--> --> -->
المقاومة الوطنية العراقية شكَّلت مركزية الفعل المقاوم
الكامن في الأمة العربية
كانون الثاني 2006.
شهدت الساحة العراقية في شهر كانون الثاني الفائت جملة تطورات سياسية من أهمها:
-اعتراف أميركي بالهزيمة العسكرية بشكل ملتوٍ على قاعدة المحافظة على معنويات الجنود الأميركيين المشاركين بالاحتلال، ولأسباب ذات علاقة بهيبة أكبر قوة عسكرية واقتصادية في العالم.
-دفع واقع الاعتراف هذا إلى اتخاذ القرار الخطير، وهو التخفيف التدريجي لعدد القوات الأميركية من ماية وستين ألف جندي إلى الماية ألف بسقف زمني لا يتعدى الصيف القادم. فهو كتدبير، كما تراه إدارة جورج بوش، يقلل من النفقات المادية التي بلغت حسب دراسات أميركية بين الألف والألفي مليار دولاراً من جهة، ويوفِّر من فاتورة القتلى والجرحى من الجنود من جهة أخرى. وهذا التدبير يؤدي إلى التخفيف من وطأة مواجهة الضغوط السياسية والشعبية في الشارع الأميركي. تلك الضغوط التي بلغت حدود المطالبة بإنهاء الاحتلال فوراً على قاعدة أنه لا أمل ببقاء الاحتلال الأميركي طالما يواجه مقاومة شرسة ومصمِّمة على تحرير بلدها وبرهنت على أنه من الصعب القضاء عليها في آماد منظورة.
بعد أن انتقل تأثير نضال المقاومة العراقية وجهادها إلى الشارع الأميركي، أخذت تطرق أبواب البيت الأبيض بشدة لم يستطع جورج بوش أن يتجاهلها، بل أذعن واستجاب. هذا الواقع / المأزق، دفع بإدارته إلى وضع جملة من البدائل التي ستقوم بتجريبها قبل أن يقتنع جورج بوش بأنه لا أمل ببقاء قواته على أرض الرافدين، ومن أهم تلك البدائل، ما يلي:
أولاً: على الصعيد العسكري:
1-التخفيف من تواجد قوات الاحتلال المباشر بين السكان وعزلها في قواعد عسكرية ثابتة، وتسليم الأمن لقوات الحكومة العميلة. على أن تشكل القواعد الأميركية عامل إسناد من خلال تكثيف دورات تدريب قوات الحكومة العميلة وإسناد القوات المؤهلة منها بسلاح المدفعية والقصف الجوي. ولا جواب لدينا حول هذا البديل إلاَّ تكرار ما صرَّح به أحد الجنرالات الأميركيين قائلاً: لم يكن سلاح الجو في يوم من الأيام عامل سيطرة على الأرض.
2-تكثيف عمليات ملاحقة عناصر المقاومة، والضغط على الشعب العراقي بكل وسائل الإرهاب والتدمير والتشريد من أجل زرع الشقاق بينه وبين المقاومة المسلَّحة. وقد ارتكبت قوات الاحتلال الأميركي الكثير من الفظاعات التي تُبعدها عن وسائل الإعلام، وهي تفوق بوحشيتها ما يقوم العدو الصهيوني على أرض فلسطين المحتلة.
ثانياً: على الصعيد السياسي العراقي:
1-استكمال ما سمته عهراً بـ«العملية الديموقراطية» من خلال نتائج انتخابات 15/ 12/ 2005، لتشكيل حكومة عميلة جديدة تستجيب لإملاءات الاحتلال بتوقيع كل أنواع المعاهدات والعقود، سياسية وأمنية وعسكرية واقتصادية. و على الرغم من أن هناك تعثراً ظاهراً يؤخر إنجاز هذا الاستحقاق إلاَّ أن حقيقة الأمر أن إزالة تلك العوائق لن تطول، فالذي أخَّر تشكيل الحكومة هي الشروط التي يضعها عملاء النظام الإيراني للحصول على حصة تناسب مصالح إيران. وإدارة بوش التي ترى نفسها أنها ستخسر كل شيء لن تعوزها الحيلة بالتنازل عن بعض «الكعكة العراقية» لصالح إيران وعملائها.
2-تأكيد السير بالعراق نحو التفتيت والتجزئة على قاعدة «الفيدرالية»، وهي وإن كانت ستفقد بعض حصتها في «فيدرالية» جنوب العراق، إلاَّ أنها تعمل من أجل تثبيت «فيدرالية الأكراد» في شمال العراق على قاعدة زرع وجود صهيوني ثابت في الدويلة الكردية الانفصالية، وهذا مخطط مكشوف منذ الأشهر الأولى لاحتلال العراق.
3-السير الحثيث من أجل تثبيت «فيدرالية سنية» في وسط العراق تجمع بين «العملاء السنة» للاحتلال، وأولئك المنجرفين مع المشروع السعودي الذي يُنفَّذ على قاعدة التقابل «المذهبي السني» في مواجهة «المذهبي الشيعي الإيراني».
4-إذعان الإدارة الأمريكية، بشكل غير معلن، لمبدأ التفاوض مع قيادة المقاومة، إلاَّ أنها تعمل على قاعدة الخداع والتضليل بإعلان من هنا أو هناك حول نجاحها في إقناع فصائل وهمية بالتفاوض. لكن المقاومة ردَّت منذ أقل من سنتين معلنة شروطها للتفاوض، وأهم ما تتضمنه تلك الشروط إعلان أميركي بالقبول بالانسحاب من العراق من دون شروط.
ثالثاً: على الصعيد السياسي العربي:
دفعت العنجهية الأميركية إدارة جورج بوش إلى احتلال العراق من دون إسناد دولي، باستثناء ذيلية مواقف طوني بلير، رئيس الحكومة البريطانية، وهي كانت واثقة من أن تحقيق النصر في احتلال العراق لن يحتاج إلى أكثر من خمسين ألف جندي فقط، على أن يتم تمويل الحرب من العائدات النفطية العراقية.
ولأن إدارة بوش أدارت ظهرها لحلفائها الغربيين لأنها كانت واهمة أنها لن تحتاج إلى دعمهم، وكانت تنظر من المنظار نفسه إلى حكومات النظام العربي الرسمي، باستثناء أنها لن تحتاجهم إلاَّ من أجل تقديم خدمات لوجستية لقواتها العسكرية.
لكن حساب الحقل الأميركي لم تنطبق على حسابات البيدر العراقي، فتكسرت قرون الثور الأميركي الهائج على أسنة رماح الشعب العراقي بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي في مقاومة أذلَّت الجنرالات الأميركيين وإدارتهم السياسية، فإذا بهم في أقل من سنتين من الزمن يستنجدون بأية قشة تساعدهم على النجاة من الغرق. فكانت تلك القشة هو استجداء حكومات النظام العربي الرسمي. ولكن على أي جدار / قشة تتكئ يا بوش؟؟!!
أما الحكاية المسخرة فابتدأت منذ زيارة ديك تشيني «أكبر لصوص الإدارة الأميركية»، المفوَّض السامي لشركة «هاليبرتون» سارقة «الكحل» من عيون الأميركيين، فكيف الحال بغيرهم، إلى مصر والسعودية، لتوفير مخرج عنوانه إحلال قوات عربية لملء الفراغ الذي سيتركه تخفيف عديد جنود الاحتلال الأميركي، والفراغ الذي سيتركه هروب أكثر من خمسة عشر دولة كانت تدعم احتلال العراق تحت خداع يافطة «إعادة إعماره».
لقاء تلك التداعيات وجدت أروقة جامعة الدول العربية حركة ونشاطاً بعد أن كادت تقفل أبوابها لكي لا تسمع ولا تتكلم ولا ترى ما يجري من جرائم أميركية تُرتَكب على امتداد ساحة الأرض العربية. ووجد أمينها العام، عمرو موسى عملاً بعد أن كاد يُحال على التقاعد. فتحركَّت أروقة الجامعة، وتململ جلمود أمينها العام، أما الخبر؟ فكان الجواب الأميركي ساعدونا على حل يقوم على استقدام قوات عربية لتملأ فراغاً أمنياً سيتركه جنودنا الهاربون. وباختصار: تعالوا موتوا بالنيابة عنا، وبتوكيلنا، أما مستقبل العراق فسنعفيكم من عبء مؤونته فنحن كفيلون بمهمة نهب ثرواته، واستباحة سيادته، واحتلاله، بواسطة سكوتكم وصمتكم المشرِّف!! وانصياعكم لأوامر إمبراطور العالم في «القرن الأميركي الجديد».
تلك هي صورة المشهد العراقي الظاهر في هذا الشهر، مشهد تقوم بصياغته إدارة الاحتلال الأميركي، وتوزِّع فيه الأدوار على اللاعبين من عملائها في داخل العراق وداخل الأنظمة العربية الرسمية.
أما في خلفية المشهد الذي لا يروق للاحتلال الأميركي إظهاره فهو الأهم والأفعل، واللاعب الأساسي في صياغة قرار تحديد مستقبل الأمة العربية عامة ومستقبل العراق خاصة.
فاللاعب الأول، ما بدأت تشهده الأمة من عدد من عوامل الممانعة والمقاومة للمشروع الأميركي في فلسطين ولبنان وسورية.
أما اللاعب الثاني، فهو المقاومة العراقية التي فرضت على المشروع الأميركي والصهيوني وقائع جديدة شكَّلت مركزية أساسية في جذب كل عوامل الفعل المقاوم الكامن في الأمة، فكيف صاغت المقاومة ردودها على ما يجري في كل جوانب المشهد؟
رد المقاومة الوطنية العراقية على كل ما يجري في مواجهة المشهد العراقي الراهن
كل الأجوبة كانت جاهزة في استراتيجية المقاومة الوطنية العراقية. وبالعودة إلى وثائقها، نستند إلى بعض النصوص التي وردت في المنهج الاستراتيجي السياسي الصادر في 9/ 9/ 2003. وإلى بيان قيادة قطر العراق في تشرين الأول من العام 2004.
أولاً: على صعيد مقاومة الاحتلال:
المقاومة العراقية حركة تحرير وطني تؤمن :
1 - باستمرارية المقاومة طالما كان هناك احتلال وبأي صيغة وعلى أي جزء من ارض العراق وبغض النظر عن القرارات الأممية اللاحقة للاحتلال.
2 - بشرعية المقاومة وحقها في العمل العسكري وغيره، وبالتعرض القتالي على قوات الاحتلال أفراد ومعدات وتجمعات ومنشئات ومعسكرات ومقرات وهيئات وإدارات وخطوط إمداد ومرافق خدمات ومساندة ومباني محتلة ومراكز أمن مساعدة وغيرها.
3 - بشرعية وواجب التعامل القتالي أيضا مع المتعاملين والعملاء أفرادا وأحزابا وهيئات وغيرها من العناوين والمسميات.
4 - منع وعرقلة جهد الاحتلال من التصرف والتمكن والاستغلال، كيفما كان شكله، لثروات ومرافق وممتلكات العراق، وبالطرق والصيغ التي تقتضيها متطلبات تحقيق الهدف عسكرية أو إدارية أو فنية.
5 - بتعميم المقاومة المسلحة على أرض العراق كلها وبفعل ومشاركة العراقيين كلهم، والتأكيد على واجبهم وحقهم المتكافئين في المقاومة وتحرير العراق تحت أي عنوان أو مسمى.
6 - بالعمل على تحقيق تشكيل جيش تحرير العراق كتطوير في عمل المقاومة لتحرير العراق. (راجع المنهج الاستراتيجي السياسي).
ثانياً: على صعيد التعامل مع النظام العربي الرسمي:
1- بانعدام احتمالات الدعم من قبل الأنظمة العربية كلها ولأسباب مرتبطة بطبيعة النظام الرسمي العربي بمجمله، وبطبيعة وأدوار أنظمة عربية بعينها، لا سيما المحيطة بالعراق العميلة والمستنفذة والطامحة للعب أو تجديد أدوار ترسمها لها الولايات المتحدة بموافقة «الكيان الصهيوني» وبما يخدم المنظور الستراتيجي للولايات المتحدة في الإقليم.
2-تعطيل الأدوار المحتملة لأنظمة عربية متآمرة انطلاقا من مطلبيتها بالتعامل مع واقع الاحتلال وإفرازاته، وحرق أصابع تلك الأنظمة في تعاملها المخطط والمحتمل مع الشأن العراقي، وعكس ذلك على أزماتها السياسية والاقتصادية والأمنية المعاشة. (راجع المنهج الاستراتيجي السياسي)
ثالثاً: على صعيد التعامل مع الإقليم غير العربي:
-تأزيم الإقليم ومفرداته ومنع تحقيق مصالح الأخريين المجاورين على حساب العراق ووحدته الوطنية، وتعظيم تكلفة مساندتهم للعدوان وتعاملهم مع إفرازاته الداخلية في العراق المستهدفة تفتيت الوحدة الوطنية العراقية على حساب مصالح عرقية ومذهبية وجهوية وفئوية مرتهنة للاحتلال ومرتبطة بوجوده. (راجع المنهج الاستراتيجي السياسي)
رابعاً: على صعيد الدعوات للتفاوض:
رفض كل أشكال المفاوضات والمؤتمرات والتحركات الامريكية. وتؤكد قيادة الجهاد والتحرير موقفها المبدئي والراسخ من دعوات التفاوض المريبة وتؤكد على أن من يريد التفاوض عليه القبول بثوابتنا الوطنية والقومية والاسلامية وشروطنا الجهادية وهي:
1- انسحاب القوات الامريكية وحلفائها من العراق بدون قيد او شرط.
2- اعادة الشرعية لكل ما هو قائم في العراق قبل الاحتلال البغيض والغاء كافة القرارات الصادرة عن الاحتلال وحكومته العميلة.
3- اعادة شرعية القيادة الوطنية وعلى رأسها الرفيق القائد المجاهد صدام حسين الامين العام للحزب وامين السر القيادة ورئيس الجمهورية الشرعي..
4- تعهد امريكا وحلفائها من خلال قرار لمجلس الامن الدولي، وبضمانة مجموعة من الدول المحايدة، لتشكيل صندوق لإعادة اعمار العراق باشراف وادارة حكومته الوطنية الشرعية. وتعويض العراقيين جميعا ماديا ومعنويا عما اصابهم جراء العدوان المستمر والحصار الظالم والاحتلال البغيض منذ العام 1990 وحتى الآن.
5- اعتراف امريكا وحلفائها بجريمة احتلال العراق وغزوه وتحمل كافة المسؤوليات المترتبة على ذلك. (راجع بيان قيادة قطر العراق في تشرين الأول 2004).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق