قرار الإعدام الجديد:
استئناف لتصفية العقيدة العسكرية
الوطنية والقومية للجيش العراقي
7/ 9/ 2007
عندما أعدَّت الإدارة الأميركية خطة العدوان على العراق، وعندما قرَّرت احتلاله بشكل مباشر لم تعهده الإدارات السابقة، فإنما كان من أهم أهدافها تطبيق حرب الأفكار الخاصة بالأميركيين اليمينيين الجدد.
وعندما تواطأ النظام الإيراني مع تلك الإدارة في العدوان على العراق واحتلاله، فإنما كان من أهم أهدافه اجتثاث العقيدة القومية التي أرساها النظام الوطني في العراق على أسس عقيدة البعث في القومية والوحدة القومية.
إن الثنائي المتآمر قد غلَّفا أهدافهما بما يسهل على الآخرين هضم الكذب فيه، فكان إسقاط ما زعموا أنها الديكتاتورية هو هدفهم الأول ومن بعدها إحلال الديموقراطية من جانب، والحصول على حقوق الطوائف التي زعموا أن الشيعة كانوا ممن سُلبوا حقوقهم من جانب آخر.
وما كان قد خفي على الآخرين، هو تلك الحقيقة، والتي لا حقيقة أخرى تسبقها، هو اجتثاث أي فكر وطني أو قومي لأنه وحده يشكل الحاجز الصعب الذي يقف بصلابة في وجه أمركة العالم من جهة، كما يقف في وجه ما يزعم النظام الإيراني أنه وعد إلهي ببناء نظام نظرية الانتظار من جهة أخرى.
ولأن لكل من طرفيْ التحالف مشروعه الإيديولوجي، حتى ولو كانا يقفان في دوائر مغلقة متناقضة، إلاَّ أن أهدافهما الإيديولوجية تبيِّن بوضوح أن ما يجري على أرض العراق هو حرب للأفكار بين الفكر القومي من جهة، وفكر أمركة العالم مدعوماً من فكر نظرية الانتظار من جهة أخرى.
ولما كانت تلك الأهداف الإيديولوجية من الأمور المجهولة في ثقافة الأكثرية الساحقة من المؤيدين لمشروع حرب الأفكار أم من المناهضين له، فقد كانت حقيقة تدمير تراث العراق وتصفية علمائه، ومنهم ذوي الخبرات السياسية والعسكرية، تقع في أجندة أولويات الصديقين اللدودين، الأميركي والإيراني.
وعلى هذا الأساس تمت عملية إعدام الرئيس صدام حسين وطه ياسين رمضان وعواد البندر وبرزان التكريتي، وهذان هما يستكملان مشروع تصفية أهم الكوادر العسكرية المتمثلة بكل من سلطان هاشم أحمد وعلي حسن المجيد وعامر رشيد.
إن الدخول في دحض قرار المجرمين بالإعدام بالأسباب القانونية هي مسألة وإن كانت ضرورية، إلاَّ أنها ليست المسألة الوحيدة، لأنه عندما يفتي وزير العدل الأميركي بأن رئيس الولايات المتحدة الأميركية هو فوق القانون الدولي، وعندما يصرِّح ذلك الرئيس بأن القانون الدولي هو شيء «أركله برجلي»، أرى من العبث أن نجد قوة في العالم يمكن أن تغير من قرارات الرئيس الأميركي لأن القرار قد اتخذته فلسفة اليمينيين الأميركيين الجدد عندما أعلنت الحرب على الأفكار، أي اجتثاث كل الأفكار الأخرى المناهضة لفلسفتهم. كما أرى من العبث أن نغيِّر من قرارات النظام الإيراني لأن القرار قد اتخذته فلسفة «ولاية الفقيه»، وهي المأمورة غيبياً بأن تمهد لنظام الانتظار المزعوم.
واستناداً لكل ذلك، وإن كانت الحسابات السياسية تأخذ بعين الاعتبار مصالح الطرفين، إلاَّ أن الحسابات الإيديولوجية هي التي تحدد نوعية القرار وحجمه عند الطرفيْن المؤثرين باحتلال العراق.
إن ما تمثله القيادة السياسية في العراق من امتلاك العقيدة الوطنية والقومية ومن إصرار على متابعة النضال من أجل تعميمها على المجتمع العربي.
وما تمثله قيادة بناء المشروع النهضوي العربي، بامتلاك العقيدة القومية، في بناء مجتمع عربي منتج، وهي القاعدة الواسعة من علماء العراق، من الذين تصدر بحقهم قرارات التصفية والاستقطاب والتهجير، وتجري هذه العملية على نار هادئة وبصمت مطبق.
وما يمثله العقل العسكري عند النخبة من قيادات الجيش العراقي ويمثلهم من حكم عليهم بالإعدام في المرحلة الأخيرة، بما يمثلون من عقيدة مقاومة كل المشاريع التي تستهدف الفكر الوطني والقومي.
كلها تدخل في عملية تدمير ممنهج لأهم أسس النظام الوطني العراقي، ذلك التدمير المرسوم له أن يستمر حتى ولو كانت حسابات الهزيمة العسكرية واردة عند كل من الطرفيْن المتآمريْن، أما السبب فهو تحويل العراق إلى بلد فارغ من بنيته البشرية التي اكتسبت خبرة أكثر من ثلاثة أجيال، من عمر ثورة الـ 17 – 30 تموز 1968.
لكن فليفهم الطرفيْن، الأميركي والإيراني، أن العراق ليس عقيماً، وهذا ليس من باب الحلم، بل إن العراق يزخر بكل الطاقات والإمكانيات البشرية التي ستعيد العراق إلى عقيدته الوطنية والقومية، وسيستعيد العراق موقعه في مجال الإنتاج وليس الاستهلاك، في البنية المادية كما في البنية الفكرية.
لذا نرفع صوتنا، مع كل الأصوات الصادقة، من أجل كشف الغطاء عن المشروع الخبيث الذي ينفذه جورج بوش وإدارته، بالتعاون والتنسيق مع النظام الإيراني. هذا المشروع الذي تُنحر فيه البنية البشرية ذات الخبرة على مذبح مشروعين خبيثين ليس مقدراً لهما أن يستمرا في الحياة طويلاً.
فإذا كان المشروع الأميركي، بعد استقالة أهم أعمدته في الفكر والسياسية والعسكر، قد أشرف على النهاية، فمن المرتقب أن يعمل الشعب الإيراني على إنهاء الأطماع الإمبراطورية الفارسية لأنها تتنافى مع أبسط قواعد العلاقات الحسنة مع الجوار العربي.
وإذا استمر المشروعان في غيهما، على الرغم من ظهور علامات سقوطهما المرئية وغير المرئية، فإن المقاومة الوطنية العراقية، التي دفعتهما إلى حافة الإفلاس، كفيلة بإسقاطهما إلى الهاوية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق