الخميس، فبراير 25، 2010

النضال من أجل الاعتراف بالشرعية

-->
النضال من أجل الاعتراف بالشرعية الرسمية والشعبية
للمقاومة الوطنية العراقية على الصعيدين العربي والدوليV
ورقة مقدمة إلى مؤتمر بيروت بتاريخ 11/ 9/ 2003م، من حسن خليل غريب/ لبنان.
من أهم أهداف العولمة الأميركية استعباد العالم كله من أجل منفعة كبار الرأسماليين في العالم عامة، وكبار الرأسماليين في أميركا بشكل خاص. ولهذا أخذت تصدِّر نفسها بقوة بعد أن أصبحت أميركا قطباً وحيداً يحكم العالم ويتحكم بقراراته، خاصة بعد سقوط الاتحاد السوفياتي. ولم تكتف أميركا بتفتيته، بل زرعت حدوده بمجموعة من الدول الخاضعة لإرادتها الأمنية والعسكرية، وبذلك ضيَّقت الخناق، وزادت وسائل الضغط عليه لتحول دون إعادة الحياة إليه بما يربك تصدير مشاريعها في العولمة، ولهذا السبب خططت لحرب البلقان والحرب في أفغانستان ونفذَّتهما.
كانت كل تلك الحروب من التكتيكات التي استخدمتها إدارة المشروع الرأسمالي العالمي من أجل حصار المنطقة النفطية، واستكملت مخططاتها تلك بالانقضاض على الفريسة الأساسية المتمثلة بالنفط العربي، والعمل على استغلاله بحماية عسكرية مباشرة من دون ما ينغص على الرأسمال الأميركي هضم فريسته.
ولأن العراق هو آخر حبات العنقود النفطي التي امتنعت عن النزول إلى السلة الأميركية، نفَّذت الإدارة الأميركية مخططها باحتلاله.
وكأن مخطط الاحتلال من وجهة النظر الأميركية- يتحقق بمجرد السيطرة العسكرية النظامية على أرض العراق لأنه بعد تلك السيطرة كما تحسب- تستسلم إليه إرادة الشعب. لكن لما انطلقت المقاومة العراقية تبيَّنت أمام الإدارة الأميركية الصعوبات، التي وضعتها المقاومة العراقية، فحالت دونها والإمساك بالثروة النفطية العراقية.
وإذا كانت الممانعة العراقية قبل الاحتلال- قد جمعت من حولها كل أصوات الرفض العالمي والعربي ضد الهيمنة الأميركية، فإن واقع الاحتلال بعد التاسع من نيسان من العام 2003م- فرض بعض التراجعات على حجم الممانعات الدولية كلها، فراحت الإدارة الأميركية تتصرف وكأنها القيصر الجديد الذي يوزِّع العطايا والهبات و هو الذي يحجبها عمن يشاء، ويمنحها لمن يشاء وكيفما يشاء.
وما إن تمظهرت المقاومة العراقية وتواترت أخبار العمليات العسكرية التي كانت تشنها منذ العاشر من نيسان- ضد قوات الاحتلال، حتى أخذ ساعد القوى، التي صدَّقت إعلان جورج بوش بانتهاء الحرب بالنصر الأميركي، يقوى. وهي بلا شك استقوت بإنجازات المقاومة، وعادت إلى مواقعها الممانعة السابقة، وخفَّفت من وتيرة غزلها مع القيصرالأميركي. وبهذا تكون المقاومة العراقية قد أعطت الدليل على أنها في مستوى قوي من التأثير على قوات الاحتلال الأميركي، وتكون بذلك قد أسست لمرحلة عالمية وعربية وعراقية جديدة نرى أنها تولد على شتى المستويات.
لقد وقف الضمير العالمي، والضمير العربي قبل الاحتلال- إلى جانب قضية العراق من حيث كونها تمثل إحدى القضايا الإنسانية المعاصرة، أي أصبحت قضية واضحة تتمثل فيها قيم دفاع المقهور عن نفسه في مواجهة القاهر، دفاع المستهدَف بالاستغلال في وجه القوى التي تريد أن تجعل العالم كله أداة استغلاله.
وإذا كان العالم والعرب والعراقيون قبل احتلال العراق- قد دخلوا نفق اليأس من إيقاف القطار الأميركي عند حدود، وتوقفت معه حركة تأثير الضمير العربي والعالمي، فإن تمظهر المقاومة الوطنية العراقية قد أحيا من جديد دور ذلك الضمير. وإذا كانت عودة الحياة إليه كاملة تتطلب بعض الوقت، فإن تسريع وتيرة أدائه أصبح مرهوناً بسرعة تحرك النخب السياسية والثقافية والفكرية والإعلامية على شتى المستويات والصعد، ومن إحدى تلك الوسائل أهداف هذا المؤتمر وجهوده الذي تشارك فيه القوى الحية في العالم والأمة العربية.
لقد فرضت القضية العراقية نفسها قبل احتلال العراق- كقضية إنسانية تمانع، باسم الإنسانية، مشروع العولمة الأميركية. وهي اليوم تفرض نفسها بعد الاحتلال- كقضية إنسانية تقاوم واقع المشروع الأميركي وتمنعه من تحقيق أهدافه.
لقد فرضت المقاومة العراقية للمشروع الأميركي واقعاً جديداً، يرتِّب لها على الضمير العربي والعالمي حقوقاً، ومن أهم تلك الحقوق هو أن تتسرَّع إعادة الحياة إلى الضمير الإنساني على المستوى العربي والعالمي. ويتم ذلك كما نرى على الشكل التالي:
إذا كانت إدامة المقاومة العراقية رهناً بأيدي العراقيين، ونتاجاً لزنودهم، وهي من الواجبات الوطنية العراقية الرئيسة، فإن إبراز الوجه القومي للقضية العراقية ومؤازرتها ودعمها ومشاركتها رهن بواجبات القوى القومية. وواجب القوى القومية يمثل عقدة وصل أساسية وضرورية لكي تنتقل بواسطتها المقاومة العراقية إلى المستوى الإنساني الرحب، فعليها أولاً وقبل كل شيء أن تعمل من أجل أن تؤكد على تثبيت قوميتها عبر النضال على شتى المستويات الشعبية والرسمية العربية.
إن هذا المؤتمر، بما يمثل من وجه قومي عربي، ووجه إنساني عالمي، إنما يشكل خطوة رئيسة على طريق إبراز المسألة العراقية بوجهها الإنساني العالمي، وهذا يستدعي أن تتميز هذه الخطوة بالاستمرار والتواصل من خلال الإجراءات القابلة للتنفيذ على قاعدة تحديد آلية تضمن المتابعة الجادة الواسعة التأثير، وأن تتميز بالسرعة التي لا تدع المخطط الذي يستهدف ابتلاع العراق يسبقها
إن مخطط الاحتلال يعمل الآن- جاهداً من أجل ذلك، وعلى رأس اهتماماته في هذه المرحلة- أن يفرض شرعية المؤسسات السياسية العراقية التي افتعل تشكيلها لتواجه شرعية المقاومة الوطنية، التي يتهمها بكل صفاقة بالإرهاب.
فقبل أن يحصل الاحتلال على الاعتراف بشرعية إفرازاته على أرض العراق في ترسيم مستقبله السياسي والاقتصادي، وهو الذي فشل في تأمين شرعية رسمية عالمية قبل عدوانه، نرى أنه على كل القوى الممانعة أن تعمل -اليوم قبل الغد- من أجل مساعدة المقاومة العراقية على انتزاع الاعتراف بشرعيتها على الصعيدين الرسمي والشعبي في شتى دول العالم.
وفي المقابل نرى أنه على حركة الضمير العربي والعالمي أن يتمظهر بعمل سياسي وثقافي وفكري وإعلامي، وأن تسرِّع خطاها من أجل الضغط بشتى المستويات النضالية- لإضفاء شرعية سياسية وقانونية للمقاومة الوطنية العراقية بعد أن فرضت بنفسها شرعيتها القتالية- بما يجعلها صاحبة القرار والتأثير في أية ترتيبات مستقبلية قد يفرزها تطور الأوضاع على الصعيد العربي كما على الصعيد الأممي العالمي.
لكل ذلك نوصي بما يلي:
1-أن يدعو المؤتمر الجماهير العربية للضغط على حكوماتها من أجل الاعتراف بشرعية المقاومة الوطنية العراقية، وأن ينسحب هذا الاعتراف على شتى المؤسسات الرسمية العربية، ويأتي على رأسها جامعة الدول العربية.
2-من مبررات شرعية هذا الاعتراف هو ما نصَّت عليه المواثيق الدولية. كما اعترف القانون الدولي بحق الشعوب، التي احتُلَّت أرضها الوطنية، بمقاومة الاحتلال حتى تحريرها بشكل كامل. وهذا يرتِّب على كل الهيئات الفكرية والثقافية والإعلامية العربية بشكل أساسي- مهمة كشف التزييف الذي تمارسه الإدارة الأميركية عندما تصف مقاومة العراقيين لتحرير أرضهم بالإرهاب.
3-تجدر الإشارة إلى أن ما ينطبق على المقاومة العراقية، يطول بشكل أساسي- التزوير الذي يمارسه الإعلام الأميركي في هذه المرحلة- حول المنظمات الفلسطينية المقاومة.
4-دعوة المنظمات الإنسانية في كل الدول وبشكل خاص- الدول الأوروبية الممانعة للتفرد الأميركي في حكم العالم، إلى المبادرة بالاعتراف بشرعية قانونية وسياسية وإنسانية وأخلاقية لكل من المقاومتين العراقية والفلسطينية.


V ورقة مقدمة إلى مؤتمر بيروت بتاريخ 11/ 9/ 2003م، من حسن خليل غريب/ لبنان.

ليست هناك تعليقات: