الخطة الأميركية الجديدة في العراق
مغامرة أخرى سيكون نصيبها الفشل،
وقد تكون تأخيراً للانسحاب من أجل إقرار قانون النفط
حسن خليل غريب في ندوة عقدها منتدى صور الثقافي:
المحاور الأساسية للندوة:
الخطة الجديدة استئناف للعدوان والاحتلال وأهدافهما
الخطة في ميزان المقاومة الوطنية العراقية
ضعف حركة الشارع العربي عن تأييد المقاومة العراقية ونصرتها
المصدر الذي يرتكب جرائم بحق المدنيين
الكشف عن واقع المقاومة العراقية
عن دور الإعلام العربي
الدور الإيراني في العراق
بدعوة من الهيئة الوطنية اللبنانية لدعم المقاومة والشعب العراقي، وبمناسبة الذكرى الرابعة للعدوان على العراق، استضاف منتدى صور الثقافي في جنوب لبنان، في الساعة الخامسة والنصف من مساء 20/ 3/ 2007، الرفيق حسن خليل غريب لندوة حوارية تحت عنوان: «خطة الإدارة الأميركية الجديدة في ميزان المقاومة الوطنية العراقية».
قدَّم الرفيق حسن عباس، عضو لجنة المتابعة للهيئة، الندوة بكلمة حيا فيها نضال المقاومة الوطنية العراقية وصمود الشعب العراقي في مواجهة وحشية الاحتلال، ونوَّه بما قدماه من شهداء كان آخرهم الشهيد طه ياسين رمضان الذي سبقه الرئيس صدام حسين، شهيد العراق والأمة العربية. وقد طلب من الحضور الوقوف دقيقة صمت إجلالاً للمناسبة.
واستهلَّ الرفيق حسن خليل غريب كلامه بتوجيه الشكر لرئيس المنتدى وهيئته الإدارية، ودعا إلى تعزيز دور المنابر الثقافية التي تحترم الرأي الآخر في عصر انتشرت فيه منابر الإعلام التي تعمم الثقافة السطحية. كما شكر الهيئة الوطنية اللبنانية لتشريفه بتقديم هذه الندوة. وانتقل إلى تقديم آرائه في موضوع الندوة، وأهم ما جاء فيها:
الخطة الجديدة استئناف للعدوان والاحتلال وأهدافهما
إن أقل ما يقال في خطة جورج بوش الأخيرة في العراق هي أنها المغامرة الأخيرة لإدارة اليمين الأميركي المتطرف في العراق. وهي مغامرة بالفعل لأن الخطة الاستراتيجية الأم قد تآكلت وفشلت تحت ضربات المقاومة الوطنية العراقية منذ بداية العدوان العسكري النظامي، وانتقال المواجهة بين الاحتلال والشعب العراقي إلى استراتيجية المقاومة الشعبية المسلحة منذ العاشر من نيسان من العام 2003.
ومن أجل تفسير إصرار إدارة جورج بوش على متابعة العمل الحربي ضد العراق، بخاصة أنه أعلن النصر في الأول من أيار من العام 2003، علينا أن نعرف ماهية الأهداف الإيديولوجية لتلك الإدارة، التي هي باختصار نتيجة جمع بين مشاريع «إلهية» ثلاثة، تعتبر أن مساحة مشروعها تعم الكرة الأرضية كلها، وهي:
-مشروع اليمينين الأميركيين المتطرفين الذين يعملون من أجل سيادة العرق الأبيض تحت قيادة «العرق الأبيض الأميركي».
-مشروع الصهيونية العالمية التي تؤمن بسيادة «شعب الله المختار» على العالم.
-مشروع اليمين المسيحي المتطرف الذي ينتظر الخلاص على أيدي «المسيح المخلِّص» في آخر معركة يخوضها الخير ضد الشر في هرمجدون على أرض فلسطين.
خلاصة القول إن أهداف محور الشر الثلاثي الذين اجتمعوا تحت قيادة جورج بوش تقودها إيديولوجية أممية يزعم أصحابها أن الله وكَّلهم بالسيطرة على العالم وحكمه، فكانت نقطة بدايتهم الجدية في العراق. ويعتبرون أن فرصتهم الأخيرة المعاصرة هي في تحقيق نصر ما، لإنقاذ مشروعهم المنهار، وهذا ما يفسر إصرار إدارة جورج بوش على متابعة الحلم بالنصر ضاربين بعرض الحائط كل نتائج الانتخابات التي أتت بالحزب الديموقراطي إلى مجلسيْ النواب والشيوخ، على قاعدة المطالبة الشعبية الأميركية بالانسحاب من العراق. وهذه هي بالفعل حقيقة الديموقراطية التي يبشرنا جورج بوش بتعميمها في بلادنا.
ترتكز خطة الإدارة الأميركية الجديدة على أسس سياسية وعسكرية، من أهم تفاصيلها، دعم وإسناد من تسميهم بقوى الاعتدال في المجتمع العراقي، من سنة وشيعة، في مواجهة من تسميهم بـ«العصاة» بين الطائفتين، ويتوسلون من أجل إنجاحها بالأنظمة العربية المتواطئة معهم، وبدول الجوار الجغرافي ذات المصلحة في احتلال العراق.
والجانب الثاني من الوسائل التي تلحظها الخطة هي تصحيح ما ارتكبته إدارة الاحتلال من أخطاء في تعميم الفقر والبطالة في العراق، وتصحيحاً لها تغدق الخطة الوعود من أجل تحسين الوضع المعيشي والخدماتي للشعب العراقي.
أما الجانب العسكري والأمني للخطة، فتبتدئ في بغداد على قاعدة تقسيمها إلى مربعات أمنية معزولة بحواجز «كونكريتية» أو أسلاك شائكة، أو حواجز مائية، لها مداخل ومخارج تتم مراقبة الداخلين إليها والخارجين منها، بعد القيام بإحصاءات لسكان كل مربع. وبعد أن تكتمل ما تسميه مرحلة التطهير الأمني لكل مربع، يأتي دور العامل الاقتصادي في تحسين فرص العمل وتقديم الخدمات. وهكذا يتم تكرار التجربة في المربعات الأخرى في بغداد. وفي اللحظة التي تنجح فيها خطة «فرض القانون» في بغداد، يقوم الاحتلال بتعميمها على مناطق العراق الأخرى.
أيتها السيدات والسادة
على هامش دخان تحليل أهداف الخطة ومتابعة مدى نجاحها أو فشلها يتم تمرير أخطر مشروع في العراق، وكان يشكل أهم الأهداف الأساسية للعدوان على العراق واحتلاله، وهو مشروع «قانون النفط» الذي أقرَّته حكومة المالكي العميلة وأحالته إلى ما يُسمى المجلس الوطني العراق من أجل الموافقة عليه.
لقد أعدت الشركات الأميركية والبريطانية نص القانون المذكور، ومن أهم ما يقره هو تحديد حصة الشركات بما يقارب من الـ 80% من الاستثمارات، بواسطة عقود تصل إلى عشرات السنين قابلة للتجديد. والباقي يتم توزيعه حصصاً على الإثنيات المذهبية والعرقية.
لكن فلتطمئن نفوس المتسائلين الصادقين حول مصير هذا القانون، أن كل عقد أو اتفاقية تتم تحت ظل الاحتلال لا تحوز على أية شرعية قانونية وطنية أو دولية. وهي غير مُلزِمة لأي نظام سيحكم العراق بعد هزيمة الاحتلال.
الخطة في ميزان المقاومة الوطنية العراقية
أما ردَّ المقاومة الوطنية العراقية، على خطة جورج بوش الجديدة، هو أنه ليس كل ما يخطط له أحد طرفيْ الصراع هو ما يمكن أن يُكتَب له النجاح. وإذا كان الأمر ذو علاقة على الأرض فإننا نرى أن الخطة تتآكل بعد أقل من شهر من انطلاقتها في بغداد، وحبل الفشل مستمر على جرار المقاومة الوطنية العراقية. أما واقع التقييم فإننا نقيسه على وقع طبول الرفض التي ترتفع أصواتها في شوارع المدن الأميركية، وتتَّسع لتشمل كل دول العالم قاطبة، باستثناء الشوارع العربية التي هي الأكثر صمتاً. أما السبب في غياب الشارع العربي فله علاقة بغياب أحزاب حركة التحرر العربي التي تنشغل بأزماتها الداخلية. ولهذا السبب نستعيد ما قاله الرئيس صدام حسين شهيد العراق والأمة العربية أمام وفد عربي سأله عن السبب في رفضه مطالب الأميركيين، وإن في استجابته ما يجنِّب العراق ويلات الحرب والتدمير، قائلاً: نحن سنخوض المعركة وعلى العرب أن يستفيدوا منها. أما المقصود فنحن نفهمه اليوم أن على حركة التحرر العربية أن تضع تجربة العراق في المواجهة مع الإمبريالية والصهيونية، بعد أن أثبتت نجاحها، أمام الدرس والتمحيص والاستفادة، فهل تفعلها أحزاب حركة التحرر العربي؟
أيتها السيدات والسادة
لكي تعرفوا نتيجة المواجهة الدائرة على أرض العراق الآن، عليكم متابعة ما يجري على أرض أميركا. فالشارع الأميركي، والحركات السياسية والإعلامية والفكرية تقاتل مع المقاومة العراقية من أجل إخراج الجيش الأميركي من العراق الآن قبل الغد.
وبعد أن قدَّم الرفيق غريب عرضه للمشهد الراهن في العراق، تقدَّم بعض الحاضرين بمداخلات وأسئلة تناولت المسائل التالية:
-أسباب ضعف حركة الشارع العربي في تأييد المقاومة العراقية ودعمها.
-على من تقع مسؤولية الاعتداء على المواطنين العُزَّل.
-حجم وجود فصائل المقاومة ذات المشاريع السياسية الدينية ومدى تأثيرها.
-غياب دور الإعلام عن دعم المقاومة.
-وقائع الدور الإيراني في العراق، وموقف المقاومة منه.
وقد أجاب الرفيق غريب عن تلك المسائل، ومن أهم ما جاء في توضيحه ما يلي:
ضعف حركة الشارع العربي عن تأييد المقاومة العراقية ونصرتها
-إن حركة الشارع العربي في دعم هذه أو تلك من القضايا القومية أو العالمية، صعوداً أو هبوطاً، ترتبط بعاملين: الأول مدى استجابة الجماهير ومدى وعي حركة التحرر العربية، أحزاباً وحركات وقوى، لتلك القضايا. أما الجماهير العربية فهي توَّاقة لدعم كل أنواع المواجهة ضد المشاريع الأميركية والصهيونية. لكن هذه الجماهير هي بحاجة إلى قيادة تنظِّم صفوفها، وتحدد لها وسائل حركتها النضالية. ولأن أحزاب وحركات التغيير، من المحيط إلى الخليج تعيش أزمات داخلية، وهي عاجزة عن تنظيم صفوفها، فهي أيضاً عاجزة عن قيادة الشارع العربي. لهذا لا نرى في الأفق ما يبشِّر بتسريع حركة الجماهير، الجاهزة للحركة، قبل أن تخرج تلك الأحزاب من أزماتها الداخلية، التي تعود أسبابها الرئيسية إلى غياب الرؤية القومية ووحدة القضايا الوطنية العربية وترابطها الجدلي. هذا في الوقت الذي بتنا فيه على قناعة بأن الطليعة هي التي تدفع الثمن الغالي أولاً لتلتحق بها، من بعد أن تحقق انتصارات ملموسة، شرائح أوسع. وهذا هو قدَر المقاومة الوطنية العراقية الآن، وقد أثبتت الوقائع أنها أهل لها.
المصدر الذي يرتكب جرائم بحق المدنيين
-كثرت الأحاديث عن تحميل المقاومة وزر الجرائم التي تُرتكب ضد المدنيين، وتأتي هذه الأحاديث وكأنها تصدِّق ما يروِّج له الاحتلال وعملاؤه، وهذا فيه ما يثبت للأسف أن الطرفين معاً يمارسان الأكاذيب من أجل تشويه أهداف المقاومة، وعندما يصدِّقها الرأي العام يعني أنها قد نجحت في ذلك. وعن هذا الأمر، أكَّدت المقاومة بكل فصائلها أنها ليست مسؤولة عن ذلك، فهي عندما تقاوم الاحتلال فهي إنما تدافع عن الشعب، وعملياتها العسكرية تستهدف جنود الاحتلال وكل من يتعاون معه. أما تلك العمليات التي تستهدف المدنيين فقد أثبتت الوقائع والتقارير أن من يقوم بها، هما طرفان: الأول هو الاحتلال الذي يريد أن يفكك وحدة العراقيين ويزرع حاجزاً بينهم وبين المقاومة، والثاني هي الميليشيات المذهبية المسلحة، التابعة للفريق العميل الحاكم، التي تهدف إلى تعميق الهوة بين الأديان والمذاهب لتبرر إقامة كياناتها المذهبية السياسية تحت اسم «الفيدرالية».
الكشف عن واقع المقاومة العراقية
-أما عن فصائل المقاومة العراقية، التي تعمل تحت شعارات سياسية دينية، فهي تؤدي دورها التحرري وتحصر أهدافها المرحلية في مقاومة الاحتلال، وقد أعلنت جميعها أن هدفها الأساسي هو تحرير العراق، وتنسِّق فعالياتها العسكرية مع الفصائل الأخرى في أكثر من إطار. ومن أهم ما تعمل عليه في هذه المرحلة هو التحذير من الانجرار إلى ردات الفعل في مواجهة وسائل الميليشيات العميلة الهادفة إلى تفكيك اللحمة الاجتماعية بين العراقيين على أسس طائفية ومذهبية، ومن أهم مظاهرها تفجير السيارات في الأسواق العامة ودور العبادة. أما ما يتم الترويج له من أنها تشكل العصب الأساسي في المقاومة العراقية فهذا فيه الكثير من المغالطات، لأن مؤسس المقاومة والذي أعدَّ لها بسنوات قبل الاحتلال، والذي اعتبرها الاستراتيجية الأساسية بعد وقوع الاحتلال، فهو حزب البعث العربي الاشتراكي. وبالفعل كما تدل كل الوثائق والبراهين هو أن المقاومة العراقية على قاعدة «الكفاح الشعبي المسلح»، ابتدأت في العاشر من نيسان على أيدي الفصائل التي أعدَّها الحزب، بقيادة الرئيس الشهيد صدام حسين، الذي أعلن أمام وفد عربي «إن العراق سيخوض المواجهة مع الأميركيين، وعلى العرب أن يستفيدوا منها». وقد تأسست كل الفصائل الأخرى، ومنها الفصائل الإسلامية، بعد تلك الانطلاقة بأشهر. أما العصب الأساسي وموقع الثقل في المقاومة العراقية فهي المقاومة الوطنية، بفكرها ومقاتليها، وتغطي كل العراق، جغرافياً وإثنياً. أما من أسهم فيها من الإسلاميين والعرب، فهو جهد له قيمته الإيجابية القصوى، لأنه يجعل العراقي يشعر بأن معركته التي يخوضها ضد الاحتلال هي معركة العرب والمسلمين معاً.
عن دور الإعلام العربي
-أما عن الإعلام العربي الذي يغيِّب دور المقاومة، فغني عن القول بأنه مأجور. ولكن وحيث إن من يريد إبراز دورها من الصادقين فهم ممن لا يمتلكون الإمكانيات التي تُيسِّر تأسيس وسائل إعلامية تقوم بواجبها، ولكن المقاومة تفرض نفسها بسبب من شدة تأثيرها على الإعلام الغربي لوحده، وتبرز آثارها على ما يجري في الشارع العالمي، بشكل عام، والشارع الأميركي بشكل خاص. وهي التي تشكل وسيلة إعلامية، من دون قصد، للمقاومة العراقية.
الدور الإيراني في العراق
-وتبقى مسألة الدور الإيراني في العراق، وهنا لا بدَّ من التوقف عند المسألة الخلافية بين من يعرف حقيقة ذلك الدور ومن لا يعرفه. وكما أننا نحترم كل الآراء المبنية على الجهل بحقيقة ذلك الدور لقلة المعلومات التي تصلها، نتمنى على من يتبناه من الحضور الكرام أن يسمع رأينا ويعترف بحقنا في الكشف عن الدور الحقيقي.
إن إيديولوجيا حزب البعث العربي الاشتراكي قومية تعترف بحدود الدول الأخرى وسيادتها، فهي تعترف بحدود إيران وسيادتها، وبهذا لا تطمع بأي شبر من الأرض الإيرانية. أما إيديولوجيا النظام الحاكم في إيران فهي مبنية على أسس أممية، أي من حقها أن تبني الدولة الإسلامية العالمية، وبذلك فهي لا تعترف بالحدود الجغرافية للدول الأخرى، وتأتي البوابة العراقية من أهم مداخلها الأساسية. فبناء على اعتقاد النظام الإيراني الإيديولوجي فهو لا يعير حرصاً على حدود الدول الأخرى، بل يبدي عداءً لأية وحدة قائمة على العامل القومي، فهو إذاً يعتمد على استراتيجية إلغاء الحدود الجغرافية العراقية واختراقها والدخول منها لتحقيق المشروع الاستراتيجى الأممي، ومن أجل ذلك يعمل على اقتطاع العراق، أو أي جزء منه، وتوكيل نظام سياسي يتولى الحكم فيه، ويرتبط بما يعتقد أنه يمثل المركزية الإسلامية في إيران.
أما من حيث وقائع الدور الإيراني في العراق، فهناك جملة من المظاهر والأعمال والوسائل التي لا يجوز إغفالها من أجل تكوين معرفة موضوعية لحقيقته، ومن أهمها: التنسيق مع «الشيطان الأكبر» في احتلال بلدين إسلاميين في أفغانستان والعراق، والتنسيق والتعاون معه بعد الاحتلال. والسكوت عن وجود «الغدة السرطانية»، أي الوجود الصهيوني في العراق تحت كافة الأشكال والألوان، الأمني والتجاري والتمثيلي. وهذا ما يدفعنا إلى التساؤل: هل هناك علاقة منطقية بين التمويل الإيراني لقتال العدو الصهيوني في لبنان، والتنسيق معه في العراق؟ وهل هناك ربط منطقي بين إعلان العداء للإمبريالية الأميركية والتعاون معها في آنٍ واحد؟
أما المقاومة الوطنية العراقية، وحزب البعث العربي الاشتراكي، فيطلبان من أي نظام إيراني أن تكون إيران جاراً آمناً في مصالحه وسيادته وخياراته السياسية، ولكن من شروط الجوار الحسن أيضاً أن تكون إيران أمينة على مصالح جيرانها وسيادتهم وخياراتهم السياسية. فهل هذا حاصل على أرض الواقع؟
كل الوقائع الميدانية المبنية على تقارير مؤكَّدَة تدل على أن النظام الإيراني ليس بعيداً عن توفير شروط الجوار الحسن مع العراق فحسب، وإنما يسلك سلوكاً لا يختلف عن سلوك الاحتلال الأميركي أيضاً. وعلى الرغم من ذلك فلا تزال في هذه المرحلة فرصة أمامه لكي يثبت حسن نواياه، في سلوك أساسي ومُستعجل، وهو الانتقال إلى ضفة مقاومة «الشيطان الأكبر» كحد أقصى وهو أقرب إليه من حبل الوريد، أو دعوة ميليشياته التابعة له، إلى رفع شرها عن المقاومين العراقيين والامتناع عن ملاحقتهم وقتلهم أو اعتقالهم، وهذا أضعف الإيمان.
وإذا كان أملنا في أن تتم الاستجابة إلى دعوة المقاومة، أو لا تتم، كما للاستجابة لدعوة العرب المخلصين لقوميتهم، ولأن إيران والعراق، بعمقه القومي العربي، جاران أبديان، يبقى الدعاء من أجل أن يسعى النظام الإيراني لتوفير شروط «الجوار الحسن» بين إيران والعراق، وإن كان يمثِّل أضعف الإيمان، فهو دعاء من الواجب تكراره، حتى للمرة المليون، لأنه من الخطأ الاعتقاد بأن حالة العداء الراهنة سوف تستمر إلى آخر الزمان. على ألاَّ تكون مبادرات حسن النية من طرف واحد، وعلى ألاَّ يحول اعتبار التناقض الرئيسي محصوراً ضد الولايات المتحدة الأميركية طالما أن للنظام الإيراني أطماع مشابهة حتى ولو كانت بعمق إيديولوجي له اتجاهاته الخاصة. وعلى ألاَّ تحول مبادرات حسن النية من طرف المقاومة، وأنصارها، دون الكشف عن مخاطر المشروع الإيراني طالما ظلَّ مصراً على تطبيقه في العراق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق