-->
--> -->
إبراهيم بوش الجعفري أميركي أكثر من طوني بلير
13/ 7/ 2004
إبراهيم الجعفري خلاسي الهوية أميركي الهوى.
وطوني بلير بريطاني الهوية أميركي الهوى.
وجورج بوش أميركي الهوية «قرصان عالمي» الهوى.
ورابعهما كوفي أنان إفريقي الهوية «متعدد الجنسية» في الهوى.
كل من «القطط السمان» الأربعة يشاركون في نحر الضمير الوطني والإنساني والطبقي والدولي. ويجمعهم خدمة الرأسمال العالمي، وينحر كل منهم الشعب أو الشريحة أو الطبقة أو المؤسسة لتقديمها «ذبيحة الفداء» أمام هياكل القراصنة الدوليين.
فإذا كان من غير الممكن أن نتجاهل دور التواطؤ الذي يقوم به كوفي عنان، الأمين العام للأمم المتحدة، كلما تحدثنا عن العراق، فلن نعطيه في هذا المقال حيزاً كبيراً إلاَّ بما يخدم البرهان على دوره.
لقد نقل المذكور وظيفته الأساسية، كضمير أممي يسهر على تطبيق الشرائع الدولية والإنسانية، إلى دور التابع للذين فقدوا الضمير، والمنفذ والمخرج لرغباتهم. إبن إفريقيا المظلومة تاريخياً على أيدي أجداد جورج بوش وإيديولوجيتهم في الوحشية والاستعمار الاستيطاني، جعل من نفسه مطية للأحفاد. ووضع نفسه في موقع الخائن لقضية القارة التي ينتسب إليها. لقاء ثلاثين من الفضة قبضها يوضاص عنان من جورج بوش لبيع قضايا قارته وشعوبها. وكل من يبيع قضيته يسهل عليه بيع قضايا الآخرين.
تحول من موقعه الحامي لحقوق إلى «حرامي» لتلك الحقوق. وتحول إلى بوق للعولمة الأميركية. وحوَّل معه دور مجلس الأمن الدولي إلى مجلس لـ«الأمن الأميركي»، أو لمجلس أمن لـ«جورج بوش». والأسوأ من كل ذلك انحدر من موقع الضمير المنبه والمحذر إلى دور «البكَّاء» أو دور «الندَّاب» الذي يقوم بواجب التعزية لأهل الذين يريد جورج بوش أن يقوم بواجبه الاجتماعي تجاههم.
أما من هم يستأهلون التنديد بمن هو سبب مآسيهم فخرجت من دائرة وظيفة كوفي عنان. وهنا لا يمكن إلاَّ التنديد به بشدة لأنه غير ساكت عن محنة العرق فحسب، وإنما يتواطأ أيضاً. ولو كان صمته هو الأسلوب الوحيد الذي يستخدمه في تجاهل القضية العراقية لكان الحكم عليه أقل وطأة. وإنما تجاهل مآسي العراق والعراقيين يأتي من تواطؤ موصوف، وعن سابق عمد وإصرار، فهي الجريمة الكفيلة وحدها لكي تحيله إلى «المحكمة الجنائية الدولية»، أما ملف الاتهام فجاهز في نصوص قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة بالعراق، وفيها لدليل الأكثر وضوحاً على ما تقترفه يدا كوفي عنان.
أما الوجه الآخر، فله علاقة بمن يحملون الهوية العراقية، ولكنهم يحملون هوى كل هوية باستثناء الهوى العراقي. فمن يسبح في بحر الخيانة لن تعيقه السواقي. ومن شارك في ذبح ما يدَّعي أنه وطنه مع الغازي، والمحتل، الأميركي لن يخجل من إشهار هويته على العلن.
يا ناس، تسرِّب إدارة جورج، وتتوسل مفاوضاً واحداً يعطيها النزر القليل من العراق لتبيع به إبراهيم الجعفري وأطنابه من «طبقة الخونة»، فينبري «سيادته» ويقول: إن خروج «القوات المتعددة الجنسية» لن يتم إلاَّ بقرار من «الحكومة العراقية». السيد يحدد أهدافه، والعبد يرفض!! والله مهمةٌ ديموقراطية العبيد تلك!!
يا ناس، يسرِّب طوني بلير وثيقة تشير إلى أن قراراً وشيكاً سيصدر بتخفيف القوات البريطانية والأميركية إلى النصف، قبل منتصف العام 2006، فترفع «سيادته» صوتها آمرة (!!!!): إن خروج تلك القوات لن يتم من دون «أمر» من «حكومته».
أي إبراهيم هو هذا؟ أنعمة من الله أرسلها إلى العراقيين ليقول، ليس لطوني بلير فحسب، بل لبوش أيضاً الكلمة الناهية الآمرة : «لا». «لا لخروج قواتكم». «لا قرار انسحاب» من دون «أمر من حكومتي». ألا يستحق هذا «القاعميل» إلاَّ أن يضعه العراقيون في موقعه المناسب في المستقبل القريب؟
جاء جورج بوش إلى العراق منتشياً بالنصر حتى قبل أن ينجز احتلاله العسكري، حاملاً سلاح «إبراهيم الجعفري» و«إخوته»، «أخواته» الذين، واللواتي، خدعوه بسهولة الدخول، وكانت جريمتهم أنهم لم ينصحوه بطريقة الخروج.
دخل جورج بوش إلى العراق وهو عازم على ألاَّ يخرج منه، فوجد ما لا يرضيه، بل ما يدميه ويدمي جسد أجداده، ويضرجهم بالدماء والموت، ويحشرهم أمام أبواب جهنم، فراح يتدافع مع أركان إدارته وقادته العسكريين وجنوده ويتسابقون طلباً للنجاة.
وكي لا يخدش «عنجهية» صانعي مشروع «القرن الأميركي الجديد» راح يتوسل طريقة للخروج لا تصل إلى حدود «إعلان الهزيمة»، وهو ما أخذ يمهد له باستجداء وسيط مفاوض من هنا أو هناك، وسبقه طوني بلير، هذا إذا لم يكن بالتنسيق معه، إلى تسريب وثيقة التمهيد للخروج من العراق «بشرف». ولم يتجاوز تعليق رامسفيلد عليها إلاَّ القول بأن هذا الأمر لن يتم بقرار أحادي بل يجب أن يتم التشاور فيه بين «الحليفين».
أجل فهما غطسا في مستنقع العراق معاً، وبقفزة «مجهولة» واحدة، وإذا أرادا أن يتخلصا منه، فسيتم الأمر بالتفاهم والتنسيق. وتلك من طرق الإخراج التي ستحجب «عار الهزيمة» عن الشريكين. الحجب لا يعني على الإطلاق أنها لن تكون هزيمة، بل ستكون هزيمة وأية هزيمة. هزيمة سيقول عنها الأميركيون فيما بعدها: رحم الله جونسون فقد كان خطؤه في فييتنام أقل إيلاماً من خطأ جورج بوش في العراق.
دخل جورج بوش العراق، وهو مرغم الآن على أن يخرج منه، أما ابراهيم بوش الجعفري فهو كأنه خارج «زمانه ومكانه». نقول هذا عن حسن نية لتخفيف شدة ألم المسكين ابراهيم بوش من ثقل «الخازوق» الذي يركب عليه. أما الحقيقة فهي أن ما قاله لم تكن أكثر من أوامر تبلَّغ بها من سيده، وهو الذي أنعم عليه بالهوية الأميركية وحضَّر له ما يكفيه غائلة المستقبل، وأجاز له أن يقول كلمة «لا»، فقالها المسكين وهو غير مصدق نفسه أنه يستطيع أن يتفوَّه بها، لأن الكومبيوتر الأميركي قد ألغاها من قاموس عبيده.
فيا إبراهيم المسكين، لقد حلمت أن تكون «رئيساً لحكومة» حتى ولو كان بالشكل. والشكل قد هدَّمته زنود المقاومة العراقية. وإذا ضاع الشكل فلن يكون ذا أثر سلبي على مستقبلك فوراءك وأمامك ثروات كبيرة احتفظ بها لصالحك سيدك جورج بوش. تلك الثروات لن يدعك أيتام العراق تهنأ بها لأن لعنتهم ستلاحقك وتلاحق أبناءك من بعدك، وهم لن ينسوا كل «اللصوص» ممن حملوا هوية العراق الذي سرقوا قوتهم وصحتهم ومدرستهم، وسرقوا الحياة من آباءهم وأمهاتهم وإخوتهم وأخواتهم.
فإذا كان الشعب العراقي لن يأسف عليك، ولن يأسف على أي خازوق تركب عليه، بل يريد أن يضعك فوق كل خوازيق الدنيا، إنما سيرثي حال الطيبين ممن انخدعوا بوعودك التي انتخبوك على أساسها. ألم تعدهم بأن تطالب بانسحاب «القوات المتعددة الجنسية» من العراق؟ ألم تعدهم باستقرار الأمن؟ ألم تعدهم بالوظيفة؟ ألم تعدهم بلقمة العيش وحبة الدواء والكتاب؟
لم تستطع أيها المعين رئيساً بأمر من جورج بوش، أن تفعل شيئاً أكثر من فتح أبواب جحيم أمام الشباب العراقيين للانتساب إلى أحد أجهزة العمالة من مخبرين ورجال شرطة يسرقون الكحل من عيون ماجدات العراق، و«حرس وطني» يقتلون أبناء وطنهم الشرفاء، ويلاحقونهم من هنا أو هناك، ليرجعوا النوم الهادئ إلى جفون جنود الاحتلال. ولم يقتصر الأمر عند ذلك، بل أسهمت وباركت قيام «ميليشيات الطائفية السياسية» لكي تكون عنواناً للسيادة، فلاغت بدم البشر، وسرقت الحجر، وقلعت الشجر، وشوهت وحدة النسيج الاجتماعي العراقي الذي لم يتلوَّث يوماً بآثام التفتيت المذهبي.
بحر الجريمة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الأميركي، التي تأمر ببقائها في العرق، واسع وواسع جداً، وهو أكبر من أن يُحصى يا إبراهيم بوش. وعندما تبدأ جهود تأليف تفاصيلها وعناوينها الكبرى سيجد العالم أن ما ارتكبته قوات الاحتلال، التي أنت عميل من عملائها، أكبر مما كنا نتصور.
لن نطلب منك أن ترتدع، لأنك سددت أذنيك بأكثر من مادة القطن، ووضعت على عينيك مادة تحجب عنها منظر التدمير والتخريب والمآسي والتعذيب والقتل ونهب بنى العراق التحتية.(واللائحة تطول بما يستثير مشاعر المتابع وتدفعه إلى اتخاذ أقسى الأحكام بحقك وحق كل أطنابك، والمستقبل كفيل بالكشف عنها).
فيا إبراهيم، لماذا أنت أميركي أكثر من طوني بلير؟
ذاك، تحت ضغط شريحة واسعة من الشعب البريطاني وإحساسهم بلسعات الضمير، بدأ يعرف أن وجوده في العراق لن يدوم، وهو يخطط لخروج لا تنضح منها «رائحة الهزيمة». وهو السبب الذي دفعه لتسريب الوثيقة الآنفة الذكر. فهل تريد أن تزايد عليه لتكتسب ثقة جورج بوش؟ ولماذا تريد أن تمنع الهزيمة عن «القراصنة»؟ فالعدو بدأ يفقد أرجله، وهو لا يستطيع أن يقف عليها، ويعمل من أجل الهروب، فما هو السبب الذي يدفعك إلى تركيب «أرجل من قصب» لمجرم مهزوم؟
لن أخاطبك يا إبراهيم دبليو بوش، فضميرك قد مات، هذا إذا كنت تمتلك شيئاً منه. بل أخاطب الطيبين من العراقيين الذين خدعتهم وعودك. وأقول لهم: إن العدو يحضر نفسه للهروب. فلماذا لا يسهمون بإلقاء ولو حجر واحد على جنوده؟ أأطفال الحجارة في فلسطين أكثر شجاعة وأكثر وطنية منكم؟
نحن نعرف أن أطفال العراق وأبطاله، كانوا يساهمون في كل معركة تخوضها الأمة العربية، والتاريخ شاهد، فليس هم أقدر على مقاومته على أرض العراق فحسب، بل هم جديرون أيضاً. واسألوا أصحاب الهمة والنخوة والبطولة في المقاومة العراقية. أطلقوا العنان لأطفالكم على الأقل، لأنهم سيتجاوزونكم، وسترون منهم الأفعال التي ستدهشكم.
ليس فيمن قمتم باختيارهم عن طيبة، كابراهيم الجعفري، رجاء فهم قد تعلموا الدروس في الخديعة في مطابخ المخابرات الأميركية والبريطانية والإيرانية. وهم يعملون على حرق كل مصالحكم ليضيئوا «شموعهم الخاصة». وما عليكم إلاَّ أن ترفعوا راية المقاومة ضد الاحتلال وعملائه، اليوم قبل الغد، فسجلوا أسماءكم في سجل السفر الخالد الذي تسطره مقاومتكم لتاريخ العالم بأسره. وستكون المقاومة العراقية هي ذلك الرائد فاحتضنوه، واحموه، وشاركوه، وحافظوا عليه كمحافظتكم على مستقبل العراق وسيادته وكرامته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق