-->
نقل السيادة للعراقيين
أوكازيون أميركي لبيع العراق
29/ 6/ 2004م:
عن أية سيادة يتحدثون؟ وعن أي عراقيين؟ ومن ينقل السيادة لمن؟ ولماذا كل هذا الحماس في استباق الموعد المحدد؟ كان الثلاثون من حزيران هو الموعد، ولماذا غيَّر الساحر الأميركي الثلاثين من حزيران –كيوم تاريخي موعود- إلى الثامن والعشرين منه؟
إفرحوا أيها العراقيون، وابتهجوا، وارقصوا في الشوارع، وزغردوا لألاعيب الساحر جورج بوش. يمد يده إلى كم قميصه فيخرج حرباً، ويمد يده مرة أخرى فتتحول الحرب إلى احتلال، ومرة ثالثة تتحول أطماع السيطرة على العالم وبترول العراق إلى حرب ضد الديكتاتورية، وإلى وعود لتصدير الديموقراطية. ويتحوَّل تسليم العراق للعبودية إلى نقل للسيادة … وهكذا دواليك، فانشرحوا إلى رؤية ساحر يحوِّل التراب إلى ذهب. ويحوِّل اللصوصية إلى ديموقراطية، والخونة إلى محررين، وعملاء المخابرات إلى وطنيين، والوسطاء التجاريين إلى وسطاء للغش والخداع…. ولن تنتهي سلسلة الفنون التي يمارسها جورج بوش.
فإذا كان جورج بوش كاذباً ومخادعاً ولاأخلاقياً وقاتلاً وبائعاً دم الأميركيين ثمناً للنفط.
وإذا كان جورج بوش سمساراً للشركات الأميركية الكبرى.
وإذا كان رئيساً لعصابة تعمل لسرقة آخر دولار من العراق قبل أن يعلن هزيمة مشروعه.
وإذا كانت كل تلك الصفات هي نفسها –وبالحرف الواحد- هي التي أطلقها الأميركيون ضد رئيسهم، فانظروا أيها العراقيون إلى السيادة التي سينقلها إليكم هذا الرئيس!!!
ليس نقل السيادة إلاَّ مثال صارخ لعملية قرصنة، تنطبق مواصفاتها على قراصنة التاريخ في العالم. لم يكن همُّ القراصنة –عندما كان يسيطرون على باخرة في عرض البحار- أن يخلِّصوا البحارة من مالك السفينة، بل كانوا يستخدمونهم طوال الفترة التي تستغرقها عملية تفريغ البضائع أو بيعها، بما فيها ومن فيها، إلى أول مشتر. وقد يسوقون معهم من البحارة كل من هو ماهر أو يريد أن يكون ماهراً في القرصنة.
لا تتعب نفسك أيها المراهن على الاحتلال بانتظار جواب للسؤال: ماذا سيحصل بعد الثلاثين من حزيران، وشبيهه الثامن والعشرين منه، والأول من تموز، وكل الأيام اللاحقة لمشروع بوش، لأن همَّ عصابة القراصنة اليوم هو إرادة النهب والسرقة لكل ما يستطيعون نهبه من دون دفع الكثير من جثث الجنود الأميركيين قبل إعلان الهزيمة النهائية.
نهبت عصابة القراصنة –حتى الآن- و(إذا لم ندخل في حساباتنا مما سرقته عصاباتهم من تفكيك للبنى التحتية وفيه ما يُدمي القلب) عشرين ملياراً من الدولارات عداً ونقداً (هذا ما استطاعت بعض التقارير أن تكشف عنه، والمستور قد يكون أعظم).
أما لمن ينقل جورج بوش السيادة؟ فهي المهزلة الأكبر والأشنع في تاريخ السياسة العالمي.
ينقل القرصان السيادة إلى فئة من بحارة السفينة، من الذين تواطأوا معه على السيطرة عليها، ممن لهم حصة في غنائمها. وهم –بلا شك- من الذين سيعملون على المساعدة في نهب العراق، لأنهم متى خرجوا مع القرصان عن أرض العراق، وهم سيخرجون حتماً، هذا إذا لم يتواطأ القرصان على قتلهم لنهب حصصهم من الغنائم مهام بلغت من الزهد، سيحملون معهم –إذا لم يكونوا قد نقلوه بعد- كل ما وصلت إليه أيديهم من سرقات اقتطعوها من لحم شعبهم الحي.
نقل القراصنة الأميركيون السيادة إلى من هم أكثر منهم حقداً على العراق، وأكثر لهفة على السرقة والنهب. فظنوا أنفسهم أسياداً، ويا ويل العبد إذا ظنَّ نفسه سيداً (بالإذن ممن يُطلق عليهم اسم العبيد بالمعنى الكلاسيكي، فنحن لا نقصدهم، وإنما نقصد تعريفنا العام لمصطلح العبد). لقد ظنَّ من مثَّلوا دور المنقولة السلطة إليهم أنهم أسياد، فراحوا يهددون بقطع الأعناق والأيدي، وتفتيش بيوت العراقيين بيتاً بيتاً لملاحقة أبناء وطنهم أو اعتقالهم أو إذلالاهم.
لقد راح من توهموا أن السيادة قد نقلها إليهم الساحر بوش، ولم يخطر ببالهم أن كل الخدع التي مثَّلها -ولم تنطل على شعبه وإنما انطلت على الأغبياء والسذج من عبيد القراصنة الأميركيين الجدد- أنه يريد أن يُلصق كل قذارات الاحتلال برقابهم، ويجعلهم الشماعة التي تحميه من غضبة الضمير الأميركي وغضبة الضمير العالمي.
لقد راح بريمر إلى بلاده لكي »ينام« كما صرَّح قبل مغادرته العراق. ونوع النوم الذي يريده، هو وضع رأسه على وسائد حشاها بحصته من غنائم القراصنة، بتهريب النفط، وبيع البنى التحتية لكل المصانع والمختبرات، والأجهزة العلمية، والبنى العسكرية، التي باعها أدواته العراقيون إلى إيران والأردن والكويت… وكل معارض الخردة في العالم، ولم تخرج »إسرائيل« من دون حمص من مولد ذبح العراق، فهي قد نقلت الكثير من التجهيزات النووية العراقية إلى مجمعاتها النووية… والحديث يطول، وكلما طال الحديث كلما أصابنا الألم حتى العظم.
راح بريمر الحاكم وجاء نيغرو بونتي السفير. إنها والله مهزلة. فافرحوا يا خصيان جورج بوش، لقد خلَّصكم من حاكم مكشوف وأهداكم حاكماً مستوراً بلباس ديبلوماسي. لقد خلَّصكم من حاكم ونائبه، وأهداكم حاكماً مستوراً ومسوَّراً بأربعة آلاف نائب، وهم سيطلبون الإذن من الدمى، (في رئاسة الجمهورية، ورئاسة الوزراء، ووزارة الدفاع، ووزارة الداخلية، ورئاسة الأمن القومي، في العراق) وينتظرون الإذن من كل منهم ليسمحوا لهم بالمقابلة لتقديم أوراق اعتمادهم!!!!
ليست السيادة هي كل هذا. وإنما سيضع جورج بوش كل جنوده، من نظاميين ومرتزقة، من حراسات تابعة للشركات الأمنية. وكل الجنود الذين أوفدتهم دولهم، من أوستراليين وإيطاليين، ويابانيين، وكوريين جنوبيين، وأوكرانيين وبولنديين… تحت إمرة (أصحاب السيادة)، فمنهم حراساتهم التي تزرع الاطمئنان في النفوس، وهم الخائفون من أبناء وطنهم. وهم يأمرونهم فيطيعوا أوامر نيغرو بونتي. ويصدرون القرارات لوزاراتهم فينفذ الموظفون فيها أوامر أكبر حاشية حشدها جورج بوس في سفارة نيغرو بونتي. فاهنأوا بالسيادة يا أصحاب السيادة. فسيقف جنود جورج بوش حراساً على أبواب غرف نومكم. وهم سيحددون نوع المولود الذي ستنجبون أذكر هو أم أنثى. ما بالكم لا تشكرون نعم جورج بوش عليكم!!!؟؟
لقد أفاض جورج بوش النعم عليكم، فقدَّم موعد نقل السيادة إلى الأسياد مثلكم يومين، وهما أكثر أيام التاريخ بروزاً في تاريخكم. لقد فرضتم عليه، من خلال اجتماع حلف شمال الأطلسي، أن يقدم هدية لكم يومين اثنين (وهما لن يقدما أو يؤخرا في أفضالكم على العراقيين) من أجل إعلان أوكازيون لبيع العراق بأرخص الأثمان لحلفائه وإغرائهم بالشراء من أجل تقديم أفضل الشروط لهم من أجل (استعمار) العراق.
فللمتسائلين عن مصير العراق بعد تسليم السيادة؟؟! للعراقيين؟؟!! نقول: من فهم من كلامنا شيئاً يكون قد أعفانا من عبء الجواب. ومن لم يفهم علينا ما نقصده لهو تأكيد أنه لا يريد أن يرى الصورة (بكل إيجابياتها) لمستقبل العراق بعد نقل السيادة؟؟!! للعراقيين؟؟!!
وعلى جميع الأحوال، إذا لم يكن نقل السيادة يعني خطوة أولى من أجل الهروب الأميركي من العراق، فاسألوا أبطال المقاومة العراقية، وقرار نقل السيادة إلى العراقيين هو بيدهم هم وليس بيد أحد غيرهم، عن الموعد الحقيقي. فلن نتردد معهم في القول: إن يوم الاستحقاق الفعلي لقريب، وقد تأتي المرحلة الزمنية القريبة بما لم يكن بالحسبان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق