الأحد، فبراير 28، 2010

مقابلة مع جريدة العرب اليوم الأردنية

--> -->
مقابلة مع جريدة العرب اليوم الأردنية
الفلسفة تصوب الحقيقة الموضوعية باتجاه القيم المقدسة
المفكر والباحث اللبناني حسن غريب لـ "العرب اليوم"
غياب المؤسسات الفكرية في الوطن العربي
التعددية داخل الوحدة تعددية سليمة تغني الفكر والثقافة
8/10/2008: العرب اليوم - آيه الخوالدة/ تصوير: عاطف العودات
لم يكمل رسالة الدكتوراه انما تم منحه اللقب مستندين على الابحاث التي قام بها, الى جانب مؤلفاته الثلاثة عشر والتي تنوعت بين الاطار الفكري النظري وبين ما يتعلق بالمقاومة العراقية. كما اولى الاهتمام بالبحث حول اصول الفكر الديني من منطلق نقدي, واعتبر انه يصب في مصلحة المسالة القومية العربية ككل. في كتابين هما " الردة في الاسلام" و " في سبيل علاقة سليمة بين العروبة والاسلام". التقت العرب اليوم المفكر والباحث اللبناني حسن غريب على هامش مشاركته في مؤتمر الجمعية العلمية الفلسفية, بادرناه بالسؤال عن هذا المؤتمر الفلسفي فقال: العنوان الرئيسي للمؤتمر واضح " اشكالية الهوية في ضوء التحولات العالمية" الحاصلة على الارض العربية بوجود التيارات الثقافية المتعددة. ولقد حاولت ان امنح ذوقا حول هذه التيارات المتغيرة لان تسارع هذه الثقافات يصنع الهوية العربية في التيار الثقافي القومي العربي, بغض النظر اذا كان مكتملا او غير مكتمل بسيرته الراهنة ام يريد تجديده, لكنني انحاز الى هذا الفكر القومي العربي.
هناك تياران اثنان في مواجهة التيار القومي العربي هما التيار السياسي الديني الاسلامي الذي يرفض فكرة القومية العربية وبالتالي يرفض ان يكون هنالك وحدة للارض العربية. التيار الاخر هو الماركسي الذي يعتبر الدعوة القومية دعوة شوفينية, اذن يتجاوز حدود المسالة القومية العربية الى بناء دولة اممية سياسية على المستوى العالمي. هذان التياران الديني السياسي والماركسي غير متفقين على الاطلاق.
ومثال على ذلك ما يحدث الان في العراق, فاذا كان الاسلام يدعو للجهاد في وجه اي غاز لاي ارض اسلامية, فما الذي يفسر وقوف التيار الاسلامي بالعراق مع الاحتلال? ما يفسر ذلك، هو المشروع الاممي الذي لا يهمه التقسيم الحاصل على مستوى الامة العربية, بل يعمل على تقسيم كل قطر على حده.
اذن وحدة الثقافة وحوار الثقافات الموجودة على الساحة العربية بين التيار القومي والتيارين الاممين هو المنطلق الصحيح لاعادة توحيد الثقافة.
* تتحدث في ورقتك المشاركة عن ازمة تعريف الهوية الثقافية واسبابها المتعلقة بتعريف هوية الامة, فكيف يكون ذلك?
- هناك تيارات ثقافية متعددة بالوطن العربي. هي التيار القومي : يدعو لوحدة الامة العربية وترجمة المسألة القومية الى دولة سياسية.
التيار الماركسي : يعتبر ان بناء دولة عربية قومية من المحيط والخليج عائق لبناء دولة اممية على المستوى العالمي, مثل سقوط الاتحاد السوفييتي, الذي كان يشكل مركزية الفكر الاممي الماركسي. والتيار الديني: يعمل على بناء دولة اسلامية عالمية.
اذن هو خلاف ثقافي اساسه ايدولوجي قومي يعمل على بناء دولة قومية عربية "اسلامية, سني, شيعي" وهذا الخلاف الثقافي يعود الى عدم الاعتراف بوجود قومية عربية ووحدة هذه الامة.
* ماذا تمثل لنا الفلسفة في حياتنا اليومية?
- الفلسفة فكر انساني يأخذ القيم العليا, بمعنى الاخلاق الصدق, الكذب, العدل, المساواة, هذه القيم منتشرة بكل العالم وموجودة في كافة الاديان لكن كل دين يسبغ على اخلاقيته القدسية الالهية. اذا اخذنا هذه الفضائل العليا من الدين الاسلامي يصح لان يكون ديناً عالمياً لكن من دون خصوصيات العبادات والتقاليد وخصوصيات المقدس.
في الفلسفة ننظر الى القيم العليا من ناحية مجردة منتشرة في كل المجتمعات, بينما كل الدعوات الدينية التي تدعو الى التعصب لفضائلها في مواجهة فضائل الشعوب الاخرى, هي بعيدة عن الفلسفة, اذن الفلسفة هي التي تصوب الحقيقة الموضوعية في كل زمان ومكان باتجاه هذه القيم, تنير عليها وتدعو كل البشرية للانتماء لها.
* ما هو دور الفلسفة في التواصل ما بين الحضارات والثقافات المختلفة?
- بالتأكيد لها الدور الاكبر, ومثال ذلك فلسفة ارسطو التي كانت قبل الاديان الوثنية, التي تدعو الى القيم العامة, وكانت تدعو الى القيم اليونانية. الى جانب فلسفة افلاطون وسقراط. الفلسفة العربية استندت الى الفلسفة الاغريقية التي هي الاساس وحاولت ان تنتج خطابا فلسفيا اسلاميا عربيا يعبر عن القيم العربية والاسلامية فكل فيلسوف عربي خرج خارج اطار التعاليم الفقهية للتشريع الاسلامي اتهم بالردة وحوكم وحرقت كتبه والبعض منهم قتل. بينما استندنا نحن بالفكر الفلسفي على الفكر الاغريقي, واستند الفكر الفلسفي الاوروبي الحديث على الفكر العربي.
فاول من اثر في الفلسفة الغربية هو ابن رشد" ابو الفلسفة الغربية" لكن حرقت كتبه وحكم عليه بالردة ونفي من منطقته.
* هل للفلاسفة العرب حضور في ساحة الفكر الفلسفي?
- لقد حصلت على شهادة البكالوريس في تخصص " علم الفلسفة والاجتماع وعلم النفس" والذي يحدث الان ان الالقاب العلمية لها الاهمية الاكبر ولذلك يعرف الفيلسوف بلقبه العلمي لا بدراساته الفلسفية.
وعدم انتشار هذه التأثيرات الفكرية للانتاج الفلسفي في العالم العربي هو عدم نشاط القارئ العربي, فاذا دعينا الى محاضرة يلقيها رجل دين سنجد المئات بل الألوف, بينما اذا القى المحاضرة رجل مثقف ومفكر بالكاد يحضر العشرات, كما هو الحال في هذا المؤتمر.
ربما يعود ذلك الى تعقيد المسالة النظرية, فالمثقف العادي يمل بسرعة, لانه لا يملك قاعدة ثقافية اساسية يستوعب ما يقال نظريا, فينسحب الى الوسائل الاكثر سهولة كالتلفاز والصحف والمجلات.
هناك حالة جدلية متبادلة حول غياب المسألة الفكرية عن الشارع العربي وغياب المؤسسات الفكرية, التي لا تحاول ان تنتج شيئا جديدا يصل الى مستوى المثقف العادي الذي تحول الى نوع من الكسل والخمول ويبحث عن الموضوع الاسهل.
* برأيك ما هو سبب الاقبال الضعيف من قبل الشباب على دراسة الفلسفة في الجامعات العربية?
- في كل مجتمع عربي, الدراسات النظرية معادية لوسيلة ايجاد لقمة العيش, اذ ان تخصص التاريخ, الجغرافيا, علم نفس والفلسفة كلها لا تؤمن الا وظائف في مهنة التدريس, لكن المدارس لا تستوعب كل هذه الاعداد, وبالتالي يلجأ عنصر الشباب الى الدراسات المتعلقة بالتكنولوجيا لايجاد وظائف بسرعة وبرواتب عالية.
* ما هو دور التعددية في الهوية الثقافية العربية كعامل توحيد واستعادة للوعي القومي?
- ليست هناك حقيقة مطلقة, هناك حقيقة وعدد من العقول والمفكرين ينظرون الى هذه الحقيقة كل من زاويته, هنا تظهر التعددية, فتتعاون كل وجهات النظر لتبيان الحقيقة المركزية التي نبحث عنها. لا يوجد بالمجتمع القطري والعادي من يمتلك نظرية متكاملة لبناء مجتمع متكامل في الاردن او لبنان انما يكون العمل في اطار خارج عن الحقيقة. اذ ان التعددية مجموعة من وجهات النظر التي تنظر الى مركز الحقيقة الذي نبحث عنه.
التعددية داخل الوحدة هي التعددية السليمة, بينما التعددية الطائفية لا تهدف الى خدمة مجتمع, اذن هي ليست تعددية تصب في الوحدة.
التعددية تغني الفكر, النظرية, الثقافة, بالاخص تعددية الفكر الموضوعي, بينما تعددية الفكر العشائري والطائفي غير سليمة الا اذا كانت تصب في سبيل وحدة هذا المجتمع وتطبق هذا القانون الموحد لكل المجتمع.

ليست هناك تعليقات: