الخميس، فبراير 25، 2010

جورج بوش والقشة التي ستنقذه من الغرق

-->
--> -->
جورج بوش والقشة التي ستنقذه من الغرق
7/ 8/ 2007 حسن خليل غريب
قيل من قبل، للإنسان اليائس، الذي لا أمل له بالنجاة من محنة يمر بها، (إنه كالغريق الذي يفتش عن قشة تنقذه من الغرق المحتوم).
يُرمَز بـ(القشة) لأخف الأشياء ثقلاً، والحال كذلك، هل يمكن لأخف الأشياء وزناً أن ينقذ أكثرها وزناً؟
الجواب غني عن الإيضاح، لأن من يراهن على تلك المعادلة هو يائس، أي أنها مستحيلة الحصول.
وحال جورج بوش ينطبق على تلك المعادلة، ولأنه (راكب رأسه) فهو يتابع المقامرة بمصير شعب العراق، كما يتابع المغامرة بمصير جنود الولايات المتحدة الأميركية، كما أنه يقامر على طاولة خاسرة بأموال الشعب الأميركي، ودم أبنائه.
ولأن الحال على هذا المنوال، نعتبر أن المراهنة على تلك القشة ليست جديدة، بل هي قديمة جديدة، ابتدأت منذ أن ثبَّتت المقاومة الوطنية العراقية أقدامها، وأثبتت جدارتها، أي بعد أشهر قليلة من انطلاقتها في العاشر من نيسان/ أبريل، من العام 2003، بعد انتهاء صفحة المواجهة العسكرية النظامية.
والقشة، هي مجموعة من القشيشات، التي كانت بدورها تراهن على أن جورج بوش يشكل لها، ليست قشة النجاة فحسب، بل يشكل لها جسر العبور المستعصي على تهديم النظام العربي الوحيد الذي استمر في مقارعة الصهيونية والأمبريالية، كاشفاً عوراتها وتخاذلها. وهي كانت تنظر إليه من منظار الضعف والتخاذل والتآمر، كأكبر قوة لا يمكن أن تُقهَر، فإذا بالمقاومة الوطنية العراقية تقلب المعادلة، فيتغيَّر المشهد، فإذا بالجسر يغرق في العراق، ويصرخ قادة اليمين الأميركي المتطرف طالبين النجاة، ويستنجدون بـ«قشيشات» لا تحسن الدفاع عن نفسها، فكيف بها إذا طُلب منها أن تحمل جسراً من الحديد لتمنع عنه الغرق؟
وحزمة القشيشات، كانت تستند بشكل أساسي على ثلاثة وثلاثين دولة، اشتركت بنسبة أو أخرى في تجميل وجه الاحتلال، ووضعها ديكورات يخدع بها الرأي العام ليوحي إليه بأن هناك شبه إجماع عالمي على اقتلاع ما زعمه إرهاباً كان يمثله النظام الوطني في العراق، بقيادة الرئيس صدام حسين.
ومن جانب آخر، شكَّلت (القشيشات) من عدد من أنظمة الاستسلام العربي، الوجه العربي لكي يوحي بأن ما فعله الاحتلال الأميركي في العراق مرضيٌّ عنه عربياً. هذا من دون أن ننسى التسهيلات اللوجستية التي قدمتها تلك الأنظمة، ولا تزال تقدمها، للعدوان والاحتلال.
ومن أجل أن يُجمَّل وجه الاحتلال بمساحيق إسلامية، كان النظام الإيراني مسحوقاً مناسباً، فتآمر وتواطأ، وأسهم في تمهيد الطريق أمام الاحتلال، وواكبه في تمزيق العراق واحتلاله خطوة خطوة.
لقد شكَّل الاحتلال الأميركي قوة قاهرة في الأشهر الأولى للعدوان، مدعوماً بثقل بريطاني، سياسياً وعسكرياً، وبثقل رمزي من دول ارتضت لنفسها أن تلعب دور المأمور، فكانت تقديماتها رمزية لا تغني الاحتلال ولا تسمنه بحماية لجنوده، ولا ترفد تكاليف الحرب الهائلة بـ(سنت واحد)، هذا إذا لم تكن خدماتها مدفوعة الثمن. وكم يصبح حجم المساعدة كبيراً إذا أضفنا إليها المساهمات الجدية التي قدَّمتها أنظمة الاستسلام العربي ونظام إيران الطامع بموقع قوي في أمتنا العربية.
في أكثر محطاته قوة، وفي ذروة المساعدات التي قُدِّمت له من مجموعة التحالف المذكور أعلاه، راح الاحتلال الأميركي يغرق. وراحت أوراقه تغرق معه. وعلى الرغم من كل هذا، أثبتت السنوات الأربع الماضية أنه لا أمل في نجاته. فتحوَّل الرهان منذ تلك اللحظة على أن تلعب (القشيشات) دور المنقذ.
وإليكم تتمة الحكاية:
منذ القرار الرقم 1483، الصادر عن مجلس الأمن الدولي، في حزيران/ يونيو من العام 2004، كانت قوات الاحتلال الأميركي قد بدأت تشعر بالإنهاك، فكان صدور هذا القرار بمثابة الصرخة الأولى في طلب النجدة لإنقاذ إدارة جورج بوش من مأزقها.
لقد مضى على القرار المذكور أكثر من ثلاث سنوات، والمأزق يتحول من سيء إلى أسوأ، فلم تستطع أن تشكل الهيئة الأممية، الممسوكة أميركياً، أن تمد حبل إنقاذ إلاَّ وانقطع.
مثَّلت إدارة جورج بوش مسرحية للانتخابات، زعمت أنها أنموذج للديموقراطية، و(فبركت) سلطة سياسية بوجه عراقي، فلم تستطع تلك السلطة أن تمد حبل إنقاذ لنفسها إلاَّ وانقطع. والسلطة التي لا تستطيع إنقاذ نفسها، فهي لن تستطيع إنقاذ غيرها.
ولما جاء دور لجنة (بيكر هاملتون) التي تمَّ تشكيلها كتسوية بين ضغط الديموقراطيين وحاجة الجمهوريين لحبل إنقاذ، أو قل (قشة إنقاذ)، وعلى الرغم من نتائجها الهزيلة، وبعض نتائجها الخبيثة، وبعضها الآخر الساذج الذي لم يستوعب أخطاء إدارة جورج بوش، ولم يتَّعظ من دروس المقاومة الوطنية العراقية ورسائل الموت التي تبعثها يومياً إلى أميركا، فتبخَّرت تلك النتائج تحت عناد إدارة جورج بوش.
إن بوش، الذي بدلاً من أن يأخذ من التوصية الداعية إلى أن العملية العسكرية من دون عمل سياسي لن تجدي نفعاً، صدَّر خطة راح يطبقها باستقدام عشرات ألوف الجنود إلى العراق. ففي بغداد راح، منذ أوائل العام 2007، يطبق خطة (فرض النظام)، وراح يستكملها في الأنبار، بينما كل منهما تتعثر حتى هذا التاريخ.
وإن توصية اللجنة المتعلقة بالشق السياسي، لوَّحت إلى أهمية إشراك كل من إيران وسورية فيها، لعلهما تساعدان على إعادة الأمن المفقود، وقد تناست لجنة بيكر، أن النظام الإيراني قد وضع كل قوته وإمكانياته من أجل هذا الغرض قبل أن تطلب إدارة بوش منه ذلك، ولكنه كان عاجزاً، فهل يمكن لهذا النظام أن ينجح في ظل كراهية الوطنيين العراقيين له ما عجز عنه في مرحلة توهَّمت فيه بعض الأوساط العراقية أن يشكل الوجود الإيراني خشبة خلاص لها ووصول؟
أما سورية، وإن كانت تمتلك بعض الأوراق، فهي لن تقدمها مجاناً، وإن قدَّمتها فهي قد تعيق بعض تفصيلات المقاومة، لكنها لن تستطيع إضعافها.
لقد بدأت إدارة بوش، طلباً للمساعدة والإنقاذ، سلسلة من التحركات المكوكية، قامت بها كوندوليزا رايس، منذ بداية العام 2007، من أجل توفير المناخات السياسية في دول الجوار الجغرافي للعراق، عرباً وغير عرب، لتقديم المساعدة في مروحة من الإجراءات، وماذا حصل؟
أولاً: انعقاد اجتماعات ومؤتمرات/ مؤامرات، تحت زعم القيام بمصالحة وطنية، انطلاقاً من القاهرة، مروراً بمكة، ولكن كانت الحصيلة فأراً ولَّده جبل، أما السبب؟
-فهو إشكالية: من يتصالح من العراقيين مع من؟
-أيتصالح العميل مع العميل؟
أما العراقيون، الذين يقفون في الوسط، فكانوا في مواجهة مع حل واحد، هو أن يدخلوا بازار المشاركة فيما تُسمَّى العملية السياسية، وهم يعرفون أنهم سيحترقون ويحترق معهم موقفهم المحايد. فهم سيحترقون ولكنهم لن ينقذوا العراق، بل يعملون على إنقاذ إدارة بوش، أو ما يُشبَّه بأنه إنقاذاً.
ثانياً: القيام بعملية شق مشبوهة بين فصائل المقاومة العراقية، رعتها السعودية:
ولكن تلك المحاولات باءت بالفشل، لأنها كانت قائمة على قاعدة إحداث توازن ميليشاوي أو سياسي، بين أنظمة الخليج العربي وإيران، على قاعدة طائفية ومذهبية، وهذا يحتاج ممن يقاومون إلى من تنطلي عليه اللعبة، بينما الذين انخرطوا في مقاومة الاحتلال، كانوا من الرافضين لتطييف المقاومة، بل كانوا مثالاً للوعي الوطني، وهذا ما نصَّ عليه المنهج السياسي الاستراتيجي الذي أعلن في التاسع من أيلول/ سبتمبر من العام 2003، وتمَّ التأكيد عليه في كل البيانات السياسية لقيادة المقاومة ومقابلات قادتها الصحفية أو تصريحاتهم. ولهذا السبب راحت قيادات التطييف تُغرِّد خارج سرب المقاومة الوطنية العراقية، وظلت من دون قواعد، بحيث تعرَّت القيادات المشبوهة من ثيابها وانكشفت ألعابها.
ثالثاً: الالتفاف على أي محاولة لتوسيع الإطار الجبهوي لفصائل المقاومة:
على أبواب استقبال مرحلة جديدة بعد أن أكَّدت الوقائع أن الاحتلال سيُرغَم على إعلان هزيمته، وتنفيذ مخطط الخروج من العراق بما يحفظ ماء وجه إدارة جورج بوش، كانت من أهم حاجات المقاومة الوطنية العراقية حشد أوسع التفاف من الفصائل العراقية المقاتلة، ومن القوى العراقية الداعمة سياسياً. وبذلت قيادة البعث في المقاومة كل الجهود من أجل إتمام هذا الغرض، لكن المحاولات تواجهت بعدد من العراقيل. فقد أغرقت قوى المخابرات المتعددة الجنسيات المدعوين إلى المؤتمر بالمئات ممن هم من الملوَّثين بمواقفهم الوطنية، أو من الطامعين بالوصول إلى السلطة بعد التحرير.
لم تكن أهداف تلك المحاولات بعيدة عن أنظار قيادة المقاومة والتحرير، ولا عن مراقبتها وتقييمها، فهي بالإضافة إلى الدور الإيراني الذي تدخل من أجل منع انعقاد مؤتمر في سورية من أجل إعلان إطار جبهوي لكل الفصائل العسكرية والسياسية، فقد كشفت أن المؤتمر ما كان له أن يستمر ويعطي نتائجه المرجوة منه في حالة إغراق ذلك المؤتمر بمثل أولئك المشبوهين أو المتسلقين على أكتاف شهداء المقاومة الوطنية العراقية ومناضليها.
ومما يتأكَّد يوماً بعد يوم، هو أن قيادة المقاومة والتحرير ستبقى مصرَّة على متابعة جهودها على هذا الطريق، وتحقيق ذلك الهدف، لأنها تعلم علم اليقين أن كل من بذل نقطة من الدم، أو قطرة من عرق جبينه، أو نقطة حبر من قلمه، أو رفع صوتاً يستنكر فيه الاحتلال، هو جدير بأن يسهم في بناء العراق المحرر من كل رجس أجنبي.
رابعاً: انعقاد سلسلة من المؤتمرات/ المؤامرات المشبوهة، تحت زعم مشاركة (القشيشات) في إنقاذ الاحتلال وحكومته العميلة:
وكان آخرها مؤتمر شرم الشيخ، الذي انتهت مفاعيله منذ أن اختتمت جلساته. فهذا المؤتمر جاء لكي يركِّب أرجلاً لمن بدأت أرجله تهتز من الخوف، خاصة بعد أن تيقَّنوا من فشل الاحتلال الأميركي، وإنما جاروا إدارة بوش بلعبتها المغامرة خوفاً من غضب الوالي الأكبر في العالم، وهم يعرفون، إذا تخلفوا عن تنفيذ الأوامر والإملاءات، بأن من يحميهم سيرفع الحماية عنهم ويأتي بأفضل منهم بالاستجابة إلى أوامره. فلبوا النداء وهم غير مقتنعين بما يفعلون، وراحوا يطلبون الخلاص، ربما على وقع مطالبات الحزب الديموقراطي الذي يضغط على إدارة جورج بوش بالانسحاب من العراق. وربما يكون مؤتمر شرم الشيخ قد مهَّد لمتابعة التنسيق بين الأميركيين والإيرانيين من أجل استئناف التآمر بينهما على ذبح العراق. واستئناف التنسيق بينهما، لأنه إذا نجحت قراراته وهي لن تنجح، ستصب في مصلحتيهما معاً. فكل منهما يستقوي بوجود الآخر، لأنهما إما أن يربحا معاً، أو يخسرا معاً.
وبالفعل استأنف الحليفان حوارهما، خلال شهر تموز الفائت، وتوصلا إلى تشكيل لجنة ثلاثية، قواعدها الاحتلال الأميركي، والمتسلل الإيراني، والحكومة العميلة لهما معاً. أما مهمة هذه اللجنة، فلا أحد يصعب عليه أن يتكهن بتفاصيلها، لأنها لن تخرج عن تفاصيل ما ابتدآ به قبل الاحتلال، وفي مراحله الأولى.
يعوِّل الحليفان الأميركي والإيراني، على أن تقوم، حكومة المالكي أو من سيخلفها، عميلهما المشترك، بما عجز عنه الثلاثة مجتمعين، أو منفردين. أما أن تنجح ميليشياتٌ، سواءٌ أكانت فيما يسمونه الجيش العراقي أو الشرطة العراقية، أم كانت من الميليشيات الطائفية التابعة لهما، فهو أمر أكثر من مضحك، وأكثر من استهتار بعقول العاقلين. أما السبب فهو التالي:
لقد حصل الاتفاق في أسوأ ظروف حكومة المالكي العميلة، وهل أسوأ من أن تصبح مهددة بقرارات مجموعة مقتدى الصدر العشوائية، وغير المسئولة وطنياً؟
وهل أسوأ من انسحاب عمالة الحزب الإسلامي العراقي، جبهة التوافق، من حكومة مهتزَّة أيضاً؟
وهل أسوأ من تهديد بالانسحاب من الحكومة، يعلنه أياد علاوي، الطامع برئاسة حكومة جديدة؟
وهل جبال الضعف التي تعاني منها تلك الحكومة ستولد إلاَّ فأراً هزيلاً؟ وهل هذا الفأر سيعيد الأمن إلى عراق، عجزت عن إعادته نمور جورج بوش وأحمدي نجاد؟
يكفي المتحالفين، المتحاورين، أن القيادة العسكرية الأميركية في العراق مُلزمة أن تقدِّم تقريرها إلى الكونغرس الأميركي من أجل تقييم الحالة العسكرية والسياسية للاحتلال، بعد شهر ونيف من الآن.
يكفيهم مأزقاً أن حكومتهم العميلة لا أرجل لها تقف عليها، وإلى أن يتفقوا على حكومة بديلة، توحي بإعطاء إدارة جورج بوش مصداقية لوعده بأن تلك الحكومة ستكون مؤهلة لفرض الأمن في العراق، مما يتيح للجنود الأميركيين فرصة النجاة من الموت، يكون الكونجرس قد فقد الأمل من سراب أوهام ما تختلقه إدارة بوش من مزاعم وأحلام، وتكون الوعود بالنصر قد تبخرت، بحيث تصبح تلك الأحلام مكشوفة عارية من أية مصداقية.
لطالما أن النظام الإيراني نائم على حرير إمساكه بورقة قوة في العراق، يتوهَّم فيها أنه اقتطع لنفسه الحصة التي يزعم أنها لن تفلت من يده، لكنه لا يريد للاحتلال الأميركي أن يخرج من العراق على أمل أن أفضل شريك يهمه أن يبقى العراق منقسماً هو الاحتلال الأميركي، والنظام الإيراني لن يضمن بقاء حصته إلاَّ في ظل وجود من يحمي التقسيم، وهل هناك شريك أفضل من الاحتلال؟
خامساً: في النتيجة العامة لن تحصل إدارة بوش على أي عون سوى أنها تحاول أن تكذب مرة أخرى على المكلَّف الأميركي:
على الرغم من كل ذلك، فإن طائرة كوندوليزا رايس، ستبقى محلقة في أجواء المنطقة، متنقلة من فضاء دولة إلى فضاء دولة أخرى، لتشد من عزائم الذين اعتراهم الخوف الشديد من ثقل التداعيات التي ستشهدها المنطقة والعالم بعد هزيمة إدارتها التي أصبحت محققة وواضحة المعالم. ويحق لنا أن نصف حركة مبعوثة البيت الأبيض بأنها حركة من دون بركة، لأن التاريخ الماضي والحاضر، لم يعرف، ولن يعرف في المستقبل أن قشة في الدنيا تستطيع أن تنقذ غريقاً من الغرق.
غداً، في أيلول/ سبتمبر، وغداً لناظره قريب، سوف يطل يوم الحساب الأول، وعلى جورج بوش أن يبرهن على أن خطته التي عاكس بابتكارها، حتى أعضاء في الحزب الجمهوري، ناجحة ويطلب في موجة تضليل وكذب جديدة من الشعب الأميركي أن يعطيه فرصة جديدة بمنحه المزيد من الصبر.
فهل لمن يدفع يومياً من دماء أبنائه وأرواحهم، ومما يدفعه من ضرائب تعد بالمليارات التي تطحنها آلة الحرب، هل بقي لمثل هذا الشعب قدرة على الصبر، أو هل بقي عنده حفنة من الصبر يهديها عبثياً لمن يقامر بأرواح أبنائهم وثرواته التي يبددها من دون أدنى مسؤولية أو شعور بالذنب؟
غداً، في أيلول/ سبتمبر القادم، وسبتمبر على مرمى أقل من حجر، سيتقدم جورج بوش بالتماس أخير للشعب الأمريكي، وهذا الالتماس لن يجديه نفعاً.
وهل يمكن لاتفاقه مع إيران أن يحصل على نتائج تنقذه؟
وهل يمكن أن يحصل على نتائج من تصريحات المالكي بأن العراق يحتاج إلى بقاء قوات الاحتلال الأميركي في العراق لخمس سنوات قادمة؟
وهل ستنقذه قرارات توسيع صلاحيات الأمم المتحدة ومهماتها؟
وهل سينقذه عودة أياد علاوي إلى رئاسة الحكومة، أو ابراهيم الجعفري، أو أي عميل آخر؟
لن يجدوه نفعاً لأنهم ساعدوا الاحتلال أصلاً لكي يسمح لهم بأن يكونوا سماسرة لسرقة العراق ونهبه تحت حماية قواته ومرتزقته؟ هم مؤهلون لكل شيء إلاَّ أن يحموا أنفسهم.
وكيف ستحميه قوات أجنبية من الثلاثة والثلاثين دولة جاءوا إلى العراق ليلعبوا دور مساحيق تجميله وتبييض أمواله التي سيسرقها من العراق؟ خاصة وأن تلك القوات، وأكثرها قوة وفاعلية هي القوات البريطانية، التي وضعت نفسها على طريق الهزيمة والانسحاب لتوفر على نفسها خسارة عشرات أخرى من جنودها.
وهل ستحميه قوات جون هوارد أستراليا، وهي بضع مئات لا حول ولا طول لها. بل يعلن هوارد وينادي بالويل والثبور إذا تركت قوات الاحتلال الأميركي العراق قبل إكمال مهمتها كما يزعم؟
بل هل سيستطيع النظام السعودي أن يعدِّل كفة الموازين بعد أن يفتح سفارة له في بغداد؟
عبثاً يتوهم جورج بوش، وعبثاً يتوهم كل مشاركيه وعملاؤه، أنهم سيحصلون على نتيجة تنقذه وتنقذهم من مآزقهم، ومن مشاكلهم. لقد أصبح ثوبهم مهلهلاً، ومهترئاً، فمن العبث أن يرتقوه، فكلما رتقوه في مكان سينفتق في أكثر من مكان.
بوركت المقاومة الوطنية العراقية، على أنها تقترب من موعد النصر كل يوم أكثر من اليوم الذي سبقه. وهي كما اجتازت بحر الاحتلال الهائج، فلن تعيقها السواقي من الاستمرار. ولكن ما نريد أن نختتم به مقالنا هو أن ندعو لها أن تنجح في تجاوز حرتقات من يدَّعون محبتها وتأييدها، استناداً إلى الصلاة المشهورة: (ربي نجني من أصدقائي، أما أعدائي فأنا كفيل بهم).

ليست هناك تعليقات: