-->
-->
كوندوليزا تحمل سلة من ثمار ديموقراطيتها إلى لبنان:
أمامكم خياران: «أمن إسرائيل»، أو «أمن إسرائيل»
26/ 7/ 2006
أطلَّت كوندوليزا على ربوع لبنان متسلِّلة ففاجأت الجميع كمثل «بابا نويل» حاملاً هداياه إلى المنتظرين شوقاً، وعادة ما ينتظر الأطفال وحدهم قدومه بترتيب من أمهاتهم وآبائهم.
لم نشعر بشوق انتظارها في يوم من الأيام، فهي ليست «بابا نويل»، الذي يزرع الفرح في عيون الأطفال، بل هي بارجة حربية لا تحمل إلاَّ الموت والدمار للأطفال لتزرع الرعب في نفوسهم.
ليست خطيئتها لوحدها، بل الخطيئة الكبرى هي التي يرتكبها الآباء اللبنانيون المتحالفون مع إدارتها وأمهاتهم ويتوهَّمون أنها تحمل لهم ما يُسرُّ البال والخاطر، وما يملأ مخيلات أطفالهم البريئة بأحلام تجعلها تنتظر عاماً آخر لتتلقى هدايا أخرى.
وإذا كان «بابا نويل» يأتي كل عام، فإن كوندو تأتي كل يوم.
وإذا كان «بابا نويل» يدخل البيوت، ليس من أبوابها، بل من «مداخنها» لتكتمل أسباب الفرحة بقدومه، إلاَّ أن كوندو تفعل ذلك خوفاً ورعباً على أمنها. فلا يشعر بالخوف إلاَّ اللصوص المتسللين لأنهم لا ينقلون الهدايا للأطفال بل يتسللون ليسرقوها منهم.
يفضِّل «بابا نويل» أن يحمل الهدايا التي تسر قلب الأطفال، كما يفضِّل أن يكون سواد المداخن قد جلَّل لحيته البيضاء، بينما كوندو ليزا جلَّلت وجوه أطفالنا بحرائق قنابل العزيزة على قلبها «إسرائيل»، وأردت جثث آبائهم وأمهاتهم في أتون من الرماد الفاحم السواد. وتسلَّلت إلى لبنان حاملة المزيد منها. وبكل وقاحة أعلنتها في العلن وأثبتت وقاحتها مقررات مؤتمر روما. وكل نتائجه جاءت لتقايضنا «الكرامة مقابل سلة من المساعدات».
وصلت كوندوليزا، إذ لا يُحمَد على مكروه سواه، حاملة المكروه مما لذَّ وطاب من أنواع الديموقراطية، وأنها اقتطفت أنواعاً منها مما تطبقه في العراق. وما أخبرها أحد سوى «فوكوياما»، و«أولبرايت»، أن تلك الأنواع من الديموقراطية قد سوَّدت وجه أميركا والأميركيين إلى آماد طويلة.
وصلت كوندو إلى لبنان، متسللة بشجاعة لا مثيل لها إلاَّ شجاعة رئيسها عندما يتسلل إلى العراق. وشجاعة المتسللين لا يماثلها إلاَّ شجاعة اللصوص.
وصلت كوندو إلى لبنان لتقدِّم عرضها الديموقراطي، أي لتملي علينا، وتقول مقلِّدة حسني مبارك، «اللهم إني قد بلَّغت». فكانت إملاءاتها الديموقراطية كأنها تقول: امامكم أيها اللبنانيون خياران لا ثالث لهما، فاختاروا بملء إرادتكم أحدهما: إما «أمن إسرائيل»، وإما «أمن إسرائيل».
بلَّغت ورحلت، بلَّغت «مالكيِّيها» وأثلجت قلوبهم، بينما «مالكيها» العراقي، اعتذر في البيت الأبيض عن تصريحه الأسود عندما دعا إلى دعم «حزب الله» في لبنان.
بلَّغت كوندو رسالتها الديموقراطية ورحلت، تاركة أطناناً من الهدايا لأطفالنا، تحمل في طياتها الموت والحرق والتعذيب، ومنعت عنهم حبة الدواء وقطرة الحليب ليتلذذوا بـ«القنابل الذكية» التي زوَّدت حبيبة قلبها «إسرائيل» بها. وأعلنت أن تلك القنابل ستتوجَّه، للآسف الذي لا يوصف، من «قاعدة السيلية» في قطر. وبها تساوى أطفال لبنان بأطفال العراق، فقاعدة «السيلية» جمعت المجد بطرفيه، فهي مستودع يصدِّر القنابل التي تقتل الأطفال لبنان، كما تقتل الأطفال في العراق.
يا كندوليزا، ارجعي إلى رحمة رئيسك غير راضية ولا مرضية.
إرجعي إليه وقولي له، ليقرَّ عيناً، ويحسم الشك باليقين، لا أمن لمن لا يعترف بأمن الشعوب الأخرى. فإذا كانت ترَّهات آل صهيون قد أخذت من عقلكم قطعة كبيرة، فنحن لا نبالي بها. وإذا كان «مالكييكم» في كل مكان من الوطن العربي قد خُدعوا بـ«ديموقراطية» رئيسك، فنحن لن ننخدع.
كوندوليزا رايس، يا عزيزة هنري كيسنجر، وأولمرت، وكل من ملأ المساحة التاريخية بينهما، نوجِّه إليكم رسالة، على الطريقة الديموقراطية التي لا نفهم لغة سواها، ولن نستخدم لغة غيرها، فاسمعي، وعي:
إن أطفال العراق وفلسطين ولبنان، يرفضون «لبنـ»ك، و«عسلـ»ك. وكل «هدايا»ـك. كما يرفضون أن تكوني «بابا نويل» إليهم، فيداك ملوثتان بدمائهم. وحملت إليهم من «المدخنة» التي تسللت منها كل أنواع «السواد».
وإن أحرار العراق وفلسطين ولبنان، يرفضون «ديموقراطيتك». فهي قد أصبحت حتى أمام من لم يكن لديهم بصر، بضاعة فاسدة. فاعفينا من تلاوة فصولها الممجوجة، فعلى من تقرأين «ديموقراطيتك» يا كوندوليزا؟
إن قرارنا يمتد من «أم قصر» إلى «جينين» ومنها إلى «مارون الراس».
إن قرارنا يمتد من غزة إلى الفلوجة، ومن الفلوجة إلى بنت جبيل.
لا نقول شعراً ولا أمنيات.
فالأبطال المقاومون يقدِّمون أبرع النماذج، وأكثرها بطولة، تمتد صفوفهم من بنت جبيل لتمر في غزة وتصل إلى «الأعظمية» في بغداد.
نفصح عن واقع جديد اكتشفته الأمة في ذاتها.
لا نقول شعراً، ولا نحلم بأمنيات مستحيلة.
البرهان يكتبه الأبطال في «مارون الراس»، و«بنت جبيل»، وحبل بطولاتهم على الجرار.
البرهان أثبته الأبطال في غزة، وفي كل مكان في فلسطين المحتلة.
البرهان يكتبه الأبطال في «الفلوجة»، و«الرمادي»، و«الموصل»، و«البصرة»، و«كركوك». وغيرها وغيرها، لتشمل كل حبة تراب في العراق المحتل.
أبطال آمنوا بربهم، وآمنوا بكرامة أوطانهم، وسيادة أمتهم.
أبطال يواجهون جنوداً غمرتهم الجرائم والبغي في فلسطين المحتلة والعراق المحتل، وهم يحضِّرون أنفسهم لإعادة احتلال لبنان على وقع أنَّات الأطفال وطمرهم تحت الأنقاض.
إننا لا نحلم يا كوندوليزا. فأنت تعرفين مع رئيسك الواقع أكثر منا. لكنكما تعرفان وتكذبان على شعبكما. تعرفان هول الخسائر التي يتكبدها جنود «ديموقراطية» آخر زمان، سواءٌ أكان في العراق، ام في فلسطين، أم في لبنان.
إنك تسدين خدمة كبرى إلينا في حالة واحدة فقط، وسنعتبرها هدية نظيفة من «بابا نويل»، كما ستكون هدية نظيفة إلى الشعب الأميركي، هو أن تستعيدوا هدايا الموت وتبعدوها عن حياة أطفالنا الذين لن يغفروا لأطفالكم «جريمة آبائهم».
فهذه هي أرواح أطفالنا تنبت في العراق وفلسطين ولبنان سكاكين لن ترضى بأقل من تعليق كل من يتآمر على شعبنا على المشانق. فانتظري يا كونوليزا وسترين، لأنه لن يكون لك ممر إلى أمتنا إلاَّ تسللاً ما دام في أمتنا «مالكيون»، ولكنها لن تفتح أبوابها على الإطلاق إذا اندحر «المالكيون» عن كل شبر من أرض وطننا العربي الكبير، وهم سيندحرون أمام الزحف الهائل الذي يكشف عن حقيقتهم كل يوم أكثر من اليوم الذي سبقه.
كوندوليزا
نخاطبك، ونحن واثقون من أن آذانك قد قُدَّت من فولاذ، ولكن لعلَّ يسمع المخدوعون بـ«إملاءاتك» وبـ«ديموقراطيتك» بأن التاريخ لن يعود إلى الوراء، وأن عهود الذل والقيود لا بدَّ من أن تنكسر. كما أن أنموذج «المالكي» في العراق قد ولَّى، وسوف لن يتكرَّر في لبنان وفلسطين.
نخاطبك بصوت الجزء من الضمير الحي في الشعب الأميركي، لعلَّه يوقظ الجزء من الضمير الميت في شعبنا.
لعلَّك شاهدت كيف استقبلت تلك الأميركية الباسلة «مالكي» العراق، فهو يطلب من الجنود الأميركيين البقاء فيه، وهي تطلب انسحابهم. لقد جرَّها بوليس «الديموقراطية» التابعة لرئيسك إلى خارج القاعة بينما صفَّق «حيتان» الرأسمالية الأميركية لـ«خيانة المالكي» الذي استمرأ طعم الخيانة فراح يشرب كأسها حتى الثمالة.
وأنت أتيت يا ممثلة تلك الحيتان إلى لبنان لكي تزفِّين لنا بشرى الاستمرار في قبول الموت والدمار حتى نستسلم ونرضخ لحمم الدمار والتخريب.
لن نراهن على ضميرك، فأنت قد فقدتيه منذ أن ارتضيت أن تكوني ممثلة لـ«جيوب» الحيتان، ومتى كان لـ«لجيوب» ضمير يتحرك؟
فيا ويل «الشيطان الأكبر»، و«الغدة السرطانية» إذا اتَّحد جناحا العراق. وهما سيتَّحدان سواءٌ أشاء عملاء الاحتلال أم أبوا.
ويا ويلهما، إذا اتَّحد جناحا لبنان.
ويا ويلهما إذا اتَّحدت أجنحة الأمة العربية في العراق ولبنان وفلسطين. ومن بعدهما، ومن بعد بعدهما. هذه الأمنية التي نراها مستحيلة سيقرِّبها من التحقق ضغط شعبي عربي لن يبقى هامداً إلى الأبد، بل سيُنتج بعض عوامل «الحياء والخجل» عند من أصموا آذانهم من أولي الأمر في الأمة.
لقد انتفضت الأمة ولن تسترخي بعد الآن. لقد أنتجت الأمة سلاحاً استراتيجياً يساعدها على التمرد ورفض العودة إلى قماقم «الهزيمة».
لقد تلاقت الزنود الباسلة، وتشكَّل منها مذهب واحد هو «مذهب المقاومة» حتى تحرير الأمة من كل أشكالكم: صهاينة واستعماريين و«مالكيين/ علاقمة جدد».
كلهم أبناء هذه الأمة ونتاجها.
كلهم يصوِّبون الرصاص إلى صدوركم.
كلهم سيستمرون في خط استراتيجي واحد: إما النصر وإما الشهادة.
عودي يا كوندوليزا وخبِّري رئيسك أن أمنه، وليس أمن «إسرائيل» فقط، سيكون في مهب الريح. فليس للذين يعانون من ظلم الاحتلال ما يخسرونه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق