الأحد، فبراير 28، 2010

صدام حسين كبير رغماً عن أنوفهم:

-->
صدام حسين كبير رغماً عن أنوفهم:
لكن أين الكرامة العربية؟
في 20/ 5/ 2005
مرة أخرى تظهر قذارة الوحش الأميركي. والوحش غرائزياً مجرد من الوظيفة الأخلاقية. أما من يدَّعي الأخلاق من البشر ويمارس عدوانيته، عن سابق تصور وتصميم، فهو أكثر وحشية من الوحش، وأكثر حيوانية من الحيوان. وتلك هي وظيفة جورج بوش التي يعبَّر فيها عن إيديولوجيا إدارته كلها.
من المحزن المبكي، إلى المحزن الذي يثير السخرية فينا، هو أن إدارة «الوحوش الأميركية» تريدنا أن نصدق أن ما يرشح عن جرائمها الفظيعة في العراق، وغيره، لا يخرج عن كونه تصرفات فردية لهذا العريف أو ذاك، لهذه «العاهرة» أو تلك، لذلك الضابط أو تلك «الفالتة»، فيحاكمهم صورياً ضحكاً على «ذقوننا». ويحكم عليهم ب«الغنى الأبدي».
فهو يحاكمهم من فوق الطاولة، ويُغدق عليهم من تحتها بمئات آلاف الدولارات. فترسخ في ذاكرتنا صورة سجن بعضهم، وتغيب عنها أنهم يُكافأون تشجيعاً لجرائمهم في إلحاق الأذى الشديد بالشعب العراقي وإهانته. وإرغام المعتقلين في سجونه، على الاعتراف، تحت شتى صنوف الإذلال النفسي والجسدي والمعنوي.
تبَّاً لعلماء، الإدارة السياسية وإدارة الشركات، من الذين روَّضوهم في الاجتماع والنفس والسياسة والقانون، وجعلوهم آلة تضخ لهم كل أنواع النصائح التي يُظهرون فيه حيوانيتهم ووحشيتهم بثوب إنساني ديموقراطي.
بالأمس انكشفت جرائمهم في سجن أبو غريب، فحاكموا أفراداً أقروا بأنهم كانوا ينفذون أوامر مسؤوليهم الكبار. والبارحة دنَّسوا القرآن الكريم واعتذروا وحمَّلوا الوزر أحد الجنود. واليوم يبثُّون صور الرئيس صدام حسين وهو في سجنه، واستنكرت «وزارة العدوان الأميركية» تسريب الصور، وكأنها «خيال في الصحراء» لا سلطة لها على سلوك جنودها، أو كأن سلطة المخابرات المركزية التي دوَّخت العالم عاجزة عن حفظ سلامة رئيس للجمهورية في أسره.
من نشر تلك الصور، التي ألبسوا مسؤولية تسريبها لأحد الحراس، يحاول جورج بوش و«عصاباته» التأثير على معنويات المقاومة العراقية. كما يقصدون أن يدجِّنوا الشعب العربي على إطاعة الأوامر من خلال دفعهم للقبول، جرعة جرعة، بعبودية قراصنة القرن الواحد والعشرين. القراصنة الذين كانوا يقيدون أيدي وأرجل العبيد الذين كانوا يصدرونهم إلى أميركا القرن الثامن عشر ليكونوا في خدمة أسيادهم البيض.
تلك الصورالشنيعة التي تبثها شاشات التلفزة عن وسائل تدجين العبيد، يحاولون اليوم تقليدها ليدبوا الرعب والخوف في قلوب أصحاب النفوس الضعيفة. وببثهم صور الرئيس العراقي في ثيابه الداخلية، أو وهو يغسل بنطاله بنفسه، وكأنه تهديداً موجهاً إلى كل رئيس عربي ليوحوا له أنهم يستطيعون، إذا ما رفض أوامرهم، أن يسقطوه ليلقى مصير الرئيس صدام حسين.
وهي رسالة تهديد ووعيد للذين يفكرون في التمرد على أوامر رئيس «حيوانات الغابة الأميركية ووحوشها».
لكن صدام حسين سيظل كبيراً حتى وهو قابع في سجنه. سيظل كبيراً حتى وهو في الثياب الداخلية، وسيظل كبيراً حتى وهو يغسل بنطاله بنفسه. كما ظل كبيراً عندما صوَّروه في أيام أسره الأولى.
صدام حسين مرَّغ أنوفهم بصلابته وصموده ودفاعه عن كرامة الأمة. فخاب فألهم وارتبكت حسابات «كومبيوتراتهم». أرادوا أن يقايضوه ويساوموه، كمساومة التاجر حول سلعة، ولم يفهموا أن الكرامة الوطنية ليست بسلعة يمكنهم المساومة عليها مع من وضع «الكرامة» في كفة وكل «مغريات» الدنيا المادية في الكفة الأخرى، فاختار بينهما كفة «الكرامة» ورفض الكفة الأخرى.
لو كان في أدمغتهم ذرة من تعقل وفهم لكانوا وضعوا لعدوانيتهم، ووحشيتهم، وحيوانيتهم، حسابات أخرى. ولو تمعنوا بالأسباب التي دفعت صدام حسين ليقول: لا لأميركا، قبل العدوان والاحتلال، لكانوا أيقنوا أنه لن يقبل ما رفضه حينذاك. ولما رفض مساومتهم، وكل المخلصين الصادقين الذين يعرفون عنفوانه وحبه للتضحية بكل شيء من أجل كرامة أمته، كانوا ينتظرون منه صد وزير «بنتاغون العدوان الأميركي». لم يستطيعوا الإمساك بنبض الكرامة العربية التي تملأ عقل صدام حسين وضميره، كما تملأ عقول العراقيين وضمائرهم. فرجال عصابات الإدارة الأميركية يفكرون كالآلة، فاقدو الشعور والضمير. ومن يراجع بدقة الكيفية التي أسسوا فيها إيديولوجيتهم لن يستغرب ما يقومون به.
أيها السيد الرئيس،
نقولها بصوت مدوٍ. أنت السجَّان وهم السجناء. لقد أثارت أعصابهم برودة عقلك. وألحقت الذل بهم عندما أتوا يستجدونك بوقف المقاومة فقمت بتحقيرهم. وأخرجت وزير «عدوانهم» ذليلاً مكسور الخاطر، فجعلتنا نحزن على منظره الكريه البائس لأنه كان يراهن على الإيقاع بك ليساوم على حريتك الشخصية مقابل أن يسجنوا أمتك، فلطمته برفضك، فأضمر لك الحقد، وهو مخزون عنده منذ وقت طويل.
أما كيف يرد لك الصاع؟ فنصحه علماؤه برد الصاع صاعين. فتصرَّف بخسة ونذالة، وهذا شأنه وشأن كل أفراد «إدارة الوحوش» التي ينتمي إليها. والخسة والنذالة لا يمكن أن يغض القانون الدولي، ولا اتفاقيات جنيف، ولا «المحكمة الجنائية الدولية»، الطرف عنها. فهو، ورئيسه، وكل مزرعة «الحيوانات» في الإدارة، لن يسلموا من عقابها مهما طال الزمن أو قصر. فهم لن يسلموا من العقاب المؤجَّل، مهما احتالوا وخدعوا وغشوا في القانون الأميركي الخاص، أو مهما حاولوا أن يُؤخِّروا محاكمتهم، كمجرمين سواءٌ أكانوا كباراً أم كانوا صغارا. وإذا كانوا يؤجلون الحكم عليهم فهم سيقعون في قبضة العدالة مهما طال الزمن.
أيها السيد الرئيس
أنت صدام حسين وكفاك فخراً بهذا الاسم. تحوَّل اسمك إلى مصدر للخوف والرعب الذي يؤرق جفون جورج بوش، كما يؤرق «غابة الحيوانات» في إدارته.
إنهم يحاولون إذلالنا، من نشر الصور التي نشروها وليس إذلاك. فأنت برهنت بما فيه الكفاية عن عزة النفس والكبرياء التي نحسدك عليها.
أما نحن أيها السيد الرئيس فأذلاء لأننا قد أضعنا بوصلة الكرامة. فنحن لا نطلب من أنظمتنا الرسمية، بكل ما تتميز به من جبن وخذلان، أن يرفعوا صوتهم لأنه قد صُودر من عهد بعيد. وإنما أن ينظر الكثيرون منهم إلى مصيرهم من خلال النظر إلى الصور التي وزَّعتها وزارة «العدوان» الأميركية. فالنظر من تلك الزاوية، كما نحسب، قد يدفعهم إلى الخجل من أن تنشر إدارة العدوان الأميركية صورهم. ونحن نرى أنهم إذا ما استمروا بمرحلة عدم الشعور بالخجل سيكونون في القريب العاجل على مرمى كاميرات رامسفيلد لتنشر صور كل زعيم عربي يخرج عن «بيت الطاعة الأميركي» على شاشات التلفزة.
قد تكون النتيجة قريبة، هذا إذا لم تكن صورهم جاهزة في أرشيف وكالة المخابرات العدوانية المركزية التي يرأسها «نيغروبونتي» الآن مكافأة له على نجاحه في فنون الإخراج الإجرامي. ومن لا يعلم ذلك، فلن يلزمه الكثير من الجهد للحصول على ما يريد من معلومات عن تاريخه الأسود.
أيها السيد الرئيس
نبشرك أنك لست وحدك. وأن شعب العراق ليس وحده. وأنت تعلم ذلك على الرغم من وجودك في الأسر. إن الضمير العالمي، هذا إذا حذفنا من فقدوه ممن تربوا على أيدي المافيا العالمية من رؤساء الحكومات والدول، لا يزال حياً. وضمير الشعب العربي، على الرغم من كبته، فهو يعتبرك المدافع عن كرامة العرب وحاميها. ولن يطول الانتظار. ونحن على الطريق سائرون.
وعلى الرغم من ذلك فلن نستطيع أن نكبت صرختنا: آن للكرامة العربية أن تقول لا للشذوذ الأميركي. وإلى أن تسمع الآذان الصماء نداء الواجب القومي والإنساني، نحيي في أبطال المقاومة العراقية، أبطال الكرامة والحرية، ونلعن كل خائن لوطنه، كما نلعن كل يد آثمة تسهم في احتلال العراق أو تسكت عن احتلاله. وإن يوم حساب «الوحوش الأميركية الكاسرة»، وثعالب الأمة وخونتها، لقريب.
-->

ليست هناك تعليقات: