-->
--> -->
إبراهيم الجعفري يرتكب جريمة الجرائم في تاريخ العراق
2/ 6/ 2005
بعد مرور أربعة أشهر، وبعد مخاض عسير، وضع جورج بوش اللمسات الأخيرة على مسرحية الانتخابات العراقية التي نظمتها أجهزة الـ«سي آي إيه» في الثلاثين من كانون الثاني من العام 2005.
وبعد مخاض عسير آخر، بين أخذ ورد، بين جدال وخصام، وبين تهديد وتهديد، كاد العملاء يبطشون ببعضهم، وهم مصدِّقون أنهم مارسوا الديموقراطية المزعومة، وصدَّقوا أنهم حازوا على ثقة الشعب العراقي، وحلموا أنهم حازوا على حقوقهم، فراحوا يقتتلون حول من يركب على هذا الكرسي أو ذاك. ولما طال الانتظار من دون أن يتفقوا برضاهم، أتى إليهم رامسفيلد مقرِّعاً تارة ومهدداً تارة أخرى. وأعطاهم كلمة السر ووزَّع عليهم الخوازيق. وقال لهم إنكم «تعرفون ما عليكم أن تفعلوا». وركب طائرته وعاد إلى بلاده.
ولحقت به كوندوليزا لتسجل اسمها في سجل الذين غامروا بزيارة للعراق، حتى لا يفوتها قطار هوليوود، لعلَّ أحد المخرجين الكبار يُعد لإنتاج فيلم يمثله «رامبوات» الإدارة الأميركية. ولعلَّها وزعت التهديدات باسم وزارتها على عبيدها ممن ينتسبون زوراً إلى العراق. وقد وزَّعت ابتساماتها على الخصيان ممن وكَّلهم رئيسها المحبوب لسرقة أموال العراق وإرادته.
لم يكن حماس الإدارة وحرصها على إعلان نتائج مسرحية الانتخابات صادراً عن رغبة في تعيين «الواجهات التي تتلطى وراءها»، لأنها دخلت منذ غزو العراق، وهي معروفة، وكل منها يعرف دوره، ويعرف حدوده. فقد حفظنه قبل الغزو بسنوات عديدة. بل كان حماس «إدارة العدوان الأميركية» صادراً من حرصها على ترتيب شكل البيت العراقي بعد الانتخابات المزعومة، وقبل الاستحقاق الأممي في حزيران/ يونيو ، أي قبل النظر في التجديد لقوات الاحتلال كما نص القرار 1483.
ولما طالت لعبة عملائها من العراقيين، وخوفاً من أن يداهمها الاستحقاق الأممي قبل أن تقطف نتائج الانتخابات الحقيقية التي أجرتها في كانون الثاني من العام 2005، لوَّحت بالعصا التي يعرف عملاؤها لسعتها. ويعرفون أن جورج بوش لن يتورَّع عن استبدالهم بمن هو أسرع منهم استجابة للأوامر. فركَّبوا الحكومة بما تيسَّر من العصي والخصيان. وبعد إعلان تشكيلتهم، التي هي على تلك الشاكلة، بادر ابراهيم الجعفري إلى إعلان نتائج الانتخابات في الخامس والعشرين من أيار 2005، فلم تكن النتيجة إلاَّ تقديم طلب إلى مجلس الأمن، يتمنى فيه على المجلس أن يجدد لـ«لقوات الأميركية الصديقة» فترة أخرى للبقاء في العراق!!
ألم يكن الهدف الأول والأخير من الانتخابات في العراق غير الإعلان عن هذا الطلب؟
تعامى شذاذ الآفاق عن أن نتائج الانتخابات كانت معروفة قبل الغزو والعدوان والاحتلال، وهم لم يكن عندهم خشية من أن يفوزوا، ولا كيف يفوزون. أسماؤهم مكتوبة في «لوح البيت الأسود المحفوظ» منذ أن تلقى الخصيان تدريباتهم في كواليس الـ«سي آي إيه». ذلك التعامي هو الذي جعلهم يظنون أنفسهم رجالاً. وتناسوا أن الهدف الأميركي لم يكن أكثر من أن يقوم الخصيان ممن باركهم جورج بوش بالإعلان عن عشقهم لصداقة «مجانين البيت الأبيض»، وللبرهان على ذلك العشق يمر عبر الطلب ببقاء قوات الاحتلال في العراق. وكان الطلب «متعففاً وخجولاً» كأنه صادراً عمن «يتعففن وهن خجولات». فخصيان آخر «سلطان زمانه» لن يستطيعوا أن يسعدوا بليلة واحدة من دون «ليلى الأميركية»، سواءٌ أكانت كوندوليزا أم كان رامسفيلد.
وحيث إن خصيان «السلطان الأميركي» قد برَّأوا ذمتهم بتقديم الطلب إلى «كوفي» فليس عليه إلاَّ أن يبصم على تجديد آخر لاحتلال غير شرعي بكل المقاييس. فلم يتأخر درس الطلب، إذ كان المجلس جاهزاً لـ«البصم»، فجدد لها ثمانية أشهر تنتهي في شباط/ فبراير من العام 2006.
ألم يدر هؤلاء وأولئك أن «إدارة العدوان الأميركية» كانت ستعتمد على «خيالات مجلس الحكم المؤقت» في إضفاء شرعية قانونية دولية على وجودها في العراق؟ وللمنخدعين بهم نقول:
منذ أن وطأت أقدام المحتل الأميركي أرض العراق كانت «إدارة العدوان الأميركية» قد أعدَّت سيناريوهات مستقبله. ومن المفيد أن نعيد رسم تلك السيناريوهات من أجل أن نحدد تحديداً دقيقاً موقع «حكومة ابراهيم الجعفري» من تلك الصورة. لكي نحدد الدور الذي تؤديه في جريمة ذبح العراق، التي على أساسها نرصد ماذا حقق الاحتلال الأميركي من أهدافه.
ولكي تصبح صورة البدائل، التي وضعها بعد تعثر مرحلته العسكرية، واضحة أمام أعين «الأغبياء» من الذين يلحسون المبرد ويلعقون دمهم. ومثلهم في ذلك مثل القط الغبي الذي غرق في لعق الدم الذي يسيل على المبرد بغزارة من دون أن يعرف أن ما يلعق ليس كسباً، بل خسارة ما بعدها خسارة، فدمه سوف ينزف كله فيموت من دون أن يدري ما هو السبب.
وإذا كنا لن نحسب «ابراهيم الجعفري»، بمن يمثل، أو بمن يخدع ، «غبياً». وهو ليس بغبي لأنه يعرف ما ترتكبه يداه. بل جاء على دبابة أميركية وهو يحفظ الدرس الذي عليه أن يتلوه من دون إنقاص بأي حرف فيه أو أية زيادة.
ركب ابراهيم الجعفري «سفينة النجاة الشيعية في العراق» وراح، على وقع موسيقى «إعادة حقوق شيعية كانت مسلوبة» يعزف على وتر قذر وخطر. ويصوِّر نفسه أنه «إبراهام لنكولن» عصره ومصره. فهو «إبراهام العراق» الذي سيطرد الاحتلال الأميركي بالعمل السياسي، والحنكة السياسية.
ففي نغماته ما يدغدغ عواطف الطيبين من المخدوعين، وفيها ما يجعل المتواطئين يرقصون فرحاً بأن أمامهم الكثير من الدم الذي سيلعقونه ويتلذذون به، وقد وعدهم أن «المن والسلوى» في العراق سيكون من نصيبهم عندما شارك في غزو بلده، وعندما شارك في ذبح المقاومين، وعندما أوغل في سرقة ما سُرق ليضعه في جيوب «لصوص الإدارة الأميركية». ووعدهم أنهم عندما يمانعون مقاومة الاحتلال، فسوف تستقيم الأمور وتنفتح الأبواب أمام ما حملته «إدارة اللصوص الأميركية» من خير وديموقراطية.
فأما المخدوعين فسيجدون أنفسهم في عداد الأموات بعد أن يلعقوا من دم وعود الجعفري الذي هو دمهم. وأما المتواطئين فسيجدون أنفسهم خدماً وحشماً للشركات الأميركية الكبرى التي تعمل لرهن العراق، بشعبه وثرواته، لعشرات السنين.
حكومة الجعفري مرحلة، أو حلقة، من مراحل أو حلقات المخطط الأميركي لشرعنة الاحتلال. فإذا كانت أصول المرحلة العسكرية وفصولها أصبحت واضحة شديدة الوضوح أمامنا، فإن ما يكتنفه الغموض هو ما أعدَّته «إدارة الوحوش الأميركية»، أو نفَّذته –حتى الآن- من أصول مرحلة «العدوان الاقتصادي» وفصوله.
إن أصول «العدوان الاقتصادي» هو السيطرة، بشكل كامل، على ثروات العراق، وعلى كمِّ أفواه الشعب العراقي وتدريبها على أن تستهلك فقط لا غير. وكان من المفترض أن يكون التاسع من نيسان من العام 2003 نهاية المرحلة العدوانية العسكرية وبداية مرحلة قطف ثمارها لمصلحة «أصول العدوان الاقتصادي». ولمثل تلك المصلحة اعتبرت «إدارة الشر الأميركية» أن الفصل العسكري قد أدى أغراضه واكتمل. فدعا جورج بوش، في الأول من أيار من العام 2003، جيوشه لكي تستريح من أجل أن يستكمل سياسيو الاقتصاد ركوب «دبابة الشركات الأميركية الكبرى»، ولكي يقودوا معركة احتلال العراق اقتصادياً. فانتهى دور سانشيز، كقائد لمرحلة «العدوان العسكري»، وجاء دور الحاكم الأميركي غارنر فلم تبقيه الشركات الكبرى أكثر من أسبوعين لأن خبرته أمنية عسكرية وليست اقتصادية، واستبدلته بـ«بول بريمر» صاحب الباع الطويل بالاحتيال في مجال الاقتصاد.
لم ينته مشروع بريمر عندما استبدلته «إدارة العدوان»، في الثلاثين من حزيران/ يونيو 2004، بـ«نيغروبونتي» الخبير في «الجريمة الأمنية». ولكنه خلافاً لذلك رحل «بريمر» بعد أن وضع الأصول السياسية لاقتصاد الشركات الأميركية في العراق، ولم يكن ينقصها لتكتمل إلاَّ إنهاء المقاومة العراقية كشرط أساسي وضروري لكي تدخل الرساميل الجبانة إلى العراق في ظروف أمنية مناسبة.
لقد وضع بريمر أسس «التحويل السياسي والاقتصادي» للعراق، وصاغ كل القوانين والتشريعات التي تستجيب لمصالح الشركات الكبرى. كما عيَّن في إدارات الدولة العراقية، سواءٌ أكان على صعيد الباصمين سياسياً على كل القرارات والقوانين والتشريعات ممن أتى بهم على دباباته، أم على صعيد الخبراء في سرقة الثروات، أو كما يُقال «سارقو الكحل من العين»، أو «من إذا صافحته عليك أن تعد أصابعك بعد مصافحته».
كان من المرسوم في مرحلتيْ العدوان، العسكري والاقتصادي، أن يستسلم العراق. وتُلغى مؤسساته السياسية والتشريعية، أي أن يتم إسقاط كل شرعية للنظام السياسي السابق، واستبداله بنظام آخر يبصم على شرعية الاحتلال وكل إفرازاته كخطوة أساسية لاستصدار قوانين وتشريعات تحمي مصلحة الشركات الأميركية، لتسلك استراتيجية ارتهان العراق من دون الاصطدام مع القانون الدولي في المستقبل.
وللوصول إلى تلك الاستراتيجية اشترك في التواطؤ والعدوان والتخطيط ثلاث قوى، وهي:
-إدارة «العدوان الأميركية»، ممثَّلة بـ«بول بريمر».
-الغطاء العراقي، ممثلاً بمن أعدته أجهزة الـ«سي آي إيه» من العراقيين كأعضاء «مجلس الحكم المؤقت»، أو «حكومة أياد علاوي»، وآخراً وليس أخيراً «حكومة ابراهيم الجعفري».
-الغطاء الأممي، ممثلاً بـ«كوفي أنان»، كقشرة شرعية دولية، وبمن تقودهم «المافيا الدولية» من رؤساء دول وحكومات.
أولاً: ماذا أعدَّ «بول بريمر»؟
كان الهدف الرئيسي، الذي ينفِّذه بول برير، هو تحويل اقتصاد العراق إلى «اقتصاد السوق»، ولهذا اتَّخذ جملة من القرارات الخطيرة، ومن أهمها:
-في أيار 2003: طرد مئات الآلاف من الموظفين، وإلغاء الضرائب والرسوم الجمركية، وأعلن أن البلاد مفتوحة لـ«البزنس».
-في حزيران: خصخصة 200 شركة تابعة للقطاع العام كانت تلبي حاجة العراق للكثير من السلع.
-في أيلول: من أجل تشجيع المستثمرين، أصدر القرارات التالية:
1-القرار 37: تخفيض نسبة الضرائب من 40% إلى 15%.
2-القرار 39: سمح للشركات الأجنبية بتملك 100% من الأصول العراقية ماعدا قطاع الموارد الطبيعية. ويمكن للمستثمرين أن يأخذوا كامل الأرباح إلى خارج العراق، ولن تفرض ضرائب على أرباحهم . وبموجبه يمكن أن يوقعوا عقوداً يمكن أن تستمر لأربعين سنة.
3- أما القرار 40: فقد سهَّل للبنوك الأجنبية بالاستثمار في العراق تحت الشروط نفسها.
وقد وصفت جريدة الايكونومست العراق تحت حكم بريمر بأنه «حلم الرأسمالي». ومدح دونالد رامسفيلد إصلاحاته باعتبارها «من أفضل قوانين الضرائب والاستثمار المستنيرة والمشجعة في العالم الحر»([1]).
تناسى من وضع أفضل أصول تشريعية لتحويل اقتصاد العراق إلى «اقتصاد السوق»، ومادحيها، أن القانون الدولي يمنع سلطات الاحتلال من أن تغير في القوانين والتشريعات التي كانت سارية المفعول قبل الاحتلال. السبب الذي دفع بريمر إلى التفتيش عن حل لا يمكن أن يكون موجوداً إلاَّ في هيئة العملاء من العراقيين. أي بإيجاد حكومة يُسبغ عليها «لصوص إدارة جورج بوش» الشرعية لكي تشرِّع –بدورها- قرارات بول بريمر،وبذلك تكتمل الفرحة بالجمع بين أفضل أصول تشريعية تخدم شبق رأسمالهم وأقذر سلطة تتواطأ على وطنها لتشريع لصوصية جماعة جورج بوش.
ثانياً: ماذا عن دور الغطاء العراقي؟
لكي يسبغ بريمر شرعية على قراراته كان لا بدَّ من أن يوفر الغطاء العراقي، بتعيين «حكومة شرعية»، ونص دستور مؤقت. ولهذا السبب كانت إدارة العدوان الأميركية ملحة على تسليم السلطة إلى العراقيين، بمسرحية ما سمتها «نقل السلطة إلى العراقيين» في 30 حزيران/ يونيو من العام 2004. وهذا ما قامت بتغطيته المؤسسات الأممية بواسطة القرار (1546) الصادر عن مجلس الأمن الدولي، بتاريخ 8/ 6/ 2004.
أما الشرط الثاني فكان بصورة إقرار «دستور مؤقت»، سبق مسرحية «نقل السيادة» بشهرين.
وبهما حسب بريمر أنه أحكم الخناق على العراق بحصوله على «الحكومة المؤقتة» و«الدستور المؤقت». وللمزيد من تشديده دسَّ بريمر المادة 26 في الدستور التي تنص على أنه في خلال فترة الحكومة المؤقتة : «تطبق القوانين واللوائح والأنظمة والتوجيهات التي أصدرتها سلطة الائتلاف المؤقتة». على ألا تتغير إلا بعد إجراء انتخابات عامة.
فإذا كان بريمر قد حصل على ضمان مؤقت لقوانينه ولوائحه وأنظمته وتوجيهاته التي أصدرها والتي حمَّلها حكومة «أياد علاوي»، لم تكن إلاَّ تطمينات مرحلية من أجل جذب المستثمرين إلى العراق.
أما الضمان الاستراتيجي فهو الإتيان بحكومة «منتخبة»، وهنا جاء التواطؤ الأممي الآخر الذي تضمنه قرار مجلس الأمن (1546)، الذي أجاز أن تُجرى انتخابات تشريعية تحت سلطة قوات الاحتلال، وتواطؤه أتى من تغيير صفة «قوات الاحتلال» عنها وإعطائها اسماً آخر «القوات المتعددة الجنسيات» بما يُفهم منه أنها قوات تابعة للأمم المتحدة. وبمثل تلك الصفة تستطيع قوات الاحتلال الأميركي أن تجري انتخابات تكون واضحة النتائج قبل إجرائها. والأهم من ذلك أن تكون النتائج على مقياس المهمات التي عليها تنفيذها. ولن يجلس على كراسي «السلطة التشريعية»، و«السلطة التنفيذية» إلاَّ الذين أتى بهم الاحتلال الأميركي، أصلاً، لكي يكونوا من المطواعين الباصمين. وكانت «إدارة اللصوص الأميركية» حريصة على أن تسرِّع في إجراء انتخابات شكلية من أجل ألاَّ يسابقها الزمن في إقرار سلة القوانين والقرارات والتوجيهات التي وضعها بول بريمر.
وبالفعل مثَّلت الإدارة الأميركية مع القوى الدمى العراقيين مسرحية الانتخابات، ولكن بعض التأخير الذي رافق عملية تشكيل المؤسسات الرسمية، رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ورئاسة الهيئة التشريعية، لم يكن مرده إلاَّ لخلافات سادت صفوف العملاء بتقسيم جبنة المواقع فيما بينهم. حسمتها زيارة رامسفيلد إلى العراق، وساندته زيارة غوندوليزا أيضاً. وعلى كل حال فقد أصبح مبرراً لـ«إدارة اللصوص الأميركية» أن يطلبوا من الدمى، برئاسة ابراهيم الجعفري، بقاء قوات الاحتلال الأميركي في العراق لأسباب أمنية. وكان مجلس الأمن جاهزاً لإصدار قرار أممي ليكمِّل مهمته في التواطؤ على العراق. فجدَّد لقوات الاحتلال، التي كان قد مسخها بدون وجه شرعي، وحوَّلها من قوات احتلال إلى قوات «متعددة الجنسيات»، ومن قوة غزت العراق من دون غطاء شرعي دولي إلى قوات «حفظ السلام» في العراق.
إن وظيفة ما تُسمى بـ«حكومة ابراهيم الجعفري» ذات شقين:
الأول: اعتبار القوات الأميركية الغازية قوات صديقة موجودة في العراق من أجل مهمة إنسانية.
أما الثاني، وهو الأشد خطورة، وهو كما يُقال «فيه مربط الفرس»، فهو استكمال خطوات تزوير مؤسسات عراقية شرعية (صياغة دستور دائم، وانتخاب حكومة جديدة) من أجل إقرار خطة بريمر وإعطائها الشرعية. وفيها ارتهان للعراق، بشعبه وثرواته، لمدة أربعين عاماً على الأقل.
ومن يتابع نشاط المؤسسات المالية الأميركية، ومنها المؤسسات المالية الصهيونية، التي تعمل من أجل إعطاء القروض المالية للعراق على أن يشكل نفط العراق «سندات ائتمان»، لتسديد القروض. ولمن يجهل تلك الحقيقة فنعرض أمامه الجزء اليسير منها بالتالي:
تستطيع الوزارات العراقية أن تقترض بلايين الدولارات من اجل استيراد ما تحتاجه من معدات من الخارج. ولكن مقابل رهن عائدات النفط العراقي من خلال بنك يديره بنك جي بي مورجان تشيس في نيويورك. أعلن حسين الازري، مدير بنك التجارة العراقي، الذي يديره «بنك مورجان تشيس» في مدينة الكويت أن البنك استطاع أن يحصل على 4ر2 بليون دولار بشكل ضمانات استيراد للتجارة بين العراق والشركات والحكومات الأجنبية. وقال ديفد شافيرن مسؤول كبير في البنك الأمريكي للتصدير والاستيراد في اجتماع عقدته شركة اكويتي انترناشيونال لتشجيع الاستثمار في العراق: «سوف تستخدم عوائد النفط هذه من أجل دعم خطابات الائتمان لبنك التجارة العراقي. وسوف نضمن أن خطابات الائتمان هذه سوف تكون للمصدرين الأمريكيين»([2]).
سيعلم كم هي قذرة مهمة «ابراهيم الجعفري». وسيعلم المغفَّلون الذي يقومون بتأييده وتشجيعه، وكيل المديح له، بأية سكين ينحرون العراق، وبأية سكين ينحرون حقوقهم التي حسبوا أنهم كانوا محرومين منها،ولكن ذلك لم يكن إلاَّ تزويراً لواقع الأمور التي زيَّنها لهم حلفاء «الشيطان الأكبر».
فإذا كانت المقاومة العراقية قد منعت «عصابة البيت الأبيض»، لأكثر من سنتين، من السرقة الكبرى، فإنها ستحول دون أن يبقى الاحتلال الأميركي ليرتهن العراق، وشعب العراق. وعلى المقاومة العراقية يقع الرهان الأكبر والأساسي، وهي جديرة بأن يراهن عليها العراقيون في تخليصها من الاحتلال وعملائه وقذاراتهم.
تناسوا جميعاً، سواءٌ أكانت «ليلى الأميركية»، أم الخصيان الذين لن يستطيعوا نيل وطرهم منها، أم كان «كوفي» المخصي الآخر بتهمة «السرقة من صندوق النفط مقابل الغذاء»، أن القرار الشرعي مأخوذ بطرد الاحتلال وعملائه، وتقديم «كوفي» إلى المحكمة الجنائية الدولية لأنه يغطي على أكبر الجرائم في التاريخ بدلاً من أن يكون الأمين العام والضمير المراقب من أجل حماية القوانين الدولية من الكذب والخداع. أما «إدارة الإجرام الأميركي» فلن تنجو من أحكام القانون الدولي، وأحكام اتفاقيات جنيف، بما ارتكبته من جرائم لا تُحصى. أما العملاء من العراقيين فلن يكونوا بمنجى من الحكم عليهم بتهمة الخيانة العظمى، خاصة وأن «حكومة ابراهيم الجعفري» قد توَّجت خيانتها بـ«جريمة الجرائم» حينما غطَّت على الاحتلال جريمته الكبرى.
لقد اتَّخذت المقاومة العراقية القرار الحاسم منذ انطلاقتها الأولى، وحددت أهدافها الاستراتيجية في «في منهجها الاستراتيجي السياسي»، واعتبرت فيه الاحتلال وعملائه أهدافاً مباشرة لبنادقها، كما اعتبرت أي تواطؤ أممي معهما هدفاً مباشراً من أهدافها.
لذا نحكم على أن كل ما نرى ونسمع ليس إلاَّ لعباً في الوقت الضائع..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق