--> --> -->
إذا كانت الإدارة الأميركية مسؤولة عن جنودها أمام أُسَرِهم
فمن المسؤول عن الشعب العراقي أمام الله والتاريخ؟
21/ 6/ 2006
بعد العثور على جُثتيْ الجنديين الأميركيْين اللذيْن خُطفا على أيدي المقاومة العراقية، وبطلعته البهية، خرج الناطق الأميركي من على منبر له منصوب على أرض العراق ليعلن النصر أن ثمانية آلاف جندي استطاعوا أن يجدوا الجندييْن المفقوديْن، ولكن جثتيْن هامدتين. وبرَّر تجنيد الثمانية آلاف جندي بأن الجهود المبذولة كانت من أجل أن تبرهن إدارة المأفون جورج بوش أمام عائليتهما أن إدارته حريصة على حياة أبنائهما.
وأردف الناطق باسم جلاَّدي البيت الأبيض أن الجنديين قُتلا بوحشية!!!
مسألتان أثارهما الناطق البهي لا يمكن أن تمرَّا من دون تعليق أو تعقيب، وهما:
-إثبات إنسانية إدارة المجرمين الجدد من خلال حرصهم على جنديين اثنين، جنَّدت إدارة الاحتلال العسكرية ثمانية آلاف جندي، وقد أشارت الأخبار إلى أن العشرات منهم قد أُصيبوا بجروح على الأقل في جولاتهم التفتيشية لأن تلك الجولات لم تكن مريحة لهم بل كانت بنادق المقاومة بانتظارهم. فهم وإن خرجوا بمكسب العثور على الجنديين، وإن كانا جثة هامدة، إلاَّ أن المفتشون قد خرجوا بحصيلة محترمة من الجرحى.
-إرسال إشارة خبيثة إلى الرأي العام الساذج بأن ما قدَّمه الجيش الأميركي للعالم كان خدمة كبيرة، لأن الذين من أجلهم جاء إلى العراق كانت رسالة إنسانية مضمونها القضاء على الذين يقتلون بوحشية.
لم نكن نهدف إلى تسليط الضوء على وحشية الناطق البهي كرسول إلى العراق ينطق باسم المجرمين الأميركيين الجدد، لأنه على الرغم من تشديد إعلام الناطقين باسم المجرمين محاولاً أن يغطي بشاعة ما يرتكبه جورج بوش وزمرته من جرائم في العراق، فإن جرائم نظامه من المنفِّذ الأدنى إلى الآمر الأعلى أكثر من أن تُحصى. تلك الجرائم لا يمكن أن يستوعبها مؤتمر صحفي، بل ولا تكفي آلاف الصفحات في تعداد تلك الجرائم ووصف وحشيتها.
إننا من خلال قراءة وقائع الحادثة، لم نكن نهدف إلى البرهان على أن الناطق البهي يكذب، كرئيسه ونائب رئيسه ووزير دفاعه وجنرالاته الكبار، لأنهم كذَّابون بشهادة أهل دارهم، من أفراد وتجمعات شعبية، وفنانين وممثلين، وسياسيين ومفكرين، ومن تلفزيونات وصحف... كلهم لم يخفوا جرأتهم في حضور أولئك المجرمين حينما كانوا يصرخون في وجوههم أنهم كذَّابين. ذلك الحكم الذي عندما نعلنه يتم وصفنا بعدم الموضوعية، أو لكنا أمام المثقفين العرب الراديكاليين «أحمد سعيد» عصرنا. ولكانوا هم المثقفين الناضجين ولأصبحنا نحن المتخلفين نظراً لما يمتازوا به من تقدمية ووعي.
لم نكن نهدف إلى البرهان على أن المجرمين الجدد ليسوا مسؤولين عن جنودهم الذين دفعوهم إلى احتلال العراق لا من أجلهم ولا من أجل ذويهم، بل دفعوهم إلى جهنم العراق من أجل بتروله الذي سيملأ جيوب مجرمي الرأسمالية، القدامى والجدد، بالجواهر واللآلئ. تلك الأحجار الثمينة عندما ترصِّع تاج إمبراطورهم، أو متى دخلت جيوب أحفاد من اجتثوا شأفة الهنود الحمر، وكبَّلوا الأفارقة السود بالأغلال وساقوهم إلى العمل في المزارع الأميركية التي اغتصبوها من سكانها الأصليين، فعلى جنودهم وأهاليهم السلام في قبورهم أو في دساكر الفقراء والمحتاجين ومؤسسات رعاية المجانين أو العميان أو على كراسي المعاقين.
كان أشد ما لفتنا في تصريح الناطق باسم جماعة البغي والعدوان هو كثرة «المخصيين» في المنطقة الخضراء، من العملاء والجبناء، وعتاة الإجرام والخيانة، الذين كانوا كلهم من السامعين والصامتين والمرحبين ببطولة الناطق، وبطولة من ينطق باسمهم. هاتفين بحياة المجرم الذي يدفع بثمانية آلاف جندي من أجل العثور على جندييْن. وهاتفين بحياة الناطق والجنرالات الناطق باسمهم الذين يلاحقون الذين يقتلون بـ«وحشية».
وهنا نتساءل: أوَ لم يسأل كل أولئك أنفسهم أمام إعجابهم بالجيش الأميركي الذي لا ينسى جنوده، هل هم خارج المساءلة عندما شرَّد الاحتلال مئات الآلاف من الجيش العراقي، وتالياً من الشعب العراقي؟
كما نتساءل أيضاً: أوَ لم يسألوا أنفسهم، أمام جرأة الناطق الذي فضح وحشية من قتل الجنديين: ماذا فعل جيش الاحتلال عندما وطأت قدماه أرض العراق؟
أوَ ليس الاحتلال بحد ذاته إلاَّ صادر عن قرار وحشي عريق؟
أوَ ليس قتل النساء والأطفال والمسنين جريمة تتصف بـ«الحيوانية» وليس بالوحشية فحسب؟ «حيوانية» مرَّت من أم قصر، وعبر البصرة والنجف وكربلاء، معرِّجاً على بغداد، مجتثاً كل شيء في الفلوجة وسامراء والقائم، باستثناء روح المقاومة وهمة المقاومين وشجاعتهم... ماراً في الموصل وتلعفر وبيجي، واصلاً إلى الرمادي وبعقوبة والخالص...
لم نكن نهدف للإشارة إلى «الخصيان» لأن المخصي فقد ميزة الرجولة منذ أن ارتضى أن يكون «مخصياً»، و«خائناً»، و«ذئباً» يفترس أبناء جنسه وعرقه ودينه ووطنه.
كان الناطق بمثابة «السلطان» والعراقيون الناطقون بالعربية من «الخصيان»، فما يقوله السلطان عندهم يصبح «سلطان الكلام». أوً ليس هو ولي نعمتهم؟
لم نكن نهدف إلى المزيد من كشف جرائم «السلطان المجرم»، ومن جرائم «خصيان السلطان» المشاركين بالجريمة. لم نكن نقصدهم، وهم العتاة بالجريمة، ولا يعرفون أن يعيشوا من دونهم، فانغرست في نفوسهم كالفطرة. ولم نكن نهدف إلى البرهان عن أكاذيبهم، فالكذب لديهم أصبح «ملح الرجال».
بل ما نهدف إليه هو الإسهام أمام الطيبين من شعبنا، المخدوعين بوسائل الإعلام الأميركي الذي يخدم مجرمي الحرب، في الكشف عن عناصر الجريمة الأميركية المنظَّمة وكذبهم المنظَّم، والتحذير من أن إعلامهم كان، ولا يزال، أداة يستغفلون بها المغفَّلين، ويؤثِّرون بها على عقول السُذَّج.
تبقى هناك حقيقة واحدة ماثلة في أذهان المقاومين هو أن الاحتلال جريمة الجرائم الكبرى، ومن ارتكبها فلن تعيقه الجرائم الأخرى. ومن أجل محو كل الجرائم لا يمكن أن يتم إلاَّ بالحكم على المحتلين وعملائهم إلاَّ بالإعدام المستمر، بالبندقية والعبوة الناسفة والسلاح الأبيض والإغراق في الأنهر وقصف القواعد العسكرية والكمون لدورياتهم، وباختصار الاستعانة بكل وسيلة متاحة أمام المقاوم من أجل تقصير أجل الاحتلال واختطاف أرواح جنوده بكل الطرق والوسائل...
لم يسأل أحد أياً من أولئك المجرمين الكبار، والصغار أيضاً، كيف يقتلون ومتى وإلى أي مدى؟
ولم يسأل أحد أياً من أولئك العملاء الكبار، والصغار أيضاً، كيف يخونون وطنهم، وينهشون بلحم أبناء وطنهم ويسرقون الأمن من عيونهم واللقمة من أفواههم، ومتى وإلى أي مدى؟
فليس، إذاً، من حق أحد أن يسأل المقاوم كيف يقتل عدوه، لأنه متى خُيِّر بين أن يموت هو أو يموت الاحتلال وجنوده وعملائه، فالخيار الإنساني والقانوني يقتضي بأن تقتل خصمك قبل أن يتمكن منك.
فاقتلوهم أيها الأبطال حيث ثقفتموهم ولا تأخذكم بهم شفقة ولا رحمة. لأنهم لو تمكنوا منكم فسيسحلوكم في الشوارع والأزقة، بين البيوت وعلى كثبان الرمال.
إقتلوهم حيث ثقفتموهم، وبوركت الزنود التي تردي المجرمين قتلى غير عابئين بأكاذيب الناطق «الوحش الأصغر» عن الناطق باسمهم لأنهم «وحوش كبار».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق