-->
-->
كلمة في المهرجان القومي في الذكرى السنوية الأولى
لاستشهاد صدام حسين
17/ 12/ 2007
إذا كنا نحيي هذا العام ذكرى شهادة صدام حسين ورفاقه طه وبرزان وعواد، ويجب أن نحييها كل عام، فلأنها ذكرى شهداء العراق والأمة العربية والإنسانية جمعاء.
فإحياء الذكرى، وإن كانت مبادرة وفاء لشهيدنا العظيم، فإنما هي أيضاً وفاء الأمة تجاه رموزها وحافز لها على العطاء.
لقد قيل الكثير عن معاني شهادة صدام حسين، وسوف يُقال أكثر منه، ويجب أن تأخذ من اهتمام الأمة الحيِّز الأكبر، ففي تكريم الرموز تكريم الأمة لذاتها، وفي إحياء ذكراهم تذكير للعالم بمكانتها الإنسانية في مواجهة الظلم والاستغلال.
ونحن نكرِّم اليوم شهيدنا الكبير، مباركين لأمتنا شهادته، فإنما نكرِّم أنفسنا، ونكرم أمتنا، ونصيغ لها تاريخاً تستأهله، لأنها أنجبت من يدفعون حياتهم في سبيل تخليص البشرية من أرباب الشر والشياطين.
ليست عظمة الأمة شعاراً يُطلَق عفو الخاطر، وليست هناك أمة وهبها الله العظمة، بل هناك أمة بنت عظمتها، وصاغت رسالتها بجهد أبنائها وبعصارة نبوغهم وكفاحهم. وعندما تكون الأمة كبيرة فبأبنائها الكبار، وعندما يصغر دورها ويضمحل، فلأن أبناءها لا يزالوا صغاراً، ولن تكون أمتنا العربية كبيرة، وتفرض نفسها بين الدول، ولن تسطر دوراً كبيراً إلاَّ بمقدار ما تنجب من أبطال.
تلك هي معادلة لا يمكن الحصول على التوازن بين طرفيها إلاَّ إذا ترجمت ذلك على أرض الواقع. وهذا ما حصل في العراق الآن، وما حصل في الجزائر منذ أجيال، وما سطَّره رموز المقاومة في فلسطين، وما قام بتسطيره رموز المقاومة في لبنان، وحبل البطولات سيكون طويلاً على جرار الأمة.
فأمتنا كبيرة، لأنها أنجبت المقاومين الكبار، فكبرت بهم وكبروا بها.
وإننا على الرغم من تقديم التحية إلى كل رموز الأمة العربية، وإلى كل المقاومين من المحيط إلى الخليج، نقف الآن أمام ذكرى صدام حسين، لكي نعدد معانيها ونستخلص العبر والدروس لفرادتها في أكثر من جانب، وهي:
-تفرده، وهو في مقدمة حزبه، ببناء مشروع نهضوي عراقي، له أبعاده القومية العربية. وكان هذا المشروع يُعتبر بمثابة التمرد على إملاءات أصحاب الشركات الرأسمالية الكبرى. وكان اختراقاً للخطوط الحمر التي رسمتها للشعوب الأخرى.
-إصراره على اعتبار الصهيونية عدواً للإنسانية بشكل عام، وللأمة العربية بشكل خاص، ورفضه الانخراط في مشاريع تصفية القضية الفلسطينية. وهذا خط أحمر آخر.
-تحديه لتهديدات الإدارة الأميركية ورفض أوامرها بتدجين العراق واحتوائه، ولهذا أعدَّ لمقاومة أصبحت الأولى في تاريخ الأمة والعالم. وبها أحدث التوازن الدقيق في العلاقة بين السلطة والثورة، فضحَّى بالأولى لأنها لا تعني له شيئاً من دون سيادة، واعتنق الثانية لأنها الممر الأساس للسيادة.
وفوق كل هذا وذاك، إذ عندما دعا الشعب العراقي للدفاع عن سيادة العراق، كان أول الذين نزلوا إلى خندق الثوار.
وعندما دعا الأسرى للصمود في وجه العدو وعملائه، كان أول الصامدين، وأصبح صموده مضرب المثل والأنموذج الثوري الحقيقي.
وعندما دعا المعتقلين إلى محاكمة العدو وعملائه، كان في طليعة الذين قاموا بهذا الدور.
وعندما دعا إلى مواجهة حبل المشنقة بشجاعة الرجال، كان في مواجهته أكبر من الرجال.
لن نقول وداعاً أيها الكبير الكبير، لأنك حاضر بيننا في كل لحظة من لحظات النضال.
لن نقول لك وداعاً، فأنت وديعة غالية عند رفاق لك في المقاومة مستمرون مهما كانت الصعاب.
لن نقول لك وداعاً، فأنت حاضر في ذاكرة العراقيين بكل أجنحتهم.
لن نقول لك وداعاً، فأنت حاضر في قلوب أبناء أمتك العربية ووجدانهم.
ولن نقول لك وداعاً فأنت حي في قلوب كل الأحرار في العالم.
وإذا كان لنا أن نفتخر، فنحن نفخر بك وبكل الرفاق، سواءٌ منهم الذين قدموا أرواحهم في سبيل الدفاع عن كرامتنا، أم الذين ينتظرون دورهم ليقدموا لأمتهم مهرها من دمائهم وأرواحهم. أم أولئك الذين يذيقون الاحتلال وعملائه المرارة.
فبكم وبكم وحدكم تكبر الأمة وتكبر ولن تقف مسيرة تحررها حتى النصر، وهو قادم يرفرف فوق نخيل العراق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق