الخميس، فبراير 25، 2010

نقطة الضعف في الاحتلال الأميركي للعراق:

نقطة الضعف في الاحتلال الأميركي للعراق:

جنود الاحتلال من دون قضية وطنية أو

أخلاقية

نقطة الضعف في الاحتلال الأميركي للعراق:
جنود الاحتلال من دون قضية وطنية أو أخلاقية
لكي نضع توقعات أقرب إلى الصحة حول نتائج الصراع الدائر بين المقاومة الوطنية العراقية وقوات الاحتلال الأميركي – الصهيوني، علينا أن نحدد موقع الجندي الأميركي الطبقي والوطني والأخلاقي من هكذا صراع. وهنا نتساءل: من أجل أية قضية يقاتل الجندي الأميركي في العراق؟
تحكم في الولايات المتحدة الأميركية نخبة من تحالف اليمين المتطرف الاقتصادي والديني مدعوم من التطرف الصهيوني الليكودي. فكيف تكوَّن مثل هذا التحالف؟
منذ انتهاء حرب فييتنام، وبعد أن أصبحت الحركة اليسارية الأميركية في الموقع الذي يهدد فيه مصالح الشركات الكبرى على الصعيدين: الأميركي الداخلي، والأميركي الخارجي، تحوَّلت أنظار بعض النخب الرأسمالية الأميركية –أصحاب الشركات الكبرى- إلى إنتاج ما يسمونه ب»حرب الأفكار«، وهي تقوم على الترويج ضد أفكار اليسار المطالب والمناضل من أجل الطبقة العاملة الأميركية والمناهض لمشاريع الاستغلال الرأسمالي الأميركي المصوَّبة نحو الدول الضعيفة في سبيل إنتاج عالم يدين بالطاعة للإمبراطور الأميركي.
أعدّت تلك النخب، من خلال مراكز الأبحاث التابعة لها، حملة طويلة النفس ابتدأت بإنتاجها منذ انتهاء حرب فييتنام بفشل ذريع للإدارة الأميركية التي كان يتزعمها –آنذاك- الرئيس نيكسون في أوائل السبعينيات من القرن الماضي.
ولأن عدداً من المبشرين في بعض الكنائس الأميركية كان من المستفيدين من هبات الشركات الكبرى، تكوَّن ما يُعرَف بالحلف بينهما، تعمَّقت جذوره –طوال ثلاثين عاماً- إلى أن أنتج تيار »المحافظين الأميركيين الجدد«، فتوَّجت حرب الأفكار التي خططت لها تلك النخب: الرأسمالية والدينية، بإيصال جورج بوش الصغير –بطريقة أثارت الجدل في داخل أميركا- إلى رأس إدارة أميركية أعمدتها من أولئك المنخرطين في ورشة مراكز دراسات الشركات الكبرى الذين خططوا في سبيل تكوين »قرن أميركي جديد«.
كانت مقدمة المقال طويلة، ولكن كان لا بُدَّ منها، وكانت مطلوبة من أجل معرفة الإيديولوجيا التي من أجلها زجَّت النخب الحاكمة الآن مئات آلاف من الجنود الأميركيين في أتون حرب استهلكت عشرات المليارات من الخزانة الأميركية، بل مئاتها والحبل على الجرار، واستهلكت، ولا تزال، عشرات الألوف من أرواح الجنود الأميركيين ودمائهم وأعصابهم ونفسياتهم وأخلاقهم.
من الواضح أن الحروب التي يقودها جورج بوش الصغير لا علاقة لها بأية مصلحة وطنية، ولا بأية مصلحة طبقية للجندي الأميركي باستثناء كبار الجنرالات الذين كانوا صنيعة من صنائع مشروع اليمينيين المتطرفين الأميركيين.
ولأنها بغير ذات أهداف وطنية أو طبقية، لها علاقة بمصلحة الشريحة التي ينتمي إليها الجندي الأميركي، أصبحت تلك الحرب من دون وظائف أخلاقية أيضاً، فتحوَّلت ميداناً للقتلة المأجورين من جنود الاحتلال الأميركي للعراق.
ولما أصبحت الحرب ذات كلفة عالية تُدفع من أرواح أولئك الجنود ودمائهم وأعصابهم وأمراضهم النفسية،
ولما أخذ الجنود يشعرون بأنهم يقاتلون من أجل قضية لا علاقة لهم بها، سواء كانت طبقية أو وطنية، ابتدأت مرحلة العد العكسي في الزخم الذي دخل فيه الجنود حرباً كانوا يعدونها نزهة يتقاضون مقابل خوضها أجوراً مرتفعة حُرموا منها في مصانع الشركات الكبرى ومؤسساتها التجارية، ويعودون إلى بلادهم أبطالاً يماثلون »رامبو« -الأنموذج الذي أعدته خطط حرب الأفكار لمثل هذه المناسبات.
من مثل تلك الحقيقة انضاف إلى أسلحة المقاومة الوطنية العراقية سلاح آخر، وهو غير منظور، سلاح إيصال الجندي الأميركي المحتل إلى حافة الإفلاس النفسي وهو من أشد الأسلحة فتكاً بين جنود الاحتلال.
لقد حدَّدت المقاومة الوطنية العراقية عدة أهداف ثانوية تخدم الهدف الاستراتيجي الماثل بـ»تحرير العراق« من كل آثار الاحتلال، ومنها: منعه من الثبات والاستقرار على الأرض، ضرب أنابيب النفط من أجل حرمانه من مواردها التي تشكل الهدف الأساس، واستنزاف المبالغ الطائلة من الخزانة الأميركية، ومنع استخدام المرافق الضرورية التي تسمح بتبادل تجاري مريح (وهو عصب من أعصاب التجارة الرأسمالية لأصحاب الشركات الكبرى)، وملاحقة عملاء الاحتلال أينما كانوا وأياً كان لونهم أو عرقهم أو دينهم أو مذهبهم فاصطادت العديد منهم وأجبرت الآخرين إلى الانزواء وراء تحصينات أمنية شديدة….
لقد أثبت أبطال المقاومة الأشداء، الذين يعتز بهم العراق والأمة العربية وكل الصادقين في العالم المناهضين للمشروع الأميركي الخبيث ومنهم عدد كبير من الأميركيين والبريطانيين، أثبتوا كل جدارة وكفاءة بتضحياتهم الكبيرة، أنهم أكفياء،
إننا –ومن موقعنا المؤمن بأسلوب حرب التحرير الشعبية على المستوى القومي الشامل- ومن موقعنا المؤمن بأن لنا دوراً وواجباً علينا أن نوظفه من أجل دعم أولئك الأبطال، ومن أجل أن نسدد لشعب العراق بعضاً من دين قدَّمه لكل القضايا القومية،
نقدِّم الكلمة –وهي أضعف الإيمان- فنقول ما يلي:
أيها الثائر العربي الكبير، صدام الثورة العربية الواقع في أسر قوات الاحتلال
أيها الأسرى في معتقلات الاحتلال في العراق،
يا شعب العراق المعطاء
أيها الجنود العراقيون الأبطال، من شتى تشكيلات المقاومة، القابعون المتربصون في كل زاوية بحارس، أو بدورية، أو برتل، أو قافلة. أيها القاصفون مواقع الاحتلال، ورقاب جنوده…
أيها العراقيون، إلى أي طيف عرقي أو ديني أو سياسي أو أيديولوجي انتموا، من الذين ينظرون بعين الأمل المشرق من خلال بندقية الثوار،
إن المعركة بين المقاومة الوطنية العراقية والاحتلال، قد تحوَّلت الآن إلى معركة عض للأصابع، يستخدم فيها بوش الصغير كل أسلحته –على شتى المستويات لأنها فرصته الأخيرة- تحت مسميات »المطرقة الحديدية«، بعضها ذا أهداف داخلية وبعضها ذا أهداف خارجية، ولكنها تصب أولاً وأخيراً في دعم معنويات جنوده في العراق،
فاصبروا، واصمدوا –فالصبر والصمود من شيمكم- لأنه متى استنزفت ضرباتكم معنويات جنود الاحتلال لأنهم بلا قضية يقاتلون من أجلها، يبدأ العد العكسي لنهاية الاحتلال. لأنه متى أصبحوا –وهم أدوات الاحتلال الرئيسة- بدون أمل ستكون الضربة الكبرى في مشروع المحافظين الأميركيين الجدد.
أيها العراقيون، يا من نعتز بكم –باستثناء من خانوا وركبوا دبابات الاحتلال وروَّجوا لشعاراته الكاذبة- نقول: لا تخافوا من وحشية الجندي الذي يروعكم ب»حافره« لأن حافر »حمار المقاومة أكثر شرفاً وإنسانية منه«. هذا الجندي المحتل عندما يستخدم »مطرقته الحديدية« ليست دليلاً على قوته بل هي دليل على ضعفه، فهو يفرَّغ –بما يقوم به- أزمة نفسية وأخلاقية لعلَّه –بإنهاء مقاومتكم- يسرِّع بالخلاص من المأزق الذي يعيش فيه على أرضكم الشريفة الطاهرة.
هو لن يصمد كثيراً فهو سيهرب –عاجلاً أو آجلاً- بأي اتجاه باستثناء البقاء على أرض المقاومة والتضحيات والشهادة.
سوف تقتله أزمته النفسية والأخلاقية وسوف تشل مقدرته حتى على ممارسة الرعب ضدكم. فيكفيه الآن –بالإضافة إلى بندقية المقاومة- أن تقاوموه بالدق على كل ما يصدر صوتاً مزعجاً ليجعله في قمة المرض النفسي.
يكفيك أيتها الماجدة، ويكفيك يا حدقة عيوننا أيها الطفل العراقي، ويكفيك أيها الكهل، أن تستخدم أي أسلوب يؤدي إلى إزعاج الجندي المحتل، ومهما كان هذا الأسلوب بسيطاً، شرط أن يحدث ضوضاء، فهو لن يدع لأعصابه مكاناً من الراحة أو الاسترخاء.
ليست أيام الاحتلال طويلة، فإن إرهاق أعصاب الجندي الأميركي المحتل، هو من أهم الأسلحة في هذا المرحلة بالذات، وهو من أهم المهمات، لأن تأثيرا ت »مطرقته الحديدية«، على شتى المستويات، ستكون بغير فائدة إذا ما أصبحت أداة الاحتلال المباشرة منهوكة مشتتة، مقتولة أو مجروحة أو متعبة نفسياً.

ليست هناك تعليقات: