعومون في خارج وطنهم يتلقون الدعم والتدريب من كل مخابرات الدنيا حتى عادوا إلى وطنهم ولكن على دبابات الاحتلال الأميركي، فأسبغت عليهم بعض تلك الحركات لقب «المحررين».
وهكذا تحت ستار من دخان التضليل الملَّون بألوان الديكتاتورية، وبهدف التآمر على القومية العربية، التي يحمل حزب البعث لواءها، مسخ الغرب الخونة من العراقيين إلى معارضين. وشارك الغرب المتآمر قوى إقليمية متضررة من المد القومي العربي العلماني، بالتعاون مع بعض العرب المنفعلين إيديولوجياً من المتعصبين ضد الدعوة القومية.
بين الخيانة والتحرير مسافة تعامت عن النظر إلى حقيقة الخداع فيها أبصار من أعمت الإيديولوجية المتعصبة أبصارهم. فضاعت حقيقة حكومة المالكي في العراق، كمثال لكل الحكومات التي سبقته وعلى رأسها مجلس الحكم الانتقالي الذي تزعمه محمد بحر العلوم كواجهة للاحتلال، وضاعت أصول خيانته لبلده في متاهات تضليل الأبصار بأنه كان من المعارضين لديكتاتورية البعث. وهكذا تقوم الإيديولوجيا المتعصبة بدورها الخبيث في التعمية على الحقائق والمبادئ والقيم العليا. ولكن الحقيقة الثابتة تبقى ناصعة البياض في مناظير الذين لم تتسلل بقع الحول أو العور إلى عيونهم. إذ تبقى عند هؤلاء الخيانة خيانة بالفم الملآن من دون تحوير أو تزوير.
فلو نُصبت المشانق لمحمد بحر العلوم، وطارق الهاشمي، وعبد العزيز الحكيم، ومحسن عبد الحميد، وأحمد الجلبي وأياد علاوي، ومسعود البارازاني وجلال الطالباني، قبل أن يهربوا إلى أحضان السي آي إيه والمخابرات البريطانية والصهيونية والإيرانية، لما وجدت تلك المخابرات من يتجرأ على تولي حكومات العراق الشكلية باسم الاحتلال الأميركي بعد التاسع من نيسان من العام 2003، والذين لا يزالون مستمرين حتى الآن. وهؤلاء هم لا يزالوا يعبثون بأمن المقاومة العراقية وأمن العراق والعراقيين.
ولأن التجربة لا تزال ماثلة في العراق، حتى يأتي زمن التحرير فيكنس كل قذارات الجواسيس هؤلاء، يتعرض لبنان إلى تجربة مماثلة كشفت عنها حملات تفكيك خلايا جواسيس العدو الصهيوني على أيدي مخابرات الجيش اللبناني.
تلك الخلايا التي لعبت أقذر دور ضد أمن المقاومة اللبنانية أولاً، وأمن لبنان ثانياً، وأمن اللبنانيين ثالثاً، لا يجوز التهاون والاسترخاء في مواجهتها ومساءلة عناصرها ومحاكمتهم أمام الملأ، ونصب المشانق لهم ليصبحوا عبرة لكل من تسوِّل له نفسه بخيانة وطنه.
على اللبنانيين أن يرتقوا فوق الإيديولوجيات المتعصبة العمياء، وأن لا يدعوا الحول الإيديولوجي يتسلل إلى أحكامهم حين النظر إلى قضية الجواسيس الذين ألقي القبض عليهم في لبنان، كما فعلت بعض الحركات السياسية العربية بالنظر إلى الجواسيس العراقيين.
إن الإقدام بحزم وعزم على تنفيذ حكم الله والشعب بهم هو المطلوب، وإذا تحول الأمر خلاف ذلك، فسوف نرى هؤلاء، وغيرهم ممن لم ينكشف أمرهم بعد، على كراسي حكومة قد يشكلها احتلال صهيوني محتمل في لبنان. العدو الصهيوني الذي يبقى مهدداً لأمن لبنان على الرغم من إجباره على الانسحاب في العام 2000، وتجرع الهزيمة المرة في العام 2006.
ونحن نستذكر درس العراق، لا نزال نتساءل: هل يتعظ اللبنانيون من درس جواسيس العراق الذين يحكمون الآن باسم الاحتلال الأميركي؟
ونقول: لو أن المشانق نُصِبت للجواسيس العراقيين، لما كانوا قد وصلوا إلى حكم العراق باسم الاحتلال الأميركي. وحتى لا يحكم جواسيس العدو الصهيوني من اللبنانيين باسم الاحتلال الصهيوني في المستقبل نطالب بتعليقهم على المشانق الآن قبل الغد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق